د.شاكر عرفات يكتب “قراءة حول لقاء الرئيس لمتابعة المشروعات الزراعية القومية”
إن التغيرات المتلاحقة فى جميع المجالات خاصة المجال الزراعى والذى يشهد اهتماما غير مسبوق، حيث يرتبط الإنتاج الزراعى بتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين. هذا وتشير مؤشرات التعداد السكانى أن هناك زيادة فى عدد السكان، مما يؤثر بشكل مباشر على زيادة الطلب على الغذاء، هنا تأتى أهمية المشروعات القومية الزراعية؛ لتلبى احتياجات المواطنين، وأيضا تجابه الزيادة المضطردة فى عدد السكان.
إن وزراة الزراعة منوط بها توفير المنتجات الزراعية؛ لتعزيز الأمن الغذائى، وفى هذا السياق وجبت الإشارة إلى المشروعات الزراعية التى تبنتها القيادة السياسية فى السنوات القليلة الماضية، حيث تهدف هذه المشروعات إلى التوسع فى الإنتاج الأفقى والرأسى، والاستفادة من وحدتى الأرض والمياه؛ لتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين، فقد شملت المشروعات مبادرة فخامة الرئيس بالتوسع فى زراعة 1.5 مليون فدان – مبادرة 100 مليون شجرة زيتون – ومبادرة 2.5 مليون نخلة – الدلتا الجديدة – مستقبل مصر – تبطين الترع – الاستزراع السمكى – مراكز تجميع الالبان – التوسع فى الزراعة فى شمال ووسط وجنوب سيناء، بالإضافة إلى محطات تحلية المياة، وتفعيل دور الزراعة التعاقدية والتى سيكون من أهم فوائدها زيادة دخل المزارع وإحياء التركيب المحصولى المتوافق مع البيئة والمناخ.
إن التوسع فى قطاع الزراعة يحتاج إلى توفير مستلزمات إنتاج وأيضا أساليب وتقنيات حديثة فى الزراعة، بالإضافة إلى توفير سلالات وهجن جديدة تتميز باحتياجاتها المائية القليلة، وقدرتها على مقاومة الأمراض، وإنتاجيتها المرتفعة، وقدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، وإعادة توزيع الخريطة الصنفية للمحاصيل الزراعية وفقا للتغيرات المناخية، هنا يأتى دور القطاع البحثى بوزارة الزراعة وهو مركز البحوث الزراعة حيث يقدم دورا هاما ونموزجيا فى استخدام التقنيات الحديثة لتوفير متطلبات الزراعة الحديثة بل وبناء على تكليفات مباشرة من معالى وزيرالزراعة وا.د/ رئيس المركز للسادة الباحثين بالمركز للوقوف جنبا الى جنب مع المزارعين للتعرف على المعوقات التى تواجههم وحلها من خلال الدعم الفنى والعلمى لهم لزيادة معدلات الانتاج وزيادة دخل المزراعين من خلال المدارس الحقلية والعيادات الزراعية لتطبيق الممارات الزراعية الجيدة للوصل الى منتج غذائى مطابق للمواصفات القاسية وامن وصحى ومغذى للجميع وباسعار مناسبة بالاضافة الى امتلاكه الى قدرة تنافسية فى الاسواق المحلية والعالمية لزيادة النافذة التصديرية.
دور التصنيع الزراعي كجزء من المشروعات الزراعية القومية
ومع توافر المنتج الزراعى هنا يأتى دور التصنيع الزراعى والذى يعتبر من القطاعات المهمة للدولة المصرية حيث ان له اثر مضاعف على العديد من القطاعات الاخرى فيساهم التصنيع الزراعى فى الارتقاء بالزراعة ورفع القيمة المضافة من المحاصيل الزراعية وتقليل الفاقد منها كما يؤدى الى الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين من خلال توفير منتجات غذائية امنة وصحية بالاضافة الى حماية البيئة من خلال تطبيق نظم الممارسات التصنيعية الجيدة وبشكل عام يمكن ايجاز الاهمية الاستراتيجية والاقتصادية للصناعات الغذائية فى الاقتصاد القومى فى النقاط التالية:
– رفع القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.
– تقليل الفاقد والمهدر من المنتجات الزراعية.
– تحقيق حالة من التوازن النسبى بين العرض والطلب على فى سوق المنتجات الزراعية.
– توفير العديد من فرص العمل وتحقيق دخل مميز بالاستقرار النسبى
– يساهم التصنيع الزراعى فى توفير سلسلة من التوريد الاخضر حيث تقوم الشركات الكبرى فى تقديم الدعم للفنى للموردين من المزارعين وذلك لمساعدتهم على تحقيق زراعة مستدامة والالتزام بالمعايير البيئية ومعاير سمة المنتج.
– اتاحة فرص تصديرية جيدة.
– المساهمة فى استقرار الاسعار وبالتالى الحد من التقلبات السعرية الموسمية.
ايضا تتميز مصر بالتنافسية فى التصنيع الزراعى وقدرتها الكامنة تفوق بكثير المعوقات والتى يمكن التغلب عليها ومن اهم هذه الميزات التنافسية:
– موقع مصر الجغرافى وقربها من اسواق التصدير الرئيسية فى الاتحاد الاوروبى والدول العربية والافريقية.
– توافر انتاج المحاصل على مدار العام.
– ارتفاع انتاجية وحدة المساحة
– التوسع فى الاستصلاح الزراعى
– الطلب المتزايد على الانتاج الزراعى والصناعات الزراعية نتيجة ازمة الغذاء العالمى وارتفاع اسعار هذه لمنتجات وهذا ادى الى زيادة معدل نمو الصادرات لغذائية المصرية فى السنوات الاخيرة.
– استراتيجة وزارة الزراعة لتحقيق التكامل بين الزراعة والصناعة وزيادة دخل المزارع من الزراعة وزيادة الاستثمار من خلال زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية وتطوير تكنولوجيات جديدة لتوجيه نسبة كبيرة منها الى التصنيع.
– تدوير المخلفات الزراعة ومخلفات التصنيع الزرعى واستخدامها فى انتاج الاسمدة العضوية والاعلاف وغيرها.
– انتشار فرص التصنيع الزراعى فى جميع محافظات مصر فلا تخلو محافظة من منتج زراعى يمكن تصنيعه وتعظيم القيمة المضافة له.
هذا وقد تطرق اللقاء الى إحياء ريادة الشركات الوطنية ذات الريادة فى التصنيع الغذائى، حيث لم يتوقع احد ان يكون فى مصر كيان اسمة مدينة الصناعات الغذائية، والان اصبح هذا الكيان قائم بل تم انشاء وافتتاح مجمع صناعات غذائية به وهو مجميع سايلو فوود وفى خلال الاشهر القليلة الماضية وجه فخامة الرئيس بانشاء منطقة صناعية اخرى تحت مسمى قها-ادفينا وذلك بهدف دعم الاقتصاد القومى حيث بدات الوزارات المعنية ومن بينها وزارة الزراعة فى اعداد خطة شاملة لتطوير الشركتين (قها وادفينا) ضمن عمل استراتيجى متكامل يستهدف اعداد تصور واضح للاستفادة من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية لاستعادة الانتاج المتميز لهما بما يعزز قيمة المنتج الوطنى فى الاسواق المحلية ويرفع القدرة التنافسية ويعظم فرص التصدير.
حيث يشير الموقع الذى تم اختيارة لاقامة شركة قها-ادفينا فهو اختيار استراتيجى بناءا على توجيهات الرئيس السيسى حيث يتوافر فى الموقع شروط التنافسية والميزة النسبية منها توافر سبل النجاح كافة واستدامة الانتاج المتميز من حيث القرب من الموانىء والطرق والمحاور وكذا مناطق الانتاج حيث يسهل توفير المواد الخام وتقليل تكاليف لنقل.
إن شركتى قها وادفينا لهما تاريخ فى وجدان المواطن المصرى فى القرن العشرين. حيث كانت توفر شركة قها وادفينا حوالى 90 % من متطلبات السوق المحلية للاغذية المحفوظة والمشروبات.
هيكلة الشركات القومية ضمن المشروعات الزراعية القومية
إن استراتيجية إعادة هيكلة شركتى قها وادفينا تهدف الى احياء الدور الوطنى للشركتين فى شكل متكامل ومن المعروف ان اجيالا عدة من المصريون تعلقت بمنتجات الشركتين. وما يجب تسليط الضوء عليه هنا هو ان شركة قها قد بدات فى انتاج الوجبات الساخنة الطازجة المطبوخة من الخضار واللحوم واصبحت هى المورد الرئيسى للجيش المصرى فى حرب 1973 ثم بدات فى تقديم هذه الوجبات الى بعض الدول العربية. حيث تتميز الوجبات بالمذاق الجيد والذى جذب المستهلك العربى.
وفى سياق اخر وخلال استعراض الرئيس للمشاريع القومية الزراعية اكد سيادته على الاهتمام بالتوسع فى زراعة الزيتون وصناعته لزيادة القيمة المضافة وفتح اسواق جديدة وزيادة الصادرات. وهنا سؤال لماذا الزيتون؟ الزيتون يتم زراعته فى المناطق التى لا تنافس المحاصيل الاستراتيجية وهى شجرة مباركة لها اهمية اقتصادية وبيئية واجتماعية هامة حيث تتميز شجرة الزيتون بان احتياجاتها المائية منخفضة تتحمل الظروف البيئة ايضا تتحمل الملوحة. بالاضافة الى ماسبق فهمى شجرة بلا مخلفات حيث تؤكل ثمارها وتصنع اوراقها الى منتجات دوائية ومشروبات هامة وتدخل نواتج تقليمها مثل الافرع فى صناعة الاخشاب. هذا وتحتل مصر ميزة نسبية فى انتاجية الفدان وكذلك فى جودة الثمار وتنوعها فهى مطلوبه فى اسواق كثيرة من العالم. هنا تجدر الاشارة الى ان اصناف الزيتون تنقسم الى عدة اقسام تعتمد على تركيب الثمار الى اصناف زيتون لانتاج زيتون المائدة واصناف زيتون لانتاج زيت الزيتون واصناف زيتون يمكن استخدامها للتخليل وايضا لانتاج زيت الزيتون ويطلق عليها اصناف ثنائية الغرض. هذا وتنتشر زراعة الزيتون فى مصر فى سيناء ومطروح خاصة سيوه وفى وادى النطرون والفيوم والوادى الجديد ثم توالت التوسعات فى قطاع الزيتون حيث شملت محافظات المنيا واسيوط والاسماعيلية والشرقية والسويس وغيرها.
تمتاز مصر بامتلاكها لمجموعة من الاصناف المحلية والتى تتميز بخواص جودة تفوق جميع الاصناف العالمية كما تتوطن اصناف اخرى فى مصر عبر مئات السنين فى سانت كاترين حيث تنمو فى الوديان بشكل طبيعى وتوارثها الابناء من الاجداد. بالاضافة الى ان الاصناف الاجنبية والى تم استيرادها من فترات طويلة اصبحت متاقلمة مع البيئة المصرية والان نطلق عليها اصناف مصرية لانها توطنت ونجحت زراعتها فى مصر باستثناء بعض الاصناف والتى يكون الزيت المستخلص منها غير مطابق للممواصفات الدولية مثل الاربكوين والاربوسانا والاوليانا وفى هذا السياق يزرع فى مصر حوالى 60% من اهم اصناف العالم من حيث الجودة والقدرة على المنافسة فى الاسواق العالمية. بالاضافة الى استنباط هجن وسلالات جديدة ذات ميزة نسبية فى الانتاجية وتلائم طرق الزراعة الحديثة بالاضافة الى ان الزيت المستخرج منها مطابق للمواصفات الدولية.
ان القيمة المضافة لشجرة الزيتون مرتفعة ولها جوانب مختلفة. حيث يتم تصنيع (تخليل) ثمار الزيتون بطرق معتمدة معروفه فى الاسواق العالمية لتلبى رغبات المستهلكين حيث تنتشر فى مصر تخليل الزيتون بهذه الطرق من خلال شركات كبرى او من خلال معامل صغيرة او متوسطة. كما تتوافر ايضا تقنيات للحصول على منتجات مختلفة من ثمار الزيتون بعد تخليها منها الزيتون الشرائح والمخلى والمحشو.
على الجانب الاخر، ضمن المشروعات الزراعية القومية، يتوافر فى مصر تقنيات استخراج زيت الزيتون الحديثة والتى تعتمد على طرق الاستخلاص المستمر للحفاظ على جودة الزيت المستخرج. وعلى الرغم من ان مصر تنتج كميات محدودة من زيت الزيتون الا انها تمتاز بخواص جودة مرتفعة وقدرة على المنافسة ولكن لابد من التوجه الى التوسع فى اصناف زيتون الزيت مع الاحتفاظ بمعدل ثابت من التوسع فى زراعة اصناف زيتون المائدة والتى تمتلك مصر فيها ميزة نسبية اقليميا وعالميا. ايضا لابد ان يتم التوجه الى تسويق الزيتون المصرى (زيت زيتون – ثمار زيتون) فى صورة مجزئة تحت اسماء ماركات تحمل الهوية المصرية ويكتب عليها صنع فى مصر لان -هذا يزيد من القيمة المضافة وزيادة النافذة التصديرية.
لا يفوتك: مراحل الكشف عن متبقيات المبيدات بالمحاصيل الزراعية
اقرأ أيضًا:
انخفاض درجات الحرارة.. خطأ شائع يقود لحدوث “سمية النباتات”
الثروة الحيوانية ودرجة الإنتاجية وعلاقتها بالألفة والعاطفة