مع حلول شهر رمضان المبارك، يزداد الاهتمام بتحضير الأطعمة وتخزينها لفترات طويلة، وهو ما يتطلب عناية فائقة لضمان سلامة الغذاء والوقاية من التلوث الغذائي حيث ان أي إهمال في مراحل السلسلة الغذائية، بدءًا من شراء المكونات وصولًا إلى إعدادها وتقديمها، قد يؤدي إلى مخاطر صحية جسيمة. لذا، فإن الالتزام بالممارسات الصحيحة في التعامل مع الغذاء يعد ضرورة لا غنى عنها خلال الشهر الكريم.
المرحلة الأولى: التسوق الذكي وضمان جودة المكونات
يُعد اختيار المواد الغذائية بعناية الخطوة الأولى نحو غذاء صحي وآمن. ينبغي الحرص على شراء المنتجات من مصادر موثوقة، والاهتمام بمظهرها ونضارتها لضمان جودتها. عند اختيار اللحوم والدواجن، يجب التأكد من أنها محفوظة في بيئة تبريد مناسبة، وخالية من أي تغيرات في اللون أو الرائحة قد تشير إلى فسادها. أما الألبان ومنتجاتها، فيُفضل اختيار المبسترة منها، والابتعاد عن المنتجات مجهولة المصدر.
تلعب الخضروات والفواكه دورًا أساسيًا في التغذية الصحية خلال رمضان، إلا أن بقايا المبيدات والملوثات البيئية قد تشكل خطرًا على سلامتها. لذلك، من الضروري شراء الطازج منها، وتجنب الثمار التي تظهر عليها علامات التلف أو العفن. كما يجب إيلاء اهتمام خاص بتاريخ الصلاحية عند شراء المنتجات المعلبة، حيث إن أي تجاوز لهذه التواريخ قد يزيد من احتمالية تدهور جودة المنتج وفساده.
المرحلة الثانية: التداول والتخزين وفق المعايير الصحية
بعد شراء المواد الغذائية، يأتي دور التخزين والتعامل معها بشكل يحافظ على جودتها ويمنع تلوثها. يعتبر الفصل بين المواد النيئة والمطهية من القواعد الأساسية لتجنب انتقال البكتيريا الضارة، حيث يُفضل استخدام أوعية وأدوات تقطيع منفصلة للحوم والخضروات.
تلعب درجات الحرارة دورًا حاسمًا في الحفاظ على جودة الأغذية، فالمواد القابلة للتلف، مثل اللحوم ومنتجات الألبان، يجب تخزينها عند درجة حرارة أقل من 5 درجات مئوية، في حين يُفضل تجميد اللحوم المراد تخزينها لفترات طويلة عند درجات حرارة منخفضة تصل إلى -18 درجة مئوية. كما ينبغي تجنب ترك الطعام في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة، لا سيما في الأجواء الحارة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تكاثر البكتيريا الممرضة بسرعة كبيرة.
المرحلة الثالثة: الإعداد والطهي وفق معايير السلامة
تُعد عملية تحضير الطعام مرحلة حرجة تتطلب الالتزام بإجراءات صارمة للحفاظ على نظافته وسلامته. يبدأ ذلك بغسل اليدين جيدًا قبل وبعد التعامل مع الطعام، حيث يُعد ذلك أحد أهم العوامل للحد من انتشار الجراثيم. كما يجب الحرص على تنظيف الأسطح وأدوات الطهي بعد كل استخدام، لا سيما عند التعامل مع المواد النيئة.
يعتبر الطهي عند درجات حرارة مناسبة أمرًا جوهريًا لضمان القضاء على البكتيريا الضارة؛ كما يُفضل تجنب الطهي المفرط أو إعادة تسخين الطعام أكثر من مرة، حيث قد يؤدي ذلك إلى فقدان قيمته الغذائية وظهور مركبات غير صحية.
المرحلة الرابعة: تقديم الطعام وتخزين الفائض بأمان
عند تقديم الطعام، ينبغي مراعاة استخدام أوعية نظيفة ومغطاة لحمايته من التلوث الخارجي. ومن الضروري عدم ترك الطعام المطبوخ في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين، إذ تتيح هذه المدة الزمنية القصيرة للبكتيريا فرصة كبيرة للتكاثر، مما يزيد من احتمالية حدوث التسمم الغذائي.
أما بخصوص بقايا الطعام، فمن الأفضل تخزينها في أوعية محكمة الإغلاق داخل الثلاجة، وإعادة تسخينها يتم تسخينها جيدا لكي تتوزع درجة الحرارة بانتظام في جميع أجزاء المادة الغذائية لضمان القضاء على أي ميكروبات قد تكون قد نمت أثناء التخزين.
وفي الختام يمكن القول بأن إن سلامة الغذاء خلال شهر رمضان ليست مجرد مسألة رفاهية، بل هي ضرورة لضمان صحة الأسرة ورفاهيتها. من خلال اتباع الممارسات الصحيحة في اختيار المكونات، وتخزينها، وتحضيرها، وتقديمها، يمكن تقليل مخاطر التلوث الغذائي والاستمتاع بأطعمة صحية وآمنة طوال الشهر الكريم. إن الالتزام بهذه الإجراءات لا يضمن فقط جودة الطعام، بل يسهم أيضًا في تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض، مما يجعل الصيام أكثر راحة وأمانًا وكل عام وانتم بخير.
إعداد
ا.د/ سعد محجوب
رئيس بحوث بمعهد بحوث تكنولوجيا الاغذية
اقرأ أيضا
اشتراطات وخطة مكافحة “الدودة القارضة” على محصول الفراولة
محصول المانجو.. خطة التعامل مع “التزهير المبكر” واشتراطات “التطهير والرش الحشري”
قواعد تحجيم الموالح وعلاقتها بعملية التقليم وحقيقة استخدام الهرمونات
لا يفوتك
دور الارشاد الزراعي في مواجهة التحديات وزيادة الانتاجية الزراعية
