التغيرات المناخية واحدة من أبرز التحديات التي فرضت نفسها على خطط كافة دول العالم، للحيلولة دون تمدد تداعياتها السلبية على كافة مناحي الحياة، وهي المسألة التي استدعت إجراءات عدة تغييرات جذرية، على القواعد الحاكمة والمنظمة لكافة الأنشطة الإنسانية، بما فيها القطاع الزراعي، لما يمثله من أهمية لمنظومة الأمن الغذائي، وهو الملف الذي تناوله الدكتور محمد إبراهيم، الأستاذ بقسم وقاية النبات بكلية الزراعة جامعة أسيوط، خلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، مقدم برنامج “مصر كل يوم”، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
توسيع الرقعة الزراعية ودوره في تحقيق الأمن الغذائي
في البداية أشاد الدكتور محمد إبراهيم بالتوسع الكبير في الرقعة الزراعية خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن إضافة نحو مليونَي فدان في فترة وجيزة يُعد إنجازًا غير مسبوق يساهم في تعزيز الأمن الغذائي. وأوضح أن هذا التوسع لم يكن مجرد زيادة في المساحة الزراعية فحسب، بل كان هناك توسع رأسي أيضًا من خلال استنباط أصناف جديدة من المحاصيل تحقق إنتاجية أعلى، مما يضمن تحقيق أقصى استفادة من الأراضي المستصلحة حديثًا.
وأكد أن معظم هذه الأراضي تقع في المناطق الصحراوية، مما دفع الباحثين إلى العمل على تطوير سلالات نباتية تتحمل ظروف التربة الرملية والملوحة العالية، مشيرًا إلى أن الجهود العلمية المستمرة تهدف إلى تحسين إنتاجية محاصيل استراتيجية مثل القمح، حيث يتم العمل على أصناف يمكن أن تصل إنتاجيتها إلى 25-30 أردبًا للفدان، بدلًا من المتوسط التقليدي الذي كان يدور حول 20 أردبًا.
الزراعة في الأراضي المالحة وإعادة تدوير مياه الصرف الصناعي
أوضح الدكتور محمد أن جامعة أسيوط تولي اهتمامًا كبيرًا بالزراعة في الأراضي المالحة، مشيرًا إلى أنه عند زيارته للجامعة لاحظ اهتمام الباحثين بزراعة محاصيل مثل الجوجوبا، التي تمتاز بقدرتها على تحمل الملوحة العالية والاستفادة من الأراضي غير الصالحة للزراعة التقليدية.
كما سلط الضوء على التجارب الناجحة في استخدام مياه الصرف الصناعي في ري بعض المحاصيل القادرة على امتصاص وتصفية الملوثات، مشيرًا إلى أن بعض الشركات الصناعية، مثل شركات تكرير البترول والكهرباء، بدأت بالفعل في توظيف هذه المياه لري نباتات معينة، مما يساهم في الحد من التلوث البيئي وإعادة تدوير الموارد المائية، في خطوة تتماشى مع مبادئ الاستدامة والحفاظ على البيئة.
نصائح للمزارعين لمواجهة التغيرات المناخية
قدم الدكتور محمد مجموعة من النصائح المهمة للمزارعين، موضحًا أن اختيار الصنف المناسب من المحاصيل يعد الخطوة الأولى لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية. كما أوصى باستخدام الصوب الزراعية، التي توفر بيئة محكمة للتحكم في درجات الحرارة والرطوبة وتساعد في تقليل تأثير الآفات الحشرية، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية.
كما شدد على أهمية الزراعة التعاقدية، التي تضمن للمزارع تسويق محصوله مسبقًا، مما يحميه من تقلبات الأسعار والتحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية. وأعرب عن أمله في أن يتم تطبيق نظام التأمين الزراعي بشكل موسع في مصر، بحيث يتم تعويض المزارعين عن الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الظروف المناخية القاسية، كما يحدث في الدول المتقدمة.
تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية وتعزيز المكافحة المتكاملة
أكد الدكتور محمد أن التوجه الحالي في الزراعة يجب أن يركز على تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية واللجوء إلى حلول بديلة، مثل المكافحة البيولوجية والممارسات الزراعية السليمة. وأوضح أن تقليل الحد الحرج لاستخدام المبيدات—أي التدخل بالمبيدات فقط عند الضرورة القصوى—يساعد في خفض كمية المواد الكيميائية المستخدمة، مما يحسن جودة المحاصيل ويحمي البيئة.
وأشار إلى أن اتباع الممارسات الزراعية الصحيحة، مثل تجهيز الأرض بشكل جيد، وزراعة المحاصيل في التوقيت المناسب، واستخدام بذور معتمدة، كلها عوامل تساهم في تقليل الحاجة إلى المكافحة الكيميائية، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الخسائر الزراعية.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة كاملة..
موضوعات ذات صلة..
البحوث الزراعية ينظم ورشة عمل حول البصمة الكربونية وتأثيرها على التغيرات المناخية
محصول المانجو وتداعيات التغيرات المناخية على معدلات التحجيم
أخطر أطوار دودة الحشد الخريفية واشتراطات نجاح إجراءات المكافحة والتوقيت الأمثل لتطبيقها