زراعة الأنسجة أحد العلوم التي لا غنى عنها، واستخدامه في الزراعة بالشكل الصحيح يُسهم في سد الفجوة الغذائية، واستحداث أنواع عالية الجودة والمقاومة للأمراض الوبائية، وهو الأمر الذي أكده الدكتور عادل أحمد أبو السعود، وكيل معهد بحوث البساتين لشؤون البحوث والقائم بمهام مدير المعهد، أثناء حلوله ضيفًا على برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر قناة مصر الزراعية.
زراعة الأنسجة ومدلولها العلمي
في البداية أكد الدكتور عادل أبو السعود أن علم زراعة الأنسجة بدأ فعليًا في مصر عام 1986، إبان تولي الدكتور يوسف والي حقيبة وزارة الزراعة، مُشيرًا إلى أن الأخير قام بإيفاد العديد من البعثات لعدة دول أوروبية، للاستفادة من أساسيات وتكنيك هذ ا العلم، لاستحداث واستنباط أنواع أعلى إنتاجية ومقاومة للأمراض من المحاصيل الاستراتيجية والأساسية.
وأوضح أن علم زراعة الأنسجة بدأ استخدامه مطلع القرن العشرين وتحديدًا عام 1902، لانتاج وتكاثر الخلايا، فيما بدأ استخدامه التجاري عام 1960.
وقدم أبو السعود شرحًا مُبسطًا لهذ الصنف من الدراسات البحثية، مؤكدًا أن معناه الأساسي هو استخدام عضو من أعضاء النبات، بغية الحصول على نبات كامل يمكن زراعته مرة أخرى، لافتًا إلى أن التطور العلمي والتكنولوجي حقق عدة قفزات في هذا المجال، وصولًا لاستنباط نبات كامل من خلاياه أو أنسجته البسيطة، ليتم إدراج كافة فروعه ودراساته تحت مسمى واحد هو علم زراعة الأنسجة.
وأوضح أن زراعة الأنسجة تتطلب تهيئة بيئة تصلح لعمل تجربة محاكاة لنمو النبات في الحقل المفتوح، على أن تتم الاستعانة بخلطة من الأملاح الأساسية – تتكون من 16 نوع – علاوة على مصدر للكربون أو الطاقة أو السكر، لتكون بمثابة بديل مناسب للتربة.
ولفت إلى أن تجربة المحاكاه تكتمل بوجود مصدر ثابت للفيتامينات، علاوة على الاستعانة بمنظمات النمو، وتوفير الإضاءة المناسبة داخل المعمل، وضبط درجات الحرارة باستخدام التكييفات، موضحًا أن هذه العناصر مُجتمعه يمكنها خلق بيئة محاكاة قريبة إلى حد بعيد من الحقل المفتوح، شريطة أن يكون المكان محكم الغلق، بعيدًا عن المؤثرات الخارجية أو أي مصادر للتلوث.
أبرز فوائد علم زراعة الأنسجة في المجال الزراعي
عدد أبو السعود من فوائد الاستعانة بعلم زراعة الأنسجة في النشاط الزراعي، مؤكدًا أن أبرز الفوائد تتمثل في إنتاج وزراعة نبات مُعين بعيدًا عن مواسمه الطبيعية، التي يرتبط نموه فيها بتوافر ظروف مناخية معينة في الحقل المفتوح، ما يسهل عملية إنتاج هذا المحصول على مدار العام، نظرَا لسهولة التحكم في معاملات “الحرارة والإضاءة والمغذيات”.
وأوضح أن ثاني أوجه الاستفادة بعلم زراعة الأنسجة تتمثل في انتاج النباتات بأحجام صغيرة، ما يسهل انتاج عدد ضخم في مساحات محدودة.
وقدم لأهم مزايا هذا العلم بقدرته الفائقة على استحداث وتوفير شتلات خالية من المسببات المرضية، لكي يبدأ المُزارع موسمه بالبداية الصحيحة، نظرًا لنشأة ونمو هذه النباتات في بيئة صحية محكمة، خالية من مصادر التلوث.
أبرز أمثلة الاستعانة بعلم زراعة الأنسجة
دلل الدكتور عادل أبو السعود على أهمية التوسع في استخدامات علم زراعة الأنسجة، بالطفرة الكبيرة التي حققها في زراعة الموز، والتي أتاحت الفرصة لإنتاج مئات الآلاف من شتلات الموز الخالية من العيوب، موزعة على 40 مزرعة بجميع أنحاء الجمهورية، علاوة على توافر نبات صحي قادر على مقاومة الآفات والأمراض.
وشدد على أن تجربة زراعة الأنسجة مع محصول المز ساهمت إلى حد كبير في تقليص عنصر الوقت، والتي قللت من المدى الزمني اللازم لزراعة الموز ستة أشهر على الأقل، ما أتاح للمزارع ميزة كبيرة باستخدام شتلات أفضل وأسرع.
وأوضح أن الكُورمة القديمة كانت تستغرق مدى زمني أطول، قبل الحصول على الفسايل الصغيرة اللازمة للزراعة، مُشيرًا إلى أن تطبيق استراتيجيات زراعة الأنسجة أدت لتوفير نبات طوله حوالي 10 سنتيمترات، يتم وضعه في التربة المُخلقة لمدة 6 أشهر، ما يوفر على المزارع هذه الفترة الزمنية وما تساويه من جهد ومال.
الاستفادة من تقنيات زراعة الأنسجة في ترشيد المياه
واصل الدكتور عادل أبو السعود شرح فواد الاستعانة بعلم زراعة الأنسجة، مؤكدًا أن الاستراتيجية الجديدة التي تتبناها الدولة اقتضت ترشيد الاحتياجات المائية، ما دعا المُزارعين لانتخاب أفضل الأصناف ذات الجودة العالية والاستهلاك الأقل في معاملات الري، للاستعانة بها في الحصول على عدة طفرات، والتي تصل إلى 1000 نبات في العام الأول، وتتضاعف في العام التالي لتتجاوز الـ100 ألف، على عكس البيئة التقليدية التي لا يمكنها تخطي الثلاث أنواع فقط.
لا يفوتك.. طرق مبتكرة لمكافحة آفات وأمراض النبات
أساسيات علم زراعة الأنسجة
أكد القائم بمهام مدير معهد البساتين أن زراعة الأنسجة تتصدى بالأساس لمهمة تسريع وتيرة الإكثار، ما يجعلها أداة طيعة لتحقيق العديد من الأهداف، وأهمها تنقيح وانتخاب أهم الصفات ونقلها من نبات إلى آخر، مثل اللون أو الحجم أو الطعم.
وأوضح أن هذه الخطوة تعتمد على نقل الجين المسؤول عن هذه الصفة، وهو الإجراء الذي يتم داخل المعامل، على أن يبدأ عمل علم زراعة الأنسجة في المرحلة التالية، بتسريع وتيرة النمو والإكثار، واستنباط عدة طفرات من هذا النوع أو هذه الصفة المنتخبة.
دور زراعة الأنسجة في تعمير مشروع توشكى
شدد أبو السعود على أن نجاح مشروع توشكى يعتمد إلى حد بعيد على علم زراعة الأنسجة، لزراعة هذه المساحة المهولة في مدى زمني قصير، وهو الأمر الذي لا يمكن تطبيقه أو الوصول إليه بالطرق التقليدية المُستخدمة في الحقل المفتوح، والتي قد تصل إلى عشرات السنوات، موضحًا أن الطريقة المُثلى لإنجاح هذا المشروع الحيوي الضخم، تكمن في انتخاب شتلات تحوي أفضل الصفات الوراثية، ثم إخضاعها للنمو والإكثار داخل البيئات المُجهزة، قبل نقلها إلى الحقل المفتوح.
أكبر المعوقات أمام التوسع في زراعة الانسجة
تحدث أبو السعود عن أكبر المعوقات التي تواجه علم زراعة الأنسجة، مؤكدًا أنها لا تمثل مشكلة بالمعنى الحرفي للكلمة، موضحًا أن الأزمة تكمن في وجود بعض المعامل التي تعمل دون ترخيص، وخارج مظلة المتابعة والرقابة العلمية والقانونية، ما قد يؤدي لإنتاج بعض الأنواع غير المُعتمدة، والتي لم يتم الكشف عن نسب انتشار الأمراض فيها، ما قد ينجم عنه خسائر كبيرة وفقدان لبعض المحاصيل الهامة.
آمال وطموحات
أعرب الدكتور عادل أبو السعود عن أمله في نقل النجاح الذي حققته تجربة زراعة الموز، إلى بعض المحاصيل الاستراتيجية وأبرزها النخيل والبطاطس، مؤكدًا أن هذين الصنفين يتم استيرادهما بملايين العملات الصعبة.
وطالب باستغلال الطاقات العلمية والبحثية المتوافرة داخل مصر، مؤكدًا قدرتها على صنع الفارق، في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي للبطاطس والتمور، عبر الاستفادة من خبراتهم، وتوظيفها بشكل صحيح للحصول على النتائج المرجوة التي تٌسهم في الوصول للنتائج المرجوه.
روشتة النجاح
وضع أبو السعود روشتة نجاح علم زراعة الأنسجة في مجال الزراعة، مؤكدًا أننا نحتاج لتضافر جميع الجهود، في سبيل مُضاعفة جهود البحث العلمي في مجال زراعة الأنسجة، لاستغلال الكفاءات المصرية المميزة، عبر توظيفها بالشكل الصحيح، علاوة على اختيار فريق عمل مناسب يعمل وفق آليات طموحة، وتحت مظلة قيادة واعية يتم اختيارها بعناية شديدة، لتوفير البيئة المناسبة للنجاح.
إقرأ أيضًا:
علاج النيماتودا.. باحث يؤكد إمكانية القضاء عليها خلال 150 دقيقة
العفن البني.. “المالكي” يكشف حقيقة استخدام “الإشعاع النووي” لعلاج البطاطس