استهل الدكتور أحمد إبراهيم الحلقة حديثه بالترحيب بالدكتور أحمد خورشيد، مؤكدًا أنه أمام شخصية استثنائية، رجل كان بإمكانه أن يكون طبيبًا، فقد حصل على مجموع مرتفع في الثانوية العامة يؤهله للالتحاق بكلية الطب، لكنه اختار طريقًا آخر، طريق الزراعة، إيمانًا منه بأنها ليست مجرد مهنة، بل حياة بأكملها.
وأوضح أن خورشيد هو المدير المؤسس لمعهد تكنولوجيا الأغذية بوزارة الزراعة، والمستشار الزراعي الأسبق لمصر في الولايات المتحدة، ومستشار وزير التموين، والحائز على جائزة الدولة التقديرية.
وأشار إلى أنه وُلد في القاهرة عام 1941، ودرس في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، حيث حصل على درجته الجامعية عام 1962، ثم استكمل رحلته العلمية بالحصول على الماجستير، قبل أن يسافر إلى روسيا ليحصل على الدكتوراه، ليلتحق بعدها بمركز البحوث الزراعية، حيث تدرج في المناصب حتى أصبح أحد أهم الأسماء في المجال الزراعي.
رحلتي من كلية الطب إلى كلية الزراعة
ابتسم الدكتور أحمد خورشيد وهو يستعيد ذكريات تلك المرحلة، مؤكدًا أن الجميع كان يتوقع له أن يصبح طبيبًا، فقد كان مجموعه يسمح بذلك، وكان بالفعل مرشحًا للالتحاق بكلية الطب في أسيوط، ثم كلية الطب بجامعة عين شمس، لكنه شعر أن مستقبله ليس هناك، بل في مكان آخر
وأشار إلى أن الزراعة لم تكن مجرد اختيار عابر، بل كانت شغفًا حقيقيًا، متابعًا: “كنت أشعر أن الزراعة هي حياتي، فكل ما حولنا قائم عليها، طعامنا، ملابسنا، حتى الأدوية التي نعالج بها أمراضنا، كل ذلك أساسه الزراعة، فكيف لا تكون هي مستقبلي؟”.
ودلل على أهمية هذا القطاع بأن العالم كله يواجه تحديات في تأمين الغذاء، وكلما زاد عدد السكان زادت الحاجة إلى تطوير الإنتاج الزراعي، موضحًا أنه رأى في الزراعة علمًا قادرًا على تغيير حياة الناس، فقرر أن يسلك هذا الطريق عن قناعة تامة.
الجذور العائلية والارتباط بالريف
تابع الدكتور خورشيد حديثه عن جذوره، مشيرًا إلى أن عائلته تنحدر من محافظة بني سويف، حيث كان أجداده يمتلكون أراضي زراعية، موضحًا أنه رغم ولادته ونشأته في القاهرة، إلا أن زياراته المستمرة إلى الريف في طفولته تركت أثرًا عميقًا داخله.
ودلل على ذلك بقوله: “كنا ننتظر العطلات بفارغ الصبر لنذهب إلى القرية، هناك كنت أجد نفسي بين الحقول، ألمس الزرع بيدي، أشم رائحة الأرض بعد المطر، كنت أراقب الفلاحين وهم يعملون بجد، وأشعر بمدى أهمية هذا العمل”.
وأفسر أن هذه التجربة كانت كفيلة بزرع حب الزراعة داخله، مضيفًا: “لم أكن مجرد زائر، بل كنت أشارك في كل شيء، كنت أحمل الأدوات، أساعد في الري، وأتعلم كيف تنمو النباتات، وشيئًا فشيئًا أدركت أن هذا هو مكاني الحقيقي”.
القيم الأسرية والتربية الصارمة
استطرد الدكتور خورشيد في الحديث عن أسرته، موضحًا أن والديه ربياه وأشقاؤه الثلاثة على مبادئ صارمة، مدللًا على ذلك بقوله: “نشأنا في بيت لا يُقبل فيه إلا الحلال، والدي كان يردد دائمًا أن الجنيه الذي يدخل بيتنا يجب أن يكون نظيفًا تمامًا، لا شبهة فيه، ولو بنسبة واحد في المليون”.
وأضاف أن هذه التربية تركت أثرًا عميقًا في شخصيته، مشيرًا إلى أن أحد الدروس التي تعلمها منذ الصغر هو احترام النعمة، مدللًا على ذلك بموقف بسيط لكنه كان يحمل معاني كبيرة، حيث قال: “كنا إذا وجدنا لقمة خبز ملقاة على الأرض، نلتقطها ونقبلها، ثم نضعها في مكان آمن، لم نكن نفهم لماذا نفعل ذلك ونحن صغار، لكننا كبرنا وعرفنا أن هذه عادة تعكس احترامنا لما وهبنا الله من رزق”، متابعًا أنه أدرك لاحقًا أن هذه القيم ليست مجرد تقاليد عائلية، بل هي جزء من ثقافتنا، حيث جاء في الأثر أن الأمم التي تهمل النعمة تتعرض للضياع.
أزمة الفاقد الغذائي وتأثيرها الاقتصادي
واصل «خورشيد» حديثه عن أهمية الحفاظ على الموارد، مشيرًا إلى أنه لاحظ خلال أبحاثه أن هناك كميات هائلة من الطعام تُهدر يوميًا، مدللًا على ذلك بتجربة قام بها في إحدى المناطق الشعبية في الجيزة، حيث قرر أن يفحص محتويات القمامة في أحد الأحياء، ليفاجأ بكمية كبيرة من أرغفة الخبز السليمة ملقاة في القمامة.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة لم تكن استثناءً، بل كانت منتشرة في أماكن كثيرة، مضيفًا: “أجريت دراسة حسابية بسيطة، وتوصلت إلى أن الفاقد من الخبز وحده في مصر قد تصل قيمته إلى مليارات الجنيهات”.
وشدد على أن هذه الخسائر تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، ومشيرًا إلى أنه مع تطبيق منظومة التموين الجديدة، تم تقليل هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، لكنه لا يزال يرى أن هناك حاجة إلى مزيد من الوعي للحفاظ على الموارد الغذائية.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة كاملة..
كاميرا الفرسان تلتقي مع مؤسس معهد تكنولوجيا الأغذية
شاهد أيضًا..
موضوعات ذات صلة..
د.محمد الجارحي: جمعت بين الزراعة والطب البيطري وساهمت في مشروع بدائل الألبان
موضوعات قد تهمك..
الطيور المحمية ودورها في الحفاظ على التوازن البيئي
الأسمدة الحيوية.. اشتراطات نجاحها وفوائد رش “الطحالب الخضراء” و”سيليكات البوتاسيوم”