تبذل الدولة جهودًا حثيثة في مجالي تحسين السلالات الحيوانية والاستزراع السمكي، في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتسارعة، ومع تنامي الحاجة لتوفير الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو الملف الذي سلط الدكتور عطوة أحمد عطوة – مدير مركز إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية – عليه الضوء، مشيرًا إلى أن هذه الملفات باتت تمثل أولوية وطنية لما تحققه من نتائج مباشرة على مستوى الإنتاج الغذائي، مؤكدًا – خلال لقائه مع الإعلامي ماهر الفضالي، مقدم برنامج «صناع المستقبل» المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية – أن التطوير في هذين القطاعين يعتمد على نهج علمي متكامل، يجمع بين التلقيح الصناعي، وتوطين السلالات الأجنبية، والتوسع في المزارع المتخصصة والمفرخات السمكية الحديثة.
استراتيجيات التلقيح الصناعي وتحسين السلالات الحيوانية
أكد الدكتور عطوة أن القطاع الحيواني يحتاج إلى وقت أطول نسبيًا لتحقيق نتائج ملموسة مقارنة بالقطاع النباتي، موضحًا أن عمليات التلقيح بين السلالات المختلفة تهدف إلى إنتاج سلالات محسنة وراثيًا، مشيرًا إلى أن عملية التوطين تتم تدريجيًا لضمان تأقلم السلالات الأجنبية مع البيئة المصرية، مضيفًا أن هناك اتجاهين أساسيين في هذا المسار، أولهما استيراد السلالات وتوطينها، وثانيهما إجراء التلقيح الصناعي بين السلالات المحلية والمستوردة، مؤكدًا أن هذا لا يعني استبدال السلالات المحلية، بل الحفاظ عليها والعمل على تحسين صفاتها الوراثية، معللًا ذلك بضرورة أن تتحمل هذه السلالات الظروف المناخية المتغيرة وانتقال الأمراض السريعة.
تحسين السلالات الحيوانية المحلية.. درع مصر في مواجهة التغيرات المناخية
أوضح الدكتور عطوة أن السلالة الحيوانية المحلية، رغم قدرتها العالية على التأقلم مع الظروف البيئية في مصر، إلا أنها باتت بحاجة إلى تحسينات جينية، مشددًا على أن تحسين السلالات الحيوانية من خلال تحسين الصفات الوراثية بات أمرًا حتميًا، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية سريعة وانتقال متزايد للأمراض، مؤكدًا أن التحسين الوراثي في القطاع الحيواني أصبح أكثر إلحاحًا من القطاع النباتي، نظرًا لحساسية هذا القطاع وتأثيره المباشر على الأمن الغذائي..
تحسين السلالات وطفرة كبيرة في ملف الاستزراع السمكي
أشار الدكتور عطوة إلى أن مصر حققت طفرة كبيرة في مجال الاستزراع السمكي، مشيرًا إلى النجاحات المتحققة في مزارع مثل كيلو 26، وبركة غليون، وغيرها من المشروعات، مؤكدًا أن هذه المزارع بدأت تنتج زريعة من أنواع متعددة من الأسماك كانت تُعد في السابق صعبة الإنتاج، مثل البوري والجُمبري، موضحًا أن قطاع الثروة السمكية شهد نقلة نوعية كبيرة بفضل البحث العلمي والتطوير المستمر، مضيفًا أن مصر أصبحت تحتل المرتبة الأولى في إنتاج أسماك البلطي على مستوى القارة الإفريقية، مدللًا على ذلك بالاكتفاء الذاتي الذي تحقق في هذا القطاع.
مشروعات قومية تدعم الاستزراع السمكي وتطوير البحيرات
لفت الدكتور عطوة إلى المشروعات العملاقة التي شهدتها مصر في مجال الثروة السمكية، مثل بركة غليون، وتطوير بحيرة البردويل، والمشروعات المقامة بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، مشيرًا إلى أن هذه الجهود أسفرت عن تقدم ملحوظ في الإنتاج السمكي، مؤكدًا أن المفرخات السمكية الحديثة ساهمت في توفير كميات ضخمة من الزريعة، مدللًا على ذلك بانخفاض نسب الاستيراد وزيادة المعروض المحلي في الأسواق، مشددًا على أن ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق لا يعود إلى ضعف الإنتاج، بل إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وفي مقدمتها الأعلاف.
الأعلاف المستوردة سبب رئيسي في ارتفاع أسعار الأسماك
فسّر الدكتور عطوة ارتباط غلاء أسعار الأسماك بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وعلى رأسها الأعلاف، مشيرًا إلى أن معظم مكونات الأعلاف يتم استيرادها من الخارج، ما يجعل أسعارها مرهونة بالسوق العالمية، مؤكدًا أن الدولة بدأت في التحرك لتقليل الاعتماد على الخارج من خلال التوسع في زراعة المحاصيل العلفية في الأراضي الجديدة، مثل مشروع الدلتا الجديدة وغرب غرب المنيا، موضحًا أن هذه المشروعات تستهدف زراعة الذرة الصفراء ومحاصيل الأعلاف، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل توجهًا استراتيجيًا للحد من فاتورة الاستيراد.
الاكتفاء الذاتي من القمح والجهود المتواصلة لسد الفجوة الغذائية
أوضح الدكتور عطوة أن مصر تنتج حاليًا ما يتراوح بين 9 إلى 10 ملايين طن من القمح سنويًا، مشيرًا إلى أن استهلاكها يتجاوز 22 مليون طن وفقًا لتقديرات البنك الدولي، مؤكدًا أن الفجوة الغذائية يتم تغطيتها جزئيًا عبر الاستيراد، معللًا أن الدولة تسعى لزيادة نسب الاكتفاء الذاتي من خلال التوسع في زراعة القمح بمشروعات قومية مثل توشكى والدلتا الجديدة وشرق العوينات، مشددًا على أن هذه الأراضي لا تُحسب ضمن الإنتاج التقليدي للمزارع بالأراضي القديمة، بل تمثل إضافة جديدة تهدف لتقليل الاستيراد.3
صادرات قائمة على القمح منتجات غذائية تدخل الأسواق العالمية
تابع الدكتور عطوة موضحًا أن القمح لا يُستخدم فقط لإنتاج رغيف الخبز المدعم، بل يدخل أيضًا في صناعات متعددة يتم تصديرها إلى الخارج، مثل المكرونة، والدقيق، والمعجنات، مؤكدًا أن هذا التنوع في استخدام القمح يعزز من القيمة المضافة للمحصول، مشيرًا إلى أن مصر تسعى إلى تعزيز صادراتها من هذه المنتجات بالتوازي مع تقليل الواردات، مفسرًا أن متوسط إنتاج المزارع المصرية من القمح يتراوح بين 9 إلى 10 ملايين طن، فيما يتم استيراد الباقي لتلبية الاحتياجات المحلية.
استراتيجية زراعة الزيوت والأعلاف أمن غذائي وتوفير عملة صعبة
كشف الدكتور عطوة أن الدولة تتبنى حاليًا خطة استراتيجية للتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية والعلفية في الأراضي الجديدة، مثل الذرة الصفراء، وفول الصويا، وعباد الشمس، مؤكدًا أن مصر تستورد نحو 90% من احتياجاتها من الزيوت، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الخارج، وتوفير العملة الصعبة، مضيفًا أن الدولة تشجع أيضًا على نظام الزراعات التعاقدية والتجمعات الزراعية في الأراضي القديمة، ما يعزز من جدوى هذه التوجهات الاقتصادية.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة الكاملة..