التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وآليات واستراتيجيات الاستغناء عنه واستبداله بمصادر الطاقة النظيفة، وما يترتب على ذلك من تطوير موازي بكافة القطاعات الحيوية والإنتاجية، وفي مُقدمتها المجال الزراعي، كانت محور الجلسات الرئيسية والاجتماعات المُتتالية لقادة الدول المُشاركين بمؤتمرات المُناخ، وأخرها ما استضافته مدينة بيترسبرج الألمانية بمُشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي مُداخلة هاتفية مع الإعلامي سامح عبد الهادي، مُقدم برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، أكد الدكتور مجدي علام – الخبير الدولي في شؤون البيئة، مستشار برنامج المناخ العالمي – أن الدولة المصرية تحركت بوعي واهتمام بالغ، تجاه آليات التعامل مع ملف التغيرات المناخية، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري منذ عدة سنوات.
مصر كانت من أوائل الدول المُلتزمة باستراتيجيات “التخلص التدريجي”
أوضح الخبير الدولي في شؤون البيئة، أن القيادة السياسية وضعت خطة واضحة المعالم، تجاه تذليل كافة العقبات التي تواجه آليات التعامل مع التغيرات المناخية، منذ توقيت التوقيع على الاتفاقية، التي حشد لها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2015، بحضور ومشاركة فاعلة للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وكشف “علام” أن الملحق التنفيذي لا يزال هو محور الأزمة حتى هذه اللحظة، والذي تم الاختلاف حول طبيعه فحواه ومقصده الرئيسي وهل يعني “الخفض التدريجي” أم “التخلص التدريجي”، وهي النقطة التي عطلت العمل بهذا الملحق منذ عام 2015 وحتى مؤتمر غلاسكو للمناخ المنعقد أواخر 2021.
الدولة المصرية لعبت دورًا بارزًا في إقناع قادة الدول الصناعية بالالتزام بـ”التخلص التدريجي”
لفت الخبير الدولي في شؤون البيئة إلى أن نتائج وتبعات مؤتمر غلاسكو ألقت على مصر بمسؤولية إقناع قادة الدول الصناعية الكبرى، بالموافقة على فقرة “التخلص التدريجي” وليس “الخفض التدريجي”، موضحًا أن الفارق ما بين المصطلحين كبير جدًا، ويستتبعه إجراءات مُغايرة ومُختلفة.
وأشار مستشار برنامج المناخ العالمي إلى أن مصطلح “الخفض التدريجي” يعني استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهي الإشكالية الرئيسية التي سببت فشل مؤتمرات “COP24” ، و”COP25″، و”COP26″، موضحًا أن الصين وحدها تملك 10 آلاف مؤسسة تعمل بالفحم.
“كلمة السر”.. الالتزام بتحديد جدول زمني واضح
أكد الدكتور مجدي علام أن الدول الصناعية الكبرى تعرف تبعات التزامها بتنفيذ هذا القرار، موضحًا أن الهدف الأسمى المطلوب، هو وضع وإقرار جدول زمني واضح ومحدد، لتنفيذ فكرة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري كـ”البترول والفحم”، حتى لو كان بعيد المدى.
ونوه على عدم وجود مشكلة في الحيز الزمني الذي سيتطلبه تطبيق قرار الخفض التدريجي للاعتماد على الوقود الأحفوري، مادام هناك التزام أدبي وعملي من كافة الدول تجاه تفعيل آليات التنفيذ ولو بنسبة 5% سنويًا.
وسلط “علام” الضوء على أهمية تفعيل قرار التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، والذي ينتج عنه أكاسيد الكربون والنحاس والنيتروجين وغيرها من الغازات المُسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
التمويل المالي والتحول تجاه التكنولوجيا النظيفة
انتقل مستشار برنامج المناخ العالمي إلى المُعضلة الثانية التي تواجه آليات تفعيل قرار التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، موضحًا أن خفض الغازات المُسببة للاحتباس الحراري، يتطلب بالتبعية اعتماد أكبر على التكنولوجيا النظيفة، والتي تحتاج لتوفير التمويل المالي اللازم، نظرًا لكونها أمرًا يفوق قُدرات المُزارعين العرب والأفارقة بوجه عام.
ولفت الخبير الدولي في شؤون البيئة إلى أن عدم وجود الإمكانيات المادية المؤهلة لتطبيق مفاهيم ومنظومة الاقتصاد الأخضر أو الزراعة الذكية، بغالبية دول القارة السمراء، مُشيرًا إلى أن 3 دول فقط – على أقصى تقدير – هي التي يُمكنها التحول إلى هذه التكنولوجيا الباهظة التكاليف.
وأوضح أن تطبيق الزراعة الذكية يحتاج لإنشاء شبكات ري مُتكاملة للتحول لنظام الرش والتنقيط، علاوة على تركيب طلمبات متطورة تعمل بالطاقة الشمسية لتسهيل رفع مياه الترع وتوصيلها إلى الأراضي الزراعية.
موضوعات قد تهمك:
محصول الأرز.. قواعد التسميد “الآزوتي” وأبرز أخطاء معاملات “الفوسفات” الشائعة
التفلة ومخلفات المصانع والأسواق.. أبرز (13) مصدر للعلف والعلائق البديلة
مشروعات الزراعة المُستدامة
أكد الدكتور مجدي علام أن مصر قطعت شوطًا لا بأس به تجاه التحول صوب مشروعات الزراعة المُستدامة، موضحًا أننا لدينا بالفعل 350 محطة رفع تعمل بالطاقة الشمسية، ولكن العقبة الوحيدة التي تقف أمام تحقيق التحول الكامل هي التكلفة المالية الباهظة التي لن يتحملها المُزارع بأي حال من الأحوال.
محاور استراتيجية تطبيق تكنولوجيا الزراعة الذكية
كشف “علام” محاور الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها الدولة، تجاه زيادة مُعدلات التحول وتطبيق تكنولوجيا الزراعة الذكية، بالتعاون مع بنك التنمية والائتمان الزراعي وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعتمد على تنفيذ برنامجين متوازيين “منح” و”قروض مُيسرة”.
وأوضح أن المُزارعين الذين لا تتعدى حدود ملكيتهم الفدان، سيتحصلون على المُساندة والدعم المالي على هيئة منح لا تُرد، فيما تتحصل الشرائح الأعلى قُدرة، ممثلة في أصحاب الحيازات من 5 إلى 10 أفدنة فما فوق، على قروض مُيسرة السداد بضمان الأرض.
إقرأ أيضًا:
الدراجون فروت.. شروط الزراعة بالأراضي الرملية وأبرز مساوىء التربة الطينية
محصول المانجو.. أبرز التوصيات الفنية للزراعة بـ”الأراضي القديمة”
أراضي الاستصلاح الزراعي
أشار الخبير الدولي في شؤون البيئة إلى أن تطبيق نفس هذه الاستراتيجية مع أراضي الاستصلاح الزراعي – الأراضي المُستصلحة الجديدة التي تقع داخل نطاق الـ1.9 مليون فدان – يتطلب تعديلًا في القوانين الحاكمة لهذا الملف.
البرامج التدريبية وتكنولوجيا الري الحديث
شدد “علام” على أن مفتاح نجاح الجمعيات الزراعية والتعاونيات يكمن في تلقيهم لشتى أنواع التدريب المُلائمة، للتعامل مع التطور التكنولوجي المطلوب، وعمليات الإحلال والتجديد المُفترض تنفيذها، مثل أبجديات التعامل مع ماكينات وطلمبات الري التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تتناسب مع احتياجات هذه المرحلة الفاصلة، وحجم التحديات التي تواجهنا.
وطالب مستشار برنامج المناخ العالمي الجهات المُتخصصة، ومنها هيئة الطاقة الجديدة والمُتجددة بالعمل على توفير البرامج التدريبية المُلائمة، لتوفير وتسهيل التعامل مع هذه التكنولوجيا بالمحافظات والأماكن الريفية، التي تُشكل النسبة الأكبر من مُستخدمي أنظمة الري.
شاهد: