أثارت التغيرات المناخية التي تجتاح دول العالم محدثة خسائر اقتصادية وبيئية الكثير من التساؤلات حول أسباب تلك الظاهرة التي أودت بحياة الآلاف من البشر سواء بفعل ما ينتج من هذه التغيرات من أمطار وسيول وأعاصير، أو حدوث موجات من جفاف تام ونقص حاد في هطول الأمطار.
أو نتيجة الإصابة بأمراض وبائية مثال ذلك انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم و ما حدث في الأردن من ظهور مرض الكوليرا الذي لم يكن من ضمن قائمة الأمراض الوبائية بها.
التغيرات المناخية أصبحت من المسلمات وان ارتفاع مستوى سطح البحر من اهم توابع التغيرات المناخية نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وانصهار الجليد بالقطب الشمالى حيث تتمدد المياه في المحيطات ويرتفع مستوي سطح البحر بما يتراوح بين25 و90 سنتيمترا علي مستوي العالم.
و التغيرات المناخية هو اختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والهطول التي تميز كل منطقه على الارض وكذا ارتفاع حرارة الغلاف الجوى المحيط بالأرض بسبب تراكم غاز ثاني اكسيد الكربون والميثان واكسيد النيتروز وان احد اهم الحلول لمواجهة هذه التغيرات المناخيه والحد من اثارها السلبيه هو اعادة زراعة الغابات التى تم ازالتها والعمل على تشجيع زراعة غابات جديده.
حيث تعمل هذه الغابات على توفير مستقبل اكثر اشراقا نحو تحقيق الامن الغذائى والتخفيف من حدة الفقر وحفظ النظام الايكولوجى حيث تعمل الغابات كمصدر للغذاء والدواء والوقود لاكثر من مليار شخص بالاضافه الى هدفها الاسمى وهو الحد من الاثار السلبيه للتغيرات المناخيه وحماية التربه والمياه وتوفير العديد من المنتجات والخدمات التى تساهم فى التنميه الاجتماعيه والاقتصاديه
أهمية الغابات لكوكب الأرض لمواجهة التغيرات المناخية
كما ان ازالة الغابات وتحويلها الى مناطق صالحه للزراعه وتربية الماشيه فانها لا تهدد سبل كسب العيش للعاملين فى الغابات فقط بل تهدد تنوع الحياه على كوكب الارض وتؤدى التغيرات فى اوجه استخدام الاراضى الى تدهورها وتاكل التربه وتراجع نظافة المياه واطلاق الكربون فى الغلاف الجوى.
وعلى مدى السنوات الماضيه اطلقت تحذيرات عديده بضرورة الحفاظ على التوازن والتنوع البيئى وعدم الجور على الحياه البريه لما يشكله من اخلال بالتوازن الطبيعى للمخلوقات.
ومؤخرا أكد علماء وباحثون فى سياق محاولات الكشف عن سر ظهور وانتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم وفرضية انتشاره يرجع الى الاختلاط بالخفافيش فى الصين وتراجع مجالها الحيوى بعد الجور العمرانى على الحيز البيئى الذى تعيش فيه بازالة مساحات شاسعه من الغابات لاغراض البناء والزراعة.
لذا من المؤكد ان التعدى البشرى على المجال الحيوى للحياه البريه برا وبحرا وجوا له تبعاته الخطيره على حياتنا جميعا حيث تشير الابحاث الى ان دول جنوب وشرق اسيا التى تشهد ازالة مساحات شاسعه من الغابات والاشجار اكثر عرضه لظهور وانتشار اوبئه جديده فى الفتره المقبله بسبب الجور على مناطق الحياه البريه
أهمية الغابات لكوكب الأرض لكى يكون كوكب صحى
1- تمثل الغابات مصدر للاخشاب لتوفير خدمات الطاقه الاساسيه مثل ( الطهى وتسخين المياه والتدفئه ) وبوجه عام توفر الغابات حوالى 40% من الطاقه المتجدده عالميا على شكل حطب بقدر ما توفره الطاقه الشمسيه والكهرومائيه وطاقة الرياح مجتمعه
2- تلعب دور حاسما فى تحديد تراكم الغازات الدفيئه فى الغلاف الجوى حيث تعمل كبالوعات للكربون فتمتص ما يعادل 2 مليار طن من ثانى اكسيد الكربون سنويا
3- ازالة الغابات هى السبب الرئيسى الثانى لتغير المناخ بعد حرق الوقود الاحفورى وتمثل ما يقرب من 20% من اجمالى انبعاثات الغازات الدفيئه — وهناك 25 دوله تتمتع باكبر مساحه من الغابات لذا يجب على هذه الدول العمل على تقليل ازالة الغابات وتدهورها والعمل على الحفاظ عليها
4- يجب الاعتراف بالقيمه الاقتصاديه للسياحه القائمه على الغابات وفهم الفوائد التى توفرها الغابات والاشجار فى المناطق الحضريه – حيث ان السياحه المعتمده على الطبيعه تنمو بمعدل 3 مرات اسرع من قطاع السياحه ككل وتشكل الان ما يقرب من 20% من السوق العالميه
5- تدعم الغابات والاشجار الزراعه المستدامه عن طريق تثبيت التربه والمناخ وتنظيم تدفق المياه وتوفير المأوى للملقحات والحيوانات المفترسه للافات الزراعيه مما يساعد على توفير الامن الغذائى
6- من خلال وقف عملية ازالة الغابات وادارتها على نحومستدام مع استعادة الغابات المتدهوره وزيادة مساحتها يمكن ان يتجنب العالم العواقب الوخيمه التى قد يتعرض لها لذا ينبغى على الحكومات ان تتبنى نهج شامل يشجع على فهم فوائد هذه الغابات والحكمه من تواجدها
الغابات فى مصر
مشروع إنشاء الغابات فى مصر فى غاية الأهمية، وليس صحيحا على الإطلاق الزعم بأنه ترفيهى أو « ليس فى وقته» نحن كمنطقة صحراوية نعانى الأتربة والرياح ونحتاج بشدة إلى حماية الزراعة منهما، هذا مع الأخذ فى الاعتبار الكوارث الناتجة من رياح الخماسين على الزراعة.
وهنا يبرز دور الغابات كمصدات للأتربة والرياح والرمال، حيث أستطيع فى هذه الحالة أن أحمى الأراضى الزراعية بالأشجار، وأن أزيد من إنتاجية الفدان، ومن خلالها نغيرما يسمى البيئة المحيطة، وبالتالى نحتفظ بالرطوبة فى النباتات والتربة، وهو ما يؤدى إلى الإقلال من كمية مياه الرى المستخدمة.
من ناحية أخرى نحن اذ استطعنا استخدام مياة الصرف المعالج بمعالجة أولية فى زراعة الغابات على مساحات كبيرة فى الأماكن الملائمة فستتكون السحب وبالتالى نزيد من احتمال سقوط الامطار، وبالطبع هذا جانب غاية فى الأهمية فى ظل احتياجنا لكل قطرة ماء.
وتلعب الغابات دورا كبيرا فى مقاومة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية التى تصل الى نحو 18% من مساحة مصر، كما أن الأشجار تخفف حدة الاحتباس الحراري، وبالتالى نواجه أزمة تغير المناخ، وهى تخزن غاز ثاني أكسيد الكربون، ففى مصر يمكن تخزين كميات هائلة من ثانى أكسيد الكربون بحيث يمثل مصدرا جديدا للدخل القومي.
ولا يقل أهمية عن ذلك استغلال الغابات فى انتاج الأخشاب، فإذا وضعنا فى الاعتبار أن مصر تستورد كميات من الأخشاب والورق بمبالغ كبيرة، وأنها بالتوسع فى انشاء الغابات تستطيع تخفيض قيمة صادراتنا من هذه السلع، والتوفير فى العملة الصعبة ندرك إلى أى مدى من المهم التمسك بهذا المشروع.
ثم لماذا من الأصل نتحدث عنها كفكرة جديدة أو غريبة علينا فى ظل أن مصركانت اول دولة فى العالم قامت بإنشاء هيئة محلية لإدارة الغابات وكان ذلك فى العصر الفاطمى منذ أكثر من ألف سنة واستخدمتها فى انتاج الأخشاب التى تم توجيهها فيما بعد إلى بناء السفن، الذى أسهم العائد منه فى بناء القاهرة الفاطمية. كما أن مصركانت قد أنشأت فى منتصف التسعينيات المشروع القومى للاستخدام اللآمن لمياه الصرف الصحى فى زراعة الغابات.
ومن هذا المنطلق يمكننا البدء بتلك الغابات بزراعة نبات الخيزران او ما يطلق عليه البامبو وذلك للاسباب الاتيه
-1 البامبو هى مجموعة تتكون من اكثر من ألف نوع وهو من النباتات الخشبية الدائمة الخضرة
ينفرد البامبو باعتباره اكثر النباتات الخشبية سرعة فى النمو على الاطلاق فمعدل نمو أنواع البامبو العملاقة حوالى 60 سم فى اليوم و قد تصل فى أقصى معدلاتها الى متر فى الساعة لكن لفترات قصيرة و ينتج ذلك من النظام الريزومى الفريد الذى يتمتع به و يتفاوت البامبو فى نموه اعتماداً على نوع التربة و المناخ و ينتشر البامبو فى معظم إنحاء الأرض عدا أوروبا و انتاركتكا ويطلق عليه فى اثيوبيا (الذهب الاخضر)
حيث يُستخدم نبات الخيزران على نطاق واسع في جميع أنحاء إثيوبيا كما يتجمع فى إثيوبيا 68 % من نبات البامبو في أفريقيا، ويشغل مليون هكتار من أشجار البامبو التي تشكل حوالي 30 % في الأراضي المرتفعة وحوالي 70 % في الأراضي المنخفضة
2- من اسرع النباتات الخشبية في العالم حيث يتم حصاده بعد 3 سنوات فقد وجد أن بعض أنواعه تنمو بمعدل (39 بوصة) في غضون 24 ساعة ومع ذلك، فإن معدل النمو يعتمد على التربة والظروف المناخية المحلية، فضلا عن النوع المنزرع
3- يتأقلم بسرعة ولا يحتاج لمتطلبات إنتاج
يزداد وزن المحصول سنوياً بمعدل 30% مقارنة بالأشجار الخشبية التى يزداد محصولها السنوى بمعدل2-3% 4-
5- يمكن أن يقطع لاستخدامه في الإنتاج بعد 3-5 سنوات، مقارنة مع 7-15 سنة للأشجار التقليدية. مثل الكازورينا الكافور والباولونيا وبالتالي، يمكن استخدام الخيزران كبديل للأخشاب الأخرى والذى من شأنه أن يؤدي إلى تقليل عدد الأشجار التي تقطع للاستفادة من خشبها.( وهو ما يسمي مورد استراتيجي للغابات في المعركة ضد تغير المناخ)
6- ينتج الخيزران كميات كبيرة من الأكسجين لأنه يستهلك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون لذا يعتبرمن أفضل منظفات البيئة ( الخيزران يمكنه امتصاص ما يصل إلى أربعة أضعاف ثاني أكسيد الكربون أكثر من الممتص بواسطة بعض أنواع الأخشاب الصلبة)
7- فعال جدًا في إزالة المعادن والمواد السامة الأخرى من التربة والماء
8- يحسن ويسمد التربة ويعمل على تفكيكها وعلاج صلابتها
9- يمكن ريه بمياه الصرف الصحي والتخلص الامن منه
10 – انتاجية الفدان تصل الى 20 طن
- 11- يحمى المنحدرات وجوانب المجارى المائية من التاكل
- 12- الخيزران كمورد متجدد، ليس له نظير. فهو مرن للغاية ، ويتحمل الزراعة فى التربة الفقيرة، كما يتطلب مدخلات قليلة أو معدومة، ويصاب بالقليل من الأمراض. على عكس الأشجار
13- يستخدم فى كثير من الصناعات مثال ذلك :
– صناعة ورق الطباعة
– صناعة الأثاث المنزلي
– صناعة ألواح خشب الكونتر
– صناعة التحف الفنية
– صناعة الملابس
– صناعة الكربون النشط
-صناعة المنشآت الهندسية والديكور ( حيث تتميز نباتات البامبو بقوة ضغط أعلى من الخشب أو الطوب أو الخرسانة، بالإضافة إلى قوة شد تنافس الصلب في قوتها)
– صناعة أدوات للمطبخ.
– صناعة آلة موسيقية تسمى الـ (شينوبويه) وهي شبيهة بالناي
– صناعة الفحم حيث ان القيمة الحرارية من فحم الخيزران جيدة مثل السنط أو الكافور، لكنه يتميز بأنه الأنظف، وينتج كمية أقل من الدخان والرائحة
مقال
زراعة الغابات احد الحلول لمواجهة التغيرات المناخيه
ا د / صبحى فهمى منصور
رئيس بحوث متفرغ
قسم بحوث تحسين وصيانة الأراضي
المصدر
الصحيفة الزراعية الصادرة عن إدارة الثقافة الزراعية بقطاع الإرشاد الزراعي
اقرأ أيضا
التغيرات المناخية والآفات.. المحاكاة والأقمار الصناعية ودورها في نجاح برامج المكافحة
التغيرات المناخية .. باحث: 9 مخاطر أساسية تتعرض لها مصر
التغيرات المناخية.. القصير يستعرض جهود الدولة لتخفيف آثارها على قطاع الزراعة
التغيرات المناخية.. مُعدل الاحتياجات المائية المُنضبط للماشية والمُجترات ومشاكل التعرق
لا يفوتك