تربية الإبل تُمثل أحد الحلول الاستراتيجية التي يُمكن الاعتماد عليها، للحيلولة دون تصاعد الأزمة الناجمة عن ارتفاع أسعار العلف، ضمن سلسلة النتائج السلبية التي خلفتها الحرب “الروسية – الأوكرانية”، لتلقي بظلالها القاتمة على غالبية دول العالم، ما يجعل “النوق والجمال” بمثابة شعاع الضوء، الذي يُبشر بإمكانية التحول نحو بدائل أكثر أمنًا وواقعية.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد عبد الدايم، مُقدم برنامج “صوت الفلاح”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور أحمد موسى عامر -أستاذ مساعد الإبل بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، التابع لمركز البحوث الزراعية- ملف النهوض بمنظومة تربية الإبل بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على استراتيجيات النهوض بهذه المشروعات الاستراتيجية، ودورها الفاعل في حل أزمة ارتفاع أسعار البروتين الحيواني.
محاور النهوض بمنظومة تربية الإبل
إنشاء قاعدة بيانات دقيقة
في البداية أكد الدكتور أحمد موسى عامر أن وضع خطة النهوض بمشروعات تربية الإبل في مصر، يستدعي السير وفق خطة ومنهجية علمية، مع توفير كافة المقومات والركائز، التي يُمكن البناء عليها للارتقاء بهذه المنظومة على النحو الصحيح.
أوضح أن أولى خطوات النهوض بـ”تربية الإبل” في مصر، يقتضي التأسيس لإنشاء قاعدة بيانات دقيقة ومُنضبطة، يُراعى فيها النقاط التالية:
- رصد كافة الرؤوس الموجودة على الأراضي المصرية
- تحديد عمرها بشكل دقيق
- تحديد المربين ومواقعهم الجغرافية
- عدد الرؤوس عند كل مُربي
- كتابة تقرير يومي بحالة الحيوان يُراعى فيه توضيح التفاصيل التالية:
- طريقة التغذية المُتبعة
- معدلات زيادة الوزن والتحويل
- التغيرات التي تطرأ على الحيوان بناء على الظروف المناخية وأحوال الطقس
- الأمراض التي تعرض لها الحيوان على مدار العام
- رصد وتقدير نتائج موسم التناسل
- المشاكل المترتبة على عدم توافر المراعي
- الآثار السلبية الناجمة عن عدم توفر بعض النباتات التي يتغذى عليها الحيوان
- المشاكل التي تطرأ على الحيوانات بعد الولادة
- مُعدلات إنتاج اللبن بشكل يومي
ولفت “عامر” إلى أن توافر البيانات المطلوبة، ومراعاة تسجيل كافة المتغيرات، والمؤثرات التي تطرأ على الرؤوس، يضمن إيجاد قاعدة معلوماتية دقيقة، يُمكن البناء عليها لتطوير منظومة تربية الإبل في مصر، والتحسب ضد أي مُعوقات قد تحول دون نجاحها.
وأوضح أن توافر قاعدة البيانات الصحيحة، يوفر الكثير من الوقت والجهد، حال حدوث أي طارئ، مثل ظهور أو انتشار أي أمراض، ما يسهم في تحديد عدد التحصينات المطلوبة، وأماكن توزيعها على نحو دقيق، بما يُسهم في النهوض بمنظومة تربية الإبل.
انتقاء السلالة الجيدة
انتقل أستاذ معهد بحوث الإنتاج الحيواني إلى ثاني محاور خطة النهوض بقطاع ومنظومة الإبل، والتي يعتمد نجاحها على اختيار السلالة الصحيحة، ذات المواصفات الوراثية القوية، وهي المسألة التي تفرض على المُربي ضرورة “فرز والانتخاب” مع استبعاد العناصر “غير الجيدة”، والإبقاء على الرؤوس المميزة التي يُمكن الاستفادة منها.
وحدد الدكتور أحمد موسى عامر مواصفات النوق الجيدة، وأوجزها في عدة نقاط:
- أن يكون منتظمًا في التناسل
- إتمام فترة الحمل على النحو الصحيح
- يلد ويرعى وليده
- أن يكون الحيوان قادرًا على تدبير الاحتياجات الغذائية لوليده “اللبن”
- أن يحظى بأعلى مُعدلات التحويل
الترقيم والوشم
لفت الدكتور أحمد موسى عامر إلى مدى أهمية مراعاة تثبيت الوشم الخاص بكل مربي، مع الالتزام بالترقيم للتمييز بين الحيوانات، ومعرفة أصحابها وأماكن تواجدها، وعدم الخلط بينها، على أمل الوصول لتطبيق منظومة “الشرائح الذكية” في وقت لاحقًا، مُشيرًا لقلة كلفتها التي لا تتعدى حدود الـ3 يورو.
الارتقاء بقدرات المربي
شدد “عامر” على ضرورة الارتقاء بقدرات المُربين، وتوفير كافة الإمكانات ووسائل التواصل المُتاحة، بالإضافة لتدريبهم ومدهم بكافة المعلومات الخاصة بالإبل، والخدمات البيطرية التي يُمكن تقديمها إليه، بما يُسهم في فهم طبيعتها وفسيولوجيتها على النحو الصحيح، ويعزز فُرص النهوض بها ومُضاعفة إنتاجيتها بما يتماشى مع حجم الطموحات المعقودة عليها.
تنظيم عمليات التناسل
أكد “عامر” أن تنظيم عمليات التناسل الخاصة بالإبل، واحدة من أهم المقومات التي تضمن الارتقاء بإنتاجيتها ومضاعفتها، لافتًا إلى أن إتمام هذه العملية يتطلب أولًا وصول الذكر إلى النضج المطلوب، بما يُمكنه على إخصاب أنثاه.
ولفت إلى أن أنثى الإبل على أتم الاستعداد للتناسل في أي وقت على مدار العام، انتظارًا لتهيؤ الذكر واكتمال نضجه، بما يُسهم في نجاح عملية الإخصاب والتناسل، موضحًا أن الناقة الجيدة تلد مولودين كل 3 سنوات.
تطبيق التقنيات الحديثة
تطرق الدكتور أحمد موسى عامر إلى محور آخر، وعده من ركائز النهوض بهذه المنظومة، موضحًا أن التوجه بشكل أكبر صوب تطبيق التقنيات الحديثة في تربية الإبل، يؤتي ثماره الإيجابية بشكل أسرع، لافتًا إلى أن هذه التقنيات هي أساس ما يتم بالمراكز البحثية والعلمية، مثل معهد بحوث الإنتاج الحيواني، وفي مُقدمتها:
- التلقيح الصناعي
- الخلط بين السلالات
- التحسين الوراثي
حصر المراعي ودراسة طبيعتها
انتقل “عامر” إلى نقطة أخرى، ومحور آخر لا يقل أهمية عن النقاط السابق ذكرها، والخاصة المراعي الطبيعية المُتاحة، ودراسة طبيعتها الجغرافية وأماكنها، بالإضافة لأنواع النباتات التي تنمو فيها، وإحتمالات وجود بعض الأنواع السامة من عدمه، لتوفير كافة المعلومات التي يُمكن البناء عليها، وإزالة كافة المُعوقات التي تحول دون نجاح خطة الارتقاء بمنظومة تربية الإبل، واستبعاد ما يتناسب مع طبيعة هذا المشروع.
إنشاء نقاط خاصة بتجميع “حليب الإبل”
لتعظيم عوائد إنتاج منظومة تربية الإبل، عن طريق تخصيص نقاط تجميع مُجهزة لحليب الإبل، ونشرها على بنقاط تمركز المراعي، ما يسهم في إيجاد “حلقة الربط المفقودة” بين نقاط الإنتاج ومنافذ التسويق، والتي تؤدي لاستفادة شريحة واحدة فقط من المخرجات الاقتصادية والأرباح الناجمة عن هذه المنظومة.
إنشاء نقاط خاصة لبيع “منتجات الإبل”
أوضح أستاذ مساعد الإبل بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني أن هذه النقاط يتم استثمارها لبيع كافة منتجات الجمال من لحوم وألبان وجلود، ما يُعظم العوائد الاقتصادية المرجوة منها، موضحًا أن بعض الدول عظمت استفادتها من جلود الإبل، وأقامت عليها عدة صناعات، تُدر عوائد اقتصادية ضخمة، ما يُؤكد إمكانية تكرار هذه التجربة داخل أراضينا.
تشجيع الجمعيات الأهلية
سن التشريعات الخاصة بحماية الإبل والنوق
شدد “عامر” على مدى أهمية هذه النقطة، على غرار ما تم إقراره مع باقي الحيوانات الأخرى، لحماية الإبل وتعزيز فرص تنميتها والاستثمار فيها، بالإضافة للحد من عمليات “الذبح الجائر”، للإناث الحامل والسلالات القوية، والتي يمكن الاستفادة منها في مثل هذه المشروعات.
إقرأ أيضًا..
الإبل .. باحثة توضح 10 فوائد لألبان النوق ومواصفات حظائر التربية
تربية الإبل.. 3 مزايا اقتصادية وخطة استثمار الظهير الصحراوي لإنتاج بدائل الأعلاف
الإبل .. 4 أسباب تجعلها أحد الوسائل الاقتصادية لتوفير البروتين الحيواني