الموسيقى تهذب روح الإنسان، وتعمل على تهدئه التوتر الناتج عن الضغوط الحياتية، ودورة العمل المُكثفة التي يدور فيها أغلب البشر، ولكن هل هذه النغمات والمقاطع الصوتية، تحمل نفس القدر من التأثير على الحيوان؟، سؤال قد يثير الدهشة في نفوس بعض القراء، والإجابة عليه تتطلب الاستعانة بأحد الخبراء في هذا المجال.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، مُقدم برنامج “مصر كل يوم”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور كميل متياس، وكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، عن هذا الملف، موضحًا أثر الهدوء والسكينة واستخدام المقاطع الموسيقية في زيادة إنتاجية الحيوان، بالإضافة لشرح أبعاد لغة الجسد التي تستخدمها هذه الكائنات للتعبير عما تشعر به، وكيفية تأويلها والتعامل معها بشكل علمي.
استخدام الموسيقى وعلاقته بالإنتاج الحيواني
في البداية تحدث الدكتور كميل متياس، عن الأثر الإيجابي الناتج عن استخدام الموسيقى في تنمية الثروة الحيوانية، وزيادة معدلات إنتاجيتها، موضحًا أن التعامل برُقي مع هذه الكائنات الضعيفة، يُسهم بشكل كبير في تحسين الإنتاج، كونها تشعر بذات الأحاسيس وتتأثر بكافة العوامل والظروف الخارجية مثلها مثل البشر، ما يتطلب مراعاة هذا البُعد من المُربين والمستثمرين.
وأكد وكيل مركز البحوث الزراعية السابق، أن استخدام الموسيقى في عنابر تربية الحيوانات أصبح أمرًا شائعًا لدى قطاع عريض من المستثمرين، موضحًا أن الدول الغربية سبقتنا في هذا الاتجاه، بعدما كشفت الدراسات العلمية مدى التأثير الإيجابي الناتج عن توفير البيئة الهادئة، في تحسين مزاجية الحيوان وزيادة إنتاجيته.
وضرب الدكتور كميل متياس المثل بالحيوانات المُنتجة والمُدرة للألبان، موضحًا أن الأصوات المُزعجة والضجيج، تؤثر بالسلب على الإنتاج، لذلك حرصت أغلب المزارع الأوروبية على تحسين وتعديل صوت ماكينات حلب الألبان، بالشكل الذي لا يؤدي إلى فزع أو قلق هذه المخلوقات، والتي لوحظ مدى تأثرها بمثل هذه الأمور، ما ينعكس على درجة وكفاءة إنتاجيتها، ما دعاهم للجوء إلى الموسيقى، كأحد العوامل التي تبث الهدوء والسكينة وتوفر البيئة الصالحة لها، وهو المثال الذي يمكن تعميمه بالقياس على جميع الكائنات الحية.
لغة جسد الحيوان.. مدلولها وكيفية تفسيرها
وانتقل الدكتور كميل متياس إلى نقطة أخرى بالغة الأهمية، موضحًا التأويلات المُختلفة للغة الجسد التي يستخدمها الحيوان، في محاولة للتعبير عما يشعر به من أوجاع، موضحًا أهم الفوارق بين عدد من الحركات، وكيفية تفسيرها والتعامل معها بالنسبة للمربين.
ولفت وكيل مركز البحوث الزراعية السابق، إلى أهمية التعامل مع مشاعر الحيوان بشيء من الرحمة والذكاء، موضحًا أن بعض صغار المُربين لا يدكون مدى خطورة بعض الإشارات التي تستخدمها هذه الكائنات غير الناطقة، والتي قد يترتب عليها خسائر اقتصادية فادحة، نتيجة عدم التعامل معه بالسرعة الكافية، وتفسيرها بالشكل العلمي الصحيح.
رأس الحيوان ممدود إلى الأمام.. ماذا تعني هذه الإشارة؟
أكد الدكتور كميل متياس أن الحيوانات تميل إلى استخدام لغة الجسد، للتعبير عن بعض الأعراض المرضية، التي ينبغي التعامل معها بالسرعة والدقة العلمية الكافية، حتى يتسنى لها العلاج بالشكل الصحيح.
وقدم عددًا من العلامات المرضية التي ينبغي التعامل معها بالقدر الكافي من الاهتمام، موضحًا أن بعض الحيوانات تلجأ إلى إمالة رأسها بشدة إلى الأمام، وهي إشارة بالغة الخطورة، وتعني أن هذا المخلوق يُعاني من التهابات شديدة بالقصبة الهوائية، ينبغي التعامل معها بالشكل الطبي اللازم والفوري، للحفاظ على حياتها وعدم فقدانها.
فتح الساقين الخلفيتين بشكل مائل
ضرب الدكتور كميل متياس نموذجًا ثانيًا لأحد الأعراض المرضية، التي يستخدم فيها الحيوان لغة الإشارة، في محاولة لتنبيه المُربي بما يشعر به، موضحًا أن فتح الساقين الخلفيتين بشكل مائل، دون الاستقامة المعتادة والصحيحة، يعني وجود التهابات شديدة في المثانة، وعدم قدرة الحيوان على التخلص من البول، وهي إشارة ينبغي التعامل معها طبيًا بسرعة، لعدم حدوث أي مُضاعفات تؤثر على صحته وحياته وكفاءة إنتاجيته.
لا يفوتك.. الاتجاه العالمي للزراعة العضوية ودور مصر في النهوض بها
إمالة الرأس على أحد الجانبين
واصل الدكتور كميل متياس، وكيل مركز البحوث الزراعية السابق، تقديم النصح والإرشاد، فيما يخص لغة الجسد التي يعمد الحيوان إلى استخدامها، للتعبير عن بعض الأعراض المرضية التي يمر بها، مُفسرًا علامة إمالة الرأس على أحد الجانبين، والتي تعني إصابته بإجهاد شديد، يستدعي خلوده إلى قسط وفير من الراحة، وعدم تحميله بأي أعمال إضافية.
ساعات النوم والخلود للراحة
وأوضح أن الحيوانات تحتاج لفترات زمنية مناسبة للنوم والخلود للراحة، مؤكدًا أن عدم حصول هذه الكائنات على احتياجاتها الفسيولوجية السليمة، يؤدي لتدهور صحتها وقلة إنتاجيتها بشكل لا يمكن تخيله، ومُحذرًا من زيادة الأعباء المُلقاه على عاتقها، والتي قد يعمد بعض المُزارعين إلى استخدامها فيها، عن جهل ودون دراية منهم بتبعاتها السلبية على حجم مكاسبهم الاقتصادية.
موضوعات قد تهمك:
صناعة الألبان وعلاقتها بالنباتات الطبية وحقيقة التوجيهات الرئاسية في هذا الشأن
الأعمال الحقلية وعلاقتها بإدرار الألبان
أكد الدكتور كميل متياس على وجود علاقة وثيقة بين استخدام المُزارعين لماشيتهم في الأعمال الحقلية، ودرجة وحجم وجودة الإنتاجية المُتوقعة، مُشيرًا إلى أن هذه العلاقة تتناسب عكسيًا، فإذا تم إنهاك الحيوان بالمزيد من الأعمال، فإن حجم اللحم الناتج عنه سيكون أقل من المتوقع، والأمر عينه يحدث في حالة الحيوانات المُدرة للألبان، والتي تنخفض إنتاجيتها بشكل كبير.
50 لتر دم = 1 لتر من الحليب
وأوضح وكيل مركز البحوث الزراعية السابق، أن الحيوانات المُدرة للألبان تحتاج لتكرير ما بين 40 إلى 50 لترًا من الدم، للحصول على لتر لبن حليب صافي كامل العناصر الغذائية، وهو الأمر الذي يكشف مدى الإجهاد الذي يتعرض له قلب الحيوان، لحصول المُربي على إنتاج يتراوح ما 10 إلى 15 كيلو من الألبان، وهي مسألة شديدة التعقيد لا يدركها سوى المُتخصصون.
وحذر الدكتور كميل متياس جميع المُربين من خطورة استخدام هذه الحيوانات في المزيد من الأعمال الحقلية، موضحًا أن هذا الأمر سينعكس بالسلب على القدرات الإنتاجية وحجم المكاسب الاقتصادية المتوقعة، مُشيرًا إلى أن الوقوع في هذا الخطأ سيؤدي لتوجيه طاقة الحيوان في المكان غير المُخصص له.
وفسر هذا الأمر بأن قلب الحيوان سيحتاج لتقسيم حجم الدماء التي يضخها ما بين العمل والإنتاج، ما يعني تخصيص قدرًا أقل لتكريره والحصول على اللبن، وبالتالي ستنعكس هذه الخطوة بالسلب على المُربي واقتصادياته على مدار الموسم.