الزراعة الرقمية وتطبيقاتها باتت واقعًا يتوجب التعامل معه والاستفاده من مميزاتها، ولاسيما في ظل التحديات التي فرضت نفسها على القطاع الزراعي وجموع المزارعين، وهي المسألة التي تطرق إليها الدكتور عطوة أحمد عطوة – الأستاذ بمعهد بحوث وقاية النباتات، ومدير مكتب إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية، خلال حلوله ضيفًا على الإعلامي الدكتور حامد عبد الدايم، مقدم برنامج «صوت الفلاح»، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
أهمية استخدام الزراعة الرقمية في يوم «عيد الفلاح»
استُهلت الحلقة بمداخلة من الشاعر أحمد زايد، حيث قدم قصيدة شعرية تحيي الفلاح المصري وتحتفي بدوره الكبير في دعم الزراعة المصرية وتحقيق الاكتفاء الغذائي، موضحًا أن الفلاحين المصريين هم العمود الفقري للأمن الغذائي في البلاد.
واستعرض «زايد» عبر أبياته أهمية دور الفلاح في دعم الإنتاج الزراعي المصري، مؤكدًا أنه يساهم في الحفاظ على مصر مستقرة وآمنة، ومشيرًا إلى أهمية القرى المصرية في توفير الغذاء للبلاد.
وعقب الدكتور عطوة أحمد عطوة على كلمات الشاعر، مؤكدًا أن الفلاح المصري يمثل القوة الداعمة للاقتصاد الزراعي وأن القرية المصرية كانت وما زالت عنصرًا حاسمًا في الحفاظ على منظومة الأمن الغذائي المصري، مشيرًا إلى أن بعض المزارعين قد يتركون الزراعة مؤقتًا، لكنهم دائمًا ما يعودون إليها لما لها من أهمية كبيرة وقيمة عميقة في حياتهم.
التحديات التي تواجه تطبيق الزراعة الذكية في مصر
عاد «عطوة» للحديث عن التحديات التي تواجه تطبيق الزراعة الذكية في مصر، موضحًا أن هناك تحديات أكثر منها معوقات، مشيرًا إلى أن مصر تتمتع بتنوع زراعي جيد للغاية بفضل الأراضي المستصلحة الجديدة، مثل منطقة توشكى وشرق العوينات والمناطق الجديدة في الدلتا، والتي تُعد فرصًا مثالية لتطبيقات وممارسات الزراعة الذكية حاليًا.
وعرض نموذجًا عمليًا لتطبيق الزراعة الذكية من خلال مشروع «العيادة الزراعية الذكية»، في محطة البحوث الزراعية، حيث تفاعل المزارعون مع هذا البرنامج لحل مشاكلهم الزراعية، وهي الميزة التي أتاحت للمزارعين التواصل بشكل سريع ودقيق مع الباحثين والمتخصصين، وبشكل سهل عبر تصوير المحاصيل المصابة باستخدام الهواتف المحمولة، والحصول على التشخيص والإرشادات اللازمة لحل المشكلة، مؤكدًا أن هذا النظام يُعد خطوة هامة نحو تطوير قطاع الزراعة في مصر.
وأوضح أن التحديات الرئيسية تتعلق بالأراضي القديمة، وخاصة في الدلتا، حيث يواجه المزارعون مشاكل تتعلق بتفتت الحيازات الزراعية وتنوع المحاصيل، مشيرًا إلى أن إدخال الزراعة الذكية في هذه المناطق يواجه بعض المقاومة نظرًا للتعدد المحصولي وتفتت الملكيات، وهو ما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ مثل هذه التقنيات على نطاق واسع.
وأكد أن الفلاح المصري يتميز بالذكاء وحب المعرفة، وأنه يثق في المعلومات والإرشادات التي تأتي من وزارة الزراعة أو مركز البحوث الزراعية.
وأضاف أن قبول الفلاحين لأي تقنيات جديدة قد يستغرق وقتًا، لكن بمجرد اقتناعهم بفوائدها، فإنهم يطبقونها بكل حماسة.
مستقبل الزراعة الذكية في مصر
شدد الدكتور عطوة على أن الزراعة الذكية هي المستقبل، خاصة في المناطق الجديدة التي تسهل السيطرة عليها وتوحيد المحاصيل فيها.
وأكد أن هذه التقنيات ستساعد على تحسين الإنتاجية الزراعية وتقليل التلوث البيئي، مما يضمن مستقبلًا مستدامًا للزراعة في مصر، معربًا عن أمله في أن يتم تطبيق الزراعة الذكية بشكل أوسع في جميع أنحاء مصر، مشيرًا إلى أن هذه التقنية لن تحل محل الجهد البشري، بل ستعمل جنبًا إلى جنب معه لتحقيق أفضل النتائج.
دراسة ميدانية لتطبيق الإرشاد الزراعي الإلكتروني
أوضح الدكتور عطوة أحمد عطوة، الأستاذ بمعهد بحوث وقاية النباتات ومدير مكتب إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية، أن تطبيق الإرشاد الزراعي الرقمي يتطلب دراسة دقيقة للسلوكيات والاحتياجات الفعلية للمزارعين، مشيرًا إلى أن المزارعين في المناطق الريفية عادة ما يكونون مترددين في تبني التكنولوجيا الحديثة، نظرًا لصعوبة فهمها أو لعدم اقتناعهم بجدواها، ما يحتم إجراء دراسة ميدانية عن المجتمع الزراعي كان أمرًا أساسيًا لضمان نجاح هذه المبادرة.
وأضاف أن هذه الدراسة تتطلب تحديد الطريقة المفضلة للمزارعين للحصول على المعلومات، سواء عبر البرامج التلفزيونية القديمة مثل برنامج “سر الأرض” الذي كان يستهدفهم في الماضي، أو عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل “واتساب” و”تيليجرام”، مشيرًا إلى أن استخدام الهاتف الذكي أصبح أمرًا محوريًا في حياة المزارعين، مشددًا على ضرورة التأكد من مدى انتشار هذه التكنولوجيا بينهم قبل الشروع في تقديم الإرشاد الزراعي الإلكتروني.
تحليلات واستبيانات لتفضيلات المزارعين
تابع «عطوة» أن الدراسة التي أجريت كشفت عن نتائج غير متوقعة، حيث تبين أن حوالي 87% من المزارعين يمتلكون هواتف ذكية، وهي نسبة أعلى مما كان متوقعًا. هذه النتيجة شجعت فريقه على الاستمرار في تطوير الإرشاد الزراعي الإلكتروني.
وأوضح أنه تم تصميم استبيانات لتحديد كيفية تفضيل المزارعين تلقي المعلومات، ونتيجة لهذه الاستبيانات، توصل الفريق إلى أن المزارعين يفضلون تلقي المعلومات في أشكال مختلفة، سواء كانت نصية، صوتية، أو مصحوبة بالصور والرسوم التوضيحية.
وأشار إلى أن إحدى المزايا الكبرى لتقديم الإرشادات الزراعية عبر الهاتف المحمول هي أن المزارع يمكنه مقارنة الصور التي يستقبلها مع المحاصيل الموجودة لديه، مما يساعده على اتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة، وكذلك يستطيع الوصول إلى الصيدليات الزراعية بسهولة دون أن يخشى الحصول على منتجات غير أصلية.
دور وسائل التواصل في الإرشاد الزراعي
أوضح الأستاذ بمعهد بحوث وقايةالنباتات أن المزارعين شكلوا مجتمعات زراعية عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل مجموعات “فيسبوك” و”واتساب” التي تضم مزارعين مختصين بمحاصيل معينة مثل البطاطس أو الفراولة.
وأكد أن هذه المجموعات تُعد وسيلة فعالة جدًا لتقديم الإرشادات الزراعية، نظرًا لسهولة الوصول إلى المزارعين وتفاعلهم المباشر.
ضرب الدكتور عطوة مثالًا بالحملة القومية للأمح التي تستهدف مزارعي القمح في مصر، حيث تم استخدام الهواتف الذكية للتواصل مع المزارعين، وتزويدهم بالمعلومات عبر “واتساب”، موضحًا أن هذه الطريقة أثبتت فعاليتها بشكل كبير، حيث أصبح المزارعون يتلقون الإرشادات الزراعية بشكل فوري وسهل، مما أدى إلى تحسين طرق الزراعة وزيادة الإنتاجية.
الإرشاد الزراعي الإلكتروني: التحول المستقبلي
اختتم «عطوة» حديثه بتأكيد أهمية التحول نحو الإرشاد الزراعي الرقمي كجزء من مستقبل الزراعة في مصر، مشيرًا إلى أن تقديم هذه الخدمة يتطلب التركيز على تكنولوجيا الهواتف الذكية، التي أصبحت متاحة لدى معظم المزارعين.
وأكد أن الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة “واتساب”، يوفر فرصة ذهبية للتواصل مع المزارعين بطريقة مريحة وسريعة، مما يسهم في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
وأعرب عن تفاؤله بمستقبل الزراعة في مصر بفضل تبني التكنولوجيا الرقمية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تمثل تحولًا إيجابيًا سيؤدي إلى زيادة الكفاءة الزراعية وتحسين جودة الإنتاج، كما سيسهم في حماية المزارعين من الخسائر وتحقيق أكبر قدر من الفائدة الاقتصادية لهم وللمجتمع.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة الكاملة..
الزراعة الرقمية ومستقبلها في مصر
موضوعات قد تهمك..
زراعة كفر الشيخ تنظم فريق إرشادي لمكافحة الآفات ..وندوة لمحصول القطن