بدائل الأسمدة الكيميائية تُمثل أحد الملفات التي تشغل أذهان جميع المُزارعين، وعلى مدار موسم طويل وشاق، تظل إشكالية توفير العناصر الغذائية الهامة للتربة، وخفض هامش التكاليف المُدخلات إلى حدودها الدنيا، هي الهاجس الذي يفكر فيه غالبية العاملين بهذا النشاط على اختلاف شرائحهم، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الوسائل التقليدية، فيما تظل مسألة تدبير عناصر قادرة على الاحتفاظ بذات المعدلات الإنتاجية قيد الحسبان.
وخلال حلوله ضيفًا على برنامج نهار جديد، المُذاع عبر قناة مصر الزراعية، تحدث رمضان أحمد عيسى الباحث بقسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية، التابع للمركز القومي للبحوث، عن بدائل الأسمدة الكيميائية بوصفها أحد الحلول الاستراتيجية الهامة، التي تيتح توفير بديل آمن وصحي، علاوة على ما لها من نتائج إيجابية على مضاعفة الإنتاج وتحسين جودته، لتظل خطوة جيدة على طريق تحقيق أهداف وبرامج التنمية المُستدامة التي تسعى إليها غالبية دول العالم.
أضلاع منظومة التسميد الثلاثة
في البداية تحدث الباحث رمضان أحمد عيسى، عن ملف ارتفاع أسعار مدخلات العمليات الزراعية، وفي القلب منها ما يخص عمليات التسميد، موضحًا أنها استدعت التدخل لإيجاد حل سريع وعاجل في سبيل تدبير بدائل لتحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف.
وأوضح أن منظومة التمسيد تعتمد على ثلاثة مجموعات أساسية، هي العضوية والمعدنية والحيوية، مؤكدًا أن هذه العناصر الثلاثة يجب أن يتم المزج بينها بتوازن ووفق معادلة علمية دقيقة، للوصول لأفضل النتائج المُتاحة.
المخلفات العضوية.. أبرز بدائل الأسمدة الكيميائية
أكد الباحث رمضان عيسى أن المُخلفات العضوية تعد أحد الحلول غير التقليدية، لتوفير مصادر آمنة وصحية، في سبيل تحقيق طفرة ملموسة في إنتاجية الأرض، علاوة على فوائدها الاقتصادية الكبيرة، التي لا تتوقف عن حدود التغلب على الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار الأسمدة، كأحد المُعضلات التي تُمثل صداعًا مُزمنًا، في رؤوس أهالينا من صغار المزارعين، بل تمتد آثارها إلى المساهمة في مكافحة والحد من التلوث، الناجم عن الاستخدام غير الآمن للأسمدة الكيميائية، وما يترتب عليها من نتائج تُسهم بالسلب في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ثروة مصرية هائلة من المخلفات العضوية
كشف عيسى أن مصر يتوفر لديها قُرابة الـ20مليون طن من المخلفات العضوية، 50% منها ناتجة عن القصب والأرز وقش الأرز، مؤكدًا أنها نتاج رباني لأعظم العمليات الطبيعية الموجودة على سطح الأرض ممثلة في البناء الضوئي، نظرَا لاحتواء نواتج ومخرجات المحاصيل الزراعية على مئات العناصر الغذائية، ما يُسهل إعادة تدويرها، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها للتربة.
صناعة السكر.. ودورها في توفير بدائل الأسمدة الكيميائية
تحدث أستاذ قسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية عن صناعة السكر وأهميتها بالنسبة لتوفير العديد من بدائل الأسمدة الكيميائية، وأبرزها عنصري البيكاس والسافير – مخلفات القصب ومُصاصة القصب – بالإضافة لبعض المخلفات الجانبية الغنية بالبوتاسيوم والأحماض.
البيناس.. ودوره في المعاملات الزراعية
تابع الأستاذ رمضان عيسى فوائد مُخرجات صناعة السكر، وما ينتج عنها من المخلفات العضوية مثل البيناس، الذي يُمثل أحد نواتج تقطير المولاس، مؤكدًا احتوائه على عناصر عالية الجودة، وأبرزها عنصري البوتاسيوم والهيوميك أسيد، علاوة على بعض الأحماض العضوية والأمينية.
طينة المرشحات.. عنصر هام وغير مُستغل
وأشار إلى أن طينة المُرشحات تُمثل أحد المُخرجات والنواتج الهامة لمصانع إنتاج السكر، نظرًا لاحتوائها على عناصر الفوسفور والكالسيوم والكبريت والبوتاسيوم، وتركيبة أخرى من العناصر الكبرى والصغرى.
وأوضح أن طينة المُرشحات تُمثل أحد المنتجات الثانوية غير المُستغلة، كونها تحتاج لبعض المعاملات الخاصة، قبل استخدامها ضمن الأسمدة البديلة، لتعظيم عوائدها وتحقيق أفضل النتائج منها.
المخلفات العضوية وعلاقتها بعملية التقليم وتصنيع البايو شار
لفت الباحث رمضان عيسى إلى الأهمية الاقتصادية الناتجة عن استخدام المخلفات العضوية الناتجة عن عمليات تقليم الأشجار، كـ”بدائل الأسمدة الكيميائية” والاستعانة بها في تسميد الأراضي الزراعية بشكل مُباشر – حال توافرها بسمك معين – مُشيرًا إلى إمكانية استغلال ما لا يصلح منها، في تصنيع الفحم الحيوي أو ما يعرف بـ”البايو شار”، مؤكدًا أنه حقق نتائج مذهلة على مستوى العالم.
وعزز من أهمية استخدام “البايو شار” كسماد بديل للتربة، نظرًا لاحتوائه على أفضل العناصر الغذائية، كأحد النواتج المُباشرة لعمليات التمثيل الضوئي، ما يسهم في إعادة غالبيتها للأرض مرة أخرى، ويُعلي من خصوبتها بشكل كبير، علاوة على أهم مميزاته والمتمثلة في تخفيض استهلاك المياه المستخدمة في ري الأراضي الزراعية، بنسبة 30%، بالإضافة لدوره البناء في إصلاح وإعادة التماسك للتربة.
أهم العناصر التي يمكن استخلاص الأسمدة المعدنية منها
الأسمدة المعدنية الطبيعية هي أحد أهم البدائل الهامة، لإعادة الحيوية للتربة مرة أخرى، كبديل صحي وآمن، يؤثر بالإيجاب في هذا النشاط الاستراتيجي، دون إلحاق أي ضرر بالبيئة أو مكوناتها، ليمثل قيمة مُضافة تستفيد منها الأراضي الزراعية على المدى الطويل.
أكد الباحث رمضان عيسى أن هذه بدائل الأسمدة الكيميائية تُعد بمثابة هدايا ومنح ربانية لأرض الكنانة، نظرًا لتواجدها بوفرة في البيئة المصرية التي تتميز بتنوعها، وتعدد الموارد الطبيعية والأنماط البيئية فيها إلى حد بعيد.
لا يفوتك.. جهود الدولة للنهوض بزراعة النخيل في مصر
الفلسبار.. زعيم الأسمدة المعدنية الطبيعية بأرخص الأسعار
تحدث الباحث رمضان عيسى عن أول نماذج الأسمدة المعدنية الطبيعية، والممثلة في صخور الفلسبار، التي تمثل أحد المعادن الثلاثة الناتجة عن التحلل الكيميائي للجرانيت، والمتواجدة بكثرة في جبال البحر الأحمر ومنطقة أبو طرطور.
وأوضح أن الفلسبار يمثل مصدر رئيسيًا لعنصر البوتاسيوم، والذي يوفر 10% من احتياجات التربة منه، موضحًا أنه يحتاج لوضع بعض أنواع البكتيريا المُنشطة والمُيسرة، لتحليل البوتاسيوم وتوصيله للتربة بشكل فاعل.
صخور الفوسفات
تابع أستاذ تكنولوجيا الحاصلات الغذائية تقديمه لأهم العناصر التي تقوم بدور الأسمدة المعدنية الطبيعية، مؤكدًا أن صخور الفوسفات، أحد أفضل البدائل الطبيعية التي يمكن استخدامها في المعاملات الزراعية الخاصة بالتسميد، مُعظمًا من قيمتها في مد التربة باحتياجاتها من الفوسفات، بعد معالجتها بعدد من العمليات التي تقوم بها بعض أنواع البكتيريا، لتحفيز استخلاص هذا العنصر الهام.
الدورمايت.. وأهميته في القيام بدور الأسمدة المعدنية الطبيعية
قدم الأستاذ رمضان عيسى الباحث بالمركز القومي للبحوث صخور الدورمايت بوصفها أحد أهم مصادر الأسمدة المعدنية الطبيعية، مفسرًا أهميتها بكونها تحتوي على عنصري الماغنسيوم والكالسيوم، اللذان يقومان بدور فاعل في إعادة الحيوية والنضارة للتربة، ما يسهم في زيادة الإنتاجية وتعزيز هامش الربح للمزارعين.
الجبس الزراعي.. علاج طبيعي للتربة
عدد الباحث رمضان عيسى من فوائد استخدام الجير الزراعي في المعاملات الخاصة بالتسميد، مؤكدًا أنه يقوم بمعادلة قلوية التربة، علاوة على تعزيز الملوحة فيها، ما يُسهم في تحسين نوعيتها، وتعظيم عوائدها الاقتصادية للمزارع، والتي تتجلى في نهاية الموسم بمحصول وفير.
الأسمدة الحيوية.. ودورها في تحسين البيئة وتعظيم الإنتاج
الأسمدة الحيوية هي الضلع الثالث في مُعادلة التسميد، ولها دور بارز في إصلاح التربة وتعظيم الاستفادة منها، علاوة على نتائجها المُباشرة التي تصب في صالح تحسين البيئة وزيادة الانتاج، علاوة على توفير غذاء عالي الجودة، دون اللجوء إلى المواد والمحسنات الكيميائية، التي تضر بصحة الإنسان والنبات على حد سواء، علاوة على تماشيها مع أهداف التنمية المُستدامة، بالحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال التالية.
الأسمدة الحيوية.. ودور وزارة الزراعة في توفيرها
واستفاض الأستاذ رمضان عيسى الباحث بقسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية، في الحديث عن أهمية استخدام الأسمدة الحيوية، موضحًا أن أبرز هذه الأسمدة الحيوية التي توفرها وزارة الزراعة هي الـEM1، مُشيرًا لاحتوائه على 60 نوع من الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للتربة، والتي تُساهم في استعادتها لخصوبتها مرة أخرى، بشكل طبيعي آمن وفعال.
وأوضح أن على المزارعين التعامل مع التربة ككائن حي، يحتاج للمعززات الحيوية بشكل مُستمر ومتجدد، لعلاج بعض الممارسات الخاطئة التي يمارسونها على مدار الموسم، وأبرزها رش المبيدات الكيميائية، والتي تؤدي لقتل العديد من الطفيليات والبكتيريا النافعة.
ولفت إلى أن مادة الـ EM1 تُعيد للتربة حيويتها وخصوبتها المفقودة، عن طريق إضافة الكائنات الحية الدقيقة اللازمة مرة أخرى.
المايكروبين.. ودوره في علاج مشكلة الاحتباس الحراري
وأفرد الباحث رمضان عيسى المساحة للحديث عن فوائد الاستعانة ببعض نماذج الأسمدة الحيوية، خلال المعاملات الزراعية الخاصة بالتسميد، موضحًا دورها الهام في الحد من الآثار السلبية الناتجة عن استخدام المواد الكيميائية، والتي تضر بالبيئة إلى حد بعيد.
وقدم أستاذ قسم تكونولوجيا الحاصلات البستانية، مادة المايكروبين بوصفها أحد أفضل البدائل التي تمثل إضافة كبيرة للتربة، موضحًا أنه مسؤول عن تثبيت الآزوت الجوي، لجميع الحاصلات الزراعية سواء خضر أو فاكهة.
وعدد من فوائد استخدام المايكروبين، بوصفه أحد أفضل الأسمدة الحيوية، التي يمكنها الاستفادة من تركيبة الغلاف الجوي، والتي يمثل عنصر النيتروجين 80% من تركيبته، موضحًا أنه يشمل العديد من الكائنات الحية، التي يمكنها استخلاص هذا العنصر الهام من الهواء، لإعادته للتربة مرة أخرى بشكل طبيعي، بعيدًا عن المعاملات الكيميائية الضارة.
وأكد أن الاستخدام المُفرط بكثافة في الأسمدة المُخلقة، يؤدي لزيادة عنصر النيتروجين في الجو عن حدوده الطبيعية المسموحة، ما يؤدي لتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، مع ما تمثله من أضرار مُباشرة على كوكب الأرض والنشاط الزراعي وحياة الإنسان بوجه عام.
وأوضح أن هذه المنتجات متوافرة بأسعار رمزية، في متناول جميع المزارعين، عبر العديد من المنافذ المتخصصة المُعتمدة، وعلى رأسها وزارة الزراعة وجميع مراكزها البحثية، مثل مركز البحوث الزراعية، المعمل المركزي للمناخ، معمل بحوث الأراضي والمياه والبيئة، بالإضافة للمديريات التابعة لها بأغلب محافظات الجمهورية، علاوة على كليات الزراعة بالجامعات الإقليمية، في سبيل التخفيف عن كاهلهم وتعظيم أرباحهم في نهاية الموسم، علاوة على زيادة الإنتاجية التي تصب في صالح تقليل الفجوة الغذائية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية.
العقدين.. بديل آمن لتوفير احتياجات التربة من النيتروجين
وكشف عن الفوارق العلمية بين “العِقدين” وباقي الأسمدة الحيوية المنوط بها توفير احتياجات التربة من النيتروجين بشكل طبيعي آمن، موضحًا أن الأخير، تتم إضافته لمخلفات النباتات البقولية فقط.
وأوضح أن العِقدين يوفر عنصر النيتروجين للتربة بنسبة تقترب من الـ50%، فيما يمكن استخلاص من 25 إلى 30% من احتياجاتها عن طريق الأسمدة العضوية الأخرى، مثل مخلفات الطيور والماشية والأغنام.
طريقة تحضير خليط السماد من المخلفات
أكد الدكتور أن تحضير بدائل السماد من خليط المخلفات النباتية والعضوية والحيوانية يحتاج لمعاملات خاصة، للوصول إلى النتائج المأمولة منها، ويتم ذلك وفقًا لمعادلة علمية مراحل وخطوات
وأوضح أن أولى هذه الخطوات هي فرم هذه المخلفات بشكل علمي، مع كمرها “ضغطها وتخزينها” لفترات تصل إلى 5 أشهر، مع الاهتمام بوضع وخلط هذا المكمور بالأسمدة الحيوية قبل التخزين، لتمكين الكائنات الحية الدقيقة من تسريع وتيرة تفاعل وتحليل واندماج هذه العناصر في مركب واحد.
وشدد على ضرورة استخدام الأدوات المُخصصة للقيام بتلك العمليات لضمانة خلو المركب النهائي من بعض الأمراض وأبرزها النيماتودا.
ولفت إلى أن المعادلة الأمثل للأسمدة يُفضل أن تُمثل فيها بدائل الأسمدة الكيميائية نسبة 75% من المكونات المُستخدمة على أن يقتصر استخدام العناصر التقليدية “المُخلقة” على الـ25% المُتبقية.
إقرأ أيضًا:
إكثار النخيل عن طريق البذرة.. تعرف على رأي المتخصصين
التمر السيوي.. تعرف على قائمة أفضل التمور المصرية والعربية
تسميد قصب السكر.. أفضل النصائح والإجراءات الوقائية المستخدمة على مدار الموسم
زراعة الأنسجة.. أدلة نجاحه وكيفية استغلاله لتحقيق الاكتفاء الغذائي