شهدت صناعة الالبان في السنوات القليلة الاخيرة اهتماما متزايدا من قبل الدولة بهدف تحسين هذه الصناعة وزيادة جودة وسلامة المنتجات اللبنية التي يستهلكها المصريون والتي تعتبر عنصرا أساسيا على مائدة المستهلك المصري.
يأتي هذا الاهتمام لمواكبة التطور الكبير الحادث في صناعة الجبن – التي تعود الى أكثر من 5000 عام مضت – عبر تحسين منظومة التشريعات والقوانين التي تنظم انتاج وتسويق والرقابة على منتجات الالبان.
أيضا، من خلال تطوير منظومة انتاج اللبن ونقله عبر مشروع انشاء وتطوير مراكز تجميع اللبن والذي من شأنه النهوض بصناعة الالبان. وفي الآونة الأخيرة اخذ الاهتمام شكلا آخر عبر تنظيم ورش العمل، المعارض والمهرجانات مثل معرض المنتجات اللبنية التراثية وأخيرا مهرجان الجبن المصري.
ويعتبر مهرجان الجبن المصري الفكرة الأكثر حداثة والأولى من نوعها في مصر والتي تهدف الى جمع المهتمين بصناعة الالبان من باحثين ومنتجين ومصنعين وغيرهم من أصحاب المصلحة لطرح رؤاهم المختلفة حول تطوير صناعة الجبن وتسويقه ومحاولة ربط البحث العلمي بالصناعة.
ويمثل مهرجان الجبن المصري حدثا فريدا للترويج للجبن التقليدية (التراثية) مثل الجبن القريش والدمياطي وكذلك الجبن الرأس وتعريف المستهلك بالطرق الجديدة لإنتاجها وتعبئتها وتسويقها كما يمثل فرصة جيدة لتعريف الجمهور بالمنتجات الجديدة. كما ان هذا المهرجان يعتبر فرصة للعديد من الأنشطة العلمية والتثقيفية والترفيهية المتنوعة. وهكذا، فان اهتمام الدولة بهذه الصناعة يهدف الى ترسيخ الصناعة والحث على تطويرها والترويج للجبن المصرية وبالتالي تشجيع التصدير. كما ان هذا المهرجان يمثل فرصة لعرض وتذوق أنواع جديدة وكثيرة من الجبن.
والجبن عبارة عن منتج لبني يتكون عبر تخثر بروتين اللبن الرئيسي وهو الكازين وهناك مئات الأنواع من الجبن والتي تختلف في قوامها وتركيبها وطعمها فمنها الحامضي ومنها الحلو، حيث يتم تناوله خلال وجبة الإفطار إلى جانب الأطباق الأخرى، ويدخل الجبن في تحضير العديد من الأطباق الشهية مثل المعكرونة أو التشيز كيك وربما يمثل إلى جانب الخبز وجبة كاملة.
ويصنع الجبن عادة من حليب الابقار أو الجاموس أو الماعز أو حليب الأغنام أو خليطا منهم، ومن الممكن صناعة الجبن من الحليب المبستر أو غير المبستر منزوع الدسم أو كامل الدسم، ويحتوي الجبن على العديد من العناصر الغذائية التي تمد الجسم بالطاقة فهو يحتوي على البروتين الضروري لبناء الجسم والوقاية من العديد من الأمراض التي قد تصيب الجسم، كما أنه يعد مصدر غني بالكالسيوم والكبريت والحديد والفسفور والأملاح التي يحتاجها الجسم للقيام بوظائفه الحيوية والوقاية من الأمراض، فهو يمد الجسم بالدهون الصحية التي تساعد في الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية، ويساعد أيضًا في تعزيز جهاز المناعة لجسم الإنسان، ويحافظ على صحة الأمعاء، ويُحسن من عملية هضم الطعام، ويعزز من صحة العظام ويقلل من فرص الإصابة بهشاشة العظام.
والغرض من تصنيع الجبن هو تحويل اللبن من الحالة سريعة التلف إلى منتج غذائي جيد الطعم سهل الهضم ذو قيمة غذائية كبيرة وله قدرة أعلى على الحفظ ولمدة طويلة. ويختلف هذا المنتج على حسب المواد المستخدمة في صناعته وطريقة إنتاجه وتسويقه. وقد اختلف العلماء في وضع تقسيم كامل ومُرضي لجميع هذه الأصناف إلا أن كثيرا من المراجع تلجأ إلى تقسيم الجبن إلى مجموعات مختلفة طبقا لنسبه الرطوبة بها وطريقة تسويتها. وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم الجبن إلى الانواع الأتية:
• الجبن الطري تتراوح نسبه الرطوبة بها بين50 – 70 %. ومن أشهر انواع هذا النوع من الجبن هي الجبن الدمياطي والجبن القريش حيث تستهلك طازجة وإذا سويت هذه الأصناف تحفظ بتخليلها في محاليل ملحية.
• الجبن النصف جاف وتتراوح نسبة الرطوبة به ما بين 50-40 ٪ وأنواع هذه المجموعة أقل في الرطوبة من الجبن الطرية وأكثر من الجبن الجافة ومدة تسويتها أقل منها في حالة الجبن الجافة. ومن أشهر انواعها جبن الركفور، جبن الجودا والايدام.
• الجبن الجاف وتتراوح نسبة الرطوبة به ما بين30 – 40 % وأنواع هذه الجبن أكثر تعقيدا في صناعتها من المجموعات الأخرى وتحتاج إلى المعاملة بالكبس وبالتالى تحتاج إلى فترة أكبر في التسوية. ومن أشهر انواعها الجبن التشدر والإمنتال والرومي.
وفيما يلي خطوات صناعة بعض من اصناف الجبن المصرية التقليدية (التراثية).
ويجب ان نشير في هذا المقال الى أهمية الحصول على لبن عالي الجودة حيث نجد أن نجاح صناعة أي نوع جبن يعتمد إلى حد كبير على درجة جودة اللبن المستخدم والمواد المضافة إليه أثناء الصناعة ومدى مطابقتها للمواصفات القياسية والعناية التامة بالعملية التصنيعية.
لذا كان من الأهمية بمكان التعرف على مجموعة من الخطوات الاساسية الهامة التي تُجرى على اللبن بصفة عامة قبل تصنيعه وتحويله إلى جبن ومنها:
أولا: استلام اللبن
عند ورود اللبن إلى المصنع يجب أن يجرى عليه بعض الاختبارات التي تظهر مدى صلاحية اللبن المورد للتصنيع والتي تعرف بالاختبارات السريعة لإستلام اللبن حيث تتوقف قيمة وسعر اللبن على خواصه الطبيعية والكيمائية والحيوية وهذه الخواص يمكن منها التعرف على الحالة الصحية لضرع الماشية وكفاءته الإنتاجية لذلك يجب عمل اختبارات عند استلام اللبن للأسباب الآتية:
1- تحديد مدى مطابقة صفات اللبن المورد للمواصفات المتفق عليها في عقود الشراء.
2- محاسبة المورد على أساس صفات اللبن وجودته.
3- تحديد غش اللبن من عدمه.
4- استغلال اللبن في الصناعة التي يصلح فيها حسب صفاته.
وتنقسم الاختبارات التي تجرى على اللبن إلى:
أ- اختبارات حسية وتشمل (اللون، الطعم والرائحة، القوام والتركيب، الشوائب المرئية).
ب- اختبارات كيميائية وتشمل (تقدير الحموضة، تقدير نسبة الدهن، تقدير الجوامد الكلية والجوامد غير الدهنية في اللبن).
ت- اختبارات طبيعية وتشمل (الوزن النوعي ونقطة التجمد).
ث- اختبارات بكتريولوجية وتشمل (أزرق المثلين والريزازورين).
بعد التأكد من جودة اللبن يتم وزن اللبن وتصفيته حيث أن ترشيح اللبن وتنقيته تعتبر من العمليات المهمة التي تجرى على اللبن عقب استلامه بهدف التخلص من الشوائب المرئية وغير المرئية باللبن.
ثانيا: تعديل تركيب اللبن
من المعروف ان تركيب اللبن غير ثابت وعرضة للتغير من يوم لآخر وخاصة فيما يتعلق بنسبة الدهن، لذلك جرت العادة على ان تقوم مصانع الجبن بتعديل نسبة الدهن في اللبن الى حد معين بغرض:
• توحيد صفات الجبن الناتج على مدار السنة
• تقليل نسبة الفاقد من الدهن في الشرش، حيث انه كلما زادت نسبة الدهن في اللبن عن حد معين كلما زاد الفاقد منه في الشرش اثناء تقطيع الخثرة
• إنتاج جبن مطابق للمواصفات القياسية التي تتطلب نسبة دهن / المادة الجافة الكلية تتوقف على نوعية الجبن
• الاستفادة من الدهن الزائد في اللبن في صناعات أخرى تدر عائدا اضافيا
ويمكن تعديل تركيب اللبن بإضافة لبن فرز إلى اللبن السائل او نزع قشدة من اللبن اذا كانت نسبة الكازين / الدهن اقل من المطلوب او عبر إضافة قشدة الى اللبن اذا كانت نسبة الكازين / الدهن أعلى من المطلوب.
ثالثاً: بسترة اللبن وتعديل درجة حرارته
تعرف البسترة بأنها تعريض كل جزيئات اللبن إلى درجة الحرارة اللازمة للمدة الكافية ثم التبريد السريع وذلك للقضاء على جميع الميكروبات المرضية وكذلك الميكروبات المسببة لتلف وفساد اللبن ومنتجاته. ويتم بسترة اللبن المراد تصنيعه جبن إما باستخدام البسترة البطيئة وذلك برفع درجة الحرارة إلى 65 °م لمدة 30 دقيقة أو باستخدام البسترة السريعة وذلك برفع درجة الحرارة الى 73ºم لمدة 15 ثانية ثم التبريد السريع في كلا الحالتين إلى 5°م في حالة ترك اللبن دون تصنيع لليوم التالي أو التبريد إلى 40°م وهي الدرجة المناسبة لإضافة المنفحة أو البادئ في حالة تصنيعه مباشرة.
رابعا: تسوية اللبن
تسويه اللبن هي عبارة عن اضافة بادئ (مزارع بكتيرية نقية) بنسب مختلفة إلى اللبن على درجة حرارة 40°م تقريبا وتعتبر مزارع البادئات المحتوية علي بكتريا حمض اللاكتيك والتي تحلل جزء من لاكتوز اللبن وتحوله إلى حامض لاكتيك من المواد الأساسية التي تضاف في صناعة معظم أنواع الجبن.
حيث أنها تنتج حامض اللاكتيك وهو الهدف الأساسي من أستخدمها وهذه الحموضة تساعد علي انكماش الخثرة وطرد الشرش وتساعد علي عمل إنزيمات المنفحة كذلك تؤثر علي صلابة الخثرة ودرجة تحلل فوسفات الكالسيوم الغروية كما تثبط نمو كثير من الميكروبات المرضية وكذلك الغير مرغوبة المسببة للعيوب.
خامسا: إضافة المنفحة وتجبن اللبن
ينتج الجبن عادة نتيجة عملية التجبن بالمنفحة أو عملية التخمر بالبادئ أو بكلا العمليتين معا وهذه العمليات من شأنها أن تؤثر علي اتزان بروتين اللبن حيث يتحول اللبن من الصورة السائلة ذو البروتين الثابت إلي الصورة المتماسكة ذات البروتين المترسب أو المدنتر أو المعروف بالمتجبن. حيث أن الغرض الأساسي من التجبن هو تحويل اللبن من الحالة السائلة الى الحالة المتماسكة مع انفصال الشرش.
والتجبن نوعين:
1- التجبن الحمضي
يستخدم بكثرة في صناعة الجبن المنخفض في نسبة الدهن مثل الجبن القريش إذ يضفى على الناتج النهائي نعومة في الملمس وايحاء بزيادة الدسم نظرا لما تحتفظ به الخثرة من نسبة عالية من الرطوبة. يتم هذا التجبن اما طبيعيا بترك اللبن لتنشط فيه ميكروباته الطبيعية محولة جزء من اللاكتوز إلى حمض لاكتيك او صناعيا بإضافة بادئات بكتريا حمض اللاكتيك إلى اللبن بعد معاملته حراريا وتبريده ويمكن إيضاح ما يحدث في هذا التجبن بالمعادلات التالية
لاكتوز + بكتريا حمض اللاكتيك حمض لاكتيك
كازينات كالسيوم + حمض لاكتيك كازين (خثرة حمضية) + لاكتات كالسيوم موجود معظمه في الشرش
وتخمير اللبن لإنتاج الجبن ينتج أساساً من تخمر سكر اللاكتوز وتحويله إلى حمض اللاكتيك والذي يمثل مصادر الشحنات الموجبة والتي تؤثر على الشحنات السالبة الموجودة على بروتين اللبن مما يعمل على فقد اتزانه وتجبنه عند نقطة التعادل الكهربيةIsoelectric point وهي لبروتين اللبن عند pH 4.6 مقارنة بــــ pH 6.7 للبن المعد لصناعة الجبن.
2- التجبن الإنزيمي
يعتبر من أكثر أنواع التجبن شيوعا في صناعة الجبن ويتم ذلك التجبن على مرحلتين باستخدام الإنزيمات وهي الإنزيمات المتواجدة في معدة عجول الأبقار حيث لها خاصية تجبن اللبن وتعرف بالمنفحة, Rennet إذ أن من شأن تلك الإنزيمات التأثير علي مكون الكازين المعروف باسم الــــ Kapa casein الواقي أو الحامي لل casein-αs وبالتالي بتحليله أو تكسيره بواسطة المنفحة يتعرض الـ casein-αs للأيونات الموجبة وخاصة الكالسيوم Ca+2ليترسب لتتم بذلك المرحلة الثانية من عملية التجبن.
وبناءآ على انواع التجبن سوف نستعرض فى الجزء التالى من المقال خطوات التصنيع لبعض الاصناف من الجبن التقليدية (التراثية) كنماذج لهذه الانواع من التجبن .
أولا: الجبن القريش
يعتبر الجبن القريش نموذج للتجبن الحامضي وهو من أكثر أنواع الجبن الشائعة في مصر خاصة في الريف لسهولة تصنيعه كما يعتبر مصدراً رخيصاً وغنياً بالبروتين الحيواني وبالتالى بالأحماض الأمينية الأساسية.
خطــوات صناعة الجبن القريش
(أ) صناعة الجبن القريش في الريف من اللبن الرايب:
تصنع الجبن القريش من اللبن الرايب هو اللبن المتبقى بعد نزع الدهن (القشدة) من اللبن الكامل بطريقة الجاذبية الأرضية المعروفة بعملية الترقيد وذلك بوضع اللبن الكامل في شوالي أو أواني (متارد) مسطحة أو عميقة، تبلغ نسبة الدهن به ما بين 0.7 – 1.5 % ونذكر تفصيلا طريقة صناعته في الريف المصري كما يلي:
1) يتم تنظيف الشوالى) المتارد (بالماء الساخن ثم وضعها في الفرن لتجف وتعقم وتكون جاهزة للاستخدام
2) يتم حلب اللبن في الشوالى ثم تحفظ بعد تغطيتها جيداً في مكان دافئ بعيدة عن التيارات الهوائية أو الأتربة وغالبا تحفظ في دولاب خاص بذلك.
3) تترك لمدة 1 – 2 يوم دون تحريك حتى يتم صعود القشدة على السطح وحدوث تجبن اللبن بواسطة الميكروبات الموجودة به.
4) تكشط القشدة من على السطح ويترك اللبن الرائب في مكان دافئ حتى تتم عملية إتمام التجبن وسهولة فصل الشرش مع ملاحظة أن تكون حرارة الترقيد مناسبة ( 25 – 20م ) حتى تعطى فرصة لنمو وتكاثر الميكروبات المرغوبة وإكساب الجبن الناتج الطعم الحمضي والقوام الطري والنكهة المقبولة .
5) تجهز الحصيرة بغسلها بماء مغلي لتعقيمها وتنظيفها ويوضع عليها شاش معقم ثم تنقل إليها الخثرة وتظل مفرودة قليلا لإسراع الترشيح.
6) يتم إضافة الملح إلى الخثرة في صورة طبقات أثناء نقلها إلى الحصيرة مع مراعاة أن يكون الملح نظيفاً خاليا من الشوائب مطابقا للمواصفات القياسية للملح حيث يضاف بمعدل (3 – 5 %) ثم تغطى الخثرة بالشاش وتعلق الحصيرة في مكان نظيف بعيدا عن الحشرات وذلك لمدة 12 – 24 ساعة حسب حرارة الجو. تفتح الحصيرة وينزع الشاش وتقطع الجبن إلى القطع المناسبة ثم توزن وتعبأ طبقا للمطلوب.
(ب) صناعة الجبن القريش في المصانع من اللبن الفرز
تصنع الجبن القريش بإستخدام اللبن الفرز الطازج واللبن الفرز الطازج هو الناتج المتحصل عليه بعد فصل القشدة من اللبن الكامل بطريقة الطرد المركزي بإستخدام الفراز وتبلغ نسبة الدهن به 0.1 -0.5 ٪ ويتوقف ذلك على جودة الفراز وتوفر الشروط الملائمة للفرز لعدم تسرب أي نسبة من الدهن في اللبن.
ونذكر تفصيلا طريقة صناعته في المصانع من اللبن الفرز كما يلي:
1) يتم تسخين اللبن الفرز الطازج على درجة 73مْ لمدة 15 ثانية ثم التبريد لدرجة 37 – 40 مْ وهي الدرجة الملائمة لإضافة البادئ وذلك بهدف القضاء على الميكروبات المرضية أو التي تسبب عيوب وفساد المنتج.
2) يضاف بادئ نشط من بكتيريا حمض اللاكتيك بمعدل 3 – 5 % من وزن اللبن الفرز مع تقليبها وخلطها جيدا مع قليل من اللبن (ممكن استخدام الخلاط (لضمان حسن تجانسها حيث تضاف إلى اللبن الفرز في حوض التجبن مع التقليب الجيد.
3) يترك حوض التجبن دون حركة مع المحافظة على درجة حرارة اللبن بداخله طول فترة التجبن مع تغطيته جيدا لمنع تلوثه من الجو المحيط بعد تمام التجبن التي قد تستغرق 5 – 7 ساعات والتي قد تطول طبقا لكمية البادئ ودرجة نشاطه ودرجة الحرارة. يتم نقل الخثرة إلى حصيرة مغطاة بشاش أو إلى البراويز الخشبية المغطاة بشاش تم وضعه في ماء مغلي لتعقيمه حيث يضاف إليها الملح في صورة دفعات مع الخثرة وأثناء التعبئة بالقالب يتم التمليح بنسبة 5 – 7 % تبعا لرغبة المستهلك ثم تغطى جيدا بالشاش.
4) بعد أربع ساعات يوضع عليها غطاء من الخشب ثم بعد ساعة يوضع عليها ثقل يزداد تدريجيا وذلك لتنظيم التخلص من الشرش) حتى يصل إلى معدل ثلث وزن الخثرة).
5) بعد 36 – 24 ساعة يُزال الثقل وتختبر الخثرة فإذا كانت رطوبتها مازالت عالية يوضع الثقل ثانيا عدة ساعات وإن كانت مناسبة يتم تقطيعها إلى مكعبات وتعبأ في العبوات المناسبة للاستهلاك الطازج.
عادة ما تستغرق هذه العملية وقتا طويلا في الصناعة ويمكن العمل على تقليل الوقت اللازم للصناعة بإستخدام إحدى الطريقتين التاليتين:
• زيادة كمية البادئ المستخدم إلى10 % بدلا من5 % وهذه تعطى جبن حموضتها مرتفعة نوعا ما عن الطريقة السابقة.
• أو بعد إضافة كمية البادئ (3 – 5 %) على الدرجة الملائمة لنشاطه بحوالي نصف إلى واحد ساعة يضاف قليل جدا من المنفحة المعيارية حوالي 2 – 5 سم لكل 100 كيلو لبن بعد تخفيفها بالماء والتقليب الجيد ثم تغطية الحوض حتى تمام التجبن نجد أن التجبن يتم بسرعة كبيرة إلا أن هذه الطريقة تحتاج لخبرة كبيرة حيث أن زيادة المنفحة عن الكمية المناسبة يعطى جبنا جامدا مجلدا وتنخفض التصاقي بدرجة كبيرة.
ثانيا: الجبن الدمياطي
يعتبر الجبن الدمياطي نموذج للتجبن الإنزيمي إذ يعد الجبن الدمياطي من أكثر أنواع الجبن الطرية شيوعا في مصر وعادة يعرف بالجبن الأبيض وهو يستهلك طازجا أو بعد تسويته وذلك بتخليله وحفظه في محاليل ملحية داخل عبوات بلاستيك أو صفائح محكمة القفل لمدة تتراوح بين 3 – 6 شهور ويتميز عن غيره من الجبن في أن الملح يضاف مباشرة إلى اللبن قبل إضافة المنفحة.
خطــوات صناعة الجبن الدمياطي
1- استلام اللبن: وقد تم الحديث عن هذه الخطوة المهمة فيما سبق
2- بسترة اللبن: وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات صناعة الجبن ولها أهميتها التصنيعية والصحية وقد تناولنا هذه الخطوة مسبقا بالتفصيل.
3- إَضافـة المـلح: يضاف الملح مباشرة إلى اللبن المبرد قبل إضافة المنفحة بواقع 4 – 6 % شتاءآ أوصيفآ في حالة الجبن الذى يستهلك طازجاً وقد تصل هذه النسبة إلى 10 – 15 % كما في حالة المعامل البلدية التي تستخدم ألبان خام رديئة أو عند تصنيع جبن لتخزينه. ويضاف الملح إلى اللبن في أحواض خاصة أو في الأقساط مع التقليب الجيد ثم يعاد تصفية اللبن من خلال شاش ضيق الثقوب بهدف إزالة أي شوائب قد توجد بالملح.
4- تعديل درجـة حـرارة اللبن: بعد تصفية اللبن يجرى تعديل لدرجة حرارة اللبن لتصل للدرجة المناسبة للتنفيح وهي 28 °م – 40 °م.
5- إضـافـة المنـفحـة: تضاف المنفحة المعيارية بمعدل من 25- 50 سم3 لكل 100كيلو لبن منفحة سائلة) حيث تخفف بكمية مناسبة من الماء تعادل5-6 أمثالها قبل إضافتها) كما تضاف المنفحة الجافة المعيارية بمعدل 5- 3 جرام لكل 100 كيلو لبن حيث تذاب في كمية مناسبة من الماء قبل إضافتها. عند إضافة المنفحة إلى اللبن على درجة الحرارة المناسبة للتنفيح نقوم بالتقليب الكلى لمدة 5 دقائق ثم التقليب السطحي، ويترك اللبن ليتجبن.
6- تعبئة الخثرة: بعد التأكد من تمام التجبن وصلاحية الخثرة للتعبئة تغرف الخثرة على هيئة طبقات رقيقة وباحتراس لتلافى تكسيرها ولتقليل الفاقد من الدهن في الشرش بإستخدام الجاروف حيث تعبأ في أحد العبوات التالية طبقا لكمية الخثرة. إما في قوالب معدنية إسطوانية مثقبة إذا كانت كمية الخثرة صغيرة وهذه الطريقة تنتج جبن مرتفع الرطوبة.
أو تعبأ في براويز خشبية أو تحاليق استانلس ولاستخدام هذه الطريقة يتم وضع البراويز الخشبية او الاستانلس في ماء مغلى لتعقيمها ثم تبطن بالشاش المعقم في ماء مغلى وتنقل إليها الخثرة حتى تمتلئ عن آخرها ثم تغطى بالشاش وبعد نصف-ساعة يتم تكسيرا لخثرة ثم تربط أطراف الشاش
ويوضع عليها الغطاء الخشبي او الاستانلس وبعد 3 – 4 ساعة يوضع ثقل على الجبن يزداد تدريجيا حتى يصل إلى من ربع الى نصف وزن الخثرة .وبعد 20 ساعة من التصنيع تقريباً يرفع الثقل من على الجبن وتختبر الخثرة فإن كانت رطوبتها عالية يعاد الثقل عدة ساعات أخرى حتى نصل إلى الرطوبة المطلوبة يرفع الثقل والغطاء والبرواز الخشبي وتنقل الجبن إلى ترابيزة التقطيع حيث ينزع الشاش وتقطع الجبن إلى المكعبات المناسبة وتعبأ في العبوات المناسبة للإستهلاك الطازج.
ثالثا: الجبن الراس (الرومي)
يعتبر الجبن الراس نموذج للتجبن الحامضي الإنزيمي معا ويعد هذا الجبن من أشهر انواع الجبن الجاف في مصر حيث يتميز بالطعم الحريف إذ أنه يصنع من اللبن البقري أو خليط من اللبن البقري والجاموسى. كما يمكن ان يسوى لفترات طويلة قد تصل الى 9ـــ12 شهر على درجة حرارة من 12 ــ 15م.
خطوات صناعة الجبن الراس
1- استلام اللبن: يجرى على اللبن الداخل في صناعة الجبن الجاف الاختبارات الحسية والكيميائية والبكتريولوجية كما سبق ذكرها للتأكد من جودته ثم يوزن اللبن ويصفى.
2- المعاملة الحرارية للبن: ويجرى بمعاملة اللبن إما على 72°م / 15 ثانية في البسترة السريعة أو 63°م / 30 دقيقة في البسترة البطيئة على أن يعقب المعاملة الحرارية تبريد إلى 30 – 32°م.
3- تسوية اللبن (إضافة البادئ): وقد سبق التحدث عن هذه الخطوة حيث يضاف البادئ قبل المنفحة وذلك لمعظم أنواع الجبن خاصة الجاف منها والغرض من تسوية اللبن (إضافة البادئ) زيادة الحموضة نتيجة تحلل جزء من اللاكتوز وللحموضة المتكونة أهمية كبيرة في صناعة الجبن كما سبق ذكره. يحتاج اللبن ¼ – 1 % من وزنه بادئ نشط حسب نوع الجبن على أن يضاف قبل المنفحة بحوالي 30 – 60 دقيقة.
4- إضافة الملون (الاناتو): يضاف في بعض أنواع الجبن لتوحيد لون الجبن الناتج على مدار العام وتتوقف الكمية المضافة على نوعية الجبن واللبن ورغبة المستهلك.
5- إضـافـة المنـفحـة: تضاف المنفحة المعيارية بمعدل من 25- 50 سم3 لكل 100كيلو لبن منفحة سائلة) حيث تخفف بكمية مناسبة من الماء تعادل5-6 أمثالها قبل إضافتها. كما تضاف المنفحة الجافة المعيارية بمعدل 3-5 جرام لكل 100 كيلو لبن حيث تذاب في كمية مناسبة من الماء قبل إضافتها. عند إضافة المنفحة إلى اللبن على درجة الحرارة المناسبة للتنفيح نقوم بالتقليب الكلى لمدة 5 دقائق ثم التقليب السطحي ويترك اللبن ليتجبن.
6- تقطيع الخثرة وتقليبها: يتم تقطيع الخثرة آليا أو باستخدام سكاكين طولية وأخرى عرضية وفى حالة استخدام السكاكين الآلية يتم تقطيع الخثرة مرتين التقطيع الأول: يستغرق 5 – 10 دقائق ويجب ان يتم بحذر وببطء خاصة إذا كانت الخثرة محتوية على نسبة عالية من الدهن او كانت الخثرة طرية عند بدء التقطيع لتجنب الفقد الحادث في الدهن والكازين.
التقطيع الثاني: يعقب التقطيع الأول والغرض منه تجزئة الخثرة الى الحجم المناسب بالنسبة لصنف الجبن ولتسهيل فصل الشرش وقد يصفى 10 % من الشرش بعد التقطيع الأول وقبل التقطيع الثاني. ويتم التقليب بعد تقطيع الخثرة ولمدة عشر دقائق قبل تسخينها وذلك بهدوء منعا من تكسير الخثرة ويتم إما باليد في الأحواض الصغيرة والكميات القليلة وقد يستخدم الكوريك الخشبي لتكسير الخثرة أما في المصانع الكبيرة فتستخدم شوك معدنية خاصة مغموسة في الشرش وتلف كهربائيا حول نفسها.
7- سمط (سلق) وترسيب الخثرة: يقصد بالسمط رفع درجة حرارة الخثرة ويتم ذلك بعد عشر دقائق من ابتداء التقليب والغرض من رفع الحرارة المساعدة على انفصال الشرش والتحكم في رطوبة الخثرة. وترفع حرارة السمط عادة بمعدل درجة واحدة كل 3 دقائق وذلك إلى نهاية الدرجات الست الأولى ثم درجة كل دقيقتين حتى تصل الحرارة النهائية للسمط والتي تختلف باختلاف نوع الجبن وحموضة اللبن ونسبة الدهن به.
ويوقف التسخين مباشرة بمجرد وصول درجة الحرارة إلى الدرجة المطلوبة مع ملاحظة استمرار التقليب حتى الوصول بمكعبات الخثرة إلى الدرجة المطلوبة من الصلابة والحموضة. وتجرى عملية التسخين بالماء الساخن او البخار بين جداري الحوض ويجب أن يكون التقليب جيدا حتى لا تتكتل قطع الخثرة في قاع الحوض وتكتسب الطعم المطبوخ.
وقد يجرى التسخين بإضافة شرش ساخن أو ماء ساخن مباشرة في الحوض ويعاب على إضافة الماء الساخن إلى الحوض انه يتسبب في تخفيف الشرش وما يتبعه من انخفاض في نسبة اللاكتوز وبالتالي انخفاض في حموضة الشرش والخثرة مما يؤدى إلى تغير خواص الجبن الناتج وينتج عن ذلك جبن ذا ت قوام طرى.
8- تصفية الشرش: يتوقف الوقت المناسب لتصفية الشرش على درجة صلابة الخثرة وحموضة الشرش.
9- تعبئة الخثرة في القوالب: القوالب المستخدمة تصنع عادة من المعدن ويختلف شكلها وحجمها باختلاف نوع الجبن ويجب ان تتوافر فيها سهولة التنظيف وسهولة إخراج القرص من القالب ويتم تعبئة الخثرة وتبطن القوالب بالقماش او الشاش ثم يوضع بالقالب كمية من الخثرة ويضغط عليها باليد مع توزيعها على مستوى القالب ويكرر ذلك حتى يمتلئ القالب لقرب نهايته. يوضع على الخثرة بالترتيب القرص المعدني غير المثقب ثم تلم عليه أطراف الشاشة ثم توضع الأقراص الخشبية التابعة وذلك استعدادا لكبس الخثرة تحت المكبس.
10- كبس الخثرة: يتم كبس القوالب تحت المكبس ويجب ان يتم الضغط تدريجيا في فترة محددة من الزمن حتى تصل للضغط المطلوب مع تجنب استخدام الضغط الشديد مرة واحدة حتى يتم إعطاء الجبن القوام والتركيب المتماسك وكذلك للتخلص من الشرش الزائد عن المطلوب.
11- تمليح اقراص الجبن: يدعك الملح على سطح أقراص الجبن أثناء التسوية وبعد خروجها من المكبس وتتوقف كمية الملح على حجم القرص ويتم التمليح لمدة ثلاثة ايام.
12- تسوية الجبن: يسمى الجبن بعد خروجها من الكبس بالجبن الخضراء أو غير الناضجة وهى غير مستساغة الطعم وذات قوام جامد مطاط والغرض من عملية التسوية هو إنضاج الجبن بتحويل الخثرة المطاطة القليلة الطعم إلى حالة ناعمة لها طعم مميز كما تتحسن قيمة الجبن الغذائية نتيجة انحلال مكوناتها وتحولها إلى صورة أسهل هضما.
وتحدث هذه التغيرات نتيجة الإنزيمات والكائنات الحية الدقيقة التي توجد في اللبن طبيعيا أو تضاف في صورة بادئ ولإتمام تسوية الجبن فإنها توضع في غرف خاصة تسمى غرف التسوية (درجة حرارة معينة ورطوبة نسبية معينة) حيث تترك فيها لمدة من الزمن تختلف باختلاف نوع الجبن حتى يتم تسويتها.
وختاما وبعد استعراض خطوات صناعة بعض اصناف من الجبن المصري التقليدي (التراثي) فإنه يمكن القول ان صناعة الجبن عملية تتدرج من بسيطة (كما في صناعة الجبن الطري مثل الجبن القريش والجبن الدمياطي) الى معقدة (كما في صناعة الجبن الجافة مثل الجبن الرأس).
رغم التشابه في معظم الخطوات العامة المتبعة لتصنيع الجبن. والاختلاف في خطوات التصنيع، نوع اللبن، البادئ المستخدم، وكمية الانزيم المجبن ونوعه فإن هذا يؤدي الى انتاج جبن كثيرة ومختلفة الصفات وذات نكهات وتركيب مميزة.
وعموما، يمكن القول ان اللبن المستخدم في صناعة الجبن له أهمية كبيرة في الحصول على جبن ذات جودة عالية وصفات مقبولة. وهكذا، فان هذا المنتج اللبني وزيادة الاقبال عليه يعتبر عاملا رئيسيا للاهتمام بتطويره وتحسين صفاته وزيادة الترويج للأنواع المبتكرة منه عبر تنظيم الفعاليات والمهرجانات مثل مهرجان الجبن المصري.
مقال
تصنيع الجبن وأنــواعه
إعـــداد
أ.د/ وفــاء محمود سلامة
رئيس بحوث بقسم بحوث تصنيع الالبان
د./ عصمت علي السيد علي
باحث بقسم بحوث تصنيع الالبان
اقرأ أيضا
محصول القمح.. أفضل التقاوي المُستخدمة في زراعة الأراضي الملحية
محصول القمح.. التوقيت الأمثل للزراعة وخسائر الزراعة “المبكرة والمتأخرة”
محصول القمح.. السلالات الجديدة وأماكن توافرها ومخاطر تجاوز “السياسة الصنفية”
محصول القمح.. أفضل التقاوي المُستخدمة في زراعة الأراضي الملحية
لا يفوتك
طرح أصناف جديدة من تقاوى القمح والفول لأول مرة تتميز بإنتاجيتها العالية ومقاومة للصدأ وبسعر مخفض