المخلفات النباتية وقشور الفواكة من العناصر التي لا يفكر معظمنا في الاستفادة منها بشكل مُباشر، ما يدعونا للتخلص منها في الأعم الأغلب من دورة حياتنا اليومية، برغم احتوائها على العديد من العناصر الغذائية والفيتامينات، التي أثبتتها الأبحاث والدراسات العلمية، ما دعا المُتخصصين لمحاولة البحث عن الطريقة المُثلى لتحقيق هذا الهدف، وطرحه لجمهور المُستهلكين في صورة سلع مقبولة ومُستساغة.
وهو الملف الذي خصص له الإعلامي أحمد عبد الحميد وبرنامج مراكز وأبحاث، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية حلقة كاملة، في محاولة لإلقاء الضوء على هذا المجال بشكل علمي من ذوي التخصص.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف انتقلت كاميرا البرنامج، إلى المركز القومي للبحوث، للقاء نخبة من الأساتذة والمتخصصين في مجال صناعة الألبان، للتعريف بطُرق الاستفادة من المخلفات النباتية وقشور الفواكة في هذا المجال، ودورها في تعظيم عوائدها الاقتصادية.
المخلفات النباتية.. ماهيتها وكيفية الاستفادة منها
في البداية تحدثت الدكتورة مروة السعيد، أستاذ باحث مُساعد بقسم الألبان، بمعهد بحوث الصناعات والتغذية، بالمركز القومي للبحوث، عن المخلفات النباتية وقشور الفواكة وكيفية الاستفادة منها في مجال صناعة الألبان، لافتةً إلى حجم الهدر الناتج عن التخلص من مثل هذه العناصر، برغم احتوائها على العديد من العناصر الهامة والمُفيدة، ضاربة المثل بقشور بعض الفواكة مثل الرُمان واليوسفي والبرتقال وأوراق الفراولة.
وأوضحت أنهم كباحثين أدركوا مُبكرًا، مدى الحاجة المُلحة للاستفادة بهذا الكم الضخم من المخلفات النباتية، لتعظيم الفائدة الغذائية لعدد من المُنتجات، وعلى رأسها تلك الخاصة بصناعة الألبان، ومن ثم كان لزامًا عليهم إخضاع تلك المواد لعدد من الدراسات والتجارب المعملية، للوقوف على كيفية الاستفادة منها في هذا المجال الضخم.
فوائد المخلفات النباتية وقشور الفواكة
ولفتت الدكتورة مروة السعيد إلى كم الفوائد الموجودة في المخلفات النباتية وقشور الفواكة، مؤكدةً أن غالبيتها يُعد من أهم مُضادات الأكسدة الطبيعية، بخلاف احتوائها على كمية ضخمة من الفيتامينات والأملاح والعناصر المعدنية.
وأوضحت أن المخلفات النباتية وقشور الفواكة، تُمثل عاملًا مُعززًا لرفع معدلات المناعة، لزيادة القدرة على مقاومة الأمراض والأوبئة دون اللجوء إلى المواد المُصنعة دوائيًا، مُشيرةً إلى أنها لا تُعد بديلًا لها، بقدر كونها مجرد وسيلة طبيعية لزيادة فاعلية المناعة الداخلية لجسم الإنسان، ورفع معدل قدرته على أداء المهام الحيوية اليومية.
قشر الرمان أبرز أمثلة الاستفادة العلمية من المخلفات النباتية
تابعت الدكتورة مروة السعيد شرحها لطرق الاستفادة من المخلفات النباتية وقشور الفواكة، مؤكدةً أن أول النماذج التي تم إخضاعها للاختبارات المعملية بغية الاستفادة منها هي قشور الرمان، والتي تم التوصل لفصل المواد الفعالة الموجودة فيها، والتي تبعتها الخطوة الأهم والخاصة بكيفية مزجها باللبن ومنتجاته.
أبرز الصعاب التي تواجه عملية إعادة تدوير المخلفات النباتية
أكدت الدكتورة مروة السعيد أن أبرز التحديات التي واجهتهم، هي التأكد من عدم تعارض المواد المُستخلصة من المخلفات النباتية، مع تركيبة اللبن ومُشتقاته الطبيعية، بشكل لا يؤدي لفقدان قيمتها الغذائية، أو عرقلة الوصول إلى الخليط المثالي الذي يجمع ما بينهما.
لا يفوتك.. مستقبل النهوض بالثروة الحيوانية “التحديات والمأمول”
الكبسلة “Encapsulation”.. معناها وجدواها الاقتصادية
لفتت السعيد إلى أن الجهود والأبحاث المعملية المُستمرة، اتفقت في النهاية على اللجوء لتقنية “الكبسلة – Encapsulation”، والتي عرفتها بأنها عبارة عن تقنية تقوم على تغليف المواد الفعالة والمخلفات النباتية، قبل إضافتها إلى المُنتجات التي سيتم طرحها في الأسواق، مؤكدةً أن هذا الحل حافظ على القيمة الغذائية العالية للعناصر التي تم إضافتها، دون حدوث أي ضار، مُشيرة إلى أن هذا الغلاف يتحلل بمجرد الوصول إلى الجهاز الهضمي، ما يُسهل عملية امتصاص تلك العناصر دون أي مشاكل أو تبعات صحية.
التكلفة الاقتصادية لاستثمار المخلفات النباتية في صناعة الألبان
أشارت الدكتورة مروة السعيد إلى أن العقبة الأكبر كانت في كيفية الوصول إلى أفضل الطُرق التي تُتيح لمصانع الألبان الاستفادة من العناصر التي تم فصلها، دون أن يُشكل ذلك عبئًا اقتصاديًا يحول دون نجاح التطبيق العملي لتلك التقنية، وهو المبدأ الذي استقرت عليه والتزمت به أغلب الأبحاث التي يقومون بها.
تسويق الأفكار لشركات الصناعات الغذائية
وكشفت السعيد أن غالبية المواد الغذائية مثل الجبن ومنتجات الألبان ما هي إلا نتاج طبيعي لسلسلة طويلة من الأبحاث والتجارب المعملية التي تم تسويقها في النهاية لكبريات الكيانات الصناعية في هذا المضمار، لتظهر في النهاية على شكل منتج يجمع بين القيمة الغذائية العالية، والشكل والطعم المقبول لجمهور المستهلكين، وهو الأمر الذي لاقى نجاحًا باهرًا حصدوا من خلاله العديد من الجوائز.
إقرأ أيضًا:
العفن البني.. “المالكي” يكشف حقيقة استخدام “الإشعاع النووي” لعلاج البطاطس