تربية الماعز والأغنام أحد الأنشطة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعمق الثقافة العربية، والتي أرستها العديد من القصص التاريخية الموثقة، مرورًا بامتهان عدد من الأنبياء والرسل لها، وانتهاءًا بوجودها في أغلب البيوت الريفية المصرية، كأحد أركان منظومة الحياة في قُرانا الطيبة، وبوصفها جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي الأساسي لحياة المُزارعين.
وخلال حلوله ضيفًا على طه اليوسفي مُقدم برنامج “المُرشد الزراعي”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور عصام الدين إبراهيم، رئيس البحوث المُتفرغ، بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، عن مزايا الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، والمزايا الاقتصادية التي تفصلها عن باقي أنشطة الإنتاج الحيواني، متناولًا العلاقة الروحية التي تربط بين المُزارعين وصغار المُربين المصريين على وجه التحديد، والعمل في هذا المجال دونًا عن غيره.
لا يفوتك.. دور معهد الإنتاج الحيواني في نشر السلالات المميزة
تربية الماعز والأغنام.. أمثلة بدوية ودراسات علمية
في البداية تحدث الدكتور عصام الدين إبراهيم عن الشواهد العلمية، التي تٌفسر تفضيل غالبية المُزارعين للاستثمار في تربية الماعز والأغنام، مؤكدًا أن الأبحاث والدراسات والتجارب أثبتت صدقها فيما بعد.
وذكر رئيس البحوث المُتفرغ في أنشطة الإنتاج الحيواني، أن الممارسة الحياتية للبدو جعلتهم على دراية كبيرة بفوائدها ومكاسبها الاقتصادية، وهي الحكمة التي تم تلخيصها في المثل الدارج الذي يقول “لو نعجة وفيها البركة في عشر سنوات تُصبح 1000″، مؤكدًا أن الدراسات والتجارب المعملية أثبتت صحة هذا المُعتقد، ما يُعزز أسباب الارتباط الوثيق بين المُزارعين وتربية الماعز والأغنام.
موضوعات قد تهمك:
دودة الحشد الخريفية.. أبرز سماتها الظاهرية وطُرق انتشارها
السكر والتدخين والسمنة.. ثلاثي الرعب الصامت وعلاقته بـ”تأخر الإنجاب”
مشروع تربية الأرانب.. أهم النصائح لبدء استثمارك بشكل صحيح
أسباب لجوء المُزارعين للاستثمار في تربية الماعز والأغنام
ولفت الدكتور عصام الدين إبراهيم، إلى حجم المكاسب الاقتصادية التي يُدرها الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، والتي عزاها إلى صغر حجم هذه الحيوانات، ما يتيح لها زيادة وتسهيل مهمة التكاثر والتلقيح، علاوة على زيادة مُعدلات التوائم الناتجة عنها، والتي تتميز بها عن باقي السلالات الحيوانية، ما يعني تعزيز فُرص زيادة الإنتاج في فترات زمنية قصيرة.
وعقد مُقارنة سريعة بين الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، والإنتاج الداجني، من حيث سرعة التكاثر وتلاحق الأجيال، ودرجة مُقاومة الأمراض، موضحًا أن الأولى أثبتت تفوقًا كبيرًا، من حيث قِلة ما يصدر عنها من مشاكل، وبخاصة في ملفات الرعاية الصحية، ما يترتب عليه زيادة حجم الإنتاجية والأرباح المُتحققة عنها.
المحاصيل الزراعية وإنتاج العلف.. تكامل أم صراع؟
انتقل الدكتور عصام الدين إبراهيم انتقالًا رشيقًا، لثاني التحديات التي تواجه الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، والتي رهنها البعض بقلة مساحة الرقعة الزراعية، والصراع الدائر بين كتلة اقتصار النشاط الزراعي فيها على المحاصيل الخاصة بغذاء الإنسان، وأنصار مُعسكر إنتاج العلف الحيواني، كاشفًا لزيف هذا الادعاء بوجود إشكالية وتنافس ما بين كلا الاتجاهين.
وشدد على ضرورة ترك هذا الخيار الخاص بنوع النشاط الزراعي للمُزارع أو المُربي نفسه، لكون كلا الاستثمارين يصبان في خانة سد فجوة الغذاء الإنساني، مؤكدًا أنهما يشكلان تكاملًا وتضافرًا، لا ينتقص من جهود العمل بأيٍ منهما، مع ضرورة الاستعانة بالأجندة الخاصة باستراتيجيات واتجاهات الدولة في هذا المجال، لتحقيق الهدف المنشود في النهاية، دون حدوث أي قصور مؤثر، يضر بالسلة الغذائية في نهاية المطاف.
وأكد على أن استراتيجيات الزراعة الناجحة، توجب دخول المحاصيل الخاصة بالأعلاف – مثل الفول والبرسيم والذرة – داخل برامج الدورة الزراعية لأي فلاح، نظرًا لكونها أحد العناصر الطبيعية المُخصبة للتربة، والتي تُعلي من الإنتاجية وتمثل قيمة مُضافة لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.
شاهد.. خدمات الإصلاح الزراعي للمنتفعين بأراضيه
مزايا طبيعية تفرض الاستثمار في تربية الماعز والأغنام
عدد الدكتور عصام الدين إبراهيم من المزايا التي تفرض ضرورة الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، موكدًا أن الطبيعة ذاتها تُبرز هذه الدواعي، بسبب كون هذه المخلوقات من الحيوانات المعروفة اصطلاحًا باسم “الحيوانات الكانسة”.
وأوضح أن أي بقعة من الأرض يتواجد فيها عُنصري الأرض والأمطار، فإن التفاعل بين هذا الثنائي سينتج البيئة الخصبة اللازمة للاستثمار في تربية الماعز والأغنام، متمثلًا في ظهور وتوافر المراعي الطبيعية، ما يعني الحاجة الماسة لوجود هذه المخلوقات للتغذي عليها، ما يمثل قيمة مُضافة لا يمكن هدرها بأي حال من الأحوال.
ولفت إلى أن الاستثمار في تربية الماعز والأغنام، يُساهم في توفير البديل اللازم، حال حدوث بعض الهزات الطبيعية التي ينتج عنها حالة من الشُح الغذائي، فيما يخص البروتين الحيواني الناتج عن تربية الماشية الكبيرة، وجميع هذه الأسباب يوضح مزايا الاستثمار في هذا المجال.
إقرأ أيضًا:
محصول البطاطس.. أهم الإجراءات الواجب اتباعها لحمايته من الأمراض
الزراعة على مصاطب.. وأبرز نتائجها الإيجابية على محصول القمح
علاج النيماتودا.. باحث يؤكد إمكانية القضاء عليها خلال 150 دقيقة