التلوث الداخلي في المنازل واحد من المصطلحات غير الشائعة أو المعروفة لقطاع عريض من غير المُتخصصين، ويحمل بين طياته ناقوس خطر وإنذار، نظرًا لمآلاتها وتبعاتها الصحية الجسيمة، وبالأخص على الأطفال والسيدات الحوامل وأصحاب المناعة الضعيفة، ما يستدعي إلقاء المزيد من الضوء، وهي المهمة التي حملها الإعلامي أحمد عبد الحميد، مُقدم برنامج “معامل وأبحاث”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، على عاتقه، للتعريف بها وبطرق مواجهتها والتغلب عليها.
وخلال جولة كاميرا البرنامج داخل أروقة قسم “تلوث الهواء” التقت بالدكتور ياسر حسن إبراهيم – أستاذ تلوث الهواء بمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية التابع للمركز القومي للبحوث – الذي تحدث باستفاضة عن هذا الملف، لتقديم كافة المعلومات المُتاحة بشكل بسيط وسلس للمُشاهدين.
التلوث الداخلي في المنازل.. “كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ”
في البداية عرف الدكتور ياسر حسن إبراهيم “التلوث الداخلي للمنزل” مُسترشدًا بآيات من الذكر الحكيم، من سورة القمر “إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ”، موضحًا أن طبيعة الخلق والحياة للكون، تستدعي وجود اتزان مُعين، لافتًا إلى أن أي خلل يحدث في نسب مكوناته، يقود لما يُطلق عليه ظاهرة “التلوث”.
وأكد أن “التلوث” علم واسع ينضوي تحت مظلته العديد من الفروع مثل “الكيمياء، الفيزياء، البيولوجي، البكتيريا، الفيروسات، الكيماويات بجميع أنواعها العضوية وغير العضوية”، والتي تؤثر بالسلب على الإنسان والحيوان والنبات والتربة والمياه.
تقسيمات الهواء
قسم الدكتور ياسر حسن إبراهيم أنواع الهواء بوصفه أحد المُتخصصين في هذا المجال إلى قسمين، موضحًا أن كل قسم منهما له ملوثاته وخصائصه وتراكيبه التي تختلف عن الآخر، وهما:
1. الهواء الداخلي: ويُقصد به كافة الأماكن المُغلقة مثل المنزل ومقر العمل وغيرها
2. الهواء الخارجي: كافة الأماكن غير المحدودة
مصادر التلوث الداخلي في المنازل
فرق “إبراهيم” بين مُسببات التلوث الداخلي في المنازل، والتي قد يكون مرجوعها بسبب عوامل من داخل المنزل ذاته، أو بسبب الهواء الخارجي، لافتًا إلى أن هذا التقسيم يحمل بين طياته العديد من الأفرع التي تتناول تفاصيله، ضاربًا المثل بشقة سكنية موجودة على طريق رئيسي، وهو ما يُعرض سكانه لمُلوث خارجي يتمثل في أدخنة وعوادم السيارات.
وأوضح أن درجة التأثير هنا تختلف بحسب نوع الوقود المُستخدم، ونوع السيارة والصيانة التي تُجرى لها، بالإضافة للأتربة والغبار، علاوة على قياس أخر يرتكن إلى فترات فتح النوافذ أو إغلاقها، والتي تؤثر بدورها على نسبة الانبعاثات التي تصل إلى المُقيمين داخل هذا المكان، بالإضافة لطبيعة تصميم المنزل أو الشقة “واسعة أم ضيقة”، واتجاهها مع أو عكس اتجاه الرياح، وهي أمور تؤثر بالزيادة والنقصان في نسب التلوث الداخلي في المنازل.
موضوعات قد تهمك:
تطوير منظومة الري.. التحديات والحلول وعلاقتها بالمشروعات القومية والجمهورية الجديدة
ركائز دراسة التلوث الداخلي في المنازل
وأشار إلى أنه حال كون المُلوث من داخل المنزل، فإن التحليل اللاحق يرتكز على دراسة مكان المنزل، والذي يتم تقسيمه إلى قسمين بحسب طبيعة الحياة السائدة فيه:
1. المنازل الريفية “الأقل تمدينًا”
وترتكز الدراسة هنا على مُراقبة ورصد عدد من التفاصيل كالتالي:
أ. نوع الوقود المُستخدم
ب. طبيعة النشاط الذي تعتمد عليه حياة ساكنية
ت. وجود مشروع إنتاج حيواني من عدمه
ث. درجة التصاق الحيوانات بالمكان “هل الحظائر داخل المنزل أم منفصلة عنه”
ج. تأثير طبيعة تغذية الحيوانات وإخراجها – حال وجودها – على بيئة الحياة داخل المنزل.
إقرأ أيضًا:
مكافحة الحشائش.. أجندة مُعاملات الطماطم والأرز والذرة “خطوة بخطوة”
2. المنازل الحضرية “الأكثر تمدينًا”
وتعتمد أسئلة الدراسة في هذه الحالة على عدد من العناصر كالتالي:
أ. طبيعة المنزل “مفتوح من جميع الاتجاهات” أم شقة صغيرة
ب. محل السكن ومدى وجوده داخل تخطيط بيئي صحيح أم عشوائي
ت. كثافة الكتلة السكانية المُحيطة
لا تفوتك مُشاهده هذا الفيديو:
الربط بين طبيعة البيئة التي يوجد فيها الشخص والهواء المحيط
واصل الدكتور ياسر حسن إبراهيم شرحه لطبيعة الأسئلة التي تطرحها دراسات التلوث الداخلي في المنازل، والتي تعتمد على قياس فترة تواجد الشخص داخل المكان “مفتوح أو مُغلق” واختلاطه بالمُلوث.
وقدرت أغلب الدراسات متوسط احتكاك الفرد بالعنصر المُلوث بمدى زمني يتراوح ما بين 12 إلى 16 ساعة على أقل تقدير، والتي يترتب عليها مدى تأثره وتضرره، وتختلف بحسب طبيعة الحركة والنشاط خارج النطاق، فربة المنزل تمكث فترة أطول من المرأة العاملة، ورب الأسرة يبقى خارج المنزل لفترة تفوق نظيره من أصحاب المعاشات، والأمر عينه بالنسبة للأطفال والشباب البالغين، وكلها أمور تؤثر سلبًا وإيجابًا في درجة الاحتكاك بالملوث.