الحمى القلاعية أحد أبرز الأمراض الوبائية التي تُهدد مشروعات الإنتاج الحيواني على اختلاف أشكالها، بما فيها تلك التي تم تحصينها، وذلك بسبب وقوع المُربين والمُزارعين في بعض الأخطاء، ما يُحتم إلقاء الضوء عليها، والتوعية بمدى خطورتها، نظرًا لحجم الخسائر الاقتصادية الناتجة عنها.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد موسى الأقنص، مُقدم برنامج “العيادة البيطرية”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور محمد عثمان – الخبير البيطري واستشاري مزارع الألبان – ملف مرض الحمى القلاعية، مُلقيًا الضوء على أحدث المُستجدات فيما يخص طُرق الإصابة وتقنيات الوقاية والعلاج.
الحمى القلاعية.. وباء مشروعات الإنتاج الحيواني “المُدمر”
في البداية تناول الدكتور محمد عثمان الأثر الاقتصادي الخطير للأمراض المُعدية، وفي مُقدمتها الحمى القلاعية، واصفًا إياها بالوباء المُدمر لرأس المال الحيوي، الذي يتم الاستثمار فيه، على صعيد مشروعات الإنتاج الحيواني، ويستوي في ذلك الجاموس والأبقار الحيوانات الصغيرة كالماعز والأغنام.
وأوضح أن خطورة الحمى القلاعية لا تُسفر عن مُعدلات فقد مؤثرة بالنسبة للحيوانات الكبيرة، وإنما مكمن خطورتها هو يتمثل في أضرارها الاقتصادية الناجمة عن تدهور إنتاجية القطعان والرؤوس المُصابة، ما يُحتم التعامل معها بشكل أكثر واقعية، وفق إطار مدروس، تم اختباره وإجازته علميًا.
مرض الحمى القلاعية يضرب ركائز منظومة الإنتاج الحيواني بأكملها
لفت “عثمان” إلى أن خطورة أي وباء تتبدى في مدى تأثيره على أضلاع منظومة الإنتاج الحيواني الثلاث الرئيسية، والتي تتمثل في “تغذية الحيوان، ومُعدلات الإنتاجية، وقدرته على الوقوف والحركة بشكل سليم”، ما يُلقي الضوء على حجم الخسائر الناجمة عن مرض الحمى القلاعية، الذي يعصف ويضرب الركائز والمقومات الاقتصادية الثلاث المذكورة بقوة.
وأشار إلى أن الحمى القلاعية يعوق الحيوان عن تناول غذائه بشكل سليم بسبب الإصابات الخطيرة التي يُحدثها بمنطقة الفم، والأمر عينه ينطبق على الضرر الذي يُلحقه بمعدة الحيوان والضرع، بالإضافة لما يُحدثه من إصابات بالقدمين، بالشكل الذي يحول دون قدرته على الوقوف والحركة.
استراتيجيات التعامل مع مرض الحمى القلاعية والرؤوس المصابة
سلط الدكتور محمد عثمان الضوء على استراتيجيات التعامل مع مرض الحمى القلاعية، والتي تختلف من دولة لأخرى، موضحًا أن بعض البلدان لجأت إلى التخلص من كافة الرؤوس التي تظهر عليها بوادر أو علامات الإصابة، ما أدى لخلوها من هذا المرض بشكل كبير.
ولفت إلى أن الجهات المعنية بهذا الملف، تنفذ استراتيجية مُغايرة، تعتمد على اتباع تقنية التحصين، وفقًا لطبيعة هذا الملف الخاصة، والذي تُمثل فيه الحيازات الصغيرة قُرابة 90% من قوام الثروة الحيوانية في مصر، على عكس الدول الأخرى، التي تُشكل المزارع “النظامية” النصيب الأكبر من هذا القطاع الحيوي.
وأوضح أن التعامل المصري مع هذا الملف، يأتي وفق المُعطيات المُتاحة السابق ذكرها، نظرًا لكون مرض الحمى القلاعية يأتي على رأس قائمة الأمراض الوبائية “المُستوطنة” في مصر، مع عدم وجود بدائل أخرى يمكن الارتكان إليها.
وعزا “عثمان” تحرك مؤشر الإصابة والضرر الاقتصادي “صعودًا وهبوطًا”، إلى عدم التزام بعض المُربين والمُزارعين، بتنفيذ التوصيات الفنية والبيطرية، الواردة بشأن طُرق التعامل مع مرض الحمى القلاعية، والاستراتيجيات الوقائية والتحصينية الواجبة.
موضوعات قد تهمك:
تغذية الإبل.. حجم العليقة وفوارق تحويل اللحم بين الجِمال والماشية
نبذة تاريخية عن مرض الحمى القلاعية
تناول الدكتور محمد عثمان المُسببات المرضية الخاصة بـ”الحمى القلاعية” خلال العقود السبع الأخيرة، والتي انحصرت عتراتها خلال فترة الخمسينيات في الـ”SAT2″، وتطورت لتفرز “Type A” في حُقبة الستينيات، قبل ظهور وسيطرة الـ”Type O” التي استمرت حتى عام 2006.
وأشار “عثمان” إلى أن الفترة ما بين عامي 2006 وحتى 2012 شهدت عودة قوية، للعترة المعروفة بـ”Type A”، قبل أن تظهر الـ”SAT2″ مُجددًا وتضرب بقوة، لتعود لصدارة المشهد بعدها، موضحًا أن الجهات البيطرية تتعامل مع العترات الثلاث القائمة حاليًا.
أبرز مصاعب التعامل مع العترات الثانوية للحمى القلاعية
وألمح الخبير البيطري إلى أبرز الصعوبات التي تواجه البيطريين، تكمن في عدم وجود قاعدة أو لقاح تحصيني واحد، يصلح للتعامل مع كافة السلالات المُختلفة، مُشيرًا إلى أن كل نوع منها له صفاته الوراثية والجينية التي تفصله عما سواه، علاوة على حجم الاختلافات الناشئة عن التوزيع الجغرافي، والظروف البيئية المُحيطة، والتي تؤدي لظهور سُلالات مُستجدة بين الحين والآخر.
جدير بالذكر، أن مرض الحمى القلاعية يضم 7 عترات رئيسية، فيما يندرج تحتها أكثر من 320 سلالة ثانوية، تختلف في صفاتها وتركيبتها وبرامجها التحصينية.
إقرأ أيضًا:
بدائل العلف البروتيني.. شروط استخدام كسر “المكرونة والبسكويت وعروش البنجر”
مكافحة حشائش الأرز.. أبرز الأخطاء الشائعة وبدائل العلاج المُتاحة
طُرق انتقال عدوى الإصابة بمرض الحمى القلاعية
استعرض الدكتور محمد عثمان طُرق انتقال عدوى الإصابة بمرض الحمى القلاعية، والتي تنشأ عبر كافة إفرازات الحيوان، سواء كانت عن طريق اللعاب أو منطقة الأنف أو اللبن أو البول.
وأكد “عثمان” على أن أكبر مصادر الخطورة تكمن في إمكانية احتفاظ الحيوان المُصاب “حضانة” بالمُسبب المرضي، في منطقة “الزور”، لفترة قد تمتد من 6 شهور إلى 3 سنوات – قد تصل إلى 5 سنوات في حالة الجاموس – دون ظهور أي أعراض ما يجعله مصدر عدوى “كامن” لباقي الحيوانات المُجاورة.
ولفت إلى إمكانية حدوث هذا الأمر مع بعض الحيوانات المُحصنة، دون ظهور أي أعراض عليها، ما يجعلها مصدر عدوى مُستديم لباقي القطعان والرؤوس المُجاورة.
وتابع الخبير البيطري شرحه لأسباب انتقال عدوى الإصابة بمرض الحمى القلاعية، مؤكدًا أنه لا يُمكن إغفال دور بعض الحيوانات الأخرى كـ”الأغنام والماعز والجمال” في زيادة حدة انتشار هذا المرض، ونقله إلى باقي الرؤوس والقطعان القريبة أو الموجودة في نفس المُحيط، خلال تنقلها من مكان إلى آخر.
أسباب ظهور علامات الإصابة على الحيوانات والقطعان المُحصنة ضد الحمى القلاعية
حصر الدكتور محمد عثمان أبرز أسباب إصابة القطعان والرؤوس المُحصنة بمرض الحمى القلاعية، في النقاط التالية:
1. عدم الالتزام بتنفيذ برامج التحصين في مواعيدها المُقررة
2. عدم الانتظام في مدوامة تلقي اللقاح وفقًا للجدول الزمني الموضوع
3. عدم الالتزام بالطرق المنصوص عليها في نقل اللقاح
4. الأخطاء الناتجة عن عدم حفظ اللقاح بطريقة صحيحة
5. الأخطاء الناتجة عن عدم الالتزام بتوقيت التحصين والتلقيح والذي يُفضل أن يكون في الصباح الباكر
6. الالتزام ببرامج التغذية الجيدة المُوصى بها
7. التسكين الجيد بأماكن مُلائمة وصحية
8. الالتزام بتنفيذ برنامج التحصين لكامل الحيوانات دون إهمال أي فرد منها
9. تحصين كامل القطيع في نفس التوقيت
10. الإصابة بسلالة جديدة لا يغطيها التحصين
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو: