تحتفل مصر في هذا الشهر بالعيد الحادي والسبعون للفلاح المصري، وهو اليوم الذي يتزامن مع اعلان ثورة الثالث والعشرون من يوليو، عن واحد من أهم مكتسباتها، وهو إصدار قانون الإصلاح الزراعي، والذي جاء ليحدد الملكية للأرض الزراعية ويقضي على الإقطاع، ويتحول معه الفلاح من أجير وعامل بالأرض إلى مالك من جديد.
وفي حقيقة الأمر إن تلك الخطوة الهامة التي خطتها يوليو، جاءت تكليلاً لمشوار طويل من التعب والجهد والنضال والذي بذله الفلاح المصري، لسنوات طويلة قبل يوليو، سواء تعلق الأمر بدفاعه عن الأرض والعرض، او لدوره الوطني في الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي، وحماية البلاد من أخطار المجاعة، لولا استمراره في الإنتاج والزراعة.
ورغم أهمية تلك الذكرى، إلا ان الفلاح المصري، له الكثير من “الجمايل” على هذه الأرض وهذا الوطن، والتي يستحق عليها دايما التكريم والإشادة والإحتفال، وربما قبل ثورة يوليو بمئات السنين، وليست مبالغة اذا ما قولنا انها امتدت لآلاف السنين، فقد قامت على أكتاف الفلاح المصري، النهضة الزراعية الأولى، في مصر القديمة، وهو صاحب الفضل في اقامة أول حضارة على ضفاف نهر النيل الخالد بالزراعة أيضاً.
تاريخ الفلاح المصري منذ بداية التاريخ وقيام الحضارة، ملييء بالإنجازات الحقيقية، والدعم المستمر منقطع النظير للدولة، والدفاع عن الوطن، وأبناءه، فالفلاح، هو الجندي المقاتل، وهو في الأساس المهندس والعامل والطبيب، كذلك هو الذي أنجب الزعماء التاريخيين والذين كتبت أسمائهم بحروف من النور في وجدان هذا الوطن.
دور الفلاح المصري، ارتبط بشكل وثيق بكافة معاني الوطن، فهو مرتبط بالأرض والطين والزرع والهواء والماء، وهي جميعها امور، اخلص لها الفلاح كما اخلص للوطن، فكانت دوماً جذوره مغروسة في أرضه، اينما ذهب، وهي أمور أيضاً أحسن الفلاح المصري استغلالها بكل عبقرية، ليوفر مستلزمات الحياة اليومية من السلع الغذائية لأبناء الوطن في كافة ربوعه، فليست هناك مائدة إلا وعليها نتاج جمايل الفلاح وخيرات الأرض التي يزرعها.
ليست هذه فقط حسنات الفلاح المصري، رغم انها عظيمة، لكن الثابت تاريخياً أيضاً ان الفلاح المصري، كان له أدوار هامة ومحورية في العديد من الأحداث التي مرت بتاريخ هذا الوطن، وهو الذي خاض العديد من المعارك قديما ضد الإحتلال والإقطاع، وكل من سولت له نفسه الإقتراب للنيل من هذا الشعب وأرض هذا الوطن، وربما كان الدافع وراء ذلك هو إرتباطه الشديد بأرضه وما تنتجه من خيرات.
كان الفلاح المصري دائما في طليعة الأحداث التي مرت بها مصر، يكافح ويناضل، ويدافع، ويواجه – وهو صاحب السنابل- ، حمالو القنابل والبنادق، دون يأس، بل بإصرار شديد على الإنتصار، والدفاع حتى وان كلفه الأمر حياته، فلم يكن لديه سوى خيارين فقط، اما ان ينتصر كعادته، او ان يموت على أرضه.
الفلاح المصري، والذي أسس للحضارة قديما، هو أيضا الذي حفر قناة السويس حديثاً، وكان في طليعة ثورة ١٩١٩، وله الكثير من الجولات فيها، هو أيضاً الذي قبلها دافع عن كرامته في دنشواي، وهو أيضاً الذي واجه الإقطاع في العديد من المعارك الصعبة، ليدعم ويحافظ على مكتسبات ثورة يوليو، كذلك هو نفسه الذي ساند الدولة المصرية مؤخراً، في وقت الأزمات التي مر بها العالم، سواء في ظل جائحة كورونا أو خلال الحرب الروسية الأوكرانية والتي تأثر بهما كافة دول العالم حتى المتقدمة، فلم تمر بمصر أزمة غذاء كما تلك التي مر بها الآخرون، وذلك بفضل عهد قطعه الفلاح المصري على نفسه، وميثاق قوي بينه وبين الدولة وشعبها، بأن يستمر في الإنتاج حتى في أحلك الظروف.
الدور الرائد للفلاح المصري، جعل القيادة السياسية في الوقت الحالي، توليه اهتماماً غير مسبوق، ودعم لن يحصل عليه في أي وقت سابق، وتمثل هذا الدعم في أشكال كثيرة، ومبادرات وخدمات جميعها، تستهدف تحسين أوضاعه، وحمايته، حيث أدركت أن الفلاح هو السبيل الأهم لإنتصار الدولة في معارك تأمين الغذاء، والنهوض بالإقتصاد القومي.
والحقيقة ان خيرات الفلاح المصري كثيرة، وله من الجمايل ما لا يعد ولا يحصى، والإحتفال به يومياً لن يوفيه حقه، فقد إعتاد العطاء.. فكل عام وفلاحي مصر في كافة أرجاءها بخير وستر وصحة.. والسلام بداية وليس ختام!
المصدر: العدد التاسع من مجلة “MALR” الصادرة عن مركز المعلومات الصوتية والمرئية بالتعاون مع المكتب الغعلامي لوزارة الزراعة
اقرأ أيضا:
وزير الزراعة يشارك في توزيع العقود المؤمنة للمنتفعين بالأراضي في شبة جزيرة
مديرية الزراعة ببورسعيد.. حصاد البرامج والأنشطة الإرشادية
ختام برنامج تدريب قسم النبات الزراعي بمحطة البحوث الزراعية بسخا
البحوث الزراعية ينظم ورشة عمل للشبكة الدولية للمياه والنظم البيئية بحقول الأرز
لا يفوتك: التحديات التي تواجه زراعة الزيتون في مصر