الزراعة بدون تربة … بارقة أمل نحو مستقبل أفضل.. في ضوء الزيادة السكانية المضطردة التي تعتبر من أهم التحديات التى تواجه مصرنا الحبيبة حيث وصل تعداد السكان لـ 102 مليون نسمة فى يونيو 2021 تبعا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء .
ونجد أن التحدى الاكبر يقع على عاتق القطاع الزراعى فى توفير الغذاء للسكان والحفاظ على الامن الغذائى المصرى تحت معوقات شديدة متمثلة فى تغير المناخ وانخفاض كمية المياه. ومن هنا تظهر أهمية الزراعة بدون تربة لما تلعبه من دور هام فى تعظيم الانتاجية من وحدة المساحة، وتبكير الانتاج، وزيادة كفاءه استخدام المياه مما يزيد من كمية المحصول لكل قطرة مياه.
الزراعة بدون تربة نظام بديل للزراعة التقليدية
الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى بديل للزراعة التقليدية فى الارض ، لا تدخل الارض الزراعية كاحد مكونات منظومة الانتاج بل تستخدم فقط كدعامة لانظمة الزراعة بدون تربة. نجد أن الارض الزراعية قد تعانى فى بعض الاحيان من العديد من المعوقات التى توجد بها بصورة طبيعية أو قد تتواجد نتيجة لسوء أو كثافة الاستخدام على مر السنين. فيمكن أن تكون الارض ملحية ويصعب التخلص من نسبة الاملاح المرتفعة بالغسيل او عدم توافر ماء كافى أو جيد لغسيل التربة. أو تكون التربة موبؤة بالامراض والحشائش التى تؤثر سلباً على المحصول.
أو قد تعانى التربة من تراكم العناصر الثقيلة بها والملوثات نتيجة لريها بمياه الصرف غير المعالج. أو يمكن أن تكون التربة صخرية يصعب تسويتها وتفتيت صخورها بسهولة. يمكن كذلك أن تحتوى التربة على طبقات صماء تعيق النمو والخدمة والصرف. أيضاً يمكن أن تكون منخفضة الخصوبة ، شديدة الحموضة أو القلوية ، أو تكون التربة مرتفعة الماء الارضى أو سيئة الصرف … والعديد والعديد من المعوقات التى قد تتواجد بالتربة وتؤثر على عملية الانتاج الزراعة بها وتؤثر بالسلب على كمية المحصول الناتج منها وجودته. كل ذلك لا يهم سيستطيع المزارع الاستمرار فى الانتاج الزراعى فى تلك الاراضى بل سيضاعف المحصول، ويحسن من الجودة أيضا ولكن بالتحول للزراعة بدون تربة بمنتهى السهولة.
الزراعة بدون تربة .. نظام زراعي متكامل
الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى متكامل يمكن التحكم فى مدخلاته من نوع البيئة او الوسط الذى تنمو به جذور النباتات، الصنف النباتى المستخدم، الكثافة النباتية فى المتر المربع، موعد الزراعة ، أنواع الاسمدة المستخدمة فى عمل المحلول المغذى ، …إلخ من مدخلات مختلفة مما يساعد فى النهاية على تقليل الفقد فى المحصول بل وتعظيم الانتاجية والجودة، وتقليل هدر المياه والاستفادة بكل قطرة منها.
ومن الجدير بالذكر أن الزراعة بدون تربة تساعد على الاستفادة من أى قطعة أرض بل أى مساحة وتحويلها إلى قطعة زراعية منتجة ولذلك كانت هى الحل الامثل لزراعة أسطح المبانى فى المدن لأمكانية أجراء التكثيف من خلالها وتعظيم الاستفادة من وحدة المساحة حيث يمكن زراعة أرضية السطح والحوائط مع القدرة على التكثيف الرأسى ، كل ذلك مع الحفاظ على المبنى جافاً دون رشح أى ماء زائد من رى النباتات بل يعاد استخدامه بالنظام المغلق ، أيضاً دون تحميل المبنى أى أحمال زائدة قد تضر بالمبنى على المدى الطويل وذلك من خلال استخدام بيئات زراعية وخامات خفيفة الوزن مقارنة بالتربة العادية.
تنوع أنظمة الزراعة بدون تربة بين الزراعة فى البيئات والزراعة المائية والزراعة الهوائية والعديد من الانظمة والاشكال المختلفة بداخل كل فرع من فروعها يؤهل الزراعة بدون تربة لتناسب عدد كبير بل اغلب المحاصيل البستانية من خضر وفاكهة ونباتات زينة ونباتات طبية وعطرية يمكن أنتاجها بسهولة وكفاءة وجودة مرتفعة باستخدام تلك النظم.
وتلك الصور ماهى الا أمثلة بسيطة لانتاج نباتات مختلفة فى الزراعة بدون تربة وغيرهم العديد والعديد التى تعبر عن وفرة الانتاج وجودته باستخدام تلك النظم.
إنتاج الأعلاف من خلال الزراعة بدون تربة
يمكن أيضاً انتاج الاعلاف الخضراء بسهولة من خلال الزراعة بدون تربة باستخدام الزراعة المائية بدون الحاجة لارض زراعية أو بيئة زراعية . وهى تعتبر الحل الامثل لقلة المراعى وأرتفاع تكلفة انتاج الاعلاف التى بدورها تؤدى لارتفاع اسعار اللحوم. حيث يؤدى إنتاج الاعلاف بتلك الطريقة الى توفير ما يقرب من 90% من كمية الماء المستخدمة لانتاج كمية مماثلة من العلف الاخضر باستخدام طرق الانتاج التقليدية فى التربة.
كذلك يتضاعف الانتاج نتيجة عمل التكثيف الرأسى .
وتتميز تلك التقنية ببساطتها وسرعة وكثافة الانتاج حيث أن العلف يكون جاهز لاستهلاك الحيوان فى فترة تتراوح بين 8 – 10 أيام. ويهدف إنتاج العلف بتلك الطريقة الى توفير كل قطرة ماء وهو ما يتماشى مع الاتجاه العالمى والمحلى لترشيد استهلاك الماء ورفع كفاءة استخدامه.
العلف الاخضر الناتج بتلك الطريقة يتوافر بصورة خضراء طازجة يومياً وطوال العام ومستساغ من قبل الحيوان ، ويحتوى على العديد من الفيتامينات والمواد الهامة لنمو الحيوان ويتغذى الحيوان على جميع اجزاء العلف الاخضر، حيث ياكل الحيوان الاوراق والسيقان والجذور وما تبقى من البذور واغلفتها، فيتم ازالة العلف الاخضر من الصينية وتقطيعة وتقديمه للحيوان دون هدر اى جزء من اجزائه .
ويعتبر الشعير من افضل الاعلاف الخضراء التى يمكن التاجها بتلك التقنية. وبالتوسع فى انتاج الاعلاف الخضراء بتلك الطريقة فذلك سيعود بالنفع على صحة الحيوان وتوافر اعلاف خضراء طوال العام مع تقليل استهلاك الماء.
من جميع ما سبق نجد ان الزراعة بدون تربة توفر الامل لاستمرارية انتاج الغذاء على مستوى العالم فى ظل الظروف المعاكسة للانتاج ، بل وتسمح فى التوسع فى زراعة الصحراء لقدرتها العالية على توفير المياه.
مقال
الزراعة بدون تربة … بارقة أمل نحو مستقبل أفضل
بقلم : د. نيفين السيد متولى
باحث أول – المعمل المركزى للمناخ الزراعى
المصدر
عدد أكتوبر 2021 من الصحيفة الزراعية الصادرة عن إدارة الثقافة الزراعية بقطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة
اقرأ أيضا
ارتفاع أسعار الطماطم .. الزراعة تكشف عن 7 أسباب
“الريف المصري الجديد”: فتح باب تقنين وضع اليد لأراضي الـ ١.٥ مليون فدان حتى ١٦ يونيو
الموافي لـ”مصر الزراعية”: أرز سخا سوبر 300 العملاق انطلاقه حقيقية للزراعة المصرية
لا يفوتك