الثروة الحيوانية تعتبر عنصراً رئيسياً فى دعم النشاط الإقتصادى الزراعى والنظام الإجتماعى لسكان المناطق الصحراوية بصفة عامة وفى منطقة مثلث حلايب – شلاتين – أبورماد بصفة خاصة، حيث تنتشر الأغنام والماعز والإبل في هذه المنطقة كحيوانات متأقلمة ومتوازنة مع النظام البيئى السائد.
وتعتبر حرفة الرعى وتداول وتسويق الحيوانات هى المهنة الأصلية للسكان بالمنطقة وتُشكل مع تجارة الجمال الوافدة من السودان والتي تعتبر بوابة التجارة مع السودان مصدراً مهماً لدخل الأسرة حيث تلعب منتجات الثروة الحيوانية دورا رئيسياً فى النواحى الإقتصادية والإجتماعية لسكان هذه المنطقة الصحراوية. لذا فإن التركيز على الثروة الحيوانية في هذه المنطقة سوف ينعكس على رفع مستوى معيشة السكان والدخل القومي.
الثروة الحيوانية التى يزخر بها مثلث حلايب وشلاتين
هل تعلم عزيزى القارىء أن منطقة مثلث حلايب – شلاتين – أبورماد والتي تقع في أقصى الجنوب الشرقى على إمتداد ساحل البحر الأحمر لجمهورية مصر العربية بمساحة تقدر بـ 20.5 كم2 تزيد عن مساحة دولة كالكويت (18 كم2) تزخر بالعديد من الكنوز المتنوعة والتي نسلط الضوء فيها هنا فقط عن الثروة الحيوانية والتي تعتبر أحد الضروريات الأساسية وهذا يستلزم دعم التنمية لزيادة إنتاجية الحيوانات، لذا كان من الضروري العمل على إستغلال المميزات النسبية التي تتمتع بها المنطقة والبناء عليها مع العمل على إزالة الصعوبات التي تواجه الرعاه من توفير الأعلاف في أوقات الجفاف الشديد وتوفير مصادر المياه على إمتداد مسار القطعان الحيوانية وبشكل يُسهم في تحسين إدارة الموارد الطبيعية والبيئية. ونظراً لوقوع المثلث تحت الظروف شبه الجافة فإن النمط السائد لتربية الحيوانات هناك هو نظام الرعي البدوي المتنقل التقليدي حيث موارد المياه وحشائش المرعى، ويمارس الرعي قبائل العبابدة والبشارية والرشايدة وتستحوذ منطقة مثلث حلايب – شلاتين – أبورماد على أكبر مناطق الرعي لهذه القبائل، وتعد الإبل والأغنام والماعز من أهم الحيوانات التي تعيش بالمنطقة.
سلالات الأغنام التى تعيش في منطقة (حلايب – شلاتين- أبو رماد)
سلالة أغنام أبو دليك (Abou Delik)
تعتبر سلالة أبودليك من الأغنام الأكثر إنتشاراً في المنطقة ويطلق عليها إسم (دابول) Daboul وهى أكبر السلالات أيضاً من حيث الحجم ومتوسط الوزن يصل إلى 45 كجم والأرجل طويلة مغطاة بالصوف القريب من الشعر، الرأس طويلة والأنف معقوف خاصة في الكباش، تتميز كذلك بالعنق الطويل في الجنسين واللون يتراوح بين كريمي والبنى فى أبيض ضمن الثروة الحيوانية الموجودة بهذه المنطقة .
سلالة أغنام الكانزي (Kanzi)
يطلق عليها في مناطق تواجدها إسم الدرشاوي (El- Dershawi) وتقع فى منطقة الوسط بين السلالات الثلاث من حيث التعداد والحجم ومتوسط الوزن 40 كجم، وتتميز هذه السلالة بالأرجل الطويلة المغطاة بصوف قصير والعنق طويل ولون الجسم بني غامق.
سلالة أغنام مأنيت (Maenit)
وتسمى أيضاً الجداوي (El-Gedawi) وهي السلالة الأقل حجماً وإنتشاراً في المنطقة، حيث يبلغ متوسط الوزن حوالي 35 كجم، الجسم مغطى بشعر قصير وليس بصوف، الرأس قصير في الذكور والإناث، اللون أبيض فاتح.
كما يزخر المثلث بنوعين من الإبل وهما الإبل الزبدانى والإبل السودانى والتي تعتبر هى سلالة الإبل السائدة فى المنطقة، أما الماعز فأهمها هو الماعز الحسانى وهو نوع لا يتواجد سوى في هذه المنطقة وخليط من سلالات البلدى والنوبى.
وتعيش هذه الحيوانات تحت نظام الإنتاج الغير مكثف (الواسع/الصحراوى) وهو يعتمد على المراعى الطبيعية المتوفرة وعلى حسب العوامل البيئية والمناخية السائدة بالمنطقة كمعدل سقوط الأمطار ويتحول هذ النظام الى النظام شبة المكثف تدريجيا نتيجة لإنحسار المراعى الطبيعية وزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية. وتعيش حيوانات المثلث على المراعى الطبيعية نتيجة لسقوط الأمطار والذى يترواح معدلة بين 50-150 مم خلال الربيع والشتاء وهذا المعدل يتغير من عام لأخر وقد يصل لحد السيول فى بعض الأحيان وتتمثل هذه المراعى فى الغالب من نباتات عشبية وشجيرات ومن أهمها البانيكوم والأكاسيا وبعض النباتات الأخرى مثل عوسج والخريط والتندب ونباتات الشوري والشيناق والسويدة.
عزيزى القارئ .. على الرغم من ندرة المحاصيل المزروعة في تلك المناطق وإمتداد الجفاف في بعض الأحيان وإعتماد الرعاه على نباتات المراعى إلا أن الحيوانات وخاصة الأغنام التي تعيش بالمنطقة إستطاعت التأقلم والتجانس مع هذه البيئات وتفردت ببعض المميزات التي تجعلها سلالات مناسبة لهذه المناطق.
ومن أهم مميزات سلالات أغنام المثلث التى تجعلها متأقلمة مع بيئتها ومستقبلها فى مناطق الرعى
1- تتحمل الظروف البيئية القاسية مثل الإجهاد الحرارى Heat stressفى الصيف وإجهاد البرودة فى الشتاء Cold stress
2- تتحمل نقص الغذاء والعطش وتستطيع السير لمسافات طويلة سعياً وراء المرعى والمياه
3- تحقق هذه السلالات معدلات إنتاجية أفضل عند تحسن الظروف البيئية من توفر التغذية والرعاية فى مناطق الرعى
4- تمتاز بجودة اللحوم ومرغوبة فى مناطق إنتشارها
لذا نجد أن لهذه السلالات قدرة عالية على التأقلم وتكيفت بمرور الوقت للعيش مع البدو الرحل وتستطيع المشي لمسافات طويلة للرعي كما أن لها القدرة على تحمل درجات الحرارة الشديدة وتتحمل المواسم القاحلة علاوة على قدرتها على التكاثر ورعاية حملانها من خلال توفر حليب نعاجها حتى في أصعب ظروف التغذية لـ الثروة الحيوانية .
نظام تغذية الحيوانات عند الرعاه بمثلث حلايب – شلاتين – أبورماد
تعتمد تغذية الحيوانات لدى الرعاه على المراعى الطبيعية وبقايا المحاصيل فى المناطق المزروعة. وهذا النظام يتأثر بتوفر المرعى والمياه مما يستدعى الترحال طول العام خاصة مع تذبذب معدل سقوط الأمطار السنوي، ففي فترة الأمطار تنمو الحيوانات ويزداد وزنها لتوفر الأعلاف وسهولة هضمها، أما في فصل الجفاف تكون المراعى جافة والأعلاف السائدة هي الأعلاف الجافة وبقايا المحاصيل الجافة .
الطرق التي يتبعها المربين في التعامل مع تغذية قطعان الثروة الحيوانية خلال أوقات الجفاف
من الطرق المتبعة للتغلب على نقص الغذاء خلال سنوات الجفاف ما يلى:
1- نقل قطعان الأغنام من مناطق الجفاف إلى مناطق تتواجد فيها المراعي والإستفادة من مخلفات بعض المحاصيل الأخرى.
2- تخفيض عدد القطيع بالبيع أو الذبح والإحتفاظ بعدد مناسب من القطيع وقد يقوم المربي ببيع نصف قطيعه ولينتج في حدود الإمكانيات المتاحة.
3- بعض المربين لا يقومون بإتخاذ أي إجراء ويقامرون بالإمكانيات المتاحة من المراعي الجافة ولايتخذ هذا الأسلوب سوى المربي ذو الإمكانيات الإقتصادية المحدودة.
4- إستعمال التغذية التكميلية والاحتفاظ بكامل عدد القطيع ويعود إستخدام هذا الأسلوب على ضوء الخبرات السابقة طوال موسم الجفاف، ومدى توفر المواد العلفية، وإتباع نظام غذائي مناسب يومياً أوعلى فترات، والإقتصار بالتغذية على أفراد محددة من القطيع كالحوامل والحلوب فقط.
مستقبل الثروة الحيوانية بمناطق الرعي
تعتبر إقتصاديات تربية الثروة الحيوانية وتحديدا الأغنام والماعز تحت ظروف المراعى الطبيعية ذات أهمية قصوى لصالح المربى عنها تحت ظروف الزراعة المروية فى الوادى والدلتا للأسباب التالية:-
1- الحالة الصحية للقطعان فى مناطق الرعى أفضل وفرص الإصابة بالأمراض أقل نظراً لأن الجفاف وإنتشار القطعان فى مسافات كبيرة بالمرعى يحقق ذلك الغرض، وعلى الرغم من محدودية الرعاية البيطرية فى مناطق الرعى لكن يمكن التغلب على ذلك من خلال الخبرة لدى السكان بالتداوى بالأعشاب البرية النامية فى المراعى حيث تستخدم فى علاج قطعانهم.
2- يمتلك الرعاه وسكان مناطق المراعى الخبرة الكافية للتعامل مع قطعان الأغنام والماعز لتوارثها جيلاً بعد جيل.
3- توفر الأمان والحماية للقطعان فى مناطق المراعى نظراً للطبيعة القبلية للبدو وحرصهم على العناية بهذه القطعان علاوة على أن العمالة فى هذه المناطق هم أفراد قبيلة واحدة.
ويقوم فريق بحثى بشعبة الإنتاج الحيوانى بمركز بحوث الصحراء بتطبيق الرؤية المستقبلية للحفاظ على الثروة الحيوانية فى هذه المنطقة من خلال الأتى:-
1- إستكمال التوصيف المظهرى والبيانات الإنتاجية ونشرها على المهتمين بهذا الشأن.
2- إنشاء إتحاد أو جمعية لمربى الأنواع الحيوانية بالمثلث لدعم جهود النهوض بها والعمل على تنميتها وإنتشارها.
3- الدعوة للمحافظة على نقاء هذه الأنواع الحيوانية والمتأقلمة على بيئتها وعدم دخول دم جديد أو خلط.
مقال
” الكنز المفقود في مراعى مثلث حلايب – شلاتين – أبورماد”
المادة العلمية
دكتور بهاء فراج سليم
أستاذ فسيولوجيا التناسل المساعد
الإشراف العام
أ.د رأفت السيد خضر
رئيس شعبة الإنتاج الحيواني والدواجن مركز بحوث الصحراء
رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق
المصدر
عدد شهر مارس 2021 من الصحيفة الزراعية الصادرة عن إدارة الثقافة الزراعية التابعة لقطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة
اقرأ أيضا
ميكروب البروسيلا.. محاذير التعامل مع الحيوان المصاب وأهم التوصيات
المورينجا .. أوراقها طعام وزيوتها مادة خام لمستحضرات التجميل
لا يفوتك
الحيوانات الضارة ..وطرق المكافحة