الذرة الشامية واحدة من الحاصلات الزراعية الاستراتيجية، نظرًا لدخولها كركيزة أساسية في العديد من مشروعات الإنتاج الحيواني والداجني، علاوة على كونها أحد البدائل الغذائية غير التقليدية، بيد أنها تعرضت خلال الفترة الأخيرة لهزه عنيفة، نظرًا لاعتمادنا على استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتنا الرئيسية، بسبب التداعيات السلبية للحرب “الروسية – الأوكرانية”، والتي ألقت المزيد من الضوء على هذا الملف الشائك.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، مُقدم برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور حاتم الحمادي – رئيس قسم الذرة الشامية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية – عن محصول الذرة الشامية، وأهميته الاقتصادية والغذائية، مُسلطًا الضوء على إجمالي الإنتاجية والفجوة الغذائية، وشروط الانضمام لمنظومة الزراعة التعاقدية، وسعر الضمان الذي حددته الوزارة.
الذرة الشامية.. مواعيد الزراعة المُثلى
في البداية أكد الدكتور حاتم الحمادي أن الموعد الأمثل لزراعة الذرة الشامية يبدأ غالبًا من منتصف شهر مايو، موضحًا أن الظروف المُناخية المُغايرة التي شهدتها الأراضي المصرية هذا العام، ساهمت في تأجيل حصاد محصول القمح، ما أدى لترحيل موعد بدء الموسم.
وأوضح أن موعد بدء زراعة محصول الذرة الشامية يتفاوت من منطقة لأخرى، حيث تبدأ في منطقة الدلتا والأراضي القديمة خلال الفترة ما بين منتصف شهري مايو ويونيو، فيما يختلف الأمر بالنسبة لأراضي الوجه القبلي، والذي يبدأ من نهاية شهر يونيو، وبالنسبة للمناطق الجديدة مثل توشكى والعوينات والوادي الجديد، فتزدهر خلال الفترة ما بين يوليو وأغسطس.
ولفت إلى أن تدرج مواعيد بدء زراعة الذرة الشامية، أدى لوجود عدة عروات، ما يُعزز قدرتنا على زيادة الإنتاجية خلال الفترة المُقبلة، ولا سيما مع حزمة المشروعات القومية التي أطلقتها الدولة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتأمين السلة الغذائية للمواطنين، وتفعيل مفهوم التنمية المُستدامة.
إجمالي المساحة المُنزرعة بمحصول الذرة الشامية
وكشف “الحمادي” عن إجمالي المساحة المُنزرعة بمحصول الذرة الشامية، والتي تصل إلى 2.8 مليون فدان، موضحًا أن إنتاجية 2.2 مليون فدان منها موجهة لصالح قطاع إنتاج الحبوب، فيما تستأثر مشروعات إنتاج السلاج والعلف الحيواني بالــ600 ألف فدان المُتبقية.
وفسر المعنى المقصود بمصطلح السلاج، مُشيرًا إلى أنه يعني طحن محصول الذرة الشامية “الحبوب والكيزان”، بهدف رفع القيمة الغذائية وزيادة حجم إنتاجية الشق الموجه لقطاع صناعات العلف الحيواني.
الذرة الشامية وأسباب الفجوة الغذائية
سلط “الحمادي” الضوء على الفارق الكبير ما بين حجم الإنتاجية ومُعدل الاستهلاك، لافتًا إلى وجود فجوة كبيرة تصل إلى ما يقرب من 55%، والتي يتم استيرادها من الخارج لتعويض هذا النقص، واستيفاء احتياجاتنا من هذا المحصول الاستراتيجي الهام.
وعزا هذه الفجوة الكبيرة، بعدم التوسع في زراعة محصول الذرة الشامية، نظرًا لقلة العوائد الاقتصادية التي يجنيها المُزارعين من جرائه، موضحًا أن المحرك الأساسي الذي يحكم هذا النشاط، اقتصادي بحت، ما يؤدي لتوجيه بوصلتهم شطر الحاصلات التي تُدر عليها المقابل المُجزي بنهاية الموسم، فيما يظل السعر المُتدني لما يتم استيراده من الخارج، أحد أبرز أسباب صعوبة تسويق المُنتج المحلي، ما زاد من درجة الإحجام عن التوسع فيه.
ولفت إلى أنه رغم ذلك لازال محصول الذرة الشامية ضمن قائمة اهتمامات قطاع عريض من المُزارعين بسبب اعتماد الكثير من أنشطتهم الأخرى عليه، بسبب دخوله ضمن مكونات العلف بمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني، التي تُشكل قسطًا كبيرًا من مصدر دخلهم الأساسي.
موضوعات قد تهمك:
الذرة الشامية.. أبرز التوصيات الواجب تنفيذها لتهيئة التربة للزراعة
الأهمية الاقتصادية لمحصول الذرة
وعدد أوجه الاستفادة من الذرة الشامية، لكونه أحد أهم العناصر الغذائية التي يعتمد عليها شريحة ضخمة من جمهور المُستهلكين، الذين يميلون لاستخدام دقيق وخبز الذرة، فيما تدخل صناعة النشا والزيوت ضمن أوجه استخداماته، علاوة على كونه في مُقدمة المواد التي تعتمد عليها صناعة العلائق ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني والاستزراع السمكي، ما يجعله أحد أركان الأمن الغذائي المصري.
إقرأ أيضًا:
الحشائش.. خسائرها الاقتصادية وأجندة مُعاملاتها وطرق مُكافحتها بالمحاصيل الاستراتيجية
جهود الدولة للتوسع في زراعة الذرة
تحدث “الحمادي” عن جهود الدولة الحثيثة، للاقتراب من دائرة الكفاية الإنتاجية، موضحًا أن حزمة القرارات الأخيرة وفي مقدمتها الزراعة التعاقدية، والمشروعات القومية العملاقة بالمناطق الجديدة، تستطيع تحقيق العوائد المرجوة منها في خلال فترة زمنية وجيزة.
وأوضح أن تحديد سعر الأمان بـ6 آلاف جنيه للطن، بما يُعادل 840 جنيه للإردب، بالإضافة للحوافز الخاصة بمُسايرة الأسعار العالمية، وهو القرار الذي أثلج صدورهم، ويُعزز تشجيع وتحفيز جموع المُزارعين، على زيادة المساحات المُنزرعة أفقيًا، بعد فترة طويلة من الإهمال، وعدم إيجاد أي حلول لمشاكلهم.
وأكد أن ما تشهده الدولة المصرية على أرض الواقع، يبرهن على أننا نمضي على الطريق الصحيح، وعلى كافة الأصعدة، وبخاصة فيما يتعلق بالقطاع الزراعي، الذي شهد طفرة ونهضة حقيقية، لم تتحقق منذ عدة عقود.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
مشروع تربية النعام.. الشروط والمواصفات الأساسية وأسعار البيع
شروط الانضمام لمنظومة الزراعة التعاقدية
وفرق “الحمادي” بين الذرة البيضاء والصفراء، موضحًا أن الأخيرة قيمتها الغذائية أعلى، بسبب احتوائها على نسبة كبيرة من الكاروتين، ولافتًا إلى أن قرار سعر الضمان يخص هذا النوع فقط، ما يفتح الباب أمام المُزارعين على التحويل إليه، للدخول ضمن منظومة الزراعة التعاقدية.