الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة وزيادة الإنتاجية الزراعية من وحدة المياه، فضلاً عن إنتاج خرائط محصولية لعده مواقع في مصر وبعض دول منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا، كانت من بين أهم أهداف مشروع “تنفيذ أجندة 2030 لكفاءة إنتاجية المياه واستدامتها في الشرق الأدنى وشمال افريقيا”
وقد تم عرض ومناقشة نتائج المشروع الإقليمي الذي نفذته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بتمويل من الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا) بالتعاون مع وزراتي الموارد المائية والري، والزراعة واستصلاح الأراضي، خلال ورشة عمل ختامية تم تنظيمها في محافظة المنيا، إحدى المحافظات التي تنفيذ المشروع فيها.
وكان المشروع يهدف لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة 2030 من خلال دعم ثمانية دول في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا – بما في ذلك مصر – لإدارة الموارد المائية وتخصيصها بشكل استراتيجي عبر دمج سياسات المياه والأمن الغذائي والطاقة، من خلال استخدام أربع حزم عمل رئيسية هي:
أولاً: المحاسبة المائية عبر وضع نظم محاسبة مائية قوية، ثانياً: تعزيز إنتاجية المياه من خلال تعزيز إنتاجية مياه المحاصيل في نظم زراعية مختارة مع إجراء التقييم وعمليات التكيف، ثالثاً: تحديد العلاقة بين المياه والطاقة والزراعة مع وضع حدود الشروط الآمنة لضمان استدامة المياه، وأخيراً تعزيز التواصل وإشراك الأطراف المعنية والعمل على زيادة الوعي وتنمية القدرات.
شهدت ورشة العمل الوطنية الختامية مشاركة واسعة من كافة الجهات المشاركة في تنفيذ المشروع من وزارتي الموارد المائية والري، والزراعة واستصلاح الأراضي، ومؤسسة رؤية حياة، وعدد من المستفيدين من مهندسي ومهندسات الإرشاد الزراعي والري، والمزارعات والمزارعين.
وتمثلت أهم نتائج المشروع في رسم خرائط باستخدام الاستشعار عن بعد لأنماط المحاصيل في 3 مواقع تجريبية بدقة 90 بالمائة، وتدريب 90 مهندسًا من 3 محافظات مستهدفة على كيفية انتاج خرائط المحاصيل باستخدام الاستشعار عن بعد وبشكل أكثر تحديدًا على جمع البيانات الميدانية؛ وتلقى 22 منهم تدريبًا متقدمًا لتحليل الخرائط وإنتاجها، حيث يقومون حالياً بإنتاج خرائط محصوليه بطريقة دورية. وتم تخصيص التطبيقات التي أدخلها المشروع لتسريع عمل جمع البيانات مع التركيز على المحاصيل ذات الأولوية.
وقد تم إنتاج خرائط للأعوام 2019 و2020 و2021 على مساحة 225 ألف فدان بثلاثة مواقع، وفي عام 2022، قام فريق انتاج الخرائط المحصولية بتكبير منطقة المنيا لدعم أعمال المحاسبة المائية الجارية.
كما تم تدريب فريق مكون من 20 مهندس من وزارتي الزراعة والري على استخدام تطبيق ODK وجمع وعلى واستخدام قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة WaPOR.
وعلى صعيد المحاسبة المائية، وهي منهجية لإدارة وتقييم موارد المياه وطبيعة الاستخدام بهدف فهم مصير كل قطرة ماء وتوجيه التخطيط الاستراتيجي وتخصيص المياه المطلوبة للزراعة، حيث قامت وزارة الموارد المائية والري بإنشاء وحدة مخصصة لمحاسبة المياه ضمن قطاع التخطيط. حيث قامت الوحدة بإجراء تمارين محاسبة المياه السريعة في كفر الشيخ وملوي (المنيا)، وحسابات مائية متقدمة باستخدام الاستشعار عن بعد في محافظتي الفيوم والمنيا. كما يجرى تصميم نظام محاسبة المياه المصمم خصيصًا للارتقاء باستخدام نهج الرصد المنتظم وإعداد التقارير من أجل اتخاذ القرار.
فقد قام المشروع بتنفيذ سلسلة من دورات المحاسبة المائية (المحاسبة المائية السريعة / محاسبة المياه المتقدمة). وتم تنفيذ محاسبة المياه المتقدمة في محافظة المنيا بالجمع بين الأساليب والأدوات المختلفة، بهدف تزويد الإدارة المستدامة للمياه بالبيانات الخاصة بموارد المياه والبنية التحتية والطلب على المياه والوصول إليها. كما تم بناء قدرات فرق متعددة التخصصات، حيث دعمت الفاو بين عامي 2018 و2020 تدريب فريق العمل في مصر على المحاسبة المائية السريعة بالتعاون مع المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) ومعهد (IHE delft). ومن عام 2020 إلى عام 2022، تم تطوير تدريب مخصص على المحاسبة المائية باستخدام الاستشعار عن بعد في إطار مشروع (EU STARS) لوحدة محاسبة المياه التي تم إنشاؤها حديثًا.
بالإضافة إلى ذلك تم تنفيذ برنامج تدريب إقليمي بواسطة معهد (IHE delft) لبناء فريق المحاسبة المياه المتقدمة. وتمت دعوة الخبراء المصريين المهتمين أيضًا بين عامي 2018 و2022 لمتابعة سلسلة مختلفة من ندوات المحاسبة المائية الإلكترونية حول: محاسبة المياه – الأساسيات، وحساب المياه قيد الاستخدام، وحيازة المياه، والبخر نتح باستخدام تحديد الاستشعار عن بعد، وقياس البخر نتح، ورسم خرائط المحاصيل باستخدام الاستشعار عن بعد.
وانضمت مصر إلى الشبكة الإقليمية لقياس البخر نتح والتي يقودها المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا). وبدعم من قسم القياس عن بعد في وزارة الموارد المائية والري، حيث تم تجريب محطة تقدير البخر نتح (ET Cordova) وتركيبها في ثلاث مواقع مختلفة والذي يهدف إلى توفير قياس بخر نتح حقيقي للمحاصيل الحقلية ودعم معايرة تقديرات الاستشعار عن بعد.
أما على صعيد إنتاجية المياه فقد تم تنفيذ سلسلة من التدخلات لزيادة كفاءة وإنتاجية المياه في أنظمة زراعية مختارة بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمن الغذائي. وقد تضمنت عمل مسح للمزارعين على طول سلسلة القيمة، وتوسيع خبرات المزارعين ووضع النماذج.
وقام معهد بحوث التربة والمياه والبيئة بوزارة الزراعة باستعراض جميع المعلومات المتوفرة حول إنتاجية المياه الحيوية والفيزيائية والاقتصادية لجميع المحاصيل المهمة. وأجري مسح لاستقصاء ممارسات الفلاحين تجاه المياه في محافظة المنيا. وتم استخدام النمذجة عبر النموذج الرياضي (AquaCrop) أيضًا لاستكشاف خيارات مختلفة لتحسين إنتاجية المياه مع مراعاة تأثيرات تغير المناخ أيضًا.
وقام المشروع أيضاً بإنشاء 7 مدارس حقلية للمزارعين، ومدرسة أعمال للمزارعين، و4 مدارس زراعية لطلبة المدارس، ودورات تدريبية حول التغذية وإعادة التدوير ومعالجة المخلفات في محافظة المنيا لتعزيز ممارسات الزراعة والري الجيدة وتجربة طرق زيادة إنتاجية المياه للمزارعين تحت شعار مزيد من المحصول، ومزيد من الدخل لكل قطرة مياه، بمشاركة كبيرة من المرأة الريفية التي تقوم بدور حاسم في المجال الزراعي وممارسات الري، مما يبرز الحاجة إلى إشراك المرأة في خطط التنمية لقطاعي الزراعة والري.
وتشير النتائج الأولية حول قصب السكر وبنجر السكر والقمح والذرة الصفراء إلى أن عائدات كل متر مكعب من المياه المستهلكة يمكن أن تختلف على طول سلاسل القيمة، مع مراعاة معدلات الفقد والهدر في الأغذية التي تمثل فقداً وهدراً كبيراً للمياه.
وقالت دومتيل فالي، المدير الإقليمي للمشروع “بعد 5 سنوات من تنفيذ المشروع، تم عرض ومناقشة الأنشطة المنجزة خلال ورشة العمل الوطنية والدروس المستفادة والتفكير في الآفاق المستقبلية لإدارة المياه، خاصة في ظل ندرة المياه التي تعد أحد التحديات الكبيرة في مصر ودول المنطقة”
وقال إسماعيل رضوان، وكيل أول وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بمحافظة المنيا :” المشروع اسهم بشكل كبير في تنمية قدرات مهندسي الزراعة والإرشاد الزراعي وتوفير مدارس حقلية للمزارعين والمزارعات لتدريبهم على ممارسات الزراعة الجيدة وكيفية استخدام الموارد المائية بشكل علمي، كما نجح المشروع في خلق مناخ عام بضرورة العمل على تطوير التقنيات الزراعية واختيار المحاصيل الأقل استهلاكاً للمياه والأكثر قدرة على الصمود في ظل التغيرات المناخية”.
ومن جانبه قال الدكتور محمد الخولي، مدير معهد الأراضي والمياه والبيئة، التابع لمركز البحوث الزراعية: “التقنيات الحديثة وتطبيقات الهاتف المحمول لعمل خرائط المحاصيل تساعد في تحديد المحاصيل المنزرعة في مناطق مختلفة في ظل وجود تكامل بين وزارتي الزراعة والري في كافة مديريات مصر لتوفير بيانات ومعلومات تساعد متخذي القرار لتحديد نوعية المحاصيل المنزرعة في المواسم المختلفة للتصدير مع تعظيم الاستفادة من المياه”.
المهندس عبد الحميد البركاوى، وكيل وزارة الموارد المائية والري بمحافظة المنيا شدد على أن المشروع ركز بشكل كبير على أهمية تعظيم الفائدة والعائد الاقتصادي لكل قطرة مياه في ظل الشح المائي وحصة مصر الثابتة من مياه النيل، حيث تحرص الوزارة على تعميم وسائل الري الحديثة خاصة في الأراضي الزراعية في دلتا النيل مع مساعدة أصحاب الحيازات الصغيرة بتوفير وسائل الدعم المختلفة على التحول للأنظمة الحديثة للري.
وبدروها قالت المهندسة أمل محمد جاسر، مدير مركز المعلومات بقطاع التخطيط بوزارة الموارد المائية والري، إن المشروع ساهم في رفع قدرات العاملين بالوزارة على إعداد خرائط المحاصيل باستخدام تقنية الاستشعار عن بعد في مناطق مختارة، إلى جانب إدخال محطات قرطبة لقياس التبخر نتح والتي تعتمد على تكنولوجيا حديثة ضمن منظومة الري الذكي، معربة عن رغبتها في تجديد المشروع وتعميمه على مناطق جديدة.
وقد تم تنفيذ هذا المشروع الإقليمي من قبل منظمة الأغذية والزراعة في إطار مبادرة ندرة المياه وبتمويل من الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي.