زراعة الطحالب البوابة الحقيقية للمُستقبل، والتطبيق العملي الحي لفهوم التنمية المُستدامة، واستغلال الموارد الطبيعية المُتاحة، لسد الفجوة الغذائية بشكل صحي وآمن، بما يخدم البيئة والإنسان على حد سواء.
وهو الملف الذي خصص له الإعلامي أحمد عبد الحميد وكاميرا برنامج مراكز وأبحاث، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية حلقة كاملة، في محاولة لإلقاء الضوء على هذا المجال بشكل علمي من ذوي التخصص.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف والتعرف على علم زراعة الطحالب عن قُرب، انتقلت كاميرا برنامج مراكز وأبحاث، إلى المركز القومي للبحوث، للقاء نخبة من الأساتذة والمتخصصين في مجال الكيمياء الحيوية النباتية، للتعريف بأبرز تقنيات علم زراعة الطحالب، وأبرز أنواعها وعوائدها الاقتصادية والبيئية والصحية.
زراعة الطحالب.. طرق الاستفادة منها وأبرز التطبيقات
الطحالب أحد أبسط الكائنات الحية التي تواجدت على وجه الأرض منذ فجر التاريخ، والتي نجحت رغم هشاشتها في الحفاظ على فُرص وجودها بشكل مُذهل عبر مختلف العصور، ما جعلها مادة دسمة للدراسات والأبحاث العلمية، لكشف طرق الاستفادة منها وتسخيرها لخدمة البشرية، لتتكشف مجموعة من الحقائق، التي سلطت عليها الأضواء بشكل أكبر، كمصدر حيوي وأولي للطاقة والغذاء.
البداية الحقيقية لعلم زراعة الطحالب
في البداية أكدت الدكتورة هناء عبد الباقي – استاذ الكيمياء الحيوية النباتية – على وجود عدة أنواع من الطحالب التي تم الاعتماد عليها في عدد من المشروعات الاقتصادية، ومنها الدونانيلا، الكولوريلا، السانتيزماز، فيما تُعد الاسبيرولينا أشهرها على الإطلاق.
وأوضحت أن النشاط الاقتصادي الخاص بعلم زراعة الطحالب، بدأ فعليًا قبل خمس سنوات، بالتعاون مع أحد المستثمرين، لتبدأ هذه الصناعة فاصلًا جديدًا، ساعد على التوسع فيها وانتشارها.
وأكدت أن إنتاج وزراعة الطحالب وبخاصة الاسبيرولينا، هي النوع الاقتصادي الأكثر انتشارًا في مصر، مُشيرةً إلى فوائدها المتعددة، والتي تجلت في استثمارها بعدد هائل من المشروعات والاستخدامات، المُتصلة بشكل مُباشر بالإنسان والبيئة التي يعيش فيها.
لا يفوتك.. التقنيات الحديثة لري المحاصيل الزراعية
حكاية الطحالب مع رواد الفضاء
وكشفت أستاذة قسم الكيمياء الحيوية النقاب عن العديد من الاستخدامات التي تدخل فيها الطحالب بشكل أساسي، وأبرزها الصناعات الغذائية، نظرًا لقيمتها الغذائية الخارقة، ما دعا المُختصين لإطلاق صفة الـ”super food” عليها، وهو الدافع الأساسي الذي أدى للاعتماد عليها كغذاء أساسي لرواد الفضاء، خلال رحلاتهم بعيدًا عن كوكب الأرض.
وأوضحت الباحثة هناء عبد الباقي أن أربع أقراص من طحالب الاسبيرولينا، تُعادل القيمة الغذائية التي نتحصل عليها من تناول 1 كجم من الفواكة المتعددة الألوان، وبمعنى أدق كامل أنواع الفاكهة.
الاسبيرولينا.. استخدامات متعددة وفوائد اقتصادية لا حصر لها
أكدت الدكتورة هناء عبد الباقي، أن طحالب الاسبيرولينا تتميز باحتوائها على قدر كبير من البروتينات، يتخطى حاجز الـ60% من تركيبتها، علاوة على وجودها في صورة ذائبة سهلة الهضم، ما دعا المُهتمين برياضة كمال الأجسام “body belding” للاستعانة بها كمكملات غذائية عالية الجودة وسهلة الامتصاص، ما يجعلها مصدرًا سريعًا للطاقة والنشاط.
وتحدثت الباحثة هناء عبد الباقي عن أهم التطبيقات التي يتم استخدام طحالب الاسبيرولينا فيها، مؤكدةً أن صناعة وإنتاج الطحالب كنشاط اقتصادي في حد ذاتها مُكلفة جدًا، ما دعا لمحاولة تحقيق أقصى استفادة ممكنة منها، لتعظيم العوائد الناتجة عنها.
مكملات غذائية وصناعات دوائية
وأوضحت أن الاسبيرولينا تدخل في العديد من التطبيقات والصناعات التكميلية، مثل الأغذية، المكملات الغذائية، الألوان والصبغات الطبيعية، الأنتي بيوتك، الأنتي فيروس، الصناعات الدوائية وبخاصة الأوميجا 3 والأوميجا 6 التي تُعد على رأس العناصر التي تختص بعلاج أمراض القلب، أدوية مثبتات القوام والرشاقة.
شاهد.. مكافحة الحشائش وأضرارها على المحاصيل المختلفة
البديل الصحي والآمن للجيلاتين الحيواني
وكشفت أن البولي سكرايت هو أحد العناصر التي يتم استخلاصها من الطحالب، كأفضل بديل للجيلاتين الحيواني، ومصدر أساسي لصناعة الجيلي بكافة أنواعه وأشكاله، بالإضافة لحلوى الأطفال والآيس كريم.
إنتاج الطحالب وصناعة الأسمدة الحيوية
ولفتت عبد الباقي إلى أن التطبيقات الخاصة بإنتاج وزراعة الطحالب، تُعد أحد الروافد الأساسية التي يتم الاعتماد عليها في المجال الزراعي، كأفضل المصادر المُستخدمة في صناعة الأسمدة الحيوية، وكافة المزروعات الأورجانيك.
فوائد مُتعددة لتربية الماشية
وتابعت عبدالباقي الفوائد والاستخدامات المُتعددة التي يتم الاعتماد على الطحالب فيها، نظرًا لأنها مُدرة للألبان بشكل كبير، علاوة على تحسين جودة اللحم وزيادة نسبة البروتين فيها عن الدهون.
الطحالب والمشروعات الداجنية
وتستخدم الطحالب كمكمل يضيف قيمة غذائية كبيرة لعلف الدواجن، بشكل يرفع من قيمتها الغذائية ويزيد من نسبة البروتين فيها، ويُساهم في تقليل المدة الزمنية اللازمة لدورة نموها الطبيعية، وبالنسبة للدواجن البياضة فهو يُعلي من القيمة الغذائية للبيض، ويمنح الصفار اللون البرتقالي الخالي من رائحة الدهون المُنفرة.
مزارع الاستزراع السمكي
وبالانتقال إلى فائدتها بالنسبة لمشروعات الاستزراع السمكي فحدث ولا حرج، حيث تمثل الغذاء الأساسي والرئيسي للأسماك بكافة أنواعها، وهو الدور الطبيعي الذي تقوم به في كافة البحار والمحيطات، منذ بدء الخليقة.
موضوعات قد تهمك:
القشرة السوداء.. أعراض الإصابة وطرق الوقاية والعلاج
اصفرار أوراق القمح.. احذر هذه الأخطاء أثناء زراعة محصولك
محصول البطاطس.. أهم الإجراءات الواجب اتباعها لحمايته من الأمراض
الزراعة على مصاطب.. وأبرز نتائجها الإيجابية على محصول القمح
علاج النيماتودا.. باحث يؤكد إمكانية القضاء عليها خلال 150 دقيقة
إنتاج الوقود الحيوي
وتمتد حلقة فوائد الطحالب إلى مشروعات إنتاج الوقود الحيوي، والتي استثمرها المركز القومي للبحوث في إنتاج البايو ديزل، علاوة على إنتاج بعض أنواعها – حال وضعها في بيئات لا هوائية – لغاز البايو هيدروجين، الذي يستخدم كوقود للطائرات.
استخدامات الطحالب في تنقية المياه
وعززت الدكتورة هناء عبد الباقي من أهمية الطحالب، مؤكدةً أنها يتم حاليًا استخدامها في عمليات تنقية المياه وامتصاص الأملاح، لتعظيم حجم الاستفادة – من مصادرنا المائية المحدودة – وبخاصة في المناطق الصحراوية، لإعادة استخدامها في مجال الزراعة واستصلاح الأراضي.
أفكار مشروعات صغيرة لشباب الخريجين:
عيش الغراب.. قيمة غذائية عالية ومشروع اقتصادي مُربح للشباب
بعائد 21 ألف جنيه شهريًا.. “الغندور” ينصح شباب الخريجين بهذا المشروع
وفي ذات السياق أكدت الدكتورة إيمان إبراهيم، أن علم زراعة للطحالب، يقوم على استغلال نوعين أساسيين من الطحالب، هما عماد تلك الصناعة الضخمة، ليكونا حجر الأساس في كافة التطبيقات العملية لها، وهما المايكرو ألجي و الماكرو ألجي، لافتةً إلى أن الأولى يتم تنميتها في المعامل الكبرى، فيما ينمو النوع الثاني “الماكرو ألجي” تلقائيًا في درجات ملوحة عالية، ويمكن رؤيته بالعين المجردة، في البحرين الأحمر والمتوسط.
وأوضحت أن الفارق الأساسي بين كلا النوعين، يتجلى بشكل واضح في أن الماكرو ألجي تنتجها الطبيعة بكثافة، دون الحاجة لأي تدخل بشري أو معملي.
وأشارت إلى أن أشهر تطبيقات علم زراعة الطحالب، يمكن استغلالها كمصدر أساسي لإنتاج الصبغات الطبيعية، والتي تتجلى في ثلاث ألوان رئيسية هي الأحمر والأخضر والبني.
ولفتت إلى أن الطحالب الخضراء تنتج لونها عن طريق مادة الكلوروفيل، ويمكن استخدامها في الحصول ألوان طبيعية تُضاف للطعام وحلوى الأطفال، علاوة على كونها مضادات للأكسدة، ما يعني أنها آمنة وغير ضارة على الصحة، ولها عوائد اقتصادية ضخمة، إذا ما تم استغلالها بشكل علمي صحيح.
هذا بخلاف الطحالب التي تحتوي على الصبغات الحمراء “الأستازانسين”، والفيكو زانسين والتي تتراوح ما بين اللون البرتقالي والبني، وجميعها تُعد مصادر لإنتاج الألوان الطبيعية، ولها عوائد اقتصادية كبيرة، دون الحاجة لأي تدخل بشري.
زراعة الطحالب.. تطبيقات مُرضية بالنسبة للصناعات الغذائية
أكدت الدكتورة إيمان إبراهيم على وجود تطبيقات متعددة، تم اعتمادها واستخدامها معمليًا في بعض الصناعات الغذائية، وأبرزها منتجات الألبان، موضحةً أنه تم التوصل لاستخراج الفيكو زانسين من الطحالب البنية “الجلاكسيويورا”، لإضفاء اللون البني الداكن، على بعض منتجات مثل الزبادو والزبادي، نظرًا لقربها من شكل الشيكولاته بنسبة كبيرة.
وأوضحت أن التجربة حققت نجاحًا مُنقطع النظير، وتخطت حاجز فترة الصلاحية المُفترضة قبل بدء التجارب المعملية، لتصل إلى شهر كامل، حيث أنها تُعد “أنتي ميكروبيال” وتمنع نمو البكتيريا في كافة المنتجات التي تُستخدم فيها.
زراعة الطحالب.. وعلاقتها بمعلامات التسميد
زراعة الطحالب اقتحمت عدة مجالات ودخلت في العديد من الأنشطة الحياتية العملية، وأبرزها المعاملات الزراعية الخاصة بالتسميد، كأحد المجالات التي تم اقتحامها مؤخرًا في مصر، في محاولة لاستغلال طاقة هذه الكائنات المُذهلة، لتحسين إنتاجية بعض المحاصيل الاستراتيجية، ما يساعد على تقليل الفجوة الغذائية فيها من ناحية، بالإضافة للتغلب على إشكالية زيادة أسعار الأسمدة التقليدية، والتي أثقلت كاهل صغار المُزارعين، بشكل يفوق طاقتهم ويقلل من عوائدهم الاقتصادية في نهاية الموسم.
الطحالب وزراعة محصول القمح
في البداية أكدت الدكتورة هناء عبد الباقي أن اللجوء إلى استخدام علم زراعة الطحالب في معاملات التسميد ليس بدعة جديدة، موضحةً أنه شُرع في استخدامه بالفعل منذ عدة سنوات، مُشيرةً إلى أن بداية دراساتها المُتخصصة كانت على محصول القمح، لبحث كيفية تحقيق أقصى استفادة بشكل علمي مدروس.
وكشفت أن الصياغة النهائية لأبحاثها وتجاربها، جاءت بنتائج مُذهلة بشكل يفوق أفضل توقعاتها، موضحةً أن استخدام علم زراعة الطحالب في التسميد، ضاعف إنتاجية الفدان بنسب مقبولة جدًا، علاوة على رفع قيمة المحصول الغذائية، بما ينعكس بشكل مُباشر على الدقيق الناتج عنه، وزيادة نسب تواجد بعض العناصر الغذائية فيه، مثل الحديد وبعض أنواع الفيتامينات والبروتينات.
صناعة المكرونة
وأفادت الباحثة هناء عبد الباقي، أن فوائد استخدامات الطحالب امتدت إلى صناعة المكرونة، نظرًا لما أضفته من صلابة على نواتج القمح ومخرجاته، المستخدمة في هذه الصناعة الغذائية العملاقة.
البلح البارحي.. نتائج مُذهلة للمُزارعين
وأوضحت أستاذ الكيمياء الحيوية النباتية بالمركز القومي للبحوث، أن استخدام طرق التسميد بالطحالب، أتت بنتائج مُذهلة على لبعض الزراعات مثل الزيتون والرمان، فيما كانت أفضلها مع النخيل البارحي، مُشيرة إلى أن أغلب المُزارعين أشادوا بهذه التقنية، التي رفعت من إنتاجية أراضيهم، علاوة على تسريع وتيرة نمو الأشجار، وتحسين جودة المحصول بشكل لم يصادفهم قبلها.
إقرأ أيضًا:
المواد العضوية.. “كلمة السر” في نجاح معاملاتك الزراعية لهذه الأسباب
مكافحة التصحر.. زغلول: 4 أقسام تستهدف الحد من مخاطر الظاهرة
دودة الحشد الخريفية.. أبرز سماتها الظاهرية وطُرق انتشارها