الأرز ليس محصولًا غذائيًا فقط، وإنما هو أحد الحلول الاستراتيجية الناجعة، التي لجأت إليها الدولة، لعلاج الكثير من الملفات الشائكة، التي كانت تستدعي الاعتماد على التخطيط العلمي السليم، لتحقيق أقصى استفادة مُمكنة من وحدة المياه، واستثمارها في تنفيذ المزيد من الخطط القومية التنموية الجديدة.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامية آية طارق، مُقدمة برنامج “المرشد الزراعي”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، ألقى الدكتور مجاهد عمار – وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية – الضوء على الأرز كأحد الأدوات التي تم الاعتماد عليها، ودوره الفاعل في منظومة الأمن الغذائي.
الأرز.. الحل السحري للأراضي شديدة الملوحة
قدم الدكتور مجاهد عمار الأرز على أنه أحد الحلول السحرية التي لجأت إليها الدولة لاستصلاح المناطق الشمالية، موضحًا أن زراعته تستدعي استخدام كمية كبيرة من المياه، وهو الأمر الذي تم استخدامه لغسيل أنواع التُربة شديدة الملوحة وتحويلها إلى مناطق زراعية بامتياز، مع طرد الأملاح في مياه الصرف.
وأوضح أن محصول الأرز ساهم في الحفاظ على خصوبة أراضي منطقة الدلتا، وضمها إلى الحزام الأخضر الزراعي، نظرًا لاستخدامه كحزام وحائط صد ضد ارتفاع نسبة الملوحة، وهو السبب الرئيسي لزراعته على الشريط الحدودي للدلتا بالأراضي الشمالية المُلاصقة للبحر.
الأرز ومنظومة الأمن الغذائي
أكد الدكتور مجاهد عمار أن الأرز له دور فاعل وبارز في حماية منظومة الأمن الغذائي القومي، نظرًا لاستثمار كميات مياه الري التي يتم استخدامها، في استصلاح المزيد من الأراضي بالمناطق الجديدة، ضمن خطة التنمية الزراعية المُستدامة 2030.
ولفت “عمار” إلى أن المراكز البحثية المُتخصصة، تسعى إلى تقليص المساحة المُنزرعة بـ”الأرز”، والتي تبلغ حاليًا 1.2 مليون فدان، مع زيادة إنتاجية وحدة المساحة، وتطبيق مبادىء التوسع الرأسي، التي يتفوق فيها المُنتج المصري بـ4 طن للفدان.
موضوعات قد تهمك:
مشروعات تربية البط.. نصائح خاصة بالخدمة البيطرية وتأسيس العنبر والفرشة
وأوضح أن الأراضي التي سيتم توفيرها، ستوجه صوب زراعة أحد الحاصلات البديلة، مُشيرًا إلى أن تقنيات ومبادىء الزراعة الحديثة، تقوم على أحداث التوافق ما بين احتياجاتنا وانتاجيتنا، بما يحفظ منظومة الأمن الغذائي القومي عند حدودها الآمنة.
وألقى “عمار” الضوء على تبعات أزمة الحرب “الروسية – الأوكرانية”، والتي ألقت بتبعاتها القاتمة على أغلب دول العالم، ما أدى لانتهاج سياسة عالمية جديدة، تقضي بضرورة الوصول لحدود الاكتفاء الذاتي، والحفاظ على الأمن الغذائي قدر الإمكان.
إقرأ أيضًا:
التوسع في زراعة الذرة.. استراتيجيات علاج الفجوة الإنتاجية
التجار والوسطاء.. أزمة الأرز الحقيقية
أكد الدكتور مجاهد عمار على عدم وجود أي مشاكل فيما يخص إنتاجية، ووصولنا لنقطة الكفاية الإنتاجية، ونفى وجود أي ارتباط بين ارتفاع الأسعار في بعض الفترات وبين انخفاض الإنتاجية، موضحًا أن أزمة الأرز الحقيقية تكمن في التجار والوسطاء.
ودلل وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية على صحة موقفه بتدني سعر بيع محصول الأرز وقت الحصاد، ما يؤكد أن الأزمة ليست في كمية الناتج المحلي، موضحًا أن القاعدة الاقتصادية الأساسية للسوق تقضي بارتفاع الأسعار بسبب زيادة الطلب ونقص المُنتج، ولو كان الأمر كذلك لكان سعر بيعه مُرتفعًا وقت الحصاد، وهو ما لا يحدث على أرض الواقع.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
أهم التوصيات الفنية لمكافحة الآفات الزراعية
هيئة السلع التموينية وسعر الضمان
ناشد “عمار” هيئة السلع التموينية بالسعي نحو توفير احتياجاتها التموينية عبر إبرام تعاقدات مُباشرة مع المُزارعين، تُلزمهم بتوريد المحصول مقابل الحصول على مُقابل مادي مُجزي، ما يرحمهم من جشع التجار والوسطاء، ويؤمن للمُستهلك الحصول على المُنتج بسعره الحقيقي.
وطالب بضرورة وضع سعر ضمان مُناسب لـ”الأرز”، للتحكم في أسعار التداول بالسوق المحلي، بعيدًا عن استغلال التجار، الذين يقومون بتخزين المحصول بعد الحصاد، لتحقيق أرباح خيالية “غير مشروعة”، على حساب المُزارع والمُستهلك المحلي.