المبيدات الزراعية واحدة من الحلول التي يلجأ إليها قطاع عريض من المُزارعين، اعتقادًا منهم بأنها الحل الوحيد والسحري للتخلص من الآفات والمُسببات المرضية، التي تصيب جانب من محاصيل، وتنعكس بالسلب على حجم الخسائر التي يتم رصدها، والتي تُخصم من حسابات المكسب المُتوقعة.
وفي ظل التحرك السريع والمٌتوالي من قِبل حكومات غالبية دول العالم، للحد من المُلوثات ومصادر الانبعاثات، ومن بينها المبيدات الزراعية، كان لزامًا على الجميع التحرك بنفس القدر من السرعة، للتوعية بمدى التأثيرات السلبية الناجمة عن الإفراط في استخدام هذه المُركبات الكيميائية، على البيئة والصحة العامة
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامية مها سميح، مُقدمة برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور أحمد محمد علي كردي – أستاذ كيمياء وسمية المُبيدات – ملف قواعد الاستخدام الأمثل لـ”المبيدات الزراعية” بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على تقنيات وبرامج المكافحة المتكاملة.
المبيدات الزراعية.. التعريف العلمي
في البداية، قدم الدكتور أحمد كردي تعريفًا مُبسطًا لـ”المبيدات الزراعية” موضحًا أنها أي مادة أو مركب يُستخدم في إبادة الآفات – أي كائن حي يضر بالإنسان وممتلكاته – كـ”الحشرات، الأكاروسات، القواقع، البزاقات، القوارض، الطيور”.
متى يُصبح الإنسان مُجرد “آفة”؟
أوضح “كردي” أن الإنسان نفسه قد يتحول إلى “آفة”، حال جهله بـ”قواعد” استخدام المبيدات الزراعية والمُركبات الكيميائية، مؤكدًا أن الاستخدام المُفرط لها، يضر بالبيئة ومكوناتها، ويُوثر سلبًا على كافة مظاهر الحياة الطبيعية والأنشطة الإنسانية.
اشتراطات استخدام المبيدات الزراعية
كشف الدكتور أحمد كردي عن وجود عدد من الاشتراطات الحاكمة لاستخدام المبيدات الزراعية، مؤكدًا على حتمية الوصول أولًا لما يُعرف بـ”الحد الاقتصادي الحرج”، قبل اللجوء إلى استخدام المُركبات الكيميائية.
وسلط الضوء على مفهوم الحد الاقتصادي الحرج، موضحًا أنه يُقصد به ضرورة الوصول لتعداد مُعين من الإصابات الحشرية، والتي تُقدر علميًا بـ”4 يرقات” على النبات الواحد، كشرط أساسي للبدء في إجراءات المُكافحة الكيميائية باستخدام المبيدات الزراعية.
الإجراءات الأساسية لبرامج المكافحة المتكاملة “IBM”
سلط أستاذ كيمياء وسمية المُبيدات الزراعية الضوء على مفهوم “The Integrated Pest Management”، إدارة برامج المكافحة المتكاملة، والتي يُرمز لها اصطلاحًا بالحروف “IPM”، والتي يتوجب فيها تنفيذ حزمة من الإجراءات بشكل مُعين وصارم.
وأوضح أن خطوات إتمام المكافحة الزراعية المُنضبطة تُحتم الالتزام بالإجراءات التالية:
1. اختيار الصنف الجيد
2. تنفيذ عمليات الزراعة في التوقيتات المُثلى المنصوص عليها
3. إتمام مُعاملات الري في توقيتها الصحيح
4. الالتزام بإجراءات ومراحل التسميد وفق الشروط وبالمقننات المنصوص بها
5. حرث الأرض وتشميسها وتهويتها بالشكل الصحيح
6. ترقيع التربة في التوقيت المناسب
ولفت إلى أن الالتزام بهذه التوصيات الست السابقة الخاصة بمُعاملات وتوقيت تنفيذ “الخدمة”، يُقلل إلى حد بعيد من نسبة وفُرص الإصابة بالمُسببات المرضية والآفات، ما يؤدي بالتبعية إلى النزول بمُعدلات استخدام المُبيدات الزراعية الكيميائية لحدودها الدنيا.
موضوعات قد تهمك
حرث الأرض.. “أستاذ مُتفرغ” يكشف أضراره على البيئة والمحاصيل الزراعية
محصول القمح.. توقيت إضافة المُقننات السمادية ومزايا “نترات النشادر” و”الجرعة التنشيطية”
المكافحة الميكانيكية
قدم الدكتور أحمد كردي المكافحة الميكانيكية كأحد الخيارات المُثلى لمُقاومة انتشار الآفات والمُسببات المرضية، والتي تقوم فكرتها الأساسية على حفر خنادق حول الرقع والأراضي الزراعية، على أن يتم إضافة الجير أو المازوت إلى هذه الخنادق، لتكون بمثابة فاصل وجدار عازل، يحول دون زحف وانتقال الآفات من الحقول المُصابة إلى السليمة.
المكافحة البيولوجية
واصل أستاذ كيمياء وسمية المُبيدات شرحه لركائز وبرامج المكافحة المُتكاملة، مُسلطًا الضوء على خيار “المكافحة البيولوجية”، والتي تتضمن استخدام “المُفترسات، المُتطفلات، مُسببات الأمراض”، كأحد الحلول التي يتوجب الاعتماد عليها ضمن خطة المُكافحة المُتكاملة، وقسمها إلى قسمين:
أ. طبيعية: تنشأ دون أي تدخل من الإنسان
ب. مُخلقة داخل المعمل: عن طريق تربية بعض الطفيليات واستخدامها في قتل اليرقات والكائنات المُمرضة
المكافحة التشريعية
أوضح الدكتور أحمد كردي أن هذا الملف معني بالدرجة الأولى بـ”سَنّ” الدولة لعدد من القوانين والتشريعات الصارمة، والتي تستهدف منع انتقال المُسببات المرضية من مكان أو نطاق جغرافي إلى نطاق آخر، أو من دولة لأخرى، وهو الدور الذي يقوم به الحجر الزراعي.
المكافحة الكيميائية
هي آخر مراحل وحلول المُكافحة المُتاحة، والتي يتم فيها الاعتماد على بعض المُركبات الكيميائية والمبيدات الزراعية، للحد من انتشار الآفات والحشرات، وكافة المُسببات المرضية المعروفة، داخل الأراضي والمحاصيل الزراعية، لتقليل حجم الخسائر الاقتصادية المُتوقعة.
ويحكم ملف إدارة عمليات المُكافحة الكيميائية عدد من القواعد الصارمة، فيما يخص توقيت وحجم المُقننات المُستخدمة، والتي يتم تقديرها بناءًا على التوصيات الفنية، التي يضعها الخبراء والمُتخصصين بشكل واع ومُنضبط، للحد من انتشار المُسببات المرضية والآفات والحشرات.
تشديد الرقابة على المبيدات
اختتم “كردي” توصياته بالمطالبة بزيادة وتشديد الرقابة على تداول المبيدات الزراعية والمُركبات الكيميائية المُستخدمة في برامج المكافحة، للحد من ارتفاع نسب التلوث والملوثات، التي تعود بالسلب على البيئة والإنسان والصحة العامة.
المكافحة والمقاومة.. أبرز الفوارق
حذر من الإفراط في استخدام المبيدات الزراعية والمواد الكيميائية، خلال تنفيذ برامج المُكافحة، والتي يؤدي تجاوز الحدود المسموحة لها، وتكرار استخدامها خلال فترة زمنية مُعينة، إلى رفع درجة مُقاومة الآفات، ما يُؤدي لخسائر بيئية واقتصادية وخيمة على المُزارع والدولة.
وفرق بين مُصطلحي المكافحة والمقاومة، موضحًا أن الأول يُقصد به استخدام المُبيدات الزراعية بهدف القضاء على الآفات، فيما يدل الثاني على مُقاومة الآفة لأثر ومفعول تلك المواد الكيميائية السامة، ما يُعزز قدرتها على البقاء وإصابة المحاصيل الزراعية بشكل أكبر ولفترات أطول.
إقرأ أيضًا
الأسمدة الزراعية.. أضرار الإفراط فيها وطرق علاج تأخر تقديم “الجرعات البوتاسية”
التسميد النيتروجيني.. أضراره على المحاصيل الزراعية ومزايا تقنيات التسميد بـ”الرش”
لا يفوتك
محصول القمح.. أبرز التوصيات الفنية لأفضل إنتاجية