التغيرات المناخية واحدة من أخطر الإشكاليات التي صنعها الإنسان، لتُهدد حياته وسُبل بقائه على ظهر كوكب الأرض الذي بات محمومًا، وما بين الارتفاع والانخفاض الشديد وغير المحدود في درجات الحرارة، باتت الإنسانية في حاجة ماسة ومُلحة، لزيادة المساحات والرقع الزراعية، كـ”غطاء أخضر” لإيجاد متنفس يُبقي على أخر أمل لها بالبقاء.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد عبد الدايم، مُقدم برنامج “صوت الفلاح”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور ياسر عبد الحكيم – الأستاذ المُساعد بمركز بحوث الصحراء، المُستشار العلمي لمشروع مُستقبل مصر – ملف الآثار السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على سبل تفاديها وتقليل مُعدل الأضرار المُترتبة عليها.
التغيرات المناخية والمسطحات الخضراء
قدم الدكتور ياسر عبد الحكيم النبات والمُسطحات الزراعية الخضراء بوصفها طوق النجاة الأول في سبيل إنقاذ كوكب الأرض “المحموم”، والذي يُعاني من ارتفاع درجة حرارته، بشكل يفوق طاقته على الاحتمال، أو مُجاراة النتائج والانعكاسات السلبية الناجمة عنها.
وأوضح أن زيادة مساحة الزراعة والمُسطحات الخضراء يعمل على استهلاك الانبعاسات الكربونية، لافتًا إلى أن النبات يُعد الكائن الحي الوحيد، الذي يتغذى على ثاني أكسيد الكربون، ما يُحتم ضرورة الاعتماد عليه بشكل أكبر، للتخلص من هذه الغازات الضارة.
تركيب جسم النبات وعلاقته بالتغيرات المناخية
أكد “عبد الحكيم” أن 92% من جسم النبات يتكون من خليط الكربون الذي يتم استخلاصه من الجو، والهيدروجين الذي يتم استخلاصه من مياه الري، والتي تُمثل المركب الخام الأساسي، الذي تتحد معه باقي العناصر التي يستخلصها من مُعاملات التسميد لإتمام دوره حياته بشكل صحيح.
موضوعات قد تهمك
التغيرات المناخية.. تأثيرها على حجم إنتاجية المحاصيل ونشاط التربة والآفات
زراعة الطماطم.. مزايا الأنفاق البلاستيكية وطُرق إعداد التربة والتسميد
مسارات علاج التغيرات المناخية والاحتباس الحراري
شدد الأستاذ المُساعد بمركز بحوث الصحراء على ضرورة اعتماد خطة عمل وعلاج التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري على 3 مسارات رئيسية:
1. زيادة مساحة المُسطحات الخضراء
2. تقليل حجم الانبعاثات الكربونية
3. الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة
خطة علاج الظروف البيئية المُعاكسة لنمو النباتات
ركز الدكتور ياسر عبد الحكيم على خطة العمل التي يتوجب على المُزارعين اتباعها للتغلب على المشاكل والعقبات الناجمة عن التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، مؤكدًا ضرورة توفير كافة السُبل العلمية التي تؤدي لإتمام عملية البناء الضوئي وكافة مراحل نمو النبات بشكل صحيح، وبأقل مُعدل مُمكن للتنفس.
وأكد المُستشار العلمي لمشروع مُستقبل مصر على أن حجم وكثافة المجموع الخضري وحجم الحصاد المُتوقع لأي محصول ما هي إلا الفارق الرقمي ما بين عملية البناء الضوئي الذي يتم خلال ساعات النهار، ومُعدل التنفس الذي يقوم به النبات طوال الليل.
إقرأ أيضًا
محصول القمح.. مخاطر التسميد بعد “السدة الشتوية”
محصول الطماطم.. مخاطر ارتفاع نسبة الحموضة وأجود الأراضي الصالحة للزراعة
استراتيجيات عملية تنفس النبات وعلاقتها بـ”البناء الضوئي”
قدم “عبد الحكيم” شرحًا سلسًا لآليات تنفس النبات، التي تتم خلال ساعات الليل، وتُمثل الوجه الآخر والنقيض لعملية البناء الضوئي، ويقوم فيها النبات بامتصاص الأكسجين من الجو، لحرق الجلوكوز الذي تم إنتاجه بالنهار، للحصول على الطاقة اللازمة للقيام بعملية تصنيع غذائه في اليوم التالي، لافتًا إلى أن عملية التنفس، ينتج عنها إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو مرة أخرى.
وأوضح أن وصول الحرارة ليلًا إلى حدود الـ20 درجة مئوية، يصب في صالح زيادة إنتاجية وارتفاع جودة أي محصول، نظرًا لما يترتب عليه من انخفاض مُعدلات تنفس النبات إلى حدودها الدنيا، وهو الأمر الذي يؤدي لاحتفاظه بكامل طاقته، التي يتم توجيهها فيما بعض لصالح عمليات التزهير والإثمار والنضج، ضاربًا المثل بما حدث مع محصول المانجو هذا الموسم، والذي شهد أفضل كثافة إنتاجيه وجودة يُمكن الوصول إليها، على عكس ما حدث خلال الموسم السابق له، نتيجة ارتفاع درجات حرارة الليل.
مُقاومة انخفاض درجات الحرارة بمُعاملات الري
طرح الدكتور ياسر عبد الحكيم واحدة من أهم الاستراتيجيات المُتبعة في مُقاومة التغيرات المناخية، والانخفاض الشديد في درجات الحرارة، عبر تنفيذ مُعاملات الري، موضحًا أن فتح أنابيب الري فوق أشجار الفاكهة، عند هبوب نوبات الصقيع الشتوية، يحفظ حياة النبات، ويحول دون تجمد المياه الموجودة داخل خلاياه، ما قد يترتب عليه زيادة حجمها وتشققها أو انفجارها.
وشدد على ضرورة مُتابعة المُزارعين للنشرات الجوية، للتعرف على أحوال الطقس، وتبني الخطة المُناسبة لمواجهتها والحيلولة دون وقوع أي خسائر في المحصول أو حجم الإنتاجية المُتوقعة.
لا يفوتك