تعد تنمية الثروة الحيوانية والداجنة ركيزة أساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني وتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، وتسعى الدول جاهدة لتطوير هذا القطاع عبر تبني استراتيجيات شاملة لزيادة الإنتاجية وتحسين السلالات، وذلك لضمان الأمن الغذائي ودعم صغار المربين، وتعزيز النمو المستدام في هذا المجال الحيوي.
اهتمام الدولة وتطوير قطاع الثروة الحيوانية والداجنة
أكد الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي سامح عبد الهادي، مقدم برنامج «مصر كل يوم»، المذاع عبر شاشة قناة «مصر المستقبل»، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أولى اهتمامًا غير مسبوق بتنمية الثروة الحيوانية والداجنة منذ توليه زمام المسؤولية عام 2014، موضحًا أن هذا الاهتمام ليس لحظيًا بل يهدف إلى التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن الزيادة السكانية المتلاحقة لا يوازيها زيادة في تعداد رؤوس الثروة الحيوانية المسؤولة عن توفير البروتين الحيواني، ولذلك قامت الدولة بمجهود كبير لتحقيق هدف تطوير السلالات والإحلال والتجديد، لتكون لدى المزارع أو المربي سلالات أعلى إنتاجية.
مشروعات قومية وإنجازات
عدد الدكتور طارق سليمان العديد من البرامج والمشروعات القومية التي تهدف إلى تنمية وتعظيم معدلات أداء الحيوان للحصول على إنتاجية أعلى، ذاكرًا المشروع القومي للبتلو، والمشروع القومي للتحسين الوراثي، والمشروع القومي لتطوير ورفع كفاءة مراكز تجميع الألبان، والمشروع القومي لتوفير الدعم اللوجستي والفني والمالي لصغار مربي الدواجن وتحويلهم من نظام التربية المفتوح إلى النظام المغلق.
وكشف عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء بنسبة 60% حاليًا مقارنة بـ 40% عام 2014، وذلك على الرغم من زيادة تعداد السكان وتحسن الوضع الاقتصادي وزيادة الوافدين من الخارج، مضيفًا أن فاتورة الاستيراد من الخارج قد انخفضت.
ولفت إلى أن مصر حققت اكتفاء ذاتيًا بنسبة 100% في بيض المائدة، وتصدر ما يزيد عن احتياجاتها للخارج، كما أنها تحقق في كثير من المواسم اكتفاء ذاتيًا من الفراخ البيضاء أو بدارات التسمين، وتصدر ما يزيد عن احتياجاتها، بينما يغطي الإنتاج احتياجات البلاد بنسبة تقترب من 98 إلى 99% على مدار العام، مؤكدًا أن ألبان الشرب الطازجة تحقق اكتفاء ذاتيًا بنسبة 100% مع تصدير الفائض في صورة صناعات ومنتجات ألبان.
تفاصيل المشروع القومي للبتلو
أوضح الدكتور طارق سليمان تفاصيل المشروع القومي للبتلو، مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة منعت بقرارات وضوابط ذبح الحيوان الصغير الذي يقل وزنه عن 100 كيلوغرام، والسماح بتسمينه حتى 400 كيلوغرام على الأقل.
وأفاد بأن ميزانية المشروع بدأت بـ 100 مليون جنيه، ووصلت حاليًا إلى 9 مليارات و300 مليون جنيه، وقد استفاد منه أكثر من 44 ألف و400 مستفيد في قرى مبادرة “حياة كريمة” التي أطلقها الرئيس لتنمية الريف المصري، لتربية وتسمين 515 ألف رأس تقريبًا.
وتابع أن المشروع بدأ بالابقار والجاموس المحلي، ثم أضيف إليه العجول المستوردة التي تمثل قيمة مضافة لزيادة معدلات النمو، موضحًا أن معدلات الزيادة الوزنية في العجول المستوردة تعادل ضعف الزيادة الوزنية للحيوانات المحلية تقريبًا، مما يترتب عليه دورة تسمين قصيرة الأجل وقرض بفائدة بسيطة متناقصة تبلغ 5%، وقد تقل إلى 2.5 أو 3% حسب أشهر التربية والتسمين.
وأضاف أنه تم مؤخرًا إضافة العجلات ثنائية الغرض، وهي عالية الإنتاجية في الألبان واللحوم، وتناسب صغار المربين من ناحية السعر، ومن ناحية تأقلمها وتكيفها مع الظروف والأجواء المناخية والبيئية المصرية، ومن ناحية احتياجاتها الغذائية والرعائية.
وشدد على أن نسبة استرداد القروض وفوائدها تقترب كثيرًا من 100%، وذلك نتيجة للمتابعات المكثفة من قبل قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، والهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومديريات الزراعة والطب البيطري على مستوى الجمهورية للأخوة المستفيدين.
ولفت إلى تفعيل دور صندوق التأمين على الماشية كشرط أساسي، حيث يتسلم المستفيد الرؤوس كقرض عيني وليس نقدي.
استراتيجية التحسين الوراثي
تطرق الدكتور طارق سليمان إلى استراتيجية التحسين الوراثي لتحقيق هدف الدولة في امتلاك ثروة حيوانية ذات معدل تحويل أعلى، خاصة وأن 90% تقريبًا من الثروة الحيوانية في يد صغار المربين.
وأوضح أن التحسين الوراثي لـ”الثروة الحيوانية” يعتمد على محورين أساسيين: محور عاجل ومحور آجل.
وفسر المحور العاجل بأنه يتمثل في الاستيراد من الخارج، حيث تم استيراد عجلات عالية الإدرار في إنتاج الألبان يصل إنتاجها إلى 40 كيلوغرامًا وأكثر من اللبن في اليوم، مقارنة بحيواناتنا المحلية التي كانت لا تتعدى 5 أو 6 كيلو جرامات لبن، كما تم استيراد عجول من الخارج تقترب معدلات الزيادة الوزنية فيها من 2 كيلوغرام في اليوم مقابل 600 أو 700 جرام فقط في حيواناتنا المحلية.
وأما المحور الآجل، فأشار إلى أنه يتم بتوجيهات مباشرة من الرئيس ورعاية ومتابعة لحظية من وزير الزراعة، ويتمثل في الخلط والتهجين بين السلالات عالية الإنتاجية الأجنبية المستوردة مع سلالاتنا المحلية المتاقلمة مع الظروف والأجواء المناخية والبيئية المصرية والمقاومة للأمراض، وذلك بهدف “تمصير” هذه السلالات.
البحث العلمي وحماية السلالات
سلط الدكتور طارق سليمان الضوء على أهمية البحث العلمي في هذا المجال، مؤكدًا أن وزير الزراعة أصدر قرارًا وزاريًا بتشكيل لجنة علمية فنية متخصصة من وزارة الزراعة والمعاهد البحثية والقطاعات المتخصصة، بالإضافة إلى متخصصين من الجامعات المصرية، وذلك لتسجيل وصون السلالات المحلية سواء كانت في الدواجن أو في الحيوان.
وأوضح أن هذا يضمن الحفاظ على السلالات وتحقيق تحسين وراثي مع تسجيل السلالات التي يتم استنباطها وإنتاجها على الأرض المصرية وبأيادي مصرية.
ودلل على التقدم الذي تم إحرازه في هذا الملف، مشيرًا إلى وجود عجول حاليًا في مصر لا تعطي فقط 600 جرام زيادة وزنية في اليوم، بل يمكن أن تعطي كيلو و200 أو كيلو وربع أو كيلو ونصف جرام زيادة وزنية في اليوم، بالإضافة إلى إناث تعطي 15 وتقترب من 20 كيلو جرام لبن في اليوم، وهذا كله ناتج عن التحسين الوراثي ونتيجة الخلط والتهجين.
تنمية قطاع الثروة الحيوانية
تطوير التلقيح الاصطناعي والدور الإرشادي
واصل الدكتور طارق سليمان حديثه عن تطوير منظومة التلقيح الاصطناعي، مؤكدًا أنه تم تطوير نقاط ومراكز التلقيح الاصطناعي على مستوى الجمهورية لتغطي جميع المحافظات والقرى بالكامل، كما تم تجهيز الوحدات البيطرية بالشكل الذي يتيح لها تغطية القدر الكافي من الحيوانات المحيطة.
وأشار إلى توفير الجرعات اللازمة من السائل المنوي للسلالات والطلائق المحسنة لتلقيح الإناث اصطناعيًا، مضيفًا أن القوافل البيطرية التي ينفذها معهد التناسليات الحيوانية تقوم بدور إرشادي وتوعوي مكثف، حيث يتم الذهاب إلى المربي في مكانه.
وشدد على نشر ثقافة التلقيح الاصطناعي بين المربين، معللًا ذلك بأن له مزايا عديدة، ومن أهمها سرعة الحصول على التحسين الوراثي.
اضغط الرابط وشاهد المداخلة الكاملة..
موضوعات قد تهمك..
محصول القمح.. استراتيجيات تقليل الفاقد بعد الحصاد وآليات تسجيل الأصناف الجديدة
تربية الدواجن.. أبرز الممارسات الخاطئة وقواعد اختيار السلالات
تربية العجول.. أبرز الأخطاء أثناء فترة الرضاعة وفوائد الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة