بدأ مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة اليوم برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، فى مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة ومكاتب ومكاتب لجان: الشئون الدستورية والتشريعية، الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، الطاقة والبيئة والقوى العاملة، الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حول الدراسة التي تقدم بها تحت عنوان «الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة»، المقدمة من النائب أحمد أبو هشيمة.
قال النائب أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، إنه هناك فارق كبير بين الاقتصاد غير الرسمي، واقتصاد الجريمة، أو ما يطلق عليه الاقتصاد الأسود.
وأكد النائب أحمد أبو هشيمة على أن الاقتصاد الأسود أو اقتصاد الجريمة وهو الاقتصاد الذى يشمل كافة الأنشطة غير المشروعة مثل تجارة الأسلحة والاتجار فى المواد المخدرة والنصب وغسل الأموال وغيرها من أشكال هذا الاقتصاد، وأن هذا الأمر ليس محل الدراسة.
وتطرق إلى الاقتصاد غير الرسمى وهو الاقتصاد الذى يشمل كافة الأنشطة المولدة للدخل غير المرخص بها والمتحصلة من إنتاج السلع والخدمات المشروعة مثل الورش والمحلات التجارية والمصانع غير المرخصة وأعمال الأجرة والعقود من الباطن غير الموثقة والدروس الخصوصية وغيرها .
التشريعات الوطنية
وأضاف أن ما يجمع النوعين من الاقتصاد أنهما مخالفان للتشريعات الوطنية فى مبدأ السرية واللاعلنية وأن كل منهما يعتبر مسلكا للخدمات العامة من الدولة ولا يسهم فى خزينتها العامة إلا أن ثمة فروقا جوهرية بين كل منهما من حيث الآلية والهدف فاقتصاد الجريمة يرد على خدمات أو سلع مجرمة بحكم التعامل والاستخدام ويهدف إلى تحقيق الغنى الفاحش والثراء السريع أما الاقتصاد غير الرسمى فيرد على سلع أو خدمات غير مرخصة بالتعامل لكن مسموح بالاستخدام والهدف من ذلك هو التحلل من كافة الالتزامات المترتبه عليها تجاه الدولة.
وأكد أبو هشيمة أن ما يهم الدراسة من أى من الأثنين هو الاقتصاد غير الرسمى أو الاقتصاد الموازى والذى يشمل كافة الأنشطة المشروعة بحسب الأصل طبقا للقانون إلا أن ما ينقصها هو اتباع الخطوات والإجراءات التى تتطلبها القوانين واللوائح المنظمة لها لضرورة ترخيصها ومن ثم السماح بمباشرتها تحت أعين الرقابة الحكومية.
ونص تقرير اللجنة علي أن سوق العمل غير الرسمي أو الاقتصاد غير الرسمي أو الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الموازي لا يدخل ضمن الناتج الإجمالي للدولة، بما يحمله من تداعيات وأثار سلبية عديدة على السياسات المالية والاقتصادية للدولة، إلى جانب مخاطره السياسية والاجتماعية، تلك التداعيات والمخاطر التي تستوجب من الدولة وأجهزتها المعنية البحث عن مقاربات جديدة وأطروحات عملية لكيفية الاستفادة من هذا النوع من الاقتصاد الذي يحمل إلى جانب تداعياته السلبية، وإيجابيات يمكن تعظيم مردوداتها شريطة أن تكون المعالجة بشكل شامل ومتكامل وليس مجرد معالجات انتقائية أو توصيات نظرية.
وأضاف التقرير، إن ما يشهده العالم من تطورات تكنولوجية قد أكسبت بعض أنشطة هذا النوع من الاقتصاد بعدا جديدًا أصبح جديرًا بالدراسة والمعالجة، وهو البعد الافتراضي المتعلق باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص والأنترنت بصفة عامة كمجال للترويج والدعاية، بل وأحيانًا ممارسة هذا النشاط غير الرسمي في صورة خدمات محددة.
وتابع التقرير، تبرز أهمية البحث عن رؤى وحلول لهذه القضية، والذي لا يوجد لمعالجته وصفة طبية موحدة، بل يحتاج العلاج إلى النظر لهذا المرض من زوايا مختلفة وأبعاد متنوعة، تأخذ في حسبانها السياقات المصاحبة لها، وظروف المجتمعات العاملة فيها، والفئة العمرية التي تمارس هذا النشاط. وهنا يأتي الحديث عن الشباب وموقفهم من سوق العمل غير الرسمي من حيث أسباب توجههم إلى هذه السوق ومخاطر هذا التوجه سواء على مستقبلهم وأمنهم الوظيفي، أو على دورهم المجتمعي أو على اقتصاديات دولهم واستقرارها ومستقبل أبنائهم وأحفادهم. وعليه، يناقش التقرير بشكل تفصيلي تلك العلاقة التأثيرية بين الشباب وسوق العمل غير الرسمي، إذ يعالج أسباب توجه الشباب المصري إلى سوق العمل غير الرسمي، من خلال تسليط الضوء على الواقع وتعقيداته ومشكلاته، كما يستعرض تأثيرات هذا التوجه ليس فقط على الشباب وإنما تأثيرات ذلك على الجوانب كافة السياسية والاقتصادية. والاجتماعية والثقافية، وكيف وضعت استراتيجيات وخطط وسياسات قادرة على معالجة هذه الظاهرة من المنبع دون الاكتفاء بمعالجة بعض التداعيات والآثار إذا ما تفاقمت الأوضاع، فضلا عن أهمية طرح حزمة من الإجراءات العملية السريعة للحد من تزايد نسبة هذا النوع من الاقتصاد ضمن منظومة الاقتصاد المصري.
استراتيجية وطنية للقطاع غير الرسمي
وأكدت الدراسة في توصياتها، أن من الأهمية بمكان أن تطلق الحكومة استراتيجية وطنية للقطاع غير الرسمي، شريطة أن يتم طرحها بعد إجراء حوار مجتمعي جدي وموسع مع الفئات المتأثرة حول أهداف عمليات الدمج بالنسبة للأطراف كافة، ومدى تأثر كل طرف وحجم المزايا والمكاسب المتوقعة أو الخسائر المحتملة، على أن تتضمن هذه الاستراتيجية عديد النقاط الرئيسة، من أبرزها ما يأتي:
١- البناء على مبدأين رئيسين: الأول تعزيز الثقة بين الأطراف كافة، الثاني التأكيد على ثقافة الالتزام.
٢- التعامل بجدية مع هذا الملف وفقا لجدول زمني واضح ومحدد، دون تفاؤل مفرط أو تشاؤم مخيب للجهود.
٣- تنظيم عمليات الحوافر وضمانات الدمج من خلال وضع قواعد ناظمة وإجراءات محددة ومبسطة بعيدة عن التعقيدات الإدارية والتشابكات التنظيمية، إذ بإمكان الحكومة أن تعمم تجربة الشباك الواحد في التعامل مع منشآت القطاع غير الرسمي حتى لا تتكيل بالأعباء الإدارية
٤ – أهمية تقديم خدمات الدعم الفني للعاملين في هذا القطاع، إذ يمكن أن تتضمن الاستراتيجية فكرة بناء حضانات ومراكز أعمال لهذه المشروعات بحيث تقوم هذه الحضانات والمراكز بتقديم المساعدة الفنية والإدارية والمالية والتسويقية لهذه المشروعات.
٥- مراعاة خصوصية التعامل مع تباينات الأنشطة المختلفة للقطاع غير الرسمي إذ يستوجب النجاح مراعاة أن هذا القطاع يضم أنشطة عديدة ومتنوعة تتباين في سماتها ومتطلباتها، وهو ما يجب أخذه في الحسبان عند وهذه الاستراتيجية الوطنية حتى لا يتم التعامل مع هذه الأنشطة كوحدة واحدة تتسم بنفس الخصائص والمتطلبات عند محاولات الدمج داخل الاقتصاد الرسمي، فعلى سبيل المثال إجراءات إدماج نشاط القطاع الصناعي تختلف كلية عن القطاعات الخدمية الأخرى مثل النقل.
٦- أهمية العمل على إعداد قاعدة بيانات شاملة الأنشطة الإنتاجية غير الرسمية كافة، على أن يتبع في إعداد هذه القاعدة أساليب واليات جديدة توضح حقيقة واقع هذه الأنشطة، صحيح أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقوم يجهد في هذا السبيل، من حيث وضع مجموعة من المعايير المعرفة واقع الاقتصاد غير الرسمي من خلال رصد عدد المنشآت، وعدد المشتغلين، والأجور وغيرها على مستوى الأنشطة الاقتصادية، إلا أنها تظل بيانات غير دقيقة وغير مكتملة، ولا يمكن البناء عليها في وضع سياسات واتخاذ قرارات حاسمة بما يستوجب البحث عن آلية يمكن من خلالها الوقوف على واقع هذا القطاع غير العشوائية والباعة الجائلين
دور وسائل التنشئة المجتمعية
٧-التأكيد على دور وسائل التنشئة المجتمعية الإعلام) – دور العبادة – السينما والتليفزيون) في توعية المجتمع بهذا النوع من الاقتصاد غير الرسمي الذي يختلف. عن الاقتصاد الحر الاقتصاد الخاص) الذي يخضع إلى قواعد ناظمة من جانب الدولة، مع توضيح الآثار السلبية المترتبة على هذا الاقتصاد ومخاطره على أمن المتعاملين في هذا النمط الاقتصادي، وتسليط الضوء على المزايا والإيجابيات التي يحصلون عليها حال تحولهم إلى الاقتصاد الرسمي
٨- أهمية العمل على أنسنة ظروف العمل التي تمارس فيها الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية كخطوة أولى مع أهمية فتح أبواب الحوار للتواصل مع الفئات العاملة فيه.
٩-تفعيل الرقابة على المحليات لضمان قيامها بدورها في منع تزايد حجم العمالة وخلق المشاريع الصغيرة.
١٠- أهمية إصلاح المؤسسات الحكومية، وتخفيف الإجراءات المتعلقة بالاستثمار الرسمي بشكل أكثر دقة كما سبق شرحه.