ارتبطت الشعوب التي قطنت الأماكن الجافة ذات الظروف القاسية وسقوط الأمطار المنخفض والذي لا يكفي الاحتياجات المائية للمعيشة والزراعة بعملية حصاد المياه.
وساعد حصاد الأمطار التي يتم جمعها او حصادها في بطن الأودية والخزانات في دعم مصادر الرزق عند سكان المناطق القاحلة وشبه القاحلة منذ آلاف السنين.
وقد كانت تستخدم تقنيات حصاد المياه على نطاق واسع في شمالي إفريقيا حتى في عصور ما قبل الرومان. وكشف خبراء الآثار أن الثروة التي حققتها (مخازن القمح التابعة للامبراطورية الرومانية) كانت تعتمد على الزراعة المروية بمياه الجريان السطحي لمياه الأمطار. ولهذا تعتبر تقنيات حصاد مياه الأمطار والسيول أحد الوسائل القديمة جداً التي قام بها الإنسان في مناطق شتى لتعظيم الاستفادة منها . كما بلغت تلك التقنيات أوج ازدهارها في مصر والأردن خلال الحكم الروماني وهناك مؤشرات على أن هذه التقنيات استخدمت في عديد من المناطق مثل شمال أفريقيا وبعض الدول الأسيوية وفلسطين والصين. ففي جنوبي الأردن، يعتقد أن المنشآت الأولى لحصاد المياه قد تم عملها منذ ما يقرب على 9000 سنة خلت لسد الاحتياجات اللازمة للمعيشة والزراعة لفترات طويلة. ويظهر بالدليل القاطع أن التقنيات البسيطة لحصاد المياه يعود استخدامها في جنوبي وادي الرافدين (العراق) إلى عام 4500 قبل الميلاد. واستخدم السوريون منذ القدم تقانات حصاد المياه خاصة سكان المناطق الجبلية . ويرجع تاريخ استخدام هذه التقانات إلى بدايات العهود الأولى من الحضارات الانسانية في منطقة بلاد الشام. وبحيث أصبحت الحاجة ماسة للاستفادة من مياه الأمطار الموسمية والتي غالبا ما تتساقط خلال أشهر قليلة من العام . كما أصبح استثمار هذه المياه بالمناطق الجافة بسوريا في الوقت الحالي يشكل أهمية كبرى وتزداد أهميتها في المناطق التي تقل فيها مصادر أخرى مثل المياه الجوفية. ويعتبر اليمن أحد المناطق التي شهدت وجود حضارات قديمة ، فقد قام سكان تلك المنطقة بتطبيق تقانات حصاد المياه منذ القدم يعود تاريخه إلى 1000 سنة قبل الميلاد. ويرجع ذلك بالأساس إلى أن اليمن لا تتوفر فيه مصادر مائية تذكر غير الأمطار وما ينتج عنها من مياه سطحية، أو مياه جوفية محددة لا يمكن الاعتماد عليها . فقد ابتكر اليمنيون تقنيات ادهشت عقل إنسان اليوم وجعلته يقف أمامها متأملا . ويمثل سد مأرب الذي تم إنشاءه وقت مملكة
سبأ خير شاهد على قدم استخدام تقنيات حصاد المياه كان يقوم بتحويل مياه الجريان لري مساحة ٢٠ الف هكتار، تعطي محاصيل من المحتمل أنها قد أطعمت ما يقرب من 300 ألف نسمة. وفي جنوب تهامة، باليمن، تستخدم الزراعة التي تعتمد على مياه الجريان بشكل تقليدي لإنتاج الذرة الرفيعة. في مصر فأن الساحل الشمالي الغربي ومناطق شمال سيناء لهم تاريخ طويل في استخدام تقنيات التخزين لمياه الأمطار والجريان في الاودية للاستخدام في الأغراض المختلفة الزراعية والانتاج الحيواني والشرب للإنسان. ويطبق في مصر نظام نشر وتوزيع مياه الأمطار، وكذلك أنظمة تخزين مياه الأمطار في الخزانات الرومانية والخزانات الخرسانية التي يوجد مثلها في العديد من الدول العربية الأخرى كالأردن وسوريا أما في السودان فإن تاريخ استخدام تقنيات حصاد المياه يرجع ربما إلى الثلاث قرون الأخيرة . وتستخدم بشكل محدود لأغراض الزراعة على نطاق ضيق وأيضا لاستخدامات الشرب للانسان والحيوان . واستخدمت العديد من أنواع تقنيات حصاد المياه البسيطة والتي ما زال معظمها متبعا في كثير من قرى کردفان ودارفور في وسط وغرب السودان . والوسائل المتبعة في ذلك الحين تشمل حفر أحواض في أرض طينية أو صلبة تكون نفاذيتها منخفضة جدا وتسمى محليا بالفولة وتكون في شكل دائري أو بيضاوي . وفي تونس، فإن نظم حصاد المياه المعروفة باسم المسقاة (meskat) ، والجسور (jesour)، والمغود (mgoud)، التي تستخدم المنحدرات والجدران، تاريخا تقليديا طويلا وهي لاتزال إلى اليوم موضع الاستخدام. أما في المغرب، فلاتزال طائفة واسعة من تقنيات حصاد المياه تستخدم في المنطقة المقابلة لجبال أطلس. ولعب نظام تقانات حصاد المياه دورا مهما في القرن التاسع عشر الميلادي في تلبية الاحتياجات من المياه لشرب الإنسان والحيوان في مناطق هامة من المغرب كدكالة وعبدة والشيادمة وسوس. واعتمد الرومان على الزراعة على مياه الأمطار في المغرب ويوجد اماكن تستخدم هذه التقنيات بها حتى الوقت الحاضر. وفي بلوشستان بباكستان يوجد تقنية لحصاد الأمطار ترجع الى العصور القديمة ومازالت حتى وقتنا الراهن.
هذه المعلومات أعدها شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء، وتضمنتها النشرة الفنية الزراعية والتي تصدرها الإدارة العامة للثقافة الزراعية.
اقرأ أيضا
الحجر الزراعي: حققنا رقم قياسي في الصادرات الزراعية وعالجنا مشكلة الوسطاء
دودة الحشد الخريفية.. أبرز سماتها الظاهرية وطُرق انتشارها
باحث يوضح فرص وفوائد التوسع في زراعة عباد الشمس بالوادي الجديد
علاج النيماتودا.. باحث يؤكد إمكانية القضاء عليها خلال 150 دقيقة
لا يفوتك
التغيرات المناخية وأثرها علي الإنتاج الزراعي