الذرة الشامية واحدة من المحاصيل الاستراتيجية الهامة التي أولتها الدولة كامل اهتمامها، لمضاعفة معدلات إنتاجيتها والوصول لمعدلات الاكتفاء الآمن منها، مع تقديم كافة أشكال الدعم لوزارة الزراعة ومعاهدها ومراكزها البحثية، لإنتاج هجن جديدة تتماشى مع التغيرات المناخية، وهي المسألة التي تطرقت إليها الدكتورة مها بلبع – رئيس الفريق البحثي بقسم بحوث الذرة بالنوبارية – خلال حلولها ضيفةً على الإعلامي الدكتور حامد عبد الدايم، مقدم برنامج “صوت الفلاح”، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
أهمية البحث العلمي ودور معاهد البحوث في تحسين الإنتاج الزراعي
في البداية تحدثت الدكتورة مها بلبع عن الدور المحوري الذي يلعبه البحث العلمي في دفع عجلة التنمية الزراعية، إذ لا يمكن تحقيق أي تقدم في المشاريع القومية الكبرى دون الاعتماد عليه، مؤكدةً أن أحد أهم توجهات القيادة السياسية الحالية هو الاستفادة المثلى من كل متر من الأرض الزراعية وكل نقطة مياه، بما يعزز مضاعفة معدلات الإنتاجية من وحدة المساحة بأكبر قدر ممكن.
وأبدت “بلبع” تقديرها لجهود كافة العاملين في الأقسام الفنية المتخصصة بمعهد بحوث المحاصيل، موضحةً أنه يتم العمل على نحو 30 محصولًا مختلفًا، وفي مقدمتها الحبوب والأعلاف والمحاصيل الزيتية، ومؤكدةً أن المعهد يمثل دعامة أساسية لمصر في مجال الزراعة، حيث يسهم في تقليص الفجوة الغذائية التي لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا في ظل تسارع وتيرة الزيادو السكانية.
نجاحات المعهد في تحسين إنتاجية الذرة الشامية
استطرد رئيس الفريق البحثي بقسم بحوث الذرة بالنوبارية حديثها بالإشارة إلى النجاحات المتعددة التي حققها المعهد في تطوير أنواع جديدة من الذرة الشامية، والتي تمثل أحد المحاصيل الاستراتيجية الهامة، موضحةً أن الهدف الرئيسي من تنظيم فعاليات اليوم الحقلي، هو عرض مخرجات البحث العلمي، حيث تم تقديم هجينين جديدين للذرة الشامية هما “185” و”186″، اللذان يمتازان بإنتاجية عالية وتوفير في استهلاك المياه والموارد الأخرى مثل الأسمدة والمبيدات.
وأشارت “بلبع” إلى أن هذه الهجن الجديدة تساعد المزارعين في تحقيق إنتاجية أكبر مع تقليل المدخلات الزراعية، كما أن هذه الهجن تمتاز بقدرتها على توفير الغذاء للحيوانات بدون الحاجة إلى الحصاد الكامل للنبات، مما يعالج إحدى المشكلات الرئيسية المتعلقة بالأعلاف.
الحد من الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الذرة الشامية
من الأهداف الرئيسية التي تسعى إليها معاهد البحوث الزراعية هو تقليل الاعتماد على الاستيراد، خصوصًا في مجالات مثل الذرة السكرية والذرة الحمراء، موضحًا أن الذرة الحمراء تحتوي على نسبة عالية من البروتين والأنثوسيانين، مما يجعلها خيارًا مفضلًا لمربي الدواجن لأنها تمنح صفار البيض لونًا مرغوبًا.
وأكد على أن هذه الابتكارات العلمية تعزز من قدرة مصر على تحقيق اكتفاء ذاتي في مجالات حيوية، وتلبي احتياجات المزارعين والمستهلكين على حد سواء، هذه الجهود تسهم في تقليل استخدام العملة الصعبة المستعملة في استيراد الأعلاف، مما يخفف من العبء على الاقتصاد الوطني.
مراحل تقييم وتطوير الهجن الزراعية
وتحدثت “بلبع” عن مراحل تقييم الهجن الزراعية قبل تسجيلها واعتمادها بشكل نهائي، مشيرًا إلى أن عملية تطوير الهجن تأخذ وقتًا طويلًا قد يصل إلى سبع سنوات، وتبدأ هذه العملية بتقييم الهجن في المحطات البحثية، حيث يتم فحصها في ثلاث محطات صغيرة في البداية. يتم اختيار الهجين الذي يثبت تفوقه في الإنتاجية مقارنة بالهجن الموجودة في السوق. بالإضافة إلى ذلك، يتم اختبار هذه الهجن للتأكد من مقاومتها للأمراض، وخاصة مرض الشلل (الليت ويلت) الذي يعتبر من أخطر الأمراض الزراعية التي تؤثر على محصول *الذرة الشامية*.
التحديات التي تواجه الهجن خلال مراحل التطوير
يتعرض الهجين الذي يتم تطويره إلى مراحل متعددة من التقييم على مدار سنوات، تبدأ من المراحل الأولية في ثلاث محطات بحثية، ثم يتم الانتقال إلى نطاق أوسع حيث يتم اختبار الهجين في خمس محطات بحسية أخرى. خلال هذه المراحل، يتم تقييم الهجين على مستوى مقاومته للأمراض وجودة المحصول. ويؤكد المتحدث أن الهجين الذي لا يثبت مقاومته للأمراض مثل مرض الشلل يتم إلغاؤه حتى وإن كانت إنتاجيته مرتفعة.
التعاون بين معاهد البحوث والشركات الزراعية
أشارت “بلبع” إلى أهمية التعاون بين معاهد البحوث الزراعية والشركات الزراعية في تطوير الهجن الجديدة، حيث تقوم الشركات بالتعاون مع المحطات البحثية لاختبار الهجن الجديدة على نطاق أوسع في مختلف المحافظات، حيث يتم توزيعها بمحطات البحوث الموزعة بين 12 محافظة لمراقبة أدائها في ظروف بيئية مختلفة، مؤكدةً أن هذا التعاون يسهم في تحسين جودة المحاصيل، وضمان توفر الهجن التي تتمتع بصفات مرغوبة، مثل المقاومة للأمراض والقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة.
التوجه نحو الحصاد الآلي
من بين الاتجاهات الحديثة التي تسعى معاهد البحوث إلى تبنيها هو *الحصاد الآلي*، والذي يتطلب تطوير هجن تكون مناسبة لهذا النوع من الحصاد، مشيرةً إلى أن الهجن الجديدة يتم تطويرها بحيث تكون أعناق الكوز على ارتفاع منخفض، مما يسهل عملية الحصاد الميكانيكي، فيما يتم تصميم النباتات لتظل قائمة حتى بعد مرور 130 إلى 140 يومًا من زراعتها، دون تعرضها للسقوط أو الانحناء، مما يجعلها مناسبة للزراعة في المساحات الكبيرة التي تستخدم الميكنة الحديثة.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة كاملة..
موضوعات قد تهمك..
الذرة الشامية ومشاكل تأخير التزهير ومخاطر إهمال المكافحة الحشرية