دودة الحشد الخريفية واحدة من الإشكاليات التي تواجه مُزارعي محصول الذرة الشامية، والتي يتوقف نجاح موسم زراعته على تنفيذ التوصيات الفنية الواردة بشأن طُرق وتقنيات المُكافحة المُنضبطة، وهو الأمر الذي يستدعي الاستماع والإنصات لرأي الخبراء والمُختصين بهذا الشأن، والتوعية بالحقائق العلمية دون تهوين أو تهويل، للوصول لأفضل النتائج المُمكنة.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي عاصم الشندويلي، مُقدم برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور حسن فرج ضاحي – رئيس قسم بحوث دودة ورق القطن، معهد بحوث الوقاية، التابع لمركز البحوث الزراعية – ملف دودة الحشد الخريفية بالشرح والتحليل.
نبذة عامة عن دودة الحشد الخريفية
في البداية قدم رئيس قسم بحوث دودة ورق القطن نبذة تعريفية عن دودة الحشد الخريفية، مؤكدًا أنها واحدة من الآفات التي تُهدد عدد كبير من المحاصيل الزراعية، والتي وصلت وفقًا لأخر ورقة بحثية إلى 353 عائلًا، وهو رقم مُزعج يوضح حجم خطورتها، والخسائر الاقتصادية الناجمة عنها.
وأوضح أن دودة الحشد الخريفية تتبع رتبة حرشفيات الأجنحة، وعائلة ليليات الحركة، لافتًا إلى أنها معروفة منذ عام 1797، والذي شهد ظهورها الأول بالأمريكتين قبل 227 عامًا، ليتم توثيقها والتعامل معها منذ ذلك الحين، فيما سجلت القارة الأفريقية أول إصابة بها عام 2017، قبل غزوها لأغلب بلدانها ومنها مصر مطلع عام 2019.
تفسير أسباب انتقال دودة الحشد الخريفية إلى الدول الإفريقية
واستند “ضاحي” إلى تفسير منظمة الفاو، الذي ربط بين انتقالها من الأمريكتين – موطنها الأصلي – وظهورها بدول القارة السمراء، والتي رجحت أن تكون الشُحنات التجارية هي السبب الرئيسي لانتقال عدواها لغالبية للقارة السمراء قبل 5 أعوام، علاوة على قدراتها التي تُمكن فراشاتها من الطيران لمسافات طويلة، وقطع ما يقرب من 100 كم في الليلة الواحدة، ما يُفسر سرعة انتشارها بغالبية البلدان الإفريقية كحشرة غازية وعابرة للحدود.
دور التغيرات المُناخية في ظهور دودة الحشد
ولفت إلى أن التغيرات المُناخية ساهمت إلى حد كبير في تهيئة الأجواء المُناسبة لانتقالها إلى دول القارة الإفريقية، والتي بدأت برصد أول بؤرة إصابة لها عام 2016 قبل أن تواصل تقدمها نحو الشمال وصولًا للحدود السودانية عام 2017، قبل ظهورها للمرة الأولى بمدينة كوم أمبو في التاسع عشر من شهر مايو 2019.
أطوار نمو دودة الحشد الخريفية
قدم الدكتور حسن فرج ضاحي شرحًا مُبسطًا لأطوار نمو حشرة دودة الحشد الخريفية، يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
1. طور البيض: وهي مرحلة سكون غير ضارة على النباتات والمحاصيل الزراعية
2. طور اليرقات: واحد من أخطر مراحل تطور هذه الآفة، والتي يتم فيها التغذي على النباتات والمحاصيل الزراعية
وأوضح أن هذه المرحلة تشهد 6 انسلاخات للدودة، كل ثلاثة أيام تقريبًا، وبحسب الظروف المناخية السائدة في الحقل المُصاب، تبدأ من 2 ملي بعد مرحلة فقس البيض، ليتراوح طولها بعد الانسلاخ الأخير ما بين 3.5 إلى 4 سم.
موضوعات ذات صلة:
دودة الحشد الخريفية.. “بشرة خير” 7 مبيدات جديدة تدخل الخدمة
التيلينوماس.. لجنة “إدارة الأزمة” تكشف عن أحدث وسائل مكافحة دودة الحشد
“الذرة الشامية” العائل الأهم لآفة دودة الحشد الخريفية
كشف رئيس قسم بحوث دودة ورق القطن عن وجود 80 عائل رئيسي – من أصل الـ353 الذين تم تأكيدهم – تتغذى عليها تلك الآفة بشكل كامل، مُشيرًا إلى أن الذرة الشامية هي المحصول الأساسي المُفضل لها بالأراضي المصرية، فيما تأتي الذرة الرفيعة في المركز الثاني بنسبة إصابة لا تتجاوز حدود ما بين 2 إلى 5%.
أطوار نمو دودة الحشد وعلاقتها بأشكال الإصابة
أكد “ضاحي” أن طور اليرقة من العمر الأول إلى الثالث يتغذى على أوراق الذرة الشامية، حيث تقوم بنحت اللون الأخضر لها، مُحدثة بُقعًا شفافة على سطحها، فيما تظهر مؤشرات الإصابة الأشد فتكًا بداية من العمر الرابع الثالث إلى السادس، والتي تتغذى فيها الدودة على الكوز نفسه أو قلب العُود، مُخلفةً – برازها – والذي يظهر كـ”نشارة صفراء مُبللة” على حافة الأوراق وقمة العَلم، يمكن مُلاحظتها بالعين المُجردة دون النزول إلى الحقل.
إقرأ أيضًا:
دودة الحشد الخريفية.. “4” شروط تضمن نجاح برامج المكافحة
دودة الحشد الخريفية.. “خبير”: احذروا التعامل مع الذرة في هذه الحالات
قواعد تنفيذ عمليات المُكافحة الصحيحة
شدد رئيس قسم بحوث دودة ورق القطن على أهمية إلمام المُزارع بالقواعد الصحيحة لتنفيذ عمليات المُكافحة باستخدام المبيدات المُعتمدة، والتي يُشترط نجاحها على وصول المادة الفعالة إلى قلب النبات فيما يُعرف اصطلاحًا بطريقة “البلعمة”، لضمان وصول السم إلى يرقات دودة الحشد المُختبئة داخل قلب العود أو النبات.
وأوصى جموع المُزارعين بضرورة المتابعة الدورية لمحصول الذرة، لاستكشاف ورصد أي إصابة، وتنفيذ مُعاملات المُكافحة بشكل فوري، ما يُتيح تحقيق أكبر قدر من النجاح، والتخلص من تلك الآفة خلال أطوارها العمرية المُبكرة، قبل انتقالها إلى أماكن أخرى.
وأكد على توافر المُبيدات المُعتمدة الخاصة بمكافحة دودة الحشد الخريفية بجميع الإدارات الزراعية بكافة المُحافظات، سواء في منافذها الرسمية أو بالجمعيات الزراعية المُنتشرة داخل جميع القرى والنجوع بعموم الجمهورية.
الـ50 يوم الأولى.. أخطر مراحل الإصابة
لفت أستاذ معهد بحوث الوقاية إلى أن خطورة دودة الحشد الخريفية تتركز خلال الـ45 إلى الـ50 يوم الأولى من عمر نبات الذرة، مُشيرًا إلى أن الظروف الفسيولوجية المُلائمة لتلك الآفة تنتهي بمجرد نمو النورة المُذكرة أو السُنبلة، ما يترتب عليه هجرة اليرقات الكبيرة خارجها، بحثًا عن النباتات الأصغر عُمرًا، لتبدأ من خلالها دورة حياتها الجديدة مرة أخرى.
شاهد:
الأسباب الحقيقة لأزمة ارتفاع أسعار بيض المائدة
رسالة طمأنة لجموع المُزارعين
طمأن “ضاحي” جموع المُزارعين، موضحًا أن الخطورة الأكبر ونسبة الإصابات الناجمة عن دودة الحشد الخريفية تتركز في أوراق نبات الذرة فقط، حال اتباع التوصيات الفنية الخاصة بطرق وآليات المُكافحة بشكلها الصحيح والمُنضبط.
وأشار إلى أن المزايا الرئيسية لنبات الذرة تكمن في قدرته الكبيرة على تعويض خسائره من المجموع الخضري، ما يُتيح تجديدها بالشكل الذي يسمح باكتمال باقي مراحل النمو على النحو المُرضي، دون التأثير على حجم الإنتاجية المُتوقع منها، شريطة تطبيق مُعاملات المُكافحة بالشكل الصحيح، طبقًا للإرشادات والتوصيات الفنية الواردة بهذا الشأن.