كثيرا ما نطالع في حياتنا اليومية مصطلح ” غذاء صالح للإستخدام الآدمي”، والحقيقة أنه لكي يتحقق في الغذاء هذا المعني لابد من أن يتوفر في هذا الغذاء عدة صفات منها وصول الغذاء إلي مرحلة النضج المطلوبة، وخلوه من الملوثات سواء كانت كيماوية أو طبيعية ، وأن يكون الغذاء خاليا من أي تغيرات غير مرغوبة سواء كانت تغيرات كيميائية أو طبيعية والتي تنتج غالبا بفعل الإنزيمات الطبيعية في الغذاء أو نتيجة للنشاط الميتابوليزمي لبعض الكائنات الحية الدقيقة أو الحشرات أو نتيجة تعرض الغذاء لبعض المعاملات التصنيعية التي تغير خصائصه مثل المعاملات الحرارية، والتجميد، و التجفيف، والضغط، وغيرها.
وأخيراً أن يكون الغذاء خالياً من الميكروبات أو الكيماويات المسببة للتسمم الغذائي. و غالبا ما يرتبط التسمم الغذائي بمدي ومستوي الوعي الغذائي لدي المستهلك، فكلما زاد وعي المستهلك وإدراكه للطرق العلمية المثلي في إنتقاء غذائه وإعداده وتناوله وحفظه كلما قل خطر تعرضه إلي “الأمراض المنقوله عن طريق الغذاء”، وهنا تجدر الإشارة إلي أن هناك إختلاف ما بين العدوي الغذائية و التسمم الغذائي. فالعدوي الغذائية هي مجموعة الأمراض التي تسببها بعض الكائنات الحية الدقيقة الممرضة والتي يمكنها العيش والتكاثر في الغذاء، وعند وصولها إلي أعداد كافية للتغلب علي الجهاز المناعي مسببة له الأمراض، وتختلف الأمراض والأعراض بإختلاف نوع الميكروب المسبب لها.
ما هو التسمم الغذائي وما هي مسبباته؟
يعرف التسمم الغذائي بأنه الأعراض أو الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة تناوله لأغذية تحتوي علي مسببات مرضية وبكميات تكفي لإحداث تأثير سلبي علي صحته وسلامته. أو هو عبارة عن أعراض مرضية قد تكون خطيرة في أغلب الأحيان و يسببها مواد كيماوية سامة متواجدة في الغذاء. وقد بينت الكثير من الدراسات العوامل الأساسية لحدوث التسمم الغذائي والتي تشمل السموم الميكروبية والملوثات الغذائية.
أولا السموم الميكروبية: وتعرف بأنها السموم الناتجة من بعض سلالات البكتيريا الممرضة مثل السم البتشيوليني الناتج من بكتيريا الكوليستريدوم والذي يرتبط ذكره بتناول الفسيخ، وسموم الأفلاتوكسين الناتجة من فطر أسبرجلس فلافس والذي ينمو علي البقوليات والحبوب وغيرها.
ثانيا الملوثات الغذائية: ويحدث التلوث الغذائي بسبب إنتقال بعض مكونات مواد التعبئة والتغليف إلي الغذاء، أو نتيجة تلوث الغذاء ببعض متبقيات المبيدات أو المضادات الحيوية. كذلك قد يحدث التلوث نتيجة إستخدام بعض المضافات الغذائية المحظور إستخدامها طبقا للمواصفات القياسية سواء المحلية أو العالمية. علاوة علي إحتمالية وجود بعض السموم الطبيعية التي تتكون في الغذاء مثل سم السولانين الذي يظهر في درنات البطاطس.
ما هي الآثار السلبية لتلوث الأغذية علي الإقتصاد القومي؟
يسبب التلوث الغذائي خسائر إقتصادية كبيرة والتي تتناسب طرديا مع معدلات التلوث البيئي. فقد تؤدي زيادة معدلات التلوث إلي تلف المحاصيل أو المنتجات المصنعة منها، كما تؤدي إلي إتباع إجراءات أثناء سحب وتحليل العينات وبالتالي حدوث خسائر كبيرة سواء للمنتج أو المستورد. هذا، ويعتبر إستخدام مياة الصرف في ري المحاصيل الزراعية، والإستخدام المفرط للمبيدات الحشرية، بالإضافة إلي السموم الطبيعية والمعادن الثقيلة، من أهم مصادر تلوث الأغذية سواء الزراعية أو الحيوانية.
والجدير بالذكر أنه من الصعب التحكم بالملوثات بصورة كاملة إذ أن تلوث الغذاء تتحكم فيه عدة عوامل مشتركة، فمثلاً وجود أحد أو بعض نواتج التمثيل الحيوي لأحد المبيدات الحشرية في أحد منتجات اللحوم أو الألبان قد يكون راجع إلي تغذية الحيوان علي أعلاف عوملت بهذا المبيد ، كذلك الأمر بالنسبة لوجود أحد السموم الفطرية مثل الأفلاتوكسين في منتجات الألبان مثلا والذي يكون راجعا لتغذية الحيوانات المنتجة للحليب علي أعلاف ملوثة بالأفلاتوكسين نتيجة النموات الفطرية عليها. لذلك لابد من التأكد من نوع العلف ومصدره وهل تمت معاملة المحاصيل المستخدمة المستخدمة في إنتاجه بأحد المبيدات الحشرية قبل الحصاد مباشرة، وكذلك التأكد من خلو الحبوب المستخدمة في صناعة الأعلاف من السموم الفطرية. وينطبق ذلك علي جميع المحاصيل المستخدمة في تصنيع المنتجات الغذائية بصورة مباشرة. علي الجانب الآخر فإن التلوث بالمضافات الغذائية يمكن التحكم فيه ومنعه بصورة كاملة من خلال إتباع المواصفات القياسية والقوانين المحددة لطرق صناعة وضبط سلامة الغذاء.
• العوامل المساعدة لحدوث التسمم الغذائي:
تشتمل العوامل المساعدة لحدوث التسمم الغذائي بخلاف العوامل الأساسية السابق ذكرها علي: عدم إهتمام القائمين علي تجهيز أو صناعة الغذاء بالنظافة الشخصية، عدم إتباع الأساليب والطرق السليمة في إعداد الغذاء مثل عدم كفاية عمليات التسخين أو التبريد للمنتج، تلوث الغذائي المصنع بغذاء آخر غير مصنع أو بأدوات ملوثة أو مواد تعبئة غير ملائمة لطبيعة المنتج المعبأ بها، عدم غسل الخضروات والفواكة بصورة جيدة قبل التناول، وأخيرا وليس آخراً إنتقال مسببات مرضية من الشخص القائم بالتصنيع إلي الغذاء المصنع.
• أهم أعراض التسمم الغذائي:
في حالة التسمم الميكروبي تكون أشهر الأعراض هي القئ والإسهال وإرتفاع درجة حرارة الجسم. أما في حالة التسمم الكيماوي فإنه بالإضافة للأعراض السابقة يظهر حكة شديدة في الجسم، وصعوبة في التنفس، مع ضيق في حدقة العين، العرق الغزير، سرعة ضربات القلب، صداع شديد، تشنجات عصبية، وقد يحدث شلل مؤقت حسب شدة الحالة، وفي بعض الأحيان قد تحدث الوفاة إذا لم يتلقي المصاب المصل المناسب.
• طرق الوقاية من التسمم الغذائي:
كما سبق الذكر فإنه من الصعوبة التحكم الكامل بمسببات تلوث الغذاء التي تحدث التسمم الغذائي، إلا أنه يجدر إلي الإشارة إلي بعض الممارسات السليمة للتقليل من معدلات حدوث التسمم الغذائي ومنها : الإهتمام بالنظافة الشخصية والتأكد من الخلو من الأمراض المعدية بالنسبة للأشخاص القائمين علي إعداد وتجهز الغذاء، إتباع المعايير السليمة في تجهيز أماكن إنتاج الأغذية، إستخدام طرق التصنيع الملائمة للحفاظ علي جودة المنتج وضمان سلامته، الإلتزام بالضوابط الصحية والعلمية أثناء نقل وتداول وتخزين المنتجات الغذائية.
إعداد
د. محمود إبراهيم السيد
باحث أول بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
اقرأ أيضا
اشتراطات وخطة مكافحة “الدودة القارضة” على محصول الفراولة
محصول المانجو.. خطة التعامل مع “التزهير المبكر” واشتراطات “التطهير والرش الحشري”
قواعد تحجيم الموالح وعلاقتها بعملية التقليم وحقيقة استخدام الهرمونات
لا يفوتك
دور الارشاد الزراعي في مواجهة التحديات وزيادة الانتاجية الزراعية