الريحان (Ocimum basilicum L.) ، المعروف باسم “الريحان الحلو”، هو نبات عطري معمر ينتمي إلى عائلة (Labiatae) ، وتعود تسمية “الريحان” إلى الكلمة اليونانية “Basileus” التي تعني “الملكي” أو “الملك”، ولذلك يُعرف غالبًا باسم “ملك الأعشاب” نظرًا لاستخداماته المتعددة في الطب، ومستحضرات التجميل، والصناعات الدوائية والغذائية.
ويعود هذا النبات في الأصل إلى المناطق الدافئة والاستوائية، مثل الهند وأفريقيا وجنوب آسيا، وكما يتواجد بشكل خاص في باكستان والهند حيث تمت زراعته منذ نحو 5000 عام، وهو اليوم منتشر في جميع أنحاء العالم. وكذلك تتم زراعة الريحان تجاريًا في العديد من الدول ذات المناخ الدافئ والمعتدل، بما في ذلك فرنسا، والمجر، واليونان، ودول جنوب أوروبا، بالإضافة إلى أمريكا الشمالية والجنوبية.
الفوائد الغذائية لبذور الريحان
على الرغم أن استخدام بذور الريحان ليس شائعًا على نطاق واسع، إلا أنها تُستخدم في بعض الدول الشرق الأوسط في صناعة الأغذية والمشروبات ، ويرجع عدم انتشار استهلاك هذه البذور في بقية أنحاء العالم بشكل رئيسي إلى قلة الوعي بقيمتها الغذائية والوظيفية العالية.
فقد أشارت العديد من الدراسات أن بذور الريحان تحتوي على نسبة عالية من البروتين، حيث تتراوح ما بين 10% و22.5%، مما يشير إلى أن هذه البذور تُعد مصدرًا جيدًا للبروتين، ما يجعلها ذات قيمة غذائية كبيرة لصحة الإنسان. علاوة على ذلك، وجد أن حمضي الجلوتاميك والأسبارتيك اللذان يعتبران من الأحماض الأمينية غير الأساسية السائدة في بذور الريحان.
كذلك تحتوى البذور على جميع الأحماض الأمينية الأساسية بنسبة عالية باستثناء تلك المحتوية على الكبريت والتربتوفان ، مما يجعل بذور الريحان ذات أهمية غذائية كبيرة في تغطية المقررات الغذائية الموصى بها يومياً.
كما تعد البذور مصدر غنى فى الدهون حيث تترواح مابين 9.7% و33.0%، كذلك تعد بذور الريحان مصدرًا ممتازًا للأحماض الدهنية غير المشبعة، حيث يُظهر تحليل الزيت المستخلص منها أن الأحماض السائدة تشمل:
حمض ألفا-لينولينيك (ALA) بنسبة (0.3–66.0%) حمض اللينوليك (LA) بنسبة (12–85.6%)حمض الأوليك بنسبة (8.5–13.3%) كذلك تعد بذور الريحان مصدرًا جيدًا للمعادن مثل الحديد (2 – 8.73 مليجرام / 100 جرام) ، الزنك (1.5- 5.52 مليجرام / 100 جرام) ، البوتاسيوم ( 481 مليجرام / 100 جرام ) ، الكالسيوم (636 مليجرام / 100 جرام) ، الماغنسيوم ( 293 مليجرام / 100 جرام) ، النحاس، والمنغنيز وهذه المعادن ضرورية لجسم الإنسان، حيث تلعب دوراً هاماً في تطور الأمراض والوقاية منها.
بالإضافة إلى ذلك تعتبر بذور الريحان مصدرًا غنيًا بالألياف الغذائية، حيث يتراوح محتواها بين 22.6% و26.2%، مما يجعلها مكونًا غذائيًا ذا أهمية كبيرة لدعم صحة الجهاز الهضمي وتعزيز الشعور بالشبع، مما يجعلها تدخل ضمن قائمة المكونات الفعالة في تحسين القيمة الصحية للمنتجات الغذائية.
كما تعتبر بذور الريحان مصدرًا غنيًا بالصمغ النباتي، حيث تشكل نسبته 17–20% من وزن البذور، مما يمنحها خصائص وظيفية متميزة تُسهم في تعزيز قيمتها في التطبيقات الغذائية المختلفة. يتميز هذا الصمغ بقدرته العالية على الاحتفاظ بالماء، الأمر الذي يجعله عامل ربط فعّالًا في صناعة منتجات اللحوم. كما أثبت كفاءته كبديل صحي للدهون في منتجات المخبوزات، لاسيما الكيك، حيث ساعد على خفض محتوى الدهون بنسبة تصل إلى 75% دون التأثير على الجودة الحسية للمنتج. إلى جانب ذلك، يُستخدم صمغ بذور الريحان كمثبت للقوام في عدد من المنتجات الغذائية مثل الآيس كريم والزبادي منخفض الدسم، المشروبات والآيس كريم، ويمكن إضافتها كاملة أو مطحونة إلى المخبوزات كمصدر ممتاز للألياف الغذائية، فضلًا عن دورها التكنولوجي في تحسين خصائص القوام للمنتج. وتُضاف كذلك إلى مشروبات الفاكهة لتعزيز مظهرها وقيمتها الوظيفية، نظرًا لاحتوائها العالي على الألياف، مما يؤهلها كمكوّن غذائي وظيفي واعد دون اللجوء إلى إضافات صناعية.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الصمغ النباتي المستخلص من بذور الريحان يمتلك خصائص تكنولوجية متعددة، من بينها قدرته على الاستحلاب، وتكوين الرغوة، وزيادة اللزوجة، وتثبيت القوام، مما يجعله خيارًا طبيعيًا مثاليًا في تطوير منتجات غذائية صحية وعالية الجودة. وعلى الرغم من أن بذور الريحان لم تُستخدم تقليديًا على نطاق واسع كمكون غذائي، إلا أن قيمتها الغذائية والوظيفية تُبرِز إمكاناتها الكبيرة في صناعة الأغذية الحديثة.
ومن أكثر الطرق شيوعًا لاستخلاص الصمغ من بذور الريحان هي نقعها في الماء عند درجة حرارة 50°م لمدة 20 دقيقة، بنسبة 50:1 (ماء إلى بذور)، مع التقليب المستمر لضمان ترطيب البذور بشكل متجانس.
عقب النقع، تُفصل البذور المنتفخة باستخدام وعاء مثقّب، ثم يُرشّح المحلول الهلامي الناتج بعناية.
يُجفف المستخلص في فرن هوائي عند درجة حرارة 60°م، ثم يُطحن ويُنخل باستخدام منخل شبكي رقم 18 للحصول على مسحوق ناعم ومتجانس.
يُخزن هذا المسحوق في ظروف باردة وجافة للحفاظ على خصائصه الوظيفية.
ويُعد هذا المسحوق المستخلص من بذور الريحان مكونًا فعالًا يُضاف إلى:
• منتجات المخبوزات كمصدر غني بالألياف الغذائية وبديل صحي للدهون، حيث يساهم في تحسين القوام وتقليل المحتوى الدهني.
• الآيس كريم والزبادي كمثبت طبيعي للقوام، مما يعزز من التماسك والنعومة دون الحاجة إلى إضافات صناعية.
ومن الاستخدامات الشائعة والفعالة هو إضافة البذور الكاملة بعد نقعها في الماء لتكوين طبقة هلامية إلى العصائر ، الجيلى والأيس كريم ، وهذا يمنحها قوامًا أكثر كثافة ونسيجًا مميزًا يُحسِّن قبول المستهلك. إلى جانب تأثيرها الحسي، تساهم البذور في تعزيز القيمة الغذائية للعصير، الجيلى والأيس كريم ، بفضل محتواها العالي من الألياف الغذائية والأحماض الدهنية الأساسية والمركبات المضادة للأكسدة. كما تُستخدم لأغراض تكنولوجية لتحسين الثبات الفيزيائي للعصير ومنع الترسيب، مما يجعلها مكونًا وظيفيًا طبيعيًا يدعم الجودة والاستقرار دون الحاجة إلى مضافات صناعية.
الفوائد الصحية المذهلة لبذور الريحان
نضارة البشرة ومحاربة الشيخوخة
تُسهم بذور الريحان في تحسين صحة البشرة وتحفيز نمو خلايا جديدة بفضل احتوائها على مضادات الأكسدة مثل الفلافونويدات والبوليفينولات، تساعد بذور الريحان على مكافحة الجذور الحرة. وعند طحن بذور الريحان وخلطها بزيت جوز الهند وتطبيقها على المناطق المصابة، فإنها تساعد في علاج العديد من التهابات الجلد مثل الإكزيما والصدفية.
كما أن تناول بذور الريحان بانتظام يعزز إفراز الكولاجين، وهو ضروري لتكوين خلايا جلد جديدة وتعويض التالف منها. وتعمل كذلك على تحسين مرونة الجلد، ما يجعلها غذاءً ممتازًا لمحاربة الشيخوخة.
العناية بالشعر
تحتوي بذور الريحان على نسبة عالية من الحديد ومجموعة من مضادات الأكسدة، وهذا من شأنه يساعد على تحفيز نمو الشعر ومنع تساقطه المبكر. كما أنها تقلل من الالتهابات والإجهاد التأكسدي في فروة الرأس، وهما من الأسباب الشائعة لتساقط الشعر. وتعد هذه البذور أيضًا غنية بـ فيتامين K والبروتينات، مما يساهم في الحصول على شعر صحي ولامع.
فقدان الوزن
تشتهر بذور الريحان بارتفاع محتواها من حمض ألفا-لينولينيك (ALA)، الناتج من وجود نسب مرتفعة من أحماض أوميغا-3 الدهنية، والتي تساعد على تحفيز عملية حرق الدهون في الجسم.
كما أن احتواء هذه البذور على نسبة عالية من الألياف يمنح شعورًا طويلًا بالشبع، مما يقلل من تناول الطعام ويُسهم في فقدان الوزن بشكل طبيعي.
خفض الكوليسترول
تساعد بذور الريحان على خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم، ما يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وتراكم الدهون داخل الأوعية الدموية. ويؤدي ذلك إلى تقليل الضغط على القلب وتقليل خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
تعزيز صحة القلب
محتواها من الدهون الصحية والمغنيسيوم يساعد على خفض ضغط الدم، تقليل الكوليسترول الضار (LDL)، وتعزيز صحة القلب.
تحسين الهضم وتخفيف الحموضة
تمتلك خصائص مهدئة للمعدة، وتساعد على تنظيم حركة الأمعاء وتقليل الإمساك، كما تقلل من الحموضة والانتفاخ عند تناولها بانتظام.
كما استخدم الريحان على نطاق واسع في الطب التقليدي لعلاج الصداع، والسعال، والإسهال، والثآليل، والطفيليات، ومشكلات الكلى. وتشير العديد من الدراسات إلى أن للريحان خصائص مضادة للأكسدة، ومضادة للفيروسات، ومضادة للميكروبات، ومسكنة للألم، ومضادة للالتهابات، ومخفضة لسكر الدم، ومضادة للتوتر، ومدرة للبول، ومحفزة للطمث. كما تؤكد الدراسات على قيمتها الغذائية العالية وفوائدها الصحية البارزة، مثل مضاد للسكري، ومضاد للميكروبات، ومضاد للأكسدة، ومضاد للسرطان.
وأخيراً، يعتبر نبات الريحان من الأعشاب العطرية المستخدمة منذ القدم، إذ تُستخدم أوراقه الطازجة أو المجففة لإضفاء نكهة مميزة على الأطعمة، كما يدخل في تصنيع المشروبات، والخل، والشاي، والجبن، وغيرها من المنتجات الغذائية. وتُستخلص الزيوت العطرية من أوراقه وزهوره لاستخدامها في الصناعات الغذائية والدوائية والتجميلية.
د مها إبراهيم كمال على
باحث أول بقسم بحوث الأغذية الخاصة والتغذية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
مركز البحوث الزراعية.
أقرأ أيضا
« زراعة أسيوط » تشن حملة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بأبوتيج
«زراعة سوهاج»: إزالة 14 حالة تعدي على الأراضي الزراعية بأخميم و سوهاج
3 فرق إرشادية لتوعية المزارعين بكيفية مكافحة الآفات ودور التسميد بـ«زراعة قنا»
المزيد
المرشد الزراعى مستقبل زراعة الزيتون فى مصر