شهر رمضان ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
هي دعوة صريحة للعبادة وتقوى المولى عز وجل، في هذه الأيام المُباركة من شهر رمضان، لما لها من فضل ودرجة عالية عند الله، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ولكن ما هي شروط اجتياز هذا السباق؟، وآليات وقواعد تحقيق الفوز، هذا ما تحدث عنه الدكتور محمد حمودة – أحد علماء الأزهر الشريف – أثناء حلوله ضيفًا على برنامج “ليالي رمضان”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
شهر رمضان.. “الثبات حتى الممات”
في البداية تحدث الدكتور محمد حمودة، عن روحانيات شهر رمضان، وفضله على سائر أيام العام، والمُعضلة التي تواجه غالبية المُسلمين فيه، والتي تتمثل في حفاوة استقبال البدايات، وتراجع الهمم قُرب النهايات، وهو الأمر الذي يستدعي من الجميع العمل وفق شعار “الثبات حتى الممات”.
وأوضح أن الغاية الأساسية لجميع الخلائق والمخلوقات، هي الخضوع والإقرار بوحدانية الخالق عز وجل، وعبادته على أفضل وجه، مُشيرًا إلى أن العبادات والطاعات غير مقصورة على هذه الأيام المُباركة التي تهل علينا كل عام، فرب شهر رمضان وهو رب باقي العام، ومن ثم وجب على الجميع الحفاظ على ذات الدرجة من الهمة والإقبال.
شهر رمضان.. وسوسة النفس وكيد الشيطان
حذر الدكتور محمد حمودة من خطورة “وسوسة النفس”، والتي تُشكل الخطر الأكبر على جنس البشر، موضحًا أن الصراع الحقيقي هو الذي يدور داخل الشخص ذاته، ما بين غرائزه ورغباته ومدى قدرته على الالتزام بالفطرة السوية.
ولفت “حمودة” إلى ما ورد بهذا الشأن في مُحكم آيات القرآن الكريم، والتي كشفت مدى صُعوبة هذا الصراع، والتي قال فيها المولى عز وجل، في معرض وصفه وحديثه عن النفس البشرية “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا”، فيما كان أورد تشبيهًا بليغًا ووصفًا دقيقًا، كشف عن هشاشة وضعف سلطان إبليس على بني آدم، جاء فيه “إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا”.
واستخدم نصائح “البوصيري”، التي وردت ضمن أبيات قصيدة “البردة”، وقال فيها الإمام الراحل “وخالف النفس والشيطان واعصهما، وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم، ولا تطع منهما خصمًا ولا حكمًا، فأنت تعرف كيد الخصم والحكم”، والتي وضعت الترتيب الصحيح لخطوة نوازع النفس، وتفوقها على كيد ووسوسة الشيطان، لتكون هي لُب القضية ومفتاح الفوز في الوقت عينه.
أسرار ومفاتيح فريضتي “الفجر” و”العصر”
كشف الدكتور محمد حمودة عن فوائد وقيمة صلاتي “الفجر والعصر”، والتي وضع فيهما المولى عز وجل بعضًا من مفاتيح أسراره، موضحًا أن الأولى تمثل ركيزة سبيلًا أكيدًا ومضمونًا لسعة الرزق، فيما تُمثل الثانية حصنًا قويًا ضد المشاكل الخاصة بالأُسرة والعمل والعلاقات الإنسانية على اتساعها وتنوعها، والتي ورد فيها حديث صحيح وقاطع على لسان النبي “صلى” قال فيه من لا ينطق عن الهوى: “مَن لَم يُصَلِي العَصرَ، فقد وَتِرَ أَهلَهُ”، للدلاله على قوتها وفضلها.
وأكد أن كلتا الفريضتان فيهما من الدلائل والروحانيات ومفاتح القوة، ما يفرض رداءً وسترًا نورانيًا حول صاحبهما، بالشكل الذي يحميه من شر الخلائق، ويتيح له السعة والبركة في الرزق، ويفرض له القبول في الأرض و والهيبة في قلوب الخلائق.
موضوعات قد تهمك:
صوامع القمح الطينية و”رماد الأفران”.. 3 خطوات لنجاح التخزين بالطرق القديمة
فريضة تٌبرئ ذمتك من خصلة النفاق.. تعرف عليها
حث العالم الأزهري على الالتزام بأداء الصلوات الخمس، موضحًا أن لها سحرها وأجرها مثلها في ذلك كفريضتي الفجر والعصر، والدليل على ذلك أن صلاة العشاء، تُعد بمثابة إبراءًا للذمة من صفة “النفاق”، والالتزام بأدائها في جماعة، يعني النجاة من شراك هذه الصفة الذميمة التي حذر الرسول الكريم منها.
هل يريد الله مُعاقبة البشر؟ عالم أزهري “يُجيب”
نفى “حموده” ما يروج له بعض مُدعي العلم، والذين يشوهون حقيقة العلاقة التي تربط بين العبد وربه، والتي تصور الأمر كما لو كان هناك قضاءًا وحكمًا أزليًا بحتمية تعذيب البشر، موضحًا أن أول قضية قدم لها القرآن، كان المولى عز وجل فيها هو المُدافع عن نسل آدم، والتي اتهمت فيها الملائكة الإنسان اتهامًا صريحًا بأنه أصل الشرور كلها “قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ”.
وعظم الدكتور محمد حمودة من قيمة ومكانة شهر رمضان، والذي هيأ الله فيه أبواب الجنة الثمانية، لمن صامه إيمانًا واحتسابًا، موضحًا أن المولى عز وجل يفتح أبوابها لكل العباد، إلا لمن أبى، ما يستدعي شحذ الهمم وأداء الفرائض والعبادات المفروضه بصدق، والتحلى والتخلق بخُلُقِ القرآن وآداب المُسلم الصحيحة.
لا يفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
أعراض وأسباب الإصابة بآلام العمود الفقري وطرق العلاج
خطورة النوم في نهار رمضان
فرق بين التكاسل والإفراط في النوم طوال أيام الشهر الكريم، وبين مساحة الحرية التي منحها ديننا الحنيف للمسلم، بالشكل الذي يُعينه على أداء العبادات المفروضة على الوجه الأكمل، موضحًا أن الإسلام أوضح فوائد النوم في “ساعة القيلولة” – ما بين الساعة الواحدة ظهرًا إلى الثالثة عصرًا – والتي تبث في الجسم الحيوية والنشاط، علاوة على هدفها الأساسي لحماية الإنسان من التعرض لحرارة الشمس الشديدة والضارة بالجسم والجلد.
وصايا خاصة للنساء في ساعة “القيلولة”
أوصى “حمودة” ربات البيوت بتخفيض الإضاءة خلال هذه الفترة، لتهيئة الأجواء المُناسبة لهن ولأزواجهن، بالحصول على هذا القسط “المسموح” من الراحة، لافتًا إلى أن الإضاءة الصناعية المُنتشرة داخل منازلنا، تؤدي لنفور وتهيج خلايا الجسم، ما يستلزم الحد منها في بعض الفترات وبخاصة خلال “ساعة القيلولة”، لما فيها من فوائد صحية وجسمانية، تُعين المرء على استعادة كامل وعيه وحيويته، لأداء المهام والفرائض التي خُلق لأجلها.
وشدد على ضرورة اتباع سُنة الله في الأرض، والتي خلق فيها الله النهار وخصصه للكد والعمل، فيما مهد الليل للسُكنى والراحة، مُستثنيًا بعض الفئات التي تفرض عليها ظروف العمل عكس هذا الأمر، شريطة الالتزام بأداء الفرائض والعبادات بوقتها، مع التنبيه على خطورة التفريط في نهار شهر رمضان، والذي يُضيعه البعض في النوم والتكاسل.
إقرأ أيضًا:
أمراض العمود الفقري.. “استشاري” يفجر مفاجأة حول مزايا “الطب الشعبي” البديل