مشروعات إنتاج الألبان، واحدة من الاتجاهات والاستثمارات الواعدة، في مجال الإنتاج الحيواني، التي يُمكن الاستناد عليها لتحقيق أفضل النتائج الاقتصادية، شريطة أن يكون المُربي على درجة كافية من الوعي، بمراحله وتطوراته المُختلفة، والتي يتطلب كلٍ منها، أسلوبًا واستراتيجية خاصة، ما يستدعي إلقاء المزيد من الضوء، والاستماع لتوصيات المُختصين في هذا المجال.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامية مها سميح، مُقدمة برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور أحمد محمد عبد الحفيظ – أستاذ رعاية الحيوان، ورئيس قسم بحوث تربية الأبقار، بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، التابع لمركز البحوث الزراعية – عن مراحل مشروعات إنتاج الألبان، وسبل النهوض بها وزيادة إنتاجيتها، وأبرز الأخطاء الشائعة التي تؤثر سلبًا على مُعدلات ادرار اللبن، وطرق تلافيها بشكل عملي سليم.
مشروعات إنتاج الألبان 6 مراحل مفصلية للنجاح
في البداية قسم الدكتور أحمد محمد عبد الحفيظ مشروعات إنتاج الألبان إلى 6 مراحل رئيسية كالتالي:
- مرحلة الجفاف الأولى
- مرحلة الجفاف الثانية
- المرحلة الانتقالية
- فترة الحليب المُبكرة
- المرحلة المتوسطة “فترة المُثابرة”
- المرحلة المتأخرة “ما بعد الـ200 يوم”
لافتً إلى أن أخطر مراحل مشروعات إنتاج الألبان هي “فترتي الجفاف”، والمرحلة الانتقالية، مُلقيًا الضوء على أبرز الأخطاء الشائعة، التي يرتكبها بعض المُربين، والتي تؤثر بالسلب على مُعدلات الإدرار، ما يُؤدي لخسائر اقتصادية مُباشرة، وانحدار مستوى الجودة المُنتج النهائي على المدى الطويل.
مرحلة الجفاف
تحدث رئيس قسم بحوث تربية الأبقار عن أول مراحل مشروعات إنتاج الألبان، والتي يُطلق عليها اصطلاحًا لدى المُتخصصين “مرحلة الجفاف”، موضحًا خطورتها الشديدة على القطعان والرؤوس المُتاحة بالمشروع، وقسمها إلى مرحلتين رئيسيتين.
مرحلة الجفاف الأولى “الـ60 يومًا الأخيرة قبل الولادة”
أوضح “عبد الحفيظ” مدى أهمية الـ60 يومًا الأخيرة قبل إتمام الولادة، والتي يتوجب فيها على المُربي، اللجوء إلى تجفيف الأبقار الحلابة، للحفاظ على مستوى الجودة والإنتاجية طوال الموسم التالي، لافتًا إلى خطورة عدم الالتزام بتنفيذ هذه الخطوة، والتي يُهملها البعض طمعًا في تحقيق المزيد من الأرباح، دون وعي بمآلاتها السلبية على نجاح المشروع بأكمله فيما بعد.
وشدد على ضرورة الاهتمام بتغذية الأبقار في هذه الفترة، لإتاحة الفرصة الكاملة لها لإعادة تعبئة جسمها بالبروتين والطاقة والعناصر المعدنية، وتعويض ما فقدته على مدار فترة الحمل.
فوائد مرحلة الجفاف الأولى
لفت إلى ضرورة إمداد الأبقار بكامل احتياجاتها الغذائية التي تُتيح لها القدرة على إنتاج 5 كجم من اللبن رغم تجفيفها، لتدعيم جسم البقرة وتوفير البيئة المُناسبة لتجديد الخلايا الطلائعية للضرع، والتي تؤثر بالإيجاب على زيادة مُعدلات الإنتاجية طوال الموسم.
وأوضح أستاذ معهد بحوث الإنتاج الحيواني أن فوائد مرحلة الجفاف الأولى لا تقتصر على تجديد خلايا الضرع ومد جسم البقرة بالطاقة اللازمة لها، وإنما تمتد إلى صحة المولود الصغير “العجل”، وترفع درجة مُقاومته ضد الإصابات المرضية طوال المراحل العمرية التالية.
فترة الجفاف الثانية “الـ21 يومًا الأخيرة قبل الولادة”
نبه رئيس قسم بحوث تربية الأبقار على مدى خطورة هذه الفترة على صحة وإنتاجية الأبقار، والتي يؤدي الإهمال فيها، إلى خسائر اقتصادية ضخمة وسريعة، تستمر مع المُربي على مدار الموسم، ما يستدعي تعبئة البقرة بالطاقة والبروتينات والعناصر المعدنية الكافية.
موضوعات قد تهمك:
أوراق نبات المورينجا والنانو فضة.. باب أمل جديد لمرضى السرطان
ميزان الطاقة والعناصر المعدنية الضرورية للأبقار
وأشار إلى أن فترة الجفاف الثانية، تستدعي أن يكون “ميزان الطاقة” فيها “موجب”، موضحًا أن المُتخصصين وأصحاب الخبرة في مجال مشروعات إنتاج الألبان، يدركون معنى هذا المُصطلح جيدًا، مُفسرًا إياه بأن يكون إجمالي الغذاء المُقدم للبقرة أكبر من حجم إنتاجية اللبن الذي تُدره.
وأوصى “عبد الحفيظ” بتقليل مُعدلات العناصر المعدنية كـ”الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم”، مع زيادة العناصر المعدنية الأنيونية مثل “الكلوريد والكبريت”، وذلك تفاديًا لظهور بعض الأمراض خلال المراحل التالية، وأشهرها “حمى اللبن”.
وشدد على ضرورة رفع نسب البروتين والطاقة في العليقة المُقدمة للأبقار طوال هذه الفترة المُكثفة، لتجهيزها لولادة عجل صحيح وبصحة جيدة، علاوة على إتاحة الفرصة المُناسبة لها لتعبئة جسدها بكامل العناصر التي تحتاجها.
إقرأ أيضًا:
محصول الأرز.. الأهمية الاقتصادية والغذائية وحدود قدراتنا الإنتاجية
الفترة الانتقالية.. الـ21 يومًا التالية للولادة
أكد الدكتور أحمد محمد عبد الحفيظ على مدى خطورة الـ21 يومًا التالية للولادة، والتي يُعدها المُتخصصين بالإضافة للثلاثة أسابيع السابقة “فترة انتقالية” هامة لنجاح مشروعات إنتاج الألبان، والتي تستوجب رفع مُعدلات الطاقة إلى حدود الـ75%، مع مدها ببروتين بنسبة 18.2%، من حجم العليقة المُقدمة إليها طوال هذه الفترة، علاوة على مدها ببعض الإضافات الهامة مثل “الدهن المحمي” و”البروتين المحمي”، الذي يمر في الكرش بدون هضم، ما يُسهل مهمة المعدة الرابعة للحيوان، لزيادة الدهون في اللبن.
فترة الحليب المُبكرة
وتستمر هذه الفترة طوال الـ100 يوم الأولى من الموسم، وتصل البقرة خلالها لأعلى مُعدلات إنتاجيتها، ويُفضل فيها أن يحافظ المُربي على ذات النسب السابقة في العليقة المُقدمة للحيوانات والرؤوس الموجودة بالمشروع.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
المرحلة المتوسطة “فترة المُثابرة”
وهي الفترة الخاصة الممتدة على مدار السبعة أشهر الأولى من الموسم “200 يوم تقريبًا”، ويحافظ فيها الحيوان على نفس مُعدلات الإنتاجية تبعًا لدرجة الأصالة ونقاوة السلالة، والتي تختلف من نوع لآخر، وينصح فيها بالاستمرار على نفس خطة التغذية، للحصول على أقصى استفادة مُمكنة من البقرة.
المرحلة المتأخرة “ما بعد الـ200 يوم”
أوضح “عبد الحفيظ” أن هذه الفترة من مشروعات إنتاج الألبان تشهد انخفاضًا تدريجيًا في مُعدلات إنتاج الحليب، ما يستدعي اللجوء لخطة تغذية مُختلفة، موضحًا أن طبيعة هذه المرحلة، تتطلب أن يكون المُربي على درجة كبيرة من الوعي الاقتصادي، للحفاظ عل التوازن المطلوب ما بين حدود الإنفاق ومخرجات النشاط، للحفاظ على مُعدل ربحية مُرضي خلال هذه الفترة.
ونصح بزيادة نسبة العليقة “الخشنة” على حساب المُركزات، مع تقليل نسب البروتين المُستخدمة في العليقة.