إزالة ومكافحة الحشائش أحد المعاملات الزراعية الهامة، التي يلجأ إليها المُزارعين لتحقيق عدة أهداف، في مُقدمتها تخفيف الآثار السلبية الناجمة عنها، والنزول بها للحدود الدُنيا، وضمان سلامة وجودة المحصول، وحجم الإنتاجية المُتوقعة بنهاية الموسم، ما يتطلب الالتزام بالتوصيات الفنية الواردة بشأنها، وتنفيذ مراحلها المُختلفة وفقًا للإرشادات المُتعارف عليها، بما لا يضر بالنبات الأساسي.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي طه اليوسفي، مُقدم برنامج “المُرشد الزراعي”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور مصطفى عطية عمارة – رئيس بحوث قسم المُعاملات الزراعية – عن إزالة الحشائش والخسائر الاقتصادية الناجمة عنها، والطُرق المُثلى لتنفيذها وفقًا للتوصيات الواردة بهذا الشأن، وتقنيات مُكافحتها بالمحاصيل الاستراتيجية الرئيسية، في سبيل الوصول لأفضل النتائج على صعيد الحصاد وحجم الإنتاجية.
خطورة تأخير عملية إزالة الحشائش على المحصول
الحشائش.. عدو المحصول والمُزارعين
في البداية شدد الدكتور مصطفى عطية عمارة على مدى خطورة هذه النباتات على أي محصول، نظرًا لما تُمثله من تهديد ومنافسة للمحصول الأساسي، لتُقاسمه في المياه وكافة موارده الغذائية ومتطلبات حياته، ما يؤدي لإضعافه والتأثير على حجم الإنتاجية والأرباح الاقتصادية المُتوقعة منه.
وأوصى رئيس بحوث قسم المُعاملات الزراعية بضرورة عزيق التُربة وإزالة الحشائش في مهدها، وبمجرد ظهور أي دلائل أو إشارات على وجودها، وفقًا للخطوات والمراحل المُتبعة في مثل هذه الحالات، حتى لا تتزايد مُعدلات نموها، بالشكل الذي يُصعب من مهمة استئصالها والتخلص منها.
مراحل تنفيذ عملية إزالة الحشائش
وقدم “عمارة” أجندة مراحل تنفيذ عملية العزيق، والتي قسمها إلى عدة مراحل، الأولى “الخربشة” موضحًا أنها تتم بـ”المنقرة” على نحو خفيف حول الجور الخاصة بالمحصول الرئيسي، تليها مرحلة “التفويص” ثم “الخرط”، مُشيرًا إلى أن غالبية المُزارعين يُدركون ما تعنيه مثل هذه المُصطلحات.
تقنيات عزيق التربة وإزالة الحشائش بعد نمو المحصول الرئيسي
لفت الدكتور مصطفى عطية عمارة إلى التوصيات الواردة فيما يخص تقنيات تنفيذ عملية “عزيق التُربة” عقب نمو المحصول الرئيسي، مُشيرًا إلى أن تنفيذ هذه المُعاملة لا يتم حول منطقة تواجد الثمار.
ونصح “عمارة” بضرورة مُتابعة تنفيذ عملية عزق الأرض وإزالة الحشائش بشكل دوري، للحد من انتشار هذه النباتات الضارة، والحيلولة دون تكاثرها، بالشكل الذي يعود بخسائر اقتصادية على المُزارعين.
أسباب صعوبة نمو الحشائش حول المحصول
وفسر صعوبة إجراء أي مُعاملة خاصة بإزالة الحشائش” في المنطقة الخاصة بنمو ثمار المحصول، بأن البيئة التي تحويها لم تعُد صالحة لنمو مثل هذه النباتات الضارة، موضحًا أن عزق وتمهيد التربة يكون في القنوات الرئيسية والبطون العريضة وحول الحواف المُحيطة بالحقل.
15 خسارة اقتصادية وصحية للمُزارع والمُستهلك
من جانبه تحدث الدكتور عبده عبيد – مدير المعمل المركزي لبحوث الحشائش بمركز البحوث الزراعية – عن أضرار الحشائش وخطورتها على كافة المحاصيل، موضحًا أنها بمثابة العدو الخفي لجموع المُزارعين، برغم المكاسب التي يجنيها البعض جراء استخدامها في ري الأغنام.
وشدد على حجم الأضرار الاقتصادية التي تمثلها الحشائش على كافة المحاصيل، لافتًا إلى أن خسائرها المُباشرة على المُزارعين تفوق أجمالي ما تُسببه الأمراض والإصابات الحشرية بمراحل، والتي تجاوزت حدود الـ34%، وفقًا لما تم إعلانه بأحدث الدراسات الواردة في هذا الشأن، والأمر عينه بالنسبة لكمية المُبيدات المُستخدمة لمقاومة هذه النباتات الضارة، والتي تتعدى ما يتم توجيهه لباقي الآفات.
ولفت “عبيد” إلى صعوبة ملف المكافحة المتكاملة للحشائش التي تحتاج للجوء إلى المُتخصصين، نظرًا للتعقيدات التي تندرج تحتها، والتي تختلف بحسب نوع وكثافة انتشار هذا النوع من النباتات، بالإضافة للفترة الزمنية التي تظهر فيها، وطبيعة التربة، وغيرها من العوامل التي تحتاج إلمامًا علميًا دقيقًا، قبل التصدي لهذه المُهمة الشاقة.
الخسائر الناجمة عن نمو وانتشار الحشائش
قسم الدكتور عبده عبيد الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انتشار الحشائش، إلى نوعين، “مباشرة” و”غير مباشر”، والتي تختلف كلٍ منها عن الآخرى.
الخسائر “المباشرة” الناجمة عن نمو وانتشار الحشائش
أوضح “عبيد” أن الخسائر المباشرة الناجمة عن نمو وانتشار الحشائش تعود إلى دخولها كمنافس قوي للمحصول على عناصر التغذية التي يتحصل عليها، ما يؤدي لضعف الإنتاجية بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30%، علاوة على انخفاض مستوى الجودة.
موضوعات قد تهمك:
محصول الخيار.. طُرق رصد وعلاج نقص العناصر الغذائية بالثمار
فول الصويا.. بالأرقام “راغب” يكشف متوسط الإنتاجية والعائد الاقتصادي المُتوقع
الخسائر “غير المباشرة” الناجمة عن نمو وانتشار الحشائش
انتقل “عبيد” إلى الخسائر “غير المباشرة”، والتي حصرها في النقاط التالية:
1. تكاليف العمالة اللازمة لإتمام عمليات المُكافحة
2. تكلفة المبيدات
3. ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض التي تسببها هذه النباتات
4. إجراءات مُكافحة الأمراض الناتجة عنها يترتب عليها خسارة اقتصادية مُضاعفة
5. ارتفاع نسبة هدر المياه، الناتجة عن انتشارها في الممرات المائية المُستخدمة في الري
6. مصاريف تطهيرها الممرات المائية خسارة اقتصادية إضافية
7. إعاقة إتمام عمليات الحصاد ولا سيما في الأنواع الشوكية مثل “العاجول، ضرس العجوز”
8. تكاليف العمالة المُخصصة لإتمام عمليات الحصاد في ظل انتشار هذه النباتات
9. صعوبة إتمام عمليات الدريس في ظل انتشار بعض أنواعها مثل “العليق” والتي تؤثر على جودة القمح نظرًا لارتفاع نسبة الرطوبة الناتجة عن هذه الحشيشة
10. تقليل مُعدلات جودة المحصول
11. أثرها السيء على جودة الألبان حال وجودها ضمن الأعلاف المُستخدمة في التغذية
12. تُحقق أثرًا سلبيًا على نوع وجودة التقاوي
13. بعض الأنواع تؤدي لحالات تسمم وأضرار خطيرة بالعمود الفقري مثل حشيشة “الصمة”، بسبب احتوائها على نوعين من المُركبات مثل “اللوليين، التيميولين” حال تناولها بكثرة، بسبب تشابهها مع حبوب القمح في فترات نموه الأولى
أنواع الحشائش
فرق الدكتور عبده عبيد بين الأنواع “الحولية” و”المُعمرة”، موضحًا أن الأولى تشمل تحت مظلتها كافة النباتات التي يرتبط وجودها بالمحصول الأساسي، وتنتهي فترة وجودها في التربة بمجرد حصاده، ولا تتخطى الموسم الواحد، فيما يستمر وجود النوع الثاني لعدة سنوات، وتكمن المٌشكلة الأكبر في صعوبة مُقاومته نظرًا لتكاثره بطرق وأشكال مُختلفة، وفي أي جزء من النبات كالساق أو الجذور أو الأوراق، وأبرز أمثلته “العليق” والذي يُعد واحدًا من أخطر الأنواع، نظرًا لتكاثره بثلاثة طُرق.
وشدد “عبيد” على خطورة الأنواع التي تنمو تحت التربة، والتي تصيب الجذور مثل “الحلفا”، العاجنة، العليق، العاقول”، والتي تستحوذ على النسبة الأكبر من العناصر الغذائية، ما يُمهد لانتشارها تحت الأرض بكثافة تمتد لثلاثة وأربعة أمتار، قبل ظهورها بقوة على سطح الأرض، ما يتطلب عمليات المُتابعة والمُكافحة باستمرار للتخلص منها.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو:
مكافحة الحشائش وأثر التغيرات المناخية
أوضح الدكتور عبده عبيد أن هذه النباتات لديها قدرة هائلة في التكيف مع كافة الظروف المناخية، ما يمنحها ميزة إضافية تُتيح لها الاستمرار عبر أكثر من محصول “التحام المواسم”، ضاربًا المثل بحشيشة “ست الحسن، كيس الراعي”.
ولفت إلى أن التغيرات المناخية الحالية، تُتيح قدرات أكبر للحشائش، ما يُسهل مهمتها في أن تظهر بكثافة أكبر بين المحاصيل وداخل التربة، ويصعب مهمة مكافحتها حال عدم الالتزام بتنفيذ التوصيات الفنية الواردة بشأنها، مُشيرًا إلى أن الهدف الأساسي من إجرائها هو الحد من الخسائر الناجمة عنها، لصعوبة التخلص منها بشكل تام.
خطأ شائع في مكافحة الحشائش المعمرة
حذر الدكتور عبده عبيد من عدم إتمام معاملات حرث الأرض بشكلها الصحيح، موضحًا أن النتائج المُترتبة عليها تكون كارثية، وتضاعف من نسبة انتشار الحشائش بالتربة، ما يستدعي التعامل وفقًا للقواعد الإرشادية المنصوص عليها.
خطة مكافحة الحشائش المعمرة
أوصى “عبيد” بضرورة تنفيذ حرثتين متعامدتين للتربة، مع جمع كافة الحشائش الظاهرة، والتخلص منها بالحرق بعيدًا عن التربة.
وقدم طريقة أخرى حال زراعة المحاصيل الصيفية، وتعتمد على تنفيذ رية واحدة للتربة، وإتاحة الفرصة لنمو الحشائش، قبل تنفيذ معاملات المكافحة بالمبيدات، للتخلص منها والحد من نسب انتشارها.
تأثير مبيدات مكافحة الحشائش على خصوبة التربة
نفي الدكتور عبده عبيد وجود أي آثار سلبية من معاملات المكافحة على خصوبة التربة وجودة وإنتاجية المحصول، موضحًا أن العكس هو الصحيح، حيث تمثل هذه النباتات الضارة مصدر مُنافسة كبيرة على مصادر التغذية، وبخاصة في المراحل العمرية الأولى للمحصول الأساسي، والتي تتيح وتعزز فرص سيادة “الحشائش”، ما يعني أن تنفيذ المعاملات الصحيحة يوفر هذا الهدر الغذائي الكبير للمحصول.
مكافحة الحشائش بعد الزراعة
أوصى “عبيد” بتنفيذ معاملات المكافحة، حال التأكد من وجودها أثناء زراعة المحصول الأساسي، باستخدام المبيدات الأرضية، موضحًا أن لها دور كبير، في القضاء على “البادرات”، الخاصة بهذه النباتات الضارة، ما يُقلل من فُرص وجودها واستمرارها داخل التربة.
إقرأ أيضًا:
فول الصويا.. تأثير الهالوك ونوع التربة ومعاملات الملوحة المسموحة
مكافحة حشائش الأرز “الدنيبة، أبو ركبة، العجيرة”
أكد الدكتور عبده عبيد على خطورة بعض الأنواع التي تنمو في محصول الأرز، وأشهرها “الدنيبة، أبو ركبة، العجيرة”، مُشددًا على حتمية مكافحتها باستخدام المبيدات الموصى بها، ومنها “الاسكافرو ساتر، الساتر، السيترون”، بمعدل 2 لتر/للفدان.
ولفت إلى إمكانية خلط هذه المبيدات بالرمال أو الأتربة، مع رشها وتوزيعها على التربة، بعد الزراعة بسبعة أيام، كأحد الطُرق الشائعة والمتعارف عليها، في مكافحة الحشائش المذكورة، للحد من الخسائر والأضرار المُترتبة عليها.
مكافحة حشائش محصول الذرة
قدم الدكتور عبده عبيد حزمة من النصائح لمزارعي الذرة، موضحًا أن هناك نوعين من أنواع مكافحة الحشائش الخاصة بهذا المحصول الأول منها يتم تنفيذه أثناء الزراعة، فيما يتم استكمال الخطة بالمبيدات بعد الزراعة.
وأوصى برش مركب “استومبكسترا” على التربة، بعد زراعة الذرة، وتغطية البذور بشكل تام، على أن يعقب ذلك تنفيذ معاملات الري الموصى بها، وفقًا لما هو وارد بهذا الشأن، نظرًا لأنها تقضي على البادرات، وتقلص فرص هذه النباتات غير المرغوب في استمرارها داخل التربة.
فيما يتم تنفيذ الشق الثاني باستخدام مُركبي “الاسترين” و”الكلينر”، ورشها على المحصول والحشائش، بعد الزراعة بثلاثة أسابيع، موضحًا أن هذه الخطة تؤتي ثمارها بشكل مثالي، والتي تقضي على الأنواع العريضة تمامًا.
مكافحة حشائش الطماطم المزروعة على مصاطب
نصح الدكتور عبده عبيد باستخدام مُركبات “السيلكت سوبر” أو “فيوزوليد سوبر” أو “فيوزوليد ماكس”، للتخلص من الأنواع الضيقة “النجيلة” التي تنتشر في محصول الطماطم، مُشيرًا إلى أنه يُفضل رشها على المصاطب مُباشرةً، لتحقيق أفضل النتائج المُمكنة في هذا الشأن.
تأثير مبيدات الحشائش على المحصول
طمأن مدير المعمل المركزي جموع المٌزارعين فيما يخص بعض مخاوفهم تجاه تأثير مبيدات المُكافحة على جودة وإنتاجية المحصول، موضحًا أن أي مُركب لا يتم إقراره، إلا بعد خضوعه لكافة الاختبارات والفحوص اللازمة، للتأكد من عدم وجود أي آثار سلبية، قبل إجازته للتداول بالأماكن المُخصصة، مع استبعاد أي مادة يثبت عدم صلاحيتها.
مصدر المبيدات.. تحذير هام
حذر الدكتور عبده عبيد من خطورة استخدام المبيدات مجهولة المصدر وغير المعروفة أو المُجازة من قِبل الجهات المختصة، نظرًا للآثار السلبية والخسائر الفادحة المُترتبة عليها، مُشددًا على ضرورة وجود التعليمات الإرشادية على عبوات المبيد المُستخدم، والتي توضح نوع النبات المُخصص له، والجرعات المُقننة المُوصى بها، للتأكد من مُطابقتها للمواصفات.