التغيرات المناخية واحدة من أخطر الإشكاليات التي تُهدد بقاء الإنسانية وأوجه نشاطها وحياتها على وجه الأرض، نظرًا لحجم التداعيات الخطيرة والانعكاسات السلبية الناجمة عنها، ما يستدعي فهمًا أعمق لها، ورؤية أكثر وضوحًا لكيفية التعامل معها بالشكل الصحيح.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي طه اليوسفي، مُقدم برنامج “المرشد الزراعي”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور أحمد علي الصغير – باحث بالمركز القومي للبحوث، عضو لجنة العلمية والثقافية والعلاقات الدولية بالمركز – ملف التغيرات المناخية وتأثيراتها على زراعة المحاصيل الشتوية بالشرح والتحليل،
التغيرات المناخية.. تعريفها وتأثيرها على الحياة الإنسانية
في البداية أكد الدكتور أحمد علي الصغير أن مواجهة التغيرات المناخية، تتطلب فهمًا أعمق ووعيًا أكبر بتفاصيل هذه القضية الخطيرة وتداعياتها على سائر أوجه الحياة، لافتًا إلى كونها واحدة من أخطر الإشكاليات التي يواجهها الإنسان، ما حدا بالعلماء والمُتخصصين وصفها بـ”حرب الطبيعة” أو “حرب الكون”.
وعرف المقصود بمصطلح التغيرات المناخية بأنه “أي انحراف ولو بسيط في درجات الطقس الخاصة بمنطقة مُعينة على مدى زمني طويل”، مؤكدًا أن هذه التغيرات – الملموسة منذ عام 2010 – جاءت على هيئة استمرار الموجات الحرارية في غير موعدها، علاوة على تخطيها لكافة الحدود المُتعارف عليها، والأمر عينه انطبق على فصل الشتاء، عبر هبوب موجات صقيع لم نعتد على رؤيتها من قبل.
وأوضح أن هذه الانحرافات الحرارية صعودًا وهبوطًا، والتغيرات المناخية الحادة باتت واحدة من أخطر الإشكاليات التي تُهدد النشاط الزراعي، وتُلقي بتبعاتها السلبية على حجم إنتاجية وجودة كافة الحاصلات الزراعية.
أسباب التغيرات المناخية
عزا “الصغير” نسبة من أسباب التغيرات المناخية التي نُعاني منها جميعًا إلى كثافة النشاط الإنساني على ظهر كوكب الأرض، مؤكدًا أن هذا النشاط وإن كان محمودًا، إلا أن زيادته عن حده دون الرجوع إلى الاحتياطات العلمية، يؤدي لاختلال التوازن الإلهي الذي وضعه الله منذ بدء الخليقة.
وسلط الضوء على مُسببات الاحترار العالمي والاحتباس الحراري، موضحًا أنها جاءت كنتيجة طبيعية لزيادة مُعدلات التصنيع والانبعاثات الكربونية عن حدودها الآمنة، مؤكدًا أن القسط الأكبر منها تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية والصين، واللتان تُشكلان 37% من نسبة انتشار التلوث على كوكب الأرض.
موضوعات قد تهمك
تقاوي القمح.. كيف تستصلح 5 أفدنة إضافية دون تحمل أي تكاليف؟
محصول البنجر.. أبرز التوصيات للتغلب على ارتفاع مستوى ملوحة التربة
أهداف قمة الأطراف المعنية بالتغيرات المناخية “COP27”
أكد الدكتور أحمد علي الصغير على أن القطاع الزراعي واحد من أكثر القطاعات التي تأثرت سلبًا بزيادة حجم النشاط الصناعي “غير المدروس” عن حدوده الآمنة، لافتًا إلى أنه كان أحد الأسباب الرئيسية التي دعت مصر لاستضافة قمة الأطراف المعنية التابعة للأمم المُتحدة “COP27″، والذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر المُقبل، لحدث الدول الصناعية الكبرى، على اتخاذ خطوات فاعلة وأكثر جدية تجاه الحد من الانبعاثات الكربونية، علاوة على تحمل مسؤولياتها تجاه مُساعدة الدول النامية على التخلص من الآثار السلبية الخطيرة لتلك الأزمة.
تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعي
انتقل الدكتور أحمد علي الصغير إلى ملف تأثير التغيرات المناخية على النشاط الزراعي، مؤكدًا أن المحاصيل الزراعية الشتوية وفي مُقدمتها “القمح، الفاصوليا، الفول البلدي”، تعرضت لانتكاسة قوية خلال موسمي 20 – 21، بما آثر بالسلب على حجم إنتاجيتها.
وأوضح أن هذه الانتكاسة أدت لتقلص حجم إنتاجية أغلب المحاصيل الزراعية الشتوية، ورفع هامش خسائرها المُباشرة بشكل دفع لضرورة التوقف لدراسة مُسببات هذه الظاهرة وأفضل الحلول التي يُمكن اتباعها لعدم تكرار هذه الخسائر مرة أخرى.
ولفت إلى أن هذه الدراسات البحثية العلمية المُتخصصة، خلصت جميعها إلى حزمة من التوصيات والإرشادات الفنية، التي يتوجب على كافة المُزارعين الالتزام الكامل بتطبيقها على الوجه الأمثل، في سبيل الوصول لأفضل النتائج المُتاحة.
أثر الصقيع على المحاصيل الزراعية
أكد الدكتور أحمد علي الصغير أن استمرار هبوب موجات الصقيع، يؤدي للعديد من الإشكاليات، والتي تؤثر بالسلب على فسيولوجيا النبات، ما يؤدي للهبوط بمُعدلات انقسام خلايا النبات إلى حدودها الدُنيا، نتيجة تضرر عملية التنفس، وعدم قدرة النبات على امتصاص غذائه من التربة بشكل سليم.
وأوضح أن هذه الإشكاليات التي تمت الإشارة إليها تؤدي جميعها لانخفاض حجم إنتاجية المحصول، ومُعدلات الجودة المُتوقعة، وهي الأشياء التي تُترجم على أرض الواقع في صورة خسائر اقتصادية كبيرة، قد لا يتحملها المُزارعين، ما يفرض ضرورة اللجوء إلى بعض الاستراتيجيات العلمية، لتخفيف حجم الضرر الواقع على كامل النشاط.
إقرأ أيضًا
محصول القمح.. التوقيت الأمثل للزراعة وخسائر الزراعة “المبكرة والمتأخرة”
محصول القمح.. 7 خطوات لتجهيز التربة وفوائد الزراعة “الحراتي” لمكافحة الحشائش
علاقة التغيرات المناخية بملف الآفات
ربط الدكتور أحمد علي الصغير بين التغيرات المناخية والآفات الزراعية، مؤكدًا أن أغلب هذه الحشرات الصغيرة، كان لديها رد فعل يوازي حجم النقلة البيئية والانحراف الحادث منة حولها، وهو الأمر الذي انعكس على تحورها وتطورها في سبيل الحفاظ على دورة حياتها ووجودها.
وأوضح أن هذا التغيير كان يستتبعه بالضرورة تطويرًا في آليات المواجهة وخطط مُكافحة الآفات، والتي ألقت بمسؤولية أكبر على كاهل المُرشدين الزراعيين، لتسليط الضوء بشكل أكبر، ومساعدة أهالينا المُزارعين على الوصول لفهمًا ووعيًا أكبر، للوصول لأفضل النتائج المرجوة.
التغيرات المناخية وتأثيراتها على التربة الزراعية
شدد الدكتور أحمد علي الصغير على وجود علاقة وثيقة الصلة بين التغيرات المناخية والتربة، مؤكدًا أن انحرافات الطقس المُتتالية والمُتسارعة أثرت بالسلب على درجة نشاط التربة، وقدرتها على امتصاص العناصر الغذائية، وتحليل المواد العضوية المُضافة إليها، والأمر عينه بالنسبة لتركيبة مياه الري التي تتمدد بفعل انخفاض درجات الحرارة، ما يؤدي لتمزق الخلايا النباتات وإصابتها بجروح شديدة، ما يُعزز فُرص الإصابة بالعديد من الأمراض الفطرية والبكتيرية.
لا يفوتك