الأغذية الملونة صناعيًا
شهدت العقود الأخيرة انتشارًا واسعًا لاستخدام الألوان الصناعية في صناعة الأغذية، بهدف تحسين مظهر المنتجات وجذب المستهلكين، خاصة الأطفال. تُستخدم هذه الألوان في الحلوى، المشروبات الغازية، الزبادي، المثلجات، والمعجنات، وتُعدّ من العوامل الأساسية في التسويق الغذائي
في الآونة الأخيرة، تصاعدت التحذيرات من قبل متخصصين في التغذية والصحة العامة، حول التأثيرات السلبية المحتملة لهذه الألوان على صحة الإنسان، وخصوصًا الأطفال. وقد بدأ الوعي المجتمعي يزداد تدريجيًا، مع تزايد الدراسات العلمية التي تبحث في سلامة هذه المواد
أنواع الألوان الصناعية المستخدمة في الأغذية
الألوان الصناعية هي مركبات كيميائية تُضاف إلى الأغذية لإعطائها لونًا جذابًا، وتصنف عادة إلى
ألوان مسموح بها دوليًا (مثل: E102، E110، E129)
ألوان محظورة أو مقيدة الاستخدام في بعض الدول بسبب تأثيراتها الصحية
ومن بين أكثر الألوان إثارة للجدل:
التارترازين (Tartrazine – E102)
(Sunset Yellow – E110) صن سيت يلو
الأحمر الآزوروبين (Azorubine – E122)
وتُعد الألوان الصناعية من الإضافات الشائعة في الصناعات الغذائية، حيث تُستخدم لإضفاء مظهر جذاب على المنتجات وزيادة قبول المستهلك لها. من أبرز هذه الألوان تارترازين (E102) الذي يعطي لونًا أصفر ليمونيًا، ويُستخدم في المشروبات والحلويات، وصن ست يلو (E110) الذي يمنح لونًا برتقاليًا مائلًا إلى الأصفر. ومن الألوان الحمراء الشائعة بونصو 4R (E124) وأحمر ألورا (E129)، بالإضافة إلى كارمويسين (E122) الذي يعطي لونًا ورديًا مائلًا للأحمر. أما الأزرقات فتشمل الأزرق البرّاق FCF (E133) والأزرق الغامق إنديجو (E132)، وتُستخدم غالبًا في الحلوى والجيلاتين.
وكذلك هناك كينولين أصفر (E104) الذي يُضفي لونًا أصفر مخضرًا، وأخيرًا اللون الأخضر السريع FCF (E143) المستخدم لإضفاء اللون الأخضر.
ومن الجدير بالذكر أن بعض هذه الألوان تثير الجدل حول تأثيرها الصحي، خاصة على الأطفال، لذا تُنظم استخدامها هيئات سلامة الغذاء حول العالم وتحدد نسبها المسموح بها بدقة.
وفي المقابل، تُستخدم أيضًا الألوان الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية أو حيوانية، وتُعد خيارًا مفضلًا في المنتجات الصحية والطبيعية نظرًا لأمانها العالي وقبولها الواسع من المستهلكين. فعلى سبيل المثال، يُستخدم البنجر (الشمندر) كمصدر لصبغة بيتالين لإنتاج اللون الأحمر، كما يُستخرج اللون الأحمر القوي من حشرة الكوشنيل في صورة صبغة الكارمين. وتُستخدم الكركم والزعفران للحصول على اللون الأصفر من مركبات مثل الكركمين والكروسين، بينما يُستخرج اللون البرتقالي من الجزر واليقطين الغنيين بالبيتا كاروتين. أما اللون الأخضر فيُحصل عليه من الكلوروفيل الموجود في الأوراق الخضراء، ويمكن تعزيز ثباته باستخدام الكلوروفيلين. وللألوان البنفسجية والزرقاء تُستخدم مستخلصات التوت الأزرق والعنب والزهور مثل البازلاء الزرقاء، لاحتوائها على الأنثوسيانينات. أما الألوان البنية فتُستخرج من الكراميل الطبيعي الناتج عن تسخين السكر، أو من الكاكاو والقهوة، في حين يُستخدم الفحم النباتي أو حبر الحبار لإنتاج اللون الأسود. ورغم أن الألوان الطبيعية تتميز بكونها أكثر أمانًا وغالبًا ما تحتوي على مضادات أكسدة مفيدة، إلا أنها أقل استقرارًا تجاه العوامل البيئية مثل الحرارة والضوء والحموضة، مما يتطلب تقنيات دقيقة للحفاظ على جودتها في المنتجات الغذائية.
تأثير الألوان الصناعية على صحة الأطفال
الأطفال يُعدّون الفئة الأكثر تأثرًا باستهلاك الأغذية المحتوية على ألوان صناعية، بسبب ضعف جهازهم المناعي وتطورهم العصبي المستمر. ومن أبرز التأثيرات التي حذرت منها الدراسات
فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD)
دراسات عديدة، منها دراسة أجريت في جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة، ربطت بين بعض الألوان الصناعية وزيادة معدل النشاط المفرط لدى الأطفال، وصعوبة التركيز الحساسية والطفح الجلدي
بعض الأطفال يصابون بحساسية جلدية أو تنفسية بعد استهلاك منتجات تحتوي على ألوان صناعية، خصوصًا E102 وE110
اضطرابات الجهاز الهضمي
مثل الغثيان، الانتفاخ، أو التلبك المعوي، خاصة عند الإفراط في تناول الأغذية المعالجة
تأثيرات سامة مزمنة
بعض الألوان الصناعية قد تؤدي إلى تراكم مواد ضارة في الجسم على المدى البعيد، وهناك نقاش علمي حول علاقتها المحتملة بزيادة مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان
الجدل والآراء حول الألوان الصناعية
مصنعي الاغذائية يرون استخدام الألوان الصناعية أنها ضرورية لتحسين المظهر التسويقي للمنتجات، وأنها تخضع لرقابة صحية صارمة
اما باحثي علوم الاغذية يطلبون باستخدام البدائل الطبيعية مثل ألوان الفواكه والخضروات مثل البنجر والكركم خاصة في منتجات الأطفال
– منظمات صحية دولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قامت بتحديد الجرعات اليومية المسموحة لهذه الألوان، ولكنها توصي بالحذر في الاستخدام
دور البحث العلمي في حل مشكلة تزايد الإقبال على الألوان الصناعية
البحث العلمي يؤدي دورًا أساسيًا في كشف أضرار الألوان الصناعية والعمل على تقديم بدائل أكثر أمانًا. ومن أبرز الجهود
تطوير بدائل طبيعية
نجحت بعض الأبحاث في استخلاص ألوان طبيعية من مصادر نباتية مثل الشمندر، الفراولة، الفلفل الأحمر، والسبيرولينا
تحسين تقنيات التصنيع
تسعى بعض المختبرات إلى تحسين استقرار الألوان الطبيعية في ظروف التصنيع المختلفة الحرارة، الحموضة، الضوء
. إجراء دراسات رصدية وسريرية
تهدف لمتابعة الآثار طويلة الأمد على المستهلكين، خاصة الأطفال، مما يساعد في تعديل السياسات الغذائية والصحية
التوعية المجتمعية
أطلقت بعض الهيئات البحثية حملات توعوية لتعريف الأهل بخطورة الإفراط في استهلاك المنتجات المحتوية على ألوان صناعية
واخيرا الألوان الصناعية في الأغذية، رغم دورها التسويقي، قد تشكل خطرًا صحيًا حقيقيًا، خصوصًا على الأطفال. والوعي الصحي المستند إلى البحث العلمي ضروري للحد من هذه المخاطر. يشكل دعم البحث العلمي وتطوير البدائل الطبيعية، إلى جانب التوعية المجتمعية، خطوة مهمة نحو توفير أغذية آمنة وصحية لمجتمع المستقبل واخيرا دمتم بصحه انتم واطفالكم
د.عزيزة ثروت جمال مصطفي
باحث بقسم بحوث تكنولوجيا حاصلات البستانية
أقرأ أيضا
«زراعة أسيوط » توجه مزارعي القمح بتوصيات الحصاد..وتشدد على توريده للصوامع
زراعة قنا تنفذ ندوة إرشادية عن تقنيات الري الحديث لزراعات القصب
3 فرق إرشادية بـ«زراعة الأقصر» عن الفول والنخيل والغذاء الصحي
المزيد
النباتات الطبية والعطرية واهميتها الاقتصادية