الموالح تحتاج الالتزام بتنفيذ بعض التوصيات وتطبيق بعض الاشتراطات الفنية، للحفاظ على هذه الزراعات الاستراتيجية، والوصول لأفضل النتائج المُمكنة، بعيدًا عن القوالب المحفوظة والثابتة، والتي يؤدي اتباعها دون استشارة الخبراء والجهات المُختصة للإضرار بالمحصول، والنزول بحجم الإنتاجية إلى حدودها الدُنيا.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامية مها سميح، مُقدمة برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور عبد الرحمن محمد – باحث متفرغ بمعهد بحوث البساتين، التابع لمركز البحوث الزراعية – ملف زراعة الموالح بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على أفضل الطُرق الواجب اتباعها تجاه تقليل قيمة المُدخلات، وزيادة هامش الربحية المُتوقعة منها بنهاية الموسم.
الموالح.. مدخلات الإنتاج ومتغيرات الاقتصاد العالمي
في البداية تحدث الدكتور عبد الرحمن محمد عن القيمة الاقتصادية لـ”الموالح”، موضحًا أنها إحدى الحاصلات الاستراتجية الهامة، نظرًا لما تمثله من إجمالي مساحة الفاكهة، والتي تصل إلى 0.5 مليون فدان، بإجمالي حجم إنتاجية 5 مليون طن.
وأوضح أن هذا التفوق لمحصول الموالح ساهم في احتلاله موقعًا مُتميزًا بقائمة الصادرات الزراعية المصرية، بإجمالي 1.5 مليون طن، بالإضافة للمرتبة المتيزة التي وصل إليها، ضمن الدول المُصدرة – المركز السادس في تصدير الموالح، والأول بالنسبة للبرتقال – وهو الملف الذي توليه الدولة والجهات المعنية كامل اهتمامها، للحفاظ على هذه الريادة، وما تمثله بالنسبة للمعادلة الاقتصادية.
وعرف أستاذ معهد بحوث البساتين مصطلح مدخلات الإنتاج موضحًا أنه يُقصد به كافة المُستلزمات التي يعتمد عليها المُزارع على مدار الموسم، مُنذ بداية تجهيز التُربة لاستقبال المحصول، وصولًا لمرحلة الحصاد، وتشمل مُعاملات الريى والتسميد ومقاومة الآفات والحشائش، والتي تتحول إلى أرقام ومصروفات.
وأوضح أن مُعادلة مدخلات ومخرجات النشاط الزراعي طرأت عليها العديد من المُتغيرات، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع أسعار الوقود، أثقلت كاهل المُزارع البسيط بالمزيد من الأعباء المالية، لتُلقي بظلالها القاتمة على ميزان ربحية المُزارع البسيط بحلول نهاية الموسم.
صغار المزارعين عصب إنتاج الموالح
لفت الدكتور عبد الرحمن محمد أن المساحة التي يتم الاستثمار فيها من قِبل الشركات الكبرى، لا تتعدى 25% من إجمالي زراعات الموالح، فيما يمثل صغار المُزارعين السواد الأعظم والـ75% المُتبقية من النصف مليون فدان الخاصة بهذه المحاصيل الاستراتيجية، ما استدعى تقديم كافة أشكال الدعم الفني والتقني والمعلوماتي، لتحقيق أفضل النتائج التي يُمكن الوصول إليها.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار مُستلزمات ومُدخلات الإنتاج، يفرض على المُزارعين ضرورة الالتزام بتنفيذ كافة التوصيات الفنية الواردة بشأن الموالح، والتي تبدأ باختيار الأصناف المُعتمدة، والتربة والمكان المُلائمين للزراعة، مُشددًا على ضرورة الاستعانة بالخبراء والمُتخصصين بهذا الملف من مركز البحوث الزراعية ومعاهده المُختلفة “بحوث البساتين، الأراضي، مقاومة الآفات”، وغيرها.
موضوعات قد تهمك:
الذرة الرفيعة.. أخطر 6 آفات تُهدد المحصول وطرق مكافحة العصافير والغربان
دودة الحشد الخريفية.. 4 خطوات للتخلص منها بدون مبيدات
تكاليف خدمة زراعة الموالح
كشف الدكتور عبد الرحمن محمد أن تكاليف خدمة زراعة الموالح تصل إلى 2000 جنيه للطن الواحد، موضحًا أن متوسط إنتاجية الفدان يتراوح ما بين 12 إلى 15 طن، ما يعني أن إجمالي حجم الإنفاق على مستلزمات هذا البند يتراوح ما بين 24 إلى 30 ألف جنيه، وهو رقم يكشف حجم العب المُلقى على عاتق المُزارع، والذي يستتبعه تحقيق الحد الأدنى من الأرباح التي تعوض عن هذا الجهد.
وضرب أستاذ معهد بحوث البساتين مثالًا بسيطًا فيما يتعلق ببند التسميد الآزوتي لمحصول البرتقال، والذي يحتاج 100 كجم، قيمتها الإجمالية تصل إلى 3 آلاف جنيه – سعر الكيلو 30 جنيه – موضحًا أن هذا الرقم يخص بند واحد فقط، ما يقفز بإجمالي قيمة مُعاملات التسميد، إذا ما وضعنا في الاعتبار كافة عناصره الأساسية، لما يقرب من الـ10 آلاف جنيه للفدان، وهي أرقام توضح حجم الأعباء المادية التي يتحملها المُزارع على مدار الموسم.
الاستعانة بالخبراء.. طريقك الأمثل لترشيد النفقات
دعا جموع المُزارعين للخروج من دائرة التقليد، دون الاستعانة بالمرجعية العلمية، التي تُساعدهم في الحصول على أفضل النتائج، وتحقيق العائد المادي المُرضي، فيما طالب الباحثين والمُختصين بتوفير التوعية والمشورة الفنية الصحيحة، لتحقيق التوازن المفقود ما بين ضلعي مُعادلة المصروفات والأرباح.
قواعد ترشيد المياه ونفقات تشغيل مُعاملات الري
وضع الدكتور عبد الرحمن محمد عدة شروط وقواعد لترشيد استهلاك المياه ونفقات التشغيل الخاصة بتنفيذ مُعاملات الري، والتي تعتمد على شقين الأول منها يختص بتوفير الاحتياجات المائية، فيما يتعلق الثاني بإدارة المياه.
وأوضح أن البند الأول يسهل يسهل توفيره بالاعتماد على المورد المائي المُتاح، أيًا كان مصدرها “النيل، الآبار”، لافتًا إلى أن المُشكلة الرئيسية تكمن في آليات تنفيذ الشق الثاني، والمُتعلق بطريقة إدارة المياه، والذي يستدعي تنفيذ بعض الخطوات التمهيدية، التي تُحقق أعلى درجات ترشيد الإنفاق “طاقة تشغيل ماكينات الرفع والري”.
إقرأ أيضًا:
محصول القطن.. 8 مزايا اقتصادية لصنف “جيزة 97” وركائز خطة تعميمه
محصول البنجر.. 3 أخطاء تؤدي لانخفاض نسبة السكر ومُعدلات وتوقيت إضافة البورون – قناة مصر الزراعية
الأسرار الـ6 لترشيد نفقات الري
ولخص أستاذ معهد بحوث البساتين أهم الخطوات الواجب تنفيذها لترشيد نفقات تنفيذ مُعاملات الري في النقاط التالية:
1. تمهيد الأرض بشكل جيد ومُنضبط
2. تطهير القنوات المائية من الحشائش بشكل كامل
3. عمل وتجهيز الحواويل والحلقات بالشكل الصحيح
4. ألا يزيد الحوال الواحد عن 25 شجرة
5. تقليل فترات التشغيل
6. تقريب فترات الري لتعويض نقص المياه
وشدد على أن تنفيذ التوصيات الثلاث السابقة، يترتب عليه تقليل مُعدلات تشغيل ماكينات رفع وضخ المياه، مع توفير المُقنن المائي والاحتياجات المُنضبطة دون إفراط أو تقصير، وهو الأمر الذي ينعكس على نجاح باقي المُعاملات الزراعية التالية.
الرأي الصائب في توحيد برامج تسميد الموالح
رفض الدكتور عبد الرحمن محمد وجهة النظر الداعمة لتوحيد برامج تسميد الموالح، موضحًا عدم جواز الالتزام بهذا النهج الخاطىء، والذي يترتب عليه العديد من الإشكاليات اللاحقة، والتي تؤثر بشكل مُباشر على كفاءة المحصول وحجم الإنتاجية.
وعزا أسباب رفضه لوجهة النظر تلك إلى عدة أشياء، في مُقدمتها اختلاف طبيعة الأرض، وتباين الظروف البيئية، وتركيبة مياه الري، وثقافة المُزارع نفسه، مُوضحًا أن العامل الفصل في هذا الملف هو نتيجة “تحليل التربة وعينات الأوراق”، والتي تحدد إلى حد كبير نوع وكمية العناصر التسميدية الفعلية التي تحتاجها التربة والنبات.
شاهد:
خطط النهوض بمحصول الذرة الشامية
تنقية الأرض من الحشائش
أحد البنود الهامة، التي يتيح تنفيذها بالشكل الصحيح، توفير الهدر والفاقد من معاملات التسميد، التي تنافس فيها هذه النباتات الضارة المحصول الأساسي على عناصره الغذائية واحتياجاته المُنضبطة، موضحًا أن الحشائش المُعمرة تستدعي اللجوء إلى المبيدات، فيما يتم مواجهة الأنواع الحولية منها ببرامج “العزيق”.
وناشد الدكتور عبد الرحمن محمد جموع مُزارعي الموالح، بعدم إجراء أي مُعاملات خاصة بمُقاومة الحشائش، منذ بداية ظهور العين بالأرض في شهر مارس، وحتى مرحلة ثبات العقد في أول يوليو، إلا في حالة واحدة فقط، وهي ظهورها بشكل مُلفت وزائد عن الحد، مع الاكتفاء بـ”حشها باليد” فقط، لتكون تحت نطاق السيطرة.
وفسر أستاذ معهد بحوث البساتين فحوى هذه التوصية، التي تسمح بتواجد الحشائش خلال الفترة من شهر مارس وحتى مطلع يوليو، بأن هذه النباتات لها دور بارز في ضبط مُعدلات الحرارة والانحرافات المُناخية الحادة حول أشجار الموالح.
وقدم توصية أخرى فيما يخص مقاومة نمو الحشائش، مُشددًا على ضرورة إزالة هذه النباتات الضارة، قبل الوصول لمرحلة التفتح والتزهير، وإنتاج بذور جديدة، تُمهد لإعادة دورة حياتها في التربة مرة أخرى.
فوائد استخدام الأسمدة العضوية
أكد الدكتور عبد الرحمن محمد أن الاعتماد على الأسمدة العضوية والتي تُعرف اصطلاحًا بـ”الكمبوست”، يوفر على المُزارع الكثير من الجهد والنفقات، الخاصة بمقاومة الحشائش، شريطة أن يتم جلبها من محطات التدوير المُعتمدة، لضمان خلوها من أي مُلوثات.
الموعد الأمثل لإجراء أعمال مُقاومة الحشائش
حدد أستاذ معهد بحوث البساتين الموعد الأمثل لإجراء وتنفيذ أعمال مُكافحة الحشائش، خلال الفترة من شهر يوليو وحتى نهاية الموسم في نوفمبر أو ديسمبر، موضحًا أن الطريقة الأنسب للأراضي القديمة هي استخدام المُبيدات المُوصى بها، فيما نصح بتنفيذ عملية عزق “حش أو شأرفة خفيفة بالفأس”، لتهيئة التربة قبل بدء مُعاملات التسميد.
وأوضح الدكتور عبد الرحمن محمد أن تنفيذ التوصيات السابقة والخاصة بإجراءات مُقاومة الحشائش، سيكون عاملًا حاسمًا في ترشيد نفقات هذه المُعاملة، والتي لن تتعدى حدود الـ1000 جنيه بأي حال من الأحوال.