بنجر السكر واحد من أهم المحاصيل الزراعية الأساسية، التي أولتها الدولة كامل اهتمامها، للاعتماد عليه في صناعة وتدبير وتأمين احتياجات المواطنين من السكر، وهي الاستراتيجية التي اعتمدت على عدة محاور رئيسية، في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة منها.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد عبد الدايم، مُقدم برنامج “صوت الفلاح”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور محمد عبد الهادي – أستاذ إنتاج المحاصيل كلية الزراعة جامعة عين شمس – ملف
في البداية أعطى الدكتور محمد عبد الهادي لمحة تاريخية عن نبات بنجر السكر، مؤكدًا أنه لم يكن معروفًا قبل اكتشافه من قِبل العالم الألماني مارجراف، والذي كان يدرس النباتات البرية، بحثًا عن مادة السكروز، إلى أن وجدها في البنجر.
وأوضح أن مارجراف برغم توصله لاكتشاف العلاقة الوثيقة بين بنجر السكر ومادة السكروز، إلا أنه لم يكن قادرًا على زيادة أو مُضاعفة نسبة تواجدها داخل النبات، بما يُمكن من الاعتماد عليها في المجالات التصنيعية، وهو الخيط الذي تولاه تلميذه العالم الألماني “أشرد” من بعده، في مُحاولة لاستغلال هذا النبات الاستراتيجي الهام.
ولفت إلى أن القائد العسكري الفرنسي الشهير نابليون بونابرت كان صاحب الفضل في مُضاعفة الجهود والأبحاث العلمية، لمُضاعفة نسبة مادة السكروز داخل بنجر السكر، وهو ما نجح فيه بالفعل بالوصول لنسبة تُعزز من استغلال هذا النبات في المجالات التصنيعية، ما ساهم في انتشاره والتوسع بزراعته بكافة دول العالم منذ عام 1850.
وكشف “عبد الهادي” عن وصول مصر لمنطقة الاكتفاء الذاتي حتى عام 1973، والذي وصل فيه مُعدل إنتاج السكر من القصب إلى 583 ألف طن، مع توقف حدود الاستهلاك عند 501 ألف طن، بفائض يصل إلى 82 ألف طن، وهي المُعادلة التي تغيرت مع بداية فترة الانفتاح الاقتصادي، وما ترتب عليها من زيادة كبيرة في مُعدلات استهلاك الفرد، بالشكل الذي يفوق حدود إنتاجيتنا، علاوة على تسارع وتيرة الزيادة السكانية، التي شكلت عامل ضغط إضافي، وصل بالفجوة حدود الـ45% من إجمالي احتياجاتنا.
وأكد أستاذ إنتاج المحاصيل بكلية زراعة عين شمس أن الفجوة الحادثة في تصنيع السكر من القصب زادت سبب احتياجات هذا المحصول لبعض الظروف والمُقومات الصارمة، والتي أدت لتفاقم الأزمة، بالإضافة لأزمة التعدي على الأراضي الزراعية، ما أدى للمزيد من التداعيات، التي كانت المحرك والدافع الرئيسي للبحث عن بدائل ومحاصيل أخرى تصلح لإنتاج السكر، وفي مُقدمتها بنجر السكر.
وأوضح أن عام 1982 كان إيذانًا ببدء التوسع في عملية إنتاج السكر من محصول بنجر السكر، بعد إنشاء شركة الدلتا للسكر في الحامول، لتدوير إنتاج 12 ألف فدان مزروعة بهذا المحصول الاستراتيجي، والتي تضاعفت منذ ذلك الوقت وصولًا لإجمالي المساحة المُنزرعة الحالي، والذي يصل إلى 700 ألف فدان.
وعزا “عبد الهادي” أسباب نجاح استراتيجية زراعة ومُضاعفة إنتاجية محصول بنجر السكر إلى عدة عوامل:
- الزراعة التعاقدية والتي تؤمن حقوق وربحية المُزارعين قبل بداية الموسم
- ملائمة محصول بنجر السكر لكافة أنواع الأراضي “الطينية، الرملية، الكلسية”.
- ارتفاع درجة مقاومته للعديد من المُسببات المرضية
- ارتفاع درجة تحمله للجفاف
- ارتفاع درجة تحمله للملوحة
- ارتفاع درجة تكيفه مع الظروف الجوية والمناخية المعاكسة
- زيادة توجه الدولة نحو مشروعات استصلاح الأراضي
- قصر دورته الزراعية