منظومة القطن المصري التي أعدتها الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية أعادت المزارعين لزراعة هذا المحصول الذي تشتهر به مصر، مما دفع الدكتور ناصر همام الباحث بقسم بحوث التسويق الزراعي بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعية للكتابة عن رؤية مستقبلية لمنظومة القطن المصري في ظل نظام الزراعة التعاقدية.
مما لا شك فيه أن صناعة القطن المصري كانت تعد من الصناعات الرائدة في العصور السابقة، بداية من مراحل انتاجة علي مستوي المزارع لما يدره من دخل وانتهاءً بمراحل تصنيعة من تشغيل عمالة وتصدير وتوفير عملة صعبة، هذا بالإضافة إلي تأثيرة علي صناعات اخري بطريق غير مباشر منها صناعة الزيوت وصناعة اللحوم عن طريق توفير البذرة التي يستخرج منه الزيت وكسب العلف مما يسهم في تقليل الفجوة الزيتية والكسب المستخدم في انتاج اللحوم، وهو ما يعود بالنفع علي دخل الفرد والدخل القومي علي حداً سواء، إلا إنه في الأونه الأخيرة تراجعت صناعة القطن في مصر للعديد من العوامل الداخلية والخارجية، أهمها انخفاض السعر مقارنة بارتفاع تكاليف الإنتاج والإيراد المتحقق من المحاصيل المنافسة، اعتماد غالبية مصانع الغزل والنسيج علي القطن قصير ومتوسط التيلة وهو الأمر الذي ساهم في انخفاض الطلب علي القطن المصري (طويل وفائق الطول) خاصة في ظل تراجع معدل نمو الطلب العالمي علي الأقطان بما يقرب من 30%، في مقابل زيادة الطلب علي الألياف الصناعية في السوق العالمي، مع قيام الدول المنتجة للقطن عالمياً تقديم دعم لمنتجي القطن مما يقلل من تنافسية القطن المصري المصدر والمستورد في السوق العالمي، الأمر الذي يحتم علي وضعي السياسات ومتخذي القرار وضع رؤية مستقبلية لـ منظومة صناعة القطن المصري في ظل تلك المتغيرات المحلية والعالمية.
مبررات وضع رؤية مستقبلية لـ منظومة القطن المصري
1. تراجع الأهمية الاقتصادية للقطن المصري على المستوى العالمي من الأقطان الطويلة والطويلة الممتازة والتي تجاوزت 50% من إنتاج العالم في العقود الأخيرة من القرن الماضي الا انها انخفضت الى مايقرب من 20% من إنتاج تلك الطبقة على مستوى العالم.
2. إنخفاض المساحة المنزرعة ومن ثم انخفاض الناتج الكلى وبالتالي المنتجات الثانوية من الزيوت النباتية والأعلاف وخاصة بعد صدور القانون 210 لسنة 1994 والخاص بتحرير تجارة القطن وكذلك عدم استقرار تجارة القطن وقلة معدل نمو الطلب العالمي عليه، بالإضافة إلي انخفاض المستهلك محليا والتنافس الشديد مع محاصيل الحبوب نظرا للزيادة السكانية والحاجة إلى زيادة المنزرع منها.
3. ضخ الحكومة لإستثمارات ضخمة فى محالج ومغازل وإذا لم يتبعها رقابه فعالة وتشغيلها فإن الوضع لم تتغير وسنعود مرة أخرى الى النقطة الخلافية
4. الاتجاه الى زراعة الاقطان القصيرة هناك من يعارض تلك خاصة الخبراء الفنيين لما له من تأثير سلبي علي الأصناف الأخري المنزرعة في مصر (طويل وفائق الطول)
5. عدم وجود نظام تعاقد فعال ينظم عملية انتاج وتجارة القطن كما هو متبع في معظم الدول المنتجة للقطن عالمياً، خاصة في ظل عدم وجود جهة تلتزم وتتعهد بإستلام القطن خاصة فيما يتعلق بسعر الضمان.
6. عدم وجود آلية واحدة لإنتاج أصناف جديدة ودمج الاصناف ذات المواصفات المماثلة فى صنف واحد.
7. ظاهرة تقسيم الشركات الكبيرة الى شركات صغيرة بغرض الاستفادة من الفوائد التمويلية المخفضة أضر بعملية التسويق وخلق منافسة غير عادلة بين كافة الشركات .
أليات ومقترحات منظومة القطن المصري في ظل النظام التعاقدي
1. تحديد سعر ضمان للمزارع قبل موسم الزراعة بوقت كافي، علي أن يلتزم الجانب الحكومي ممثلة في وزارة المالية بدفع فارق السعر للمزارع في حالة انخفاض السعر المعلن عن السعر اثناء موسم تسويق المحصول (الشراء والبيع) أو سعر الضمان المعلن قبل موسم الزراعة لا بد وأن يتبعه إعلان الجهة التى ستشترى القطن فى حالة انخفاض أسعارة عن الاسعار العالمية ، بمعنى ضرورة وجود آلية لدفع فروق الاسعار ، والبديل الآخر هو ترك الامر لآليات السوق الحر وهو ما يؤثر بالسلب علي تلك الصناعة.
2. الاسعار المعلنة للقطن يجب أن تدخل ضمن موازنة الدولة مثل سلعة القمح تدخل ضمن موازنة الدولة وتقوم الحكومة بشراء محصول القمح من المزارعين وتحمل فرق الاسعار العالمية ، وبالتالى فإن القطن يجب أن تعتبره االدولة سلعة استراتيجية مثلها مثل المحاصيل الأخري الإستراتيجية .
3. عمل تعاقد لمحصول القطن متعدد الإستخدام بين الأطراف المتعاملة في ذلك المحصول اولاً المزارع كبائع للمحصول طرف أول ثم مصانع القطن كمشتري للقطن الشعر طرف ثاني، ثم قيام وزارة المالية بيع البذرة الناتجة من عملية الحلج (طرف رابع) لمصانع الزيوت (طرف خامس) ، كذلك بيع ناتج مخلفات الزيت لصالح وزارة المالية (طرف رابع) إلي مصانع الكسب (طرف سادس)، علي أن يقوم مركز الزراعات التعاقدية (طرف سابع) بتنظيم تلك العملية بين أطراف التعاقد من شروط التعاقد وتحديد السعر لكل منتج اثناء عملية للتعاقد والتحكيم في حالة الخلاف.
4. إنشاء صندوق موازنة اسعار القطن لتغطية فروق الأسعار المعلنة (سعر الضمان) عن اسعار السوق، علي أن تقوم وزارة المالية بتوفير التمويل اللازم من خزناتها وأن يتم ادراجه في الموازنة المالية للدوله وهذا الجزء من التمويل سوف يتم توفيرة من ناتج بيع البذرة لكل من صناعة الزيوت والكسب.
5. وضع استراتيجية لعملية إحلال المصانع المعتمدة علي القطن قصير ومتوسط التيلة بمصانع تعتمد علي القطن طويل وفائق الطول وذلك علي مراحل زمنية مختلفة حتي يتم إحلال الواردات بالمنتج المحلي من القطن المصري وزيادة القيمة المضافة عن طريق استخدامه في التصنيع دون اصديرة خام، خاصة في ظل تراجع معدل نمو الطلب العالمي للقطن .
6. زيادة فاعلية القروض الإستثمارية طويلة الأجل ذات الفائدة المدعمة المقدمة والموجهة لعملية إحلال المصانع المعتمدة علي قطن قصير التيلة بمصانع المعتمدة علي الأقطان طويلة التيلة.
7. الإهتمام بالدعم الموجه لتلك الصناعة خاصة المزارع حيث أن الدعم الذى تدفعه حكومات أغلب الدول المنتجة حتى الفقيرة منها لمحصول القطن مثل دولة مثل اليونان عندما تصدر أقطان مدعمة الى مصر فإنها تضرب أسواقنا المحلية.
8. فيجب أن يكون هناك حاجتين هامتين أحدهما قطن مصرى والآخر مصانع الغزل والنسيج ونحن دائماً ما نربط بين القطن المصرى وتشغيله بمصانع الغزل والنسيج رغم أنهما عنصرين مختلفين
9. يجب أن يكون هناك سياسة بموجبها تقرب المسافة بين الشركات الكبيرة والصغيرة العاملة في تجارة القطن لإحداث توازن فى السوق وعدم وجود فجوة بين الاسعار.
مقال
رؤية مستقبلية لمنظومة القطن المصري في ظل نظام الزراعة التعاقدية
د/ناصر همام
قسم بحوث التسويق الزراعي – معهد بحوث الإقتصاد الزراعي – مركز البحوث الزراعية
المصدر
عدد أبريل 2021 من الصحيفة الزراعية الصادرة عن إدارة الثقافة الزراعية التابعة لقطاع الإرشاد الزراعي
اقرأ أيضا
قرون إناث الجاموس وعلوم الفلك.. وعلاقتها بزراعة القطن العضوي “حقائق مُذهلة”
القطن العضوي.. أهداف استراتيجية ومكاسب اقتصادية هائلة للمزارعين
لا يفوتك
تعرف على اجراءات تحليل العينات الخاصة بجودة المحاصيل الزراعية بالمعمل المركزى للمبيدات