المبيدات الزراعية واحدة من العناصر الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، شريطة الالتزام بالتوصيات الفنية الواردة بشأن آليات وقواعد وطرق استخدامها، والمقننات المثلى لتحقيق المستهدف منها، وهي المحاور التي تطرق إليها الدكتور طارق عبد العليم – باحث أول بالمعمل المركزي للمبيدات – خلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، مقدم برنامج «مصر كل يوم»، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
المبيدات الزراعية.. تحديات ومآلات
في البداية تحدث الإعلامي سامح عبد الهادي عن التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع الزراعي على مستوى العالم، وتأثير الزيادة السكانية المتنامية والحروب والنزاعات، ومآلاتها التي تضاعف من صعوبة التبادل التجار، وتفضي للتهجير القسري للسكان، وبالتبعية زيادة الضغط على الدول المستقبلة، وتفاقم الطلب على الغذاء.
ولفت الانتباه أيضًا إلى تأثير التغيرات المناخية على مواعيد إنبات المحاصيل الزراعية، وزيادة معدلات إصابة المحاصيل الزراعية بالآفات والأمراض، ما يحتم ضرورة زيادة الاعتماد على التطبيقات العلمية في كافة مراحل إنتاج الغذاء، بدايةً من تجهيز الأرض وصولًا لمرحلة التداول، مع تسليط الضوء على أهمية المبيدات الزراعية.
أهمية المبيدات في الزراعة الحديثة
في البداية أشار الدكتور طارق عبد العليم، الباحث بالمعمل المركزي للمبيدات، إلى أن التعداد العالمي سيصل إلى 9.7 مليار نسمة، مما يستلزم زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 80%.
وأشار «عبد العليم» إلى أن عدم استخدام المبيدات سيؤدي إلى خسارة حوالي 60% من الإنتاج الزراعي، مؤكدًا أنها تشكل حلاً فعالًا لمواجهة خطر الآفات، شريطة استخدامها بالطرق السليمة الموصى بها، ما يعزز فرص الوصول للأمن الغذائي المأمول، وتحقيق الاستقرار المرجو على المدى البعيد.
وحذر من تبعات وتداعيات الاستخدام الخاطئ للمبيدات، ما يؤدي إلى زيادة مستويات المتبقيات في المنتجات الزراعية، ويحول دون إمكانية استيفائها لاشتراطات التصدير، بالإضافة لخطورتها على الصحة العامة.
التحديات في سوق المبيدات المصري
تابع الدكتور طارق عبد العليم حديثه عن سوق المبيدات في مصر، مشيرًا إلى وجود بعض الأخطاء التي تحتاج إلى معالجة سريعة، وعلى رأسها ظاهرة الغش، والذي لم يعد مقتصرًا على سوق المبيدات فقط، بل يشمل العديد من المنتجات الأخرى مثل الأدوية والإلكترونيات، حيث تصل قيمة الغش عالميًا إلى حوالي 645 مليار دولار.
وأشار إلى أن المبيدات تحتل المرتبة 22 على مستوى العالم في هذه الظاهرة، مؤكدًا على أن المزارع المصري له دور كبير في منع غش المبيدات، من خلال الامتناع عن شراء المنتجات المشبوهة والمجهولة المصدر.
التحديات المتعلقة بالغش في سوق المبيدات
وأوضح الدكتور طارق عبد العليم، أن الغش التجاري بعض الدول مثل الصين والهند تخطى حدود الـ٣٠%، بينما تتراوح هذه النسبة في الاتحاد الأوروبي بين 15% و20%. أما في مصر، فقد أُجريت دراسة في عام 2012 أظهرت أن نسبة الغش كانت 17%، وفي خلال عشر سنوات (حتى 2022)، تم تقليص هذه النسبة إلى 14%، مما يعكس جهدًا كبيرًا مقارنة بدول أخرى أكثر تقدمًا.
كيفية اكتشاف الغش من قبل المزارعين
أوضح الدكتور طارق أن المزارع البسيط يمكنه اكتشاف الغش من خلال ملاحظة بعض العلامات المميزة على العبوات، مثل الألوان المستخدمة في الطباعة والتي تشمل الأحمر، الأصفر، الأخضر، والأزرق، بالإضافة إلى استخدام رمز البيكتوجرام والباركود الذي يمكن مسحه باستخدام الهاتف المحمول للتحقق من صحة المنتج عبر الموقع الرسمي للجنة المبيدات، مشيرًا إلى أن بعض الشركات قد أدخلت تقنيات حديثة في التعبئة، مثل وضع باركود تحت الغطاء الذي يُسجل عند فتح العبوة.
مشكلة إعادة استخدام العبوات الأصلية
تحدث الباحث بالمعمل المركزي للمبيدات عن ظاهرة خطيرة تتعلق بإعادة استخدام العبوات الأصلية بعد إفراغها، حيث يتم جمع هذه العبوات وإعادة تعبئتها، مما يجعل من الصعب على المزارع اكتشاف الغش إلا من خلال التحاليل المعملية، مشيرًا إلى أن بعض الشركات بدأت في إنتاج عبوات قابلة للذوبان في الماء، ولكن هذه العبوات تكلفتها أعلى.
شراء المبيدات من مصادر معتمدة
لفت «عبد العليم» إلى أهمية شراء المبيدات من أماكن مرخصة ومعتمدة، موضحًا أن هذه المحلات يجب أن تكون لديها شهادات تدريب من لجنة المبيدات، ما يضمن أن التاجر على دراية كاملة بالتعامل مع المبيدات، موجهًا بضرورة شراء العبوات الكاملة وعدم الاعتماد على أجزاء من العبوات، لأن سوء التخزين قد يؤدي إلى تدهور جودة المبيد.
دور الدولة في مواجهة الغش
سلط «عبد العليم» الضوء على دور الدولة في مواجهة غش المبيدات، حيث تتعاون عدة جهات مثل المعمل المركزي للمبيدات وشرطة المسطحات المائية في تنفيذ عمليات التفتيش الدورية على المحلات وضبط المبيدات المغشوشة، مؤكدًا أن الغش لا يقتصر على بيع عبوات غير مسجلة فقط، بل يشمل أيضًا وجود شوائب أو مواد غير فعالة داخل العبوات، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للمزارعين والمحاصيل.
الموروث الثقافي حول استخدام المبيدات
اختتم الدكتور طارق عبد العليم حديثه إلى علاقة استخدام المبيدات بالموروث الثقافي السائد لدى جموع المزارعين، موضحًا أن بعضهم لا زال يستخدم مصطلح “الدواء” بدلاً من “المبيد”، وهو موروث ثقافي متداول منذ حقبة الستينيات.
وأضاف أن هذا الاستخدام يعكس نوعًا من الألفة بين المزارع والمبيدات، مشيرًا إلى أن الفهم الحديث للمبيدات يجب أن يكون علميًا ودقيقًا لضمان استخدامها بشكل صحيح دون ضرر.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة كاملة..
قواعد تسجيل المبيدات وعلاقتها بالصادرات الزراعية
موضوعات قد تهمك..
مكافحة حشائش القمح والتوقيت الأمثل لتنفيذ معاملات الرش ودور مطبقي المبيدات
مطبقي المبيدات وأبرز الاشتراطات التي يتوجب مراعاتها أثناء المكافحة