قواعد ذبح ونحر الأضاحي لها بروتوكول علمي، وقواعد ومراحل صارمة يتوجب على القائم بتلك العملية الالتزام بها، للحفاظ على الحيوان، والحيلولة دون إصابته بالإرهاق قبل الشروع فيها.
في هذا السياق، تحدث الدكتور عاطف سعد عبد المنعم عشيبة – أستاذ تكنولوجيا اللحوم والأسماك، ووكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – عن قواعد ذبح ونحر الأضاحي بشيئ من التفصيل، مسلطًا الضوء على القواعد العامة لها، وسبل التعامل معها قبل وبعد الذبح.
قواعد ذبح ونحر الأضاحي
النقل وتهيئة الحيوان
في البداية أشار “عشيبة” إلى أبرز القواعد الواجب اتباعها بعد شراء الحيوان، موضحًا أنه يتوجب نقله الى مكان خاص للإيواء، على أن يتم منحه فترة راحة لا تقل عن يوم كامل قبل الذبح.
وأوضح أن إجهاد الحيوان أثناء عملية النقل، يؤثر على جودة اللحوم، نتيجة حدوث بعض التفاعلات الكيميائية داخل الجسم، ما يؤدي لاستهلاك الكثير من الطاقة الموجودة بجسمه في صورة جليكوجين.
فى حاله شراء الحيوان قبل العيد بفترة طويلة، يتوجب تقديم مقدار مناسب من العلائق الموصى بها بالإضافة لتوفير الماء الكافي، مع ضرورة تصويم الحيوان لمدة 12 ساعة على الأقل قبل الذبح، لا يقدم له خلالها إلا الماء فقط، وذلك لتسهيل عملية السلخ وتقليل محتوى الكرش من الغذاء.
قواعد ذبح ونحر الأضاحي
توصيات واشتراطات صحية
يتوجب إجراء عملية الذبح داخل المجازر المعتمدة، لضمان توقيع الكشف على الحيوان المخصص للأضحية، للتأكد من عدم إصابته بالأمراض المعدية والتي تضم قائمة طويلة أبرزها:
مرض الحمي القلاعية:
يستدل على إصابة الأضحية بهذا المرض من خلال رصد بعض الشواهد والتي يمكن حصرها في النقاط التالية:
- جفاف مخطم الحيوان
- ارتفاع درجة الحرارة لتصل إلى 42 درجة مئوية
- دخول الحيوان في نوبة من الاكتئاب والعزلة
- ظهور فقاقيع صغيرة في الفم واللسان تنفجر وتترك تقرح على السطح مع وجود تورم ظاهر باللثة
- امتناع الحيوان عن الأكل والاجترار
- سيولة اللعاب من الفم بشدة ويصل إلى الأرض على هيئة خيوط فضية
- ظهور التقرحات بين الظافرين
- الإصابة بنوع من العرج عند المشي
- ظهور تقرحات ملحوظة على الحلمات بمنطقة الضرع
- عدم قدرة الحيوان على الوقوف
مرض السل:
يؤدي إلي تضخم الغدد الليمفاوية للحيوان تحت الإبط وتحت الفخذ ويسبب هزالًا كاملًا للحيوان.
التسمم الغذائي للحيوان:
يستدل عليه من سرعة التنفس والنهجان الشديد، مما يدل علي تناول الحيوان لعليقة بها آثار مبيدات، والتي تترسب بدورها في اللحم مسببة التسمم الغذائي للإنسان أيضا عند تناوله هذا اللحم.
حمي البحر الأبيض المتوسط (الحمي المالطية):
يستدل عليها من نزول صديد من فتحة البول ، ويجب إعدام مثل هذا الحيوان.
الجمرة الخبيثة ( الحمي الفحمية ):
يستدل عليها بحدوث نزيف من جميع فتحات الجسم للحيوان وأيضا يجب إعدام مثل هذا الحيوان.
وبعد عملية الذبح يتم الكشف الطبى على الذبيحة، للتأكد من صلاحيتها للإستهلاك الأدمي، وخلوها من الأمراض المعدية، التى يصعب الكشف عنها قبل الذبح ومن أمثلتها:
• الإصابة بالديدان الشريطية:حيث تعدم الذبيحة بالكامل في حالة وجود الديدان الشريطية في رأس الحيوان – أما إذا كان عدد اليرقات أقل من (10 ) في الربع الواحد من الذبيحة يتم إعدام هذا الربع فقط وليست الذبيحة بأكملها.
• الإصابة بمرض الصفراء (اليرقان): حيث تعدم الذبيحة بأكملها في حالة ظهور لون أصفر داخل الرقبة.
• الإصابة بمرض التسمم الصديدي العام: تعدم الذبيحة بأكملها في حالة وجود صديد بالكبد ، الطحال ، الكلاوي ، القلب.
قواعد ذبح ونحر الأضاحي طبقًا للشريعة الإسلامية
تجرى عملية الذبح بالطريقة الإسلامية، ويراعى فيها أن يكون الحيوان في كامل وعيه، ويجب البعد عن الطرق الشائعة، لإفقاد الحيوان الوعي قبل الذبح، حيث يؤدى ذلك إلى عدم الإدماء الكامل، لما له من أثر سيئ على صفات جودة الذبيحة، حيث تصبح عملية الذبح مكتملة، بقطع كلا من الودجين والقصبة الهوائية والمريء فى حالة الحيوانات قصيرة الرقبة، مثل الخراف و الماعز و الأبقار والجاموس.
أما فى حالة الحيوانات طويلة الرقبة، مثل الجمال تسمى بعملية النحر، وهى عبارة عن جرح وخزى بغرز السكين فى اللبة أسفل العنق.
بعد الذبح يتوجب التأكد من قطع جميع الأوردة والشرايين والمرئ والقصبة الهوائية، مع عدم فصل الرأس عن الجسم، إلا بعد سكون حركة الحيوان تماما، للتأكد من إكتمال الإدماء، فمن المعروف أن دم الحيوان يعتبر وسطا مناسبًا، لنمو و تكاثر العديد من الميكروبات، التى تفسد اللحم أو تفرز به بعض السموم.
يشترط فى القائم بعملية الذبح ان يكون مسلمًا ناضجًا، وأن يذكر البسملة.. بسم الله، الله اكبر (عند الذبح) وأن يستخدم سكينا حادة أثناء الذبح.
يتم سلخ الذبيحة بإجراء عملية نفخ للحيوان ( أي إدخال هواء بين الجلد وجسم الذبيحة )، إلا أنه يفضل عدم إجراءها باستخدام الفم، حيث تعرض الذبيحة للتلوث بالمكروبات، ويستعاض عنها باستخدام مولدات هواء كهربائية، أو منفاخ الدراجة اليدوي، وبعد انتهاء عملية السلخ، يتم تفريغ الأحشاء، وذلك بعمل شق طولي من أسفل البطن، ناحية عظمتي الحوض، حتى عظمتي القص والقفص الصدري، مع مراعاة عدم قطع الأحشاء لمنع تلوث الذبيحة، ثم يستخرج الكرش و الجهاز الهضمى بالكامل، بعد قطع وسحب المريء، مع تخليص الكبد من الحويصلة المرارية بحرص.
وبعد ذلك يتم فتح القفص الصدري بواسطة ساطور، واستخراج القلب والرئتين، ثم غسل الذبيحة جيدًا بالماء، والتقسيم الى أنصاف ذبائح أو أرباع أو قطع.
قواعد ذبح ونحر الأضاحي
مرحلة التعتيق أو الإنضاج
يتم تعتيق أو إنضاج اللحوم، بتخزينها بعد الذبح مباشرة، لمدة لا تقل عن 6 إلى 24 ساعة (تبعا لنوع الحيوان)، فى درجة حرارة التبريد (4م)، حيث لا يفضل طهى وتناول اللحوم بعد الذبح مباشرة، نظرا لحدوث حالة تصلب العضلات، ما يطلق عليه بمرحلة “التيبس الرمى” نتيجة لتكوين روابط بين بروتين الأكتين والميوسين، وتكوين الأكتوميوسين، الذى يؤدى الى تصلب العضلات، فى هذه المرحلة تنخفض خصائص جودة اللحم، من حيث الطعم والرائحة، وكذلك تقل قدرة اللحم على مسك الماء، وبالتالى يزداد الفقد بالطهى.
فبعد زوال “التيبس الرمي” تحدث مرحلة تسمي مرحلة الإنضاج “aging”، وفيها تتحسن الطراوة بمقدار ثلاث مرات أحيانا عن اللحم الطازج، حيث يحدث هدم جزئي أي تحلل جزئي لجزيئات، وذلك بتأثير الإنزيمات المحللة للبروتين، الموجودة طبيعيًَا ( يطلق عليها كاثبسينات ) في اللحم، والتي تكون غير نشطة في البداية، وتنشط بزيادة الحموضة، ويظهر تأثير ذلك بعد زوال “التيبس الرمي”، فتكسر الروابط الببتيدية ( أي يحدث برتيوليزس proteolysis )، فتزيد الطراوة في فترة الإنضاج.
وتزيد قابلية الكولاجين للتحول إلي جيلاتين بالغلي، وتقل متانة الأنسجة الضامة أيضا، والمدة اللازمة للإنضاج وزيادة طراوة اللحم، تتوقف علي درجة الحرارة، فيصبح الإنضاج بطيئا كلما انخفضت درجة الحرارة، ولذلك يجري الإنضاج بالتبريد وليس بالتجميد، الذي يبطئ بشدة كبيرة من نشاط الإنزيمات المسئولة.
بعد تقطيع لحوم الأضحية يستحب تقسيم لحومها الى ثلاثة أجزاء، ثلثا لصاحب الأضحية، و ثلثا للإهداء، و ثلثا للصدقة، ويجب الإسراع فى توزيعها للإطعام أوحفظها بالتبريد أو التجميد، للمحافظة على جودتها وقيمتها الغذائية.
إعداد الأستاذ الدكتور/ عاطف سعد عبد المنعم عشيبة
أستاذ تكنولوجيا اللحوم والأسماك ووكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
موضوعات قد تهمك..
محصول الأرز.. أسباب عدم جواز استخدام “النترات” في معاملات التسميد
خف القطن.. التوقيت الأمثل لتنفيذها وانعكاسات إهمالها على حجم الإنتاجية المتوقعة