يتميز قطاع الثروة الحيوانية بالديناميكية العالية فإنه يتطورسريعا استجابة لزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية. حيث أدى النمو السكانى والذى يبلغ فى مصر حوالى 1.9% سنويا وزيادة الدخول فى الفترات الاخيرة الى زيادة الطلب على المنتجات الحيوانية.
حيث تحقق مصرإكتفاء ذاتى من اللحوم الحمراء بنسبة 52% فقط وبالتالى فان قطاع الانتاج الحيوانى إنتقل من مجرد نشاط زراعى الى مرحلة الصناعة التى تهدف الى الوصول الى الحد الاقصى من الانتاج بكفاءة عالية لتحقيق متطلبات المستهلكين.
ومن هنا كان توجية سيادة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسى لكافة أجهزة الدولة المعنية متمركزة فى وزارة الزراعة نحو وضع الخطط والاستراتجيات المختلفة لتنفيذ مشروعات قومية متعددة من أجل تحقيق الإكتفاء الذاتي من اللحوم ومنتجاتها بالإضافة إلي توفير الآف فرص العمل للشباب.
ومن تلك الجهود الجبارة فى هذا الموضوع منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع مجمع الإنتاج الحيواني المتكامل بمدينة يوسف الصديق بالفيوم المقام علي مساحة 485 فداناً بإجمالي طاقة استعيابية 18 الف رأس بالاضافة الى مجزر آلي تم إنشاؤه وفقا لأحدث النظم العالمية.
وهناك ايضا العديد من مشاريع الاستزراع السمكي بأكثر من محافظة مثل مشروع بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ، والمشروع القومي للاستزراع السمكى بمنطقة قناة السويس وبحيرة “عرب العليقات” بالخانكة بالقليوبية ومشروعات الاستزراع السمكى بمنطقة شرق بورسعيد.
بالاضافة الى العديد من المبادرات التمويلية التي تنفذها الدولة في المجالات الزراعية المختلفة انطلاقا من مبادرة حياة كريمة مثل إحياء مشروع البتلو حيث بلغ إجمالي عدد المستفيدين منه حتى الآن أكثر من 39 ألف مستفيد لتربية وتسمين حوالي 435 ألف رأس ماشية بتمويل ميسر بنسبة 5% من 2017 حتى الان، ومشروع البروتوكول الرباعى بين وزارتى الزراعة والتموين والبنك الزراعى وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ويتم من خلال المشروع إستيراد رءوس «مواشي» سليمة النمو باشتراطات ورقابة صارمة بهدف تحسين السلالات بالاضافة الى الاستمرار فى حملات التحصين لحماية الثروة الحيوانية من الامراض الوبائية ومشروع ملء الفراغات لاستغلال طاقة ومساحات المزارع الغير مستغلة بمزارع الإنتاج الحيوانى.
ونظرا لان الثروة الحيوانية والتى تمثل طبقا لمنظمة الفاو 40% من القيمة العالمية للانتاج الزراعى، فقد تعرض هذا القطاع خلال الثلاث سنوات الاخيرة الى حدوث تدهور حاد فى أعداد الحيوانات فى مصر فعلى سبيل المثال فان تعداد الماشية قدر بحوالى 4.4 مليون راس فى 2018م وصل الى 2.7 مليون راس لعام 2020م بانخفاض بلغ 37% .
وأيضا بلغ تعداد الاغنام فى مصر لعام 2018م حوالى 4.8 مليون راس وصل فى 2020م الى 1.9 مليون راس فقط بانخفاض يقدر بحوالى 60%. هذا الانخفاض الحاد يمكن تفسيرة بالعديد من الاسباب منها تحريرسعر صرف الجنية مقابل العملة الاجنيبة بالاضافة إلى أزمة وباء كورونا الذى أثر سلبا على مختلف دول العالم أجمع وأيضا حدث نقص فى الاستيراد من البرازيل وبعض الدول الاخرى نتيجة لإنتشار بعض الاوبئة بها مثل وقف الاستيراد من السودان فى اكتوبر 2019م بسبب تفشى حمى الوادى المتصدع بها.
وبالتالى ففكرة الاستيراد لاعداد من الماشية لتغطية هذا النقص في الثروة الحيوانية وتكون نواة تقود قاطرة تنمية الثروة الحيوانية فكرة صائبة لتعويض هذا النقص الحاد وإسترجاع أعداد الحيوانات والوصول الى الحد الذى يضمن الامن الغذائى فى مصر، مع ضرورة الانتباة الى حفظ الموارد الوراثية الاصلية للسلالات المحلية. بالاضافة الى الحيطة والحذر من تهديد بعض الأمراض المعدية والطفيليات.
وذلك بالاستعداد لمكافحة ظهور أمراض غير متوقعة تمامًا مثل ماحدث عام 2006م بانتشار الحمى القلاعية بين الحيوانات المصرية نتيجة إستيراد حيوانات حية مصابة. ولابد من توفير مصادر أعلاف ذو جودة عالية وبكميات تغطى الاحتياجات العالية لتك الحيوانات لتحقيق اقصى إستفادة من القدرة الانتاجية لها بما يتفق مع تحقيق الاستدامة فى الموارد الطبيعية المتاحة.
لكن متى نفكر فى وقف عملية الاستيراد كوسيلة لتنمية الثروة الحيوانية
لابد أن ندرك أن التوسع فى الانتاج الحيوانى الغير مدروس تحت الظروف المصرية الراهنة قد يؤدى عند تخطى درجة معينة من الاتزان الى :
- ان تلك الحيوانات ذات الانتاج العالى تحتاج متطلبات واحتياجات غذائية هائلة ونتيجة نقص الاعلاف التقليدية باهظة الثمن واللجوء الى استيرادها من الخارج وبالتالى فارتفاع أسعارالاعلاف تعتبر من معوقات نمو وتطورالقطاع الحيوانى، فقد وصل تكلفة التغذية للرأس الواحدة فى اليوم تقريبا 60 جنية مما يجعلها عبئا على أصحاب الحيازات الصغيرة، وقد سجل معدل التضـخم السنوي معدلات غير مسبوقة لإجمالي الجمهورية في مصر 14.9% لشهر ابريل 2022م.
- فى التوسع فى زراعة تلك الخامات العلفية سيكون على حساب المحاصيل الاستراتيجية الخاصة بالانسان مما يؤدى إلى حدوث منافسة كبيرة على الأرض بين إنتاج الغذاء والأعلاف.
- لان مصر تعانى من محدودية الموارد المائية العذبة، فى التوسع فى تلك الاعلاف سيؤدى الى استنفاذ المياة بصورة مبالغ فيها فيكفى أن نقول أن البصمة المائية كمتوسط عالمي للحوم الأبقار (15400 م 3 / طن) وللحوم الأغنام (10400 م 3 / طن) مقارنة بمتوسط البصمة المائية العالمية لكل طن من المحاصيل مثل محاصيل السكر (حوالي 200 متر مكعب / طن) و الخضروات (300 م 3 / طن) والبقول (4000 م 3/ طن). ومن هنا نستنتج ان الأنظمة الغذائية القائمة على اللحوم لها بصمة مائية أكبر مقارنة بنظام غذائي نباتي.
وبالتالى لتجنب الاثار السلبية الناتجة عن عملية تنمية للثروة الحيوانية وتوفير الأمن الغذائى:
- سيكون من الحكمة وللتغلب على مشكلة نقص المياة الاستثمار الزراعى بشقية النباتى والحيوانى فى دول الجوار خصوصا دول حوض النيل وباقى الدول الافريقية المختلفة الغنية بـ الثروة الحيوانية بهدف دعم الشراكة وتنمية الثروة الحيوانية كأحد الحلول لتوفير الامن الغذائى وتوفيرا للعملات الصعبة .
- توعية المواطنين بتقليل الهدر فى الاغذية فتبعا لمنظمة الاغذية والزراعة فان ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تُهدر على مستوى العالم (حوالي 1.3 مليار طن سنويًا).
- توفيرالاحتياجات الغذائية للحيوانات من طاقة وبروتين وذلك بالتنوع فى زراعة الاعلاف الغير تقليدية ذات الانتاج العالى فى المناطق الصحراوية مثل التين الشوكى وجذور الكاسافا والبلوبانك وعلف الفيل وبنجر السكر وبنجرالعلف وعباد الشمس و والاهتمام بتريية الحشرات، حيث أن استخدام المكونات المحلية سيساهم ألى حد كبير من تقليل الاعتماد على الاعلاف المستوردة وبالتالى مزيد من التنمية الاقتصادية المحلية.
- عمل حملات للتوعية المزارعين بكيفية الاستفادة القصوى من الاعلاف المتاحة سواء أعلاف مركزة اوخشنة أوخضراء بالاضافة المخلفات الزراعية المختلفة خصوصا وان وزارة الزراعة تحتوى على قسم كامل تحت مسمى قسم بحوث استخدام المخلفات الزراعية.
- عمل حملات تثقيف غذائى للمواطنين بطريقة التغذية الصحيحة وتقنين التناول المفرط من الاغذية الحيوانية لدى البعض وأثر ذلك على إحداث مشاكل طبية وايضا توعية المواطنين بتغير ثقافة اللحوم المبردة إلى إستهلالك اللحوم المجمدة وذلك بالحصول عليها من خلال منافذ موثوق بها باشراف الدولة.
- الاهتمام ببنك الاصول الواراثية للسلات المحلية للحفاظ على السلالات المحلية والحفاظ على التنوع الجينى بتلك السللات ومنع العوامل المهددة بانقراض تلك السلالات.
- لابد من انشاء وزارة أوهئية مستقلة لمتابعة تنفيذ وتقييم الاداء المستمر لتلك المشاريع المختلفة.
- ضرورة الاهتمام بتحسين السلالات وتشجيع المزارعين والمربين على ثقافة التلقيح الاصطناعي كاحد الوسائل لتحقيق مردود إقتصادي نافع عليهم من خلال زيادة الإنتاجية من اللحوم والالبان.
- لابد من تسهيل اجراءات الترخيص لمشاريع الانتاج الحيوانى المختلفة باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لازالة العبء عن كاهل المستثمر من الخطوات المعقدة والمكلفة لاستخراج التصاريح اللازمة للبدء فى المشروع، فطبقا لاحصائيات 2018م فان عدد مصانع الاعلاف فى مصر كان 149 مصنع تعمل بطاقة انتاجية 25.4% فقط من طاقتها الفعلية فى حين وصل عدد تلك المصانع فى عام 2020م الى 166 مصنع فقط تعمل بطاقة انتاجية 23.02% فقط .
- الاستمرار فى دعم المشروعات الصغيرة ومعاملة مشروع الإنتاج الحيوانى والداجنى بنفس التسهيلات والفوائد للمشروعات الصغيرة
- استكمال إقامة افضل تقنيات المجازر حديثة وفقا للمعايير الدولية والمصرية فى مختلف المحافظات والعمل على زيادة فترة صلاحية اللحوم لزيادة الفرصة للتسويق والتوريد وأيضا تحديث المحاجر البيطرية لفحص الماشية الواردة فى المحافظات الحدودية.
- إدخال المكملات الغذائية الذكية مثل نبات الازولا والسرخسيات المائية ذات القيمة الغذائية العالية فى علائق الحيوانات.
- الاستفادة بالمخلفات الزراعية المتوفرة فى جمهورية مصر العربية والتى لا تقل سنويا عن 40 مليون طن مخلفات متنوعية من مخلفات حقلية ومخلفات تصنيع غذائى والذى يمكنه أن يوفر تقريبا 18.8 مليون طن مركبات غذائية مهضومة والتي يمكن أن تساهم في إنتاج حوالى 4.19 الف طن من اللحوم الحمراء أو 58.5 الف طن من الحليب سنويا في حال الاستخدام الأمثل لها وعدم إهدارها.
- لابد من التركيز بصورة كبيرة جدا على الاستزراع السمكى خصوصا أن السواحل البحرية تمتد شمالا البحر المتوسط بطول 995 كم وشرقا سواحل البحر الاحمر بطول 1941 كم، فالبرغم من تحقيق مصر الاكتفاء الذاتى من الاسماك بنسبة 85% حيث تنتج حوالى 2 مليون طن من الاسماك سنويا الا ان اسعارها ما زالت مرتفعة فسعر كيلو البلطى مثلا يتراوح بالاسواق ما بين 37 -50 جنية.
- تطويرمنظومة حفظ وتخزين اللحوم والاهتمام بالصناعات الزراعية التحويلية
- سرعة إعداد دراسة لتحسين السلالات تكون دراسة من واقع الظروف المصرية من متخصصين المجال وتكون لمواكبة المشكلة من خلال وجود قاعدة بيانات وتحديثها باستمرار.
- تطوير انظمة التسويق وايجاد قنوات للتسويق التسعير واصلاح السياسة التجارية للحيوانات والاعلاف، حيث انة من غير المفهوم حتى الان عدم وجود بورصة للالبان أو بورصة للماشية مثل وجود بورصة للدواجن فى مصر والتى من خلالها يمكن التحكم فى الاسعار وعدم ترك الفلاحين للتعامل العشوائى للسوق لتصريف منتجاتهم.
مقال
الاستيراد و تنمية الثروة الحيوانية فى مصر
د.هانم الشيخ – باحث إول تغذية الحيوان
معهد بحوث الانتاج الحيوانى
اقرأ أيضا
الثروة الحيوانية.. تعرف على جهود الدولة لتوفير مستلزمات صناعة الأعلاف
الثروة الحيوانية..القصير يستعرض جهود تنمية القطاع أمام النواب
الثروة الحيوانية .. إليك جهود الخدمات البيطرية لمواجهة الأمراض
التأمين على الثروة الحيوانية .. الرسوم المقررة وفوائد كارت المربي
لا يفوتك
الثروة الحيوانية والداجنه وأهميتها وطرق تنميتها والحفاظ عليه