دودة الحشد الخريفية أحد أكبر المُعضلات التي تواجه جموع المُزارعين، بسبب الأضرار الفادحة الناجمة عنها، والتي تُهدد محاصيل الحبوب وفي مُقدمتها القمح والذرة الشامية، ما يستدعي إلقاء الضوء على استراتيجياتها، وأشكال الإصابة التي تُحدثها، والتوقيت الأمثل لتنفيذ برامج المكافحة.
وخلال حلوله ضيفُا على الإعلامي طه اليوسفي، مُقدم برنامج “المرشد الزراعي”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، ألقى الدكتور إبراهيم مخيمر – رئيس قسم آفات محاصيل الحقل، بمعهد بحوث وقاية النباتات، التابع لمركز البحوث الزراعية – الضوء على استراتيجيات الهجوم المُختلفة التي تنفذها دودة الحشد الخريفية وملامح الإصابة الظاهرية، والتوقيت الأمثل لتنفيذ برامج المكافحة.
مكافحة دودة الحشد الخريفية والأزمة العالمية
في البداية تحدث الدكتور إبراهيم مخيمر عن الذرة الشامية بشكل عام، موضحًا أنه يعد أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية، حيث يحتل المرتبة الثانية خلف القمح، نظرًا لكونه يشكل الركيزة الأساسية، لمكونات العلف ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني وعدد كبير من الصناعات الغذائية.
ولفت رئيس قسم آفات محاصيل الحقل إلى أن أهمية الذرة زادت بشكل واضح، على خلفية الأزمة العالمية والحرب “الروسية – الأوكرانية”، التي ألقت بظلالها على اتساع الفجوة الغذائية، وقفزت بالأسعار وصولًا لأرقام قياسية، تخطت حدود الـ10 آلاف جنيه للطن، ما دعا لاتخاذ أغلب دول العالم لعدد من الخطوات، التي تستهدف الاقتراب من الحد الآمن للاكتفاء الذاتي، وتقليل الهدر والفاقد، مع الالتزام بتطبيق تقنيات مكافحة دودة الحشد الخريفية والآفات الزراعية.
دودة الحشد.. وأخطر الآفات التي تُهدد محصول الذرة
استعرض الدكتور إبراهيم مخيمر قائمة الآفات التي تُهدد الذرة الشامية، منذ بدء الزراعة وصولًا إلى مرحلة الحصاد، وفي مُقدمتها دودة الحشد الخريفية، لبيان مدى خطورتها على هذا المحصول الاستراتيجي الهام، وسُبل تعزيز تقنيات المكافحة المُنضبطة، للحصول على أفضل النتائج المُمكنة.
وأوضح أن مزارعي الذرة الشامية يواجهون العديد من التحديات، نظرًا لكم الآفات والحشرات، التي تُهدد هذا المحصول على مدار الموسم، وفي أغلب مراحله العمرية، مُشيرًا إلى أن أغلب العُروات مُعرضة للإصابة، سواء التي يتم زراعتها في شهر إبريل، أو بالعروة النيلية التي يتم فيها تحميل البرسيم أو القمح عليه.
الغراب.. خطر يهدد الذرة في مرحلة الإنبات والبادرات
أكد “مخيمر” أن طائر الغراب يُشكل مصدر خطورة داهمة على محصول الذرة الشامية، في الفترة العمرية الأولى “مرحلة البادرات والإنبات”، مُخلفة خسائر اقتصادية فادحة، ما يضطر المُزارع للترقيع وإعادة الزراعة مرة أخرى، لافتًا إلى أن هذا الحل يؤدي لعدم تجانس المحصول، ولكنه يمثل باب الأمل الوحيد، للحفاظ على مُعدل الإنتاجية والكثافة النباتية المُرضية، والتي يُمكن توجيهها لصناعة السلاج.
مخاطر عدم الالتزام ببرامج مكافحة دودة الحشد
شدد الدكتور إبراهيم مخيمر على خطورة عدم الالتزام بتنفيذ التوصيات الفنية الخاصة بـ”مكافحة دودة الحشد”، والتي باتت هي الخطر الأعظم الذي يُهدد محصول الذرة، بالشكل الذي نقل كافة الأعداء الأخرى، إلى كفة الآفات الثانوية.
وأوضح أن تنفيذ برامج مكافحة دودة الحشد الخريفية، يُغني عن تنفيذ أي مُعاملات تخص أي آفة آخرى، ما يُحتم ضرورة وضعها في صدارة اهتمامات المُزارعين، لتقليل حجم الخسائر الاقتصادية المُتوقعة الناجمة عنها.
ولفت إلى أن مخاطر دودة الحشد الخريفية غيرت كافة مفاهيم وإجراءات المُكافحة المُتعارف عليها، والتي كانت تبدأ تنفيذ برامجها المُعتادة بعد 18 يومًا، على أن يعقبها إتمام الرية الأولى بـ48 ساعة “عمر 20 يوم”.
موضوعات ذات صلة:
دودة الحشد الخريفية.. الأطوار العمرية وطرق المكافحة السليمة – قناة مصر الزراعية
توقيت حدوث الإصابة
أكد “مخيمر” أن دودة الحشد الخريفية، أظهرت شراسة شديدة في تهديدها لمحصول الذرة الشامية، حيث تبدأ من مرحلة الإنبات، بعد مرور 7 أيام على زراعة البذور.
وقدم شرحًا تفصيليًا للاستراتيجية التي تستخدمها دودة الحشد في مُهاجمة محصول الذرة الشامية، والتي قسمها إلى شقين:
1. الهجوم من الحشائش أو بقايا المحصول السابق: وتظهر الإصابات هنا، نتيجة قيام المُزارع بوضع بذور الذرة، على خطوط محصول سابق، يحوي دودة الحشد، أو عبر انتقالها من الحشائش المُنتشرة في التربة، بعد 7 أيام من بدء الزراعة.
2. وضع البيض على البادرات: وفي هذا النمط تضع دودة الحشد بيضها على البادرات، بعد أسبوع من إتمام عملية الزراعة، لتُهاجم الحشرات الجديدة المحصول بعد الفقس بثلاثة أيام، ما يعني ظهور آثار الإصابة بعد 10 أيام فقط.
إقرأ أيضًا:
دودة الحشد الخريفية .. مخاطرها وأبرز طرق مكافحتها – قناة مصر الزراعية
استراتيجية ومراحل الإصابة بـ”دودة الحشد الخريفية”
تناول الدكتور إبراهيم مخيمر استراتيجية ومراحل الإصابة بـ”دودة الحشد”، والتي قسمها لعدة أشكال كالتالي:
1. المرحلة الأولى “ظاهرة ستارة الشباك”
تنسج فيها دودة الحشد الخريفية خيوطها الحريرية، وتتغذى على مادة الميزوفيل وبشرة الورقة السفلية، كأحد أبرز أشكال الإصابة التي يُمكن رصدها.
ولفت “مخيمر” إلى أن سلوك حشرة دودة الحشد، يتلائم مع كونها من الآفات “ذاتية الافتراس”، ما يعني عدم تواجد أكثر من يرقة في النبات الواحد، ويُفسر أسباب نزولها بخيوط من على سطح أوراق النبات، في مراحلها العمرية الأولى “بعد الفقس”، والاتنتشار على سطح التربة قبل الهجوم على المحاصيل القريبة.
2. المرحلة الثانية “ظاهرة طلقات الرش”
تتطور مظاهر إصابة المحصول، بمرور الوقت وتظهر على هيئة ثقوب متناثرة على سطح الأوراق، وذلك في المراحل العمرية التالية.
3. مرحلة الإصابة تحت التربة
في هذه المرحلة يكون لدى حشرة دودة الحشد أحد خيارين أثناء تنفيذ الهجوم على محصول الذرة:
أ- المرور إلى داخل النبات: ويحدث بعد القضاء على سطح البشرة السفلية للأوراق، ويرتكز هجومها على منطقة البلعوم والأوراق المُلتفة، وتتغذى على النبات من الأعلى إلى الأسفل، مع ترك البراز أعلاها، لتكون في مأمن من أي عدو خارجي، ما يعوق نجاح برامج المُكافحة، حال التأخر عن تنفيذها في موعدها الصحيح “من 10 إلى 14 يوم بعد إتمام الزراعة”.
ب- النزول تحت سطح التربة: وتنتهج حينها الحشرة سلوك “الدودة القارضة”، وتتغذى على خلايا النبات تحت سطح التربة، ما يؤدي لجفاف المحصول فيما يعرف بظاهرة “النبات الميت”.
ولفت رئيس قسم آفات محاصيل الحقل أن بعض أنواع الهُجن، يحدث لها إنباتات فرعية، لكنها تكون غير ذات قيمة، بعد حدوث هذه الظاهرة، على عكس ما يحدث مع إنباتات الذرة الرفيعة، والتي يُمكن الاستفادة منها في نهاية الموسم.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
التوقيت المثالي لبدء برامج مكافحة دودة الحشد
أوصى الدكتور إبراهيم مخيمر بوجوب تنفيذ برامج مكافحة دودة الحشد، خلال الفترة ما بين 10 إلى 14 يومًا على أقصى تقدير، وذلك لضمان اللحاق بفترة تواجدها على سطح النبات، ما يرفع من درجة فاعلية الإجراءات المُستخدمة، في الوصول لمُعدلات الإبادة المطلوبة.
ونصح بتنفيذ برامج مكافحة دودة الحشد، باستخدام المبيدات المُعتمدة، التي أوصت بها لجنة المبيدات، لافتًا إلى إجازتها لـ5 مُركبات، حققت فاعلية كبيرة في القضاء على هذه الحشرة الضارة، وتقليل مُعدل الخسائر الناجمة عنها.