زراعة محصول الكتان واحدة من المشروعات الاقتصادية الواعدة، في ظل المزايا العديدة التي يتمتع بها هذا المحصول، وعلى رأسها دخوله كأحد المصادر القوية لاستخراج الزيوت، علاوة على استخداماته في مجالات الموضة وصناعة الملابس والأقمشة والمنسوجات، بالإضافة لدخوله كمكون في صناعة الأثاث والأخشاب “الحبيبي”، ما يضعه ضمن قائمة المحاصيل ذات العوائد الطموحة والمضمونة.
وخلال حلولها ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، مُقدم برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناولت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق – باحث أول بقسم بحوث الألياف، بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية – ملف زراعة محصول الكتان بالشرح والتحليل باستفاضة، لتعريف المُزارعين والمُشاهدين به، وعرض زاوية جديدة عنه، قد لا يعرفها الكثيرون حتى هذه اللحظة.
نبذة تاريخية عن زراعة محصول الكتان
في البداية تحدثت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق عن زراعة محصول الكتان، بوصفها نشاطًا اقتصاديًا عريقًا، تعود جذوره إلى عهد الفراعنة، وهو الأمر الذي تم إثباته عبر العديد من النقوش والبرديات، التي كشفت عن براعتهم في استخدامه بالعديد من مجالات الحياة اليومية، حتى أنهم أدخلوه ضمن آليات ووسائل التحنيط.
فوائد اقتصادية وصناعات مُتعددة
وانتقلت أستاذ قسم بحوث الألياف إلى الفوائد الاقتصادية الناجمة عن زراعة محصول الكتان، موضحةً أن مزايا هذا النبات مُتعددة، حيث يتم الاستفادة من كل جزء فيه، بدءًا من الجذور مرورًا بالساق وانتهاءًا بالأوراق والثمار.
زراعة محصول الكتان.. وأبرز استخدامات الساق والبذور
ضربت “عبد الصادق” مثالًا بساق نبات الكتان، والتي يتم استخراج الألياف منها، لتدخل ضمن العديد من الصناعات –تختلف بحسب نوعها ودرجة نعومتها وطولها – منها “قلوع المراكب، المنسوجات، الأقمشة”، فيما تختلف أوجه الاستفادة من البذور، والتي يعتمد عليها قطاع عريض، من الباحثين عن برامج الريجيم والحميات الغذائية الصحية كغذاء مُباشر، نظرًا لاحتوائها على “الأوميجا 3″، فيما تُعد أحد العلاجات الشائعة لمرضى داء “السُكري”، علاوة على كونها مصدر هام لتصنيع الزيوت “الحار”.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
زراعة محصول الكتان وعلاقته بمشروعات الإنتاج الحيواني
أوضحت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق، أن أوجه الاستفادة من زراعة محصول الكتان وبذوره، لا تنتهي بمجرد عصرها واستخراج الزيوت منها، وإنما تمتد لاستخدام مُخلفاتها، و”الكُسب” الناتج عنها، والذي يتم البناء عليه كأحد ركائز صناعة العلف، والتي تُعد أحد الأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها مشروعات الإنتاج الحيواني.
وكشفت أستاذ معهد بحوث المحاصيل الحقلية عن جوانب جديدة لاستخدامات الكتان، والتي قد لا يعرفها الكثيرون منا، وأبرزها الاعتماد عليها في صناعة أوراق البنكنوت، علاوة على كونها أحد المواد المُستخدمة في صناعة مواد ومُستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والشعر.
أبرز أصناف الكتان في مصر
ألقت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق الضوء على أبرز أصناف الكتان المُعتمدة في مصر، مُشيرةً إلى وجود 4 أصناف رئيسية هي “جيزة 9، 11، 12” بالإضافة لـ”سخا 5، 6″، بوصفها أبرز التقاوي التي اعتمدتها المراكز البحثية التابعة لوزارة الزراعة، والتي يتم تطويرها بشكل دوري، لتُلائم التغيرات المُناخية، والأطوار الجديدة من المُسببات المرضية التي تطفو على السطح كل لحظة.
تصنيف ألياف الكتان
صنفت “عبد الصادق” الكتان إلى 3 طُرز معروفة يمكن التمييز بينها كالتالي:
1. طراز الكتان الليفي: ويكون فيه التفريع “قمي” فقط، حتى لا يؤثر على طول الساق والألياف
2. طراز الكتان الزيتي: ويكون فيه التفريع على طول الساق
3. طراز الكتان ثنائي الغرض: ويكون فيه التفريع “قمي وقاعدي”
وعلى هذا الأساس يمكن تعريف صنف “جيزة 9” بأنه ليفي، فيما يوضع “جيزة 11، 12 سخا 6” ضمن قائمة الأصناف ثنائية الغرض، بينما يندرج “سخا 5” تحت الأصناف الزيتية.
زراعة محصول الكتان.. مواصفات الأراضي التي تجود بها الزراعة
القت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق الضوء على زراعة محصول الكتان، مؤكدةً أنه محصول شتوي في المقام الأول، ما يعني احتياجه لعدد مُحدد من وحدات البرودة، خلال مراحل النمو المُختلفة، علاوة على بعض الأجواء الدافئة والحرارة، لإتمام مُعاملات النمو بالشكل الطبيعي في نهاية الموسم.
وأوضحت أن نبات زراعة محصول الكتان تجود بالأراضي الطينية الخفيفة أو الرملية الثقيلة، وهي الركيزة الأساسية لحصاد مُميز وعالي الجودة، فيما يخص الأطوال وسُمك السيقان، شريطة اتباع التوصيات الفنية الواردة بالنسبة لهذا النوع.
زراعة محصول الكتان.. مُعدلات المُلوحة المسموحة وحدودها القصوى
أكدت أن زراعة محصول الكتان تتحمل مُعدلات مُلوحة لا تتعدى الـ2 ألف وحدة/مليون، بوصفه الرقم الذي يُمكن المُزارعين، من جني محصول اقتصادي يُمكن الاستفادة منه، وتحقيق أرباح ومكاسب مُرضية في نهاية الموسم.
المواصفات القياسية لمحصول الكتان
لفتت إلى أن عرض السيقان الأمثل، يتراوح ما بين 1 إلى 1.5 مل، للحصول على ألياف مُناسبة لأغراض صناعة الأقمشة والمنسوجات، وهو الرقم الذي يُمكن الوصول إليه بتنفيذ كافة المُعاملات الزراعية والتسميدية على الوجه الأمثل.
وتحدثت أستاذ معهد بحوث المحاصيل الحقلية عن أطوال سيقان نبات الكتان، والتي تتراوح ما بين 1 إلى 1.5 متر، مُشيرةً إلى أن هذه المُعدلات تختلف تبعًا لنوع الصنف، علاوة على تحكم الظروف البيئية المُحيطة، في مدى تعبير النبات عن نفسه، ومعدلات نموه بالزيادة أو النُقصان.
متوسط إنتاجية الفدان
انتقلت أستاذ قسم بحوث الألياف إلى نقطة جوهرية فيما يخص نبات الكتان، ألا وهي متوسط حجم إنتاجية الفدان، والتي تتراوح ما بين 5 إلى 5.5 طن قش، فيما يصل مُعدل البذور ما بين 400 إلى 500 كجم، لافتةً إلى أن نسبة الاستخلاص تختلف من صنف لآخر.
مُعدل استخلاص الزيت
يصل مُعدل استخلاص الزيت بالنسبة للأنواع الزيتية إلى حوالي 45% من حجم الإنتاجية، فيما يتراوح هذا الرقم بالطُرز الليفية ما بين 36 إلى 38%، بينما يتوقف عند حدود الـ42% بالنسبة للأنواع ثنائية الغرض، كأقصى رقم يُمكن تحقيقه.
موضوعات قد تهمك:
الزراعات المتأخرة.. الموعد الأنسب لمحصول القطن وأبرز المحاذير
إجمالي حجم المساحة المُنزرعة بمحصول الكتان
كشفت “عبد الصادق” عن إجمالي حجم المساحة المُنزرعة بنبات الكتان، والتي تصل إلى 22.5 ألف فدان، لافتةً إلى أن الجائحة ووقف التصدير أثرا بالسلب على حجم النشاط ككل، قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى، بعد استئناف حركة الاستيراد والتصدير.
زراعة محصول الكتان.. أهم التوصيات الفنية
أكدت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق على أن زراعة الكتان تحتاج لتنفيذ التوصيات الفنية بدقة، واستخدام حصص التقاوي المُقررة بشكل مُنضبط، للوصول إلى أفضل مُعدلات الإنتاجية المُستهدفة، والارتقاء بجودة الأصناف التي تتم زراعتها.
ولفتت أستاذ قسم بحوث الألياف إلى أن كمية التقاوي التي يتم استخدامها خلال موسم زراعة الكتان، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعدد من المعايير والقواعد، وعلى رأسها نوع الصنف وطريقة الزراعة المُستخدمة.
كمية التقاوي المُستخدمة في زراعة محصول الكتان
وقدمت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق وصفًا دقيقًا لكمية التقاوي المُستخدمة أثناء زراعة محصول الكتان، ولخصتها في النقاط التالية:
الزراعة بطريقة البدار
أكدت أستاذة معهد بحوث المحاصيل الحقلية أن زراعة محصول الكتان الليفي بالطريقة “البدار” يحتاج استخدام ما يوازي 60 كجم تقاوي للفدان، فيما يحتاج الصنف ثنائي الغرض ما يقرب من 70 كجم للفدان الواحد.
زراعة محصول الكتان بطريقة التسطير
كشفت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق إلى أن الأمر يختلف قليلًا بالنسبة لحجم التقاوي المُستخدمة حال زراعة الصنف الليفي، والذي يحتاج ما يقرب من 50 كجم، فيما يستدعي الصنف ثنائي الغرض حوالي 60 كجم للفدان الواحد.
أهم المُعاملات السابقة للزراعة
شددت أستاذة قسم بحوث الألياف على أهمية القيام بتمهيد التُربة جيدًا، قبل الشروع في تنفيذ المُعاملات الزراعية اللاحقة، موضحةً أهمية حرث التُربة مرتين بشكل مُتعامد، مع إتاحة الفُرصة الكاملة، لتشميس الأرض وتهويتها جيدًا في كل مرة، للتخلص من كافة المُسببات المرضية والحشائش.
ونصحت “عبد الصادق” بضرورة تمهيد التُربة وتسويتها بواسطة “الزحافات الثقيلة”، لتدمير والتخلص الآمن من القلاقيل، للحصول على نباتات مُتجانسة وجيدة وسليمة، في سبيل الوصول لموسم جيد، وبلا مشاكل أو خسائر.
إقرأ أيضًا:
أعراض الاحتباس البولي.. 18 علامة أخطرها “انفجار مثانة الحيوان”
مزايا زراعة محصول الكتان بـ”طريقة التسطير”
وأوصت باتباع طريقة التسطير بوصفها الأنسب لـ”زراعة الكتان”، موضحةً أن تقنية “البدار”، تحول دون قُدرة المُزارعين على انتشال وإزالة الحشائش، وتنفيتها من الأشياء الضارة للمحصول، على العكس من الطريقة الأولى، التي تودي لنجاح الموسم والخروج بلا أخطاء أو خسائر.
وفسرت تأييدها لطريقة الزراعة بـ”التسطير” موضحًة أنها تُفسح المجال أمام المُزارعين، للقيام بكافة المُعاملات التمهيدية السابقة على بدء الموسم، دون ارتفاع نسبة الهدر والفاقد، نظرًا لما يترتب عليها من دهس وتدمير للمحصول.
وأوضحت أن هذه الطريقة تُناسب الأراضي ذات المساحات الواسعة، علاوة على أنها تُسهم بشكل كبير في توفير حجم العمالة المُستخدمة، بالإضافة لتسهيل إتمام عمليات الخدمة، والتخلص الآمن من الحشائش على المُزارعين.
وأشارت إلى أن زراعة محصول الكتان بتقنية التسطير لا تمثل أي فارق بالنسبة للأراضي ذات المساحات الصغيرة.
زراعة محصول الكتان.. مُعاملات الري
شددت أستاذ قسم بحوث الألياف، على ضرورة التوقف عن إجراء معاملات الري الخاصة بمحصول الكتان، قبل الوصول للنضج بفترة زمنية لا تقل عن 15 يومًا، للحيولة دون حدوث أي خسائر، أو عرقلة إتمام الخطوات اللاحقة لهذه المرحلة.
علامات النضج المحصول وأبرز المحاذير
وتناولت علامات نضج محصول الكتان بالشرح، لافتةً إلى أن أبرز المؤشرات، الدالة على الوصول لهذه المرحلة من عمر النبات، هي تحول الكبسولات إلى اللون الأصفر الباهت، ما يعني ضرورة تنفيذ معاملات الحصاد، فورًا ودون إبطاء.
وحذرت الدكتورة مايسة سعيد عبد الصادق، من انتظار ظهور باقي العلامات، الدالة على نضج محصول الكتان، وأبرزها تساقط الأوراق واصفرار السيقان، لافتةً إلى أن التعجيل بإجراءات الحصاد، هو الحل الأمثل والإجراء الأفضل، للحيلولة دون هدر قسط كبير من المحصول.
وأوضحت أستاذ معهد بحوث المحاصيل الحقلية أن الانتظار حتى ظهور باقي العلامات، سيترتب عليه العديد من الأضرار والخسائر الاقتصادية، والتي يأتي انفراط عقد بذور الكتان في مُقدمتها، ما يعني فقد المُزارعين لنسبة كبيرة من المحصول، وضياع فرص الاستثمار الأمثل لها.
أجندة مُعاملات ما بعد الحصاد
وقدمت “عبد الصادق” الأجندة المثالية لمعاملات ما بعد الحصاد، والتي حصرتها في النقاط التالية:
1. جمع محصول الكتان في كومات وحزم بقطر 15 سم
2. تعريض الحزم التي جمعها لأشعة الشمس حتى اكتمال جفافها
3. نقل الحزم بعد جفافها إلى الأماكن المخصصة للتخزين استعدادًا لمرحلة الهدير
4. فصل كبسول الكتان عن السيقان إما عن طريق الآلات القديمة أو الأجهزة الحديثة المتوافرة
5. غربلة البذور وتخزينها داخل أجولة نظيفة في أماكن مُوهلة ودرجة حرارة متوسطة
6. تحويل السبقان إلى ألياف للاستفادة بها وتسويقها في مجال صناعة الأنسجة