تسجيل التقاوي الخاصة بالمحاصيل الزراعية يمر بخطوات ومراحل مُعقدة وطويلة، قبل إجازتها والموافقة على طرحها كسلالات وهُجن جديدة، مُوصى بها من قِبل الجهات المعنية، لتفعيل انتشارها واستخدامها الفعلي في المواسم الزراعية اللاحقة على إعلانها.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامية إسراء عادل، مُقدمة برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور محمد عابدين – الخبير الزراعي، الباحث في وراثة تربية النباتات، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدولي العربي الأول لإنتاج تقاوي الحاصلات الحقلية – عن مراحل عملية تسجيل وإقرار التقاوي، وسُبل تقليل مُعدلات استيراد السلالات والهُجن الجديدة من الخارج.
تسجيل التقاوي.. “البقاء للأقوى”
في البداية سلط الدكتور محمد عابدين الضوء على عملية تسجيل التقاوي، موضحًا أنها تمر بالعديد من المراحل والاختبارات التجريبية، قبل إجازتها وطرحها للمُزارعين، عبر المنافذ المُعتمدة والمراكز البحثية التابعة للوزارة.
وأوضح أن مسألة تسجيل التقاوي هي التطور الطبيعي للموروثات التقليدية التي كان يُمارسها الأجداد عبر التاريخ، وفق قاعدة “البقاء للأقوى”، لانتخاب أفضل الأصناف التي تمت زراعتها، وانتقاء الأصلح منها للاعتماد عليه في المواسم التالية.
مراحل تسجيل التقاوي ودور التطور العلمي
ولفت “عابدين” إلى أن التطور العلمي والتكنولوجي ساهم في تحقيق عدة طفرات ملموسة على صعيد عمليات تسجيل التقاوي، وتقديم التوصيات الفنية والإجرائية اللازمة لنقلها إلى المُزارعين، عبر العديد من الوسائط والنوافذ المُتخصصة.
وأشار الباحث في وراثة تربية النباتات إلى مراحل تسجيل التقاوي والتي تبدأ بانتخاب أفضل الأصناف، ثم تطويرها وإخضاعها للأبحاث والتجارب، للتأكد من الثبات الوراثي الخاص بها، علاوة على حجم إنتاجيتها ودرجة مُقاومتها للأمراض، ومضاهاتها بالأصناف المُتاحة، قبل التوصية باستخدامها من قِبل المُزارعين، بعد رؤيتها على أرض الواقع، عبر العديد من الحقول الإرشادية.
موضوعات ذات صلة:
صناعة تقاوي المحاصيل الحقلية.. محاور وتحديات المؤتمر العربي وأزمة “بنك الجينات”
الدورة الزمنية لتفعيل عملية تسجيل التقاوي
كشف “عابدين” أن الدورة الزمنية اللازمة للوصول إلى مرحلة الاعتماد والإجازة لا تقل عن 3 سنوات، مُناشدًا بضرورة الإسراع نحو تفعيل خطوات إنشاء “بنك جينات” وطني، لحفظ الأصول الوراثية الخاصة بنا، والعمل على تطويرها باستمرار، لضمان استمراريتها ومواكبتها للطفرات الفسيولوجية الناجمة عن التغيرات المُناخية الحادة.
إقرأ أيضًا:
مشروعات إنتاج الألبان.. “مرحلة الجفاف” وأبرز الأخطاء الشائعة خلالها
رؤية جديدة لتقليل مُعدلات استيراد التقاوي
اقترح الدكتور محمد عابدين طرحًا مُغايرًا، لتقليل مُعدلات استيراد التقاوي من الخارج، والنزول بها إلى حدودها الدنيا، موضحًا ضرورة وجود دور فاعل ومُشاركة مُجتمعية للشركات الوطنية العاملة في المجال، لتحقيق هذا الهدف والوصول إلى نسب مقبولة.
وقدم الخبير الزراعي مُقترحًا مُفاده عدم السماح بتسجيل أي أصناف لشركات استيراد التقاوي، حال عدم امتلاكها لـ50 صوبة زراعية على الأقل، مُخصصة لإنتاج السلالات والهُجن الجديدة، للاقتراب من منطقة الاكتفاء الذاتي، ومُضاعفة الأصول الوراثية المحلية وتطويرها.
وربط “عابدين” بين تسجيل التقاوي وتقديم هذه الشركات لسلالات وهُجن محلية جديدة، بدلًا من الاكتفاء بدور الوسيط بين الشركات الأجنبية والسوق المحلية، لتحقيق مكاسب وأرباح فلكية، على حساب الوطن وجمهور المُستهلكين.
وأوضح أن الموافقة على هذا المُقترح توفر على الدولة أعباء استيراد آلاف الأصناف والتقاوي بالعملة الصعبة، علاوة على إتاحة الفُرصة لتحقيق التوازن المفقود بين الهُجن المحلية وبديلتها المستوردة، مع إلزام الشركات العاملة في هذا المجال للاضطلاع بدورها الوطني والمجتمعي، عبر تطبيق مئات الدراسات والأبحاث، التي يُقدمها المُتخصصون في مجال إنتاج السلالات المحلية.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
اقتصاديات تربية النعام في السوق المصري
عقبات تسجيل التقاوي وطرق تلافيها
واصل الدكتور محمد عابدين طرحه للمُقترحات الخاصة بتسجيل التقاوي، وطُرق التغلب على العقبات الخاصة بهذا الشأن، وفي مُقدمتها الرسوم التي قد لا يتحملها بعض الباحثين – 10 آلاف جنيه – موضحًا أن إعفاء الدارسون والجهات الأكاديمية والجامعات، يسهل مهمتهم القومية لمُضاعفة هذه السىلالات، عبر الانتفاع من الدراسات النظرية، وتطبيقها على أرض الواقع، ضمن خطة إحلال الهُجن المحلية، بدلًا من النوافذ الاستيرادية التي توفرها الشركات الخاصة.
واقترح “عابدين” تشكيل لجنة بحثية مُحايدة، وعلماء من الجامعات المصرية في شتى التخصصات، بالإضافة لممثلين عن مركز البحوث، لفحص وتسجيل وإجازة الأصناف والتقاوي الجديدة، في مُحاولة لمُضاعفة الهُجن المحلية، والحفاظ على الأصول الوراثية الخاصة بنا.