الخرس الزوجي واحدة من أهم المُشكلات الاجتماعية التي تواجه شريكي العُمر، وتقودهما سويًا إلى طريق مسدود، يُهدم دعائم استقرارهما سويًا، بشكل قد يودي بهذه العلاقة المُقدسة، بما يؤثر سلبًا على ثمرة هذه الزيجة إن وُجدت، أو يزيد النفور بينهما ويُعقد المُشكلة أكثر مما هي عليها، ما يُحتم ضرورة استشارة الطبيب المُختص لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وتصحيح المسار نحو حياة أفضل.
وخلال حلولها ضيفًا على الإعلامي عاصم الشندويلي، مُقدم برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدثت الدكتورة أميمة عبد الله مصطفى – أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة عين شمس – ظاهرة الخرس الزوجي، وتبعاتها على العلاقة بين رفيقي الدرب وشريكي الحياة، وسُبل الخروج بها من هذا النفق المُظلم، وتصحيح مسار الحياة بين الطرفين مرة أخرى.
تعريف ظاهرة “الخرس الزوجي”
في البداية عرفت الدكتورة أميمة عبد الله مصطفى ظاهرة الخرس الزوجي بأنها حالة تنتاب شريكي العُمر، وتتبدى في عدة صور أبرزها عدم وجود لغة حوار مُشتركة بينهما، أو فقدهما لحالة الشغف التي كانا يستشعرانها في بداية الارتباط، علاوة على عدم وجود الدوافع لدى أحدهما أو كليهما لتجديد العلاقة أو بحث أوجه وأسباب القصور التي باتت عليها.
بداية طريق العلاج
وأوضحت أن بداية طريق علاج ظاهرة الخرس الزوجي يكون مع الطرف الأكثر شكوى ومعاناة، نظرًا لكونه الحلقة الأضعف والأقوى في الآن نفسه، مُعللة ذلك بأن الرغبة والدوافع لاستمرار الحياة والعلاقة تكون مُرتفعة، ما يُعزز فُرص الإنقاذ وتصحيح المسار.
أسباب ظاهرة الخرس الزوجي
حصرت أستاذ الصحة النفسية والإرشاد بجامعة عين شمس أسباب ظاهرة الخرس الزوجي في عدة نقاط كما يلي:
1. انعدام لغة الحوار بين الطرفين بحيث تنحصر العلاقة بينهما في أداء كلٍ منهما لروتين حياته اليومي فقط.
2. عدم وجود اهتمامات مُشتركة بينهما تُعزز فُرص اندماجهما سويًا بشكل صحي.
3. غياب المُصارحة والمكاشفة بين الطرفين بالشكل الذي يؤدي – بمرور الوقت – لوجود حاجز نفسي يعوق قدرتهما على عبوره، وتجاذب أطراف الحديث عما يجيش بصدريهما من أحاسيس أو أوجاع.
4. رد الفعل العنيف من الطرف الآخر في العلاقة يُقلل فُرص مبادرة الأول للحديث أو الشكوى أو البحث عن الأسباب الحقيقية لما يُعانيانه.
5. السوشيال ميديا والمنصات الافتراضية التي تُفرد المساحة للتعبير عما لا يستوعبه الوسط المُحيط
أكثر الأطراف شعورًا بظاهرة الخرس الزوجي
أكدت الدكتورة أميمة عبد الله مصطفى أن الأنثى هي الأكثر شكوى وإحساسًا بمشكلة الخرس الزوجي، موضحةً أن سيكولوجية الرجل عادة ما تجعله غير مُستشعر لأسباب ما تمر به علاقته بالطرف الآخر، ما يجعله مُتشبسًا بعالمه الخاص بشكل أكبر، على العكس من الزوجة التي فطر فيها الله القدرة على القيام بعدة مهام في الوقت عينه.
وفسرت ظاهرة الخرس الزوجي بأنها لا تعدو كونها “سوء فهم” وتقدير لحقيقة أبعاد المُشكلة، والتي يتيح العلم والتحليل الدقيق لها، الرؤية بشكل ورحابة أوسع وأكثر اتساقًا، لافتةً إلى أن اختلاف القدرات والسمات النفسية التي أوجدها الله في كلا الطرفين، تحتاج للتوضيح لإتاحة الفُرصة لكليهما على عبور هذه الفجوة، وتجديد الدوافع للعودة إلى حياتهما الطبيعية مرة أخرى.
موضوعات قد تهمك:
أعراض الإصابة بمرض السكر وتفسير دلالات المُعدلات الرقمية للتحاليل
النتائج السلبية المُترتبة على ظاهرة الخرس الزوجي
ألقت الدكتورة أميمة الضوء على أبرز النتائج السلبية المُترتبة على ظاهرة الخرس الزوجي، مؤكدةً أن حدود آثارها لا تتوقف عند الزوجين، وإنما تمتد لتُصيب شظاياها الطرف الأضعف في هذه المُعادلة والذي يتمثل في الأبناء، لافتةً إلى أن استشعارهم لطبيعة الأزمة الموجودة بين الوالدين، ينعكس بالسلب على تكوينهما النفسي، ويفقدهما القدرة على التعبير عن أنفسهم في مُحيط دوائرهم القريبة بشكل صحيح.
وكشفت خطورة هذه الظاهرة التي تؤدي بالتبعية إلى انزواء الأطفال، ولجوئهم إلى العوالم الافتراضية المُزيفة، التي توفرها لهم منصات السوشيال ميديا، نظرًا لعدم وجود البيئة الصحية التي تستوعبهم، وتستمع إلى مشاعرهم وأحاسيسهم، وتوجههم إلى الطريق القويم، وهي الأزمة التي يُعاني منها الجيل الحالي بشكل ملحوظ.
ونبهت إلى أن النتائج المباشرة والأكيدة تنتهي غالبًا إما بالطلاق والانفصال أو الخيانة، ما يوضح مدى خطورة هذه الظاهرة، ومدى أهمية التفات كلا الطرفين لضرورة علاجها، للحفاظ على استقرار الأسرة والصحة النفسية للأبناء، كثمرة طيبة لهذه العلاقة المُقدسة.
إقرأ أيضًا:
أمراض الجهاز الهضمي.. أشهر 7 تشخيصات شائعة وطُرق العلاج المُثلى
أبرز النصائح لعلاج مُشكلة الخرس الزوجي
وجهت أستاذ الصحة النفسية والإرشاد بجامعة عين شمس عدة نصائح لشريكي العُمر لعبور أزمة الخرس الزوجي بسلام، والخروج منها لآفاق أكثر رحابة، تُتيح استمرار العلاقة بينهما بشكل أكثر إيجابية، ولخصتها في النقاط التالية:
1. اختيار الوقت المُناسب للتعبير عما يجيش بصدر الزوجة من متاعب أو مشكلات.
2. إفراد الزوج المساحة الكافية للإصغاء والإنصات للزوجة بشكل أكثر مرونة وأريحية.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
علاج ظاهرة الخرس الزوجي
قدمت الدكتورة أميمة عبد الله مصطفى روشتة علاج ظاهرة الخرس الزوجي، مؤكدةً أنها تتخذ مرجعيتها من أسباب المُشكلة، والتي لخصتها في عدة نقاط:
1. استغلال الدافع الموجود لدى أحد أطراف الأزمة للبحث عن إيجاد اهتمام مُشترك يربط ويقرب المسافة بينهما.
2. الانتباه إلى أن الحياة ستنحصر وتتلخص في أطراف هذه المُعادلة “الزوج/الزوجة” بعد انتقال الأبناء إلى حياتهم الخاصة.
3. توعية كلا الطرفين بأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وأهمية التزام كلٍ منهما بأداء الأدوار المنوطة بهما لاستمرار الحياة الزوجية، وأهمها الإصغاء ووجود لغة حوار، تُتيح القدرة على عبور أي عواصف أو عقبات.
4. اختيار نبرة الصوت ولغة الجسد المُناسبة، حتى يستقبلها الطرف الآخر بشكلها الصحيح دون انفعال زائد عن الحد.
5. استغلال وجود الأطفال لخلق حالة حوار ومُشاركة وجدانية إيجابية لا تنتهي، بالشكل الذي يُقرب المسافة بين الطرفين، ويمهد لعبور أي أزمات.