البروسيلا أحد الأمراض المُتعارف عليها بين الباحثين المُتخصصين في مجال الثروة الحيوانية، ولكن ما هي طبيعة هذا المرض، وما هي آليات وطرق انتشاره، وهل ينتقل من الحيوان إلى الإنسان؟ هذه الأسئلة وغيرها من الاستفسارات كانت موضوع حلقة برنامج “مصر كل يوم”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي، تحدث الدكتور كميل متياس، وكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، عن مرض البروسيلا وأبرز أعراضه، وطرق انتقاله من الحيوان إلى الإنسان، وسُبل الوقاية منه وكيفية التعامل مع مُنتجاته.
ميكروب البروسيلا.. تعريفه وطرق انتقاله
في البداية تحدث الدكتور كميل متياس عن مرض البروسيلا موضحًا أنه أحد الأمراض الميكروبية المعروفة، التي تُصيب الماشية والأبقار والجاموس والماعز وعدة أصناف وفصائل أخرى، واصفًا إياه بالمُسبب المرضي “المراوغ”.
وأوضح أن ميكروب البروسيلا غالبًا ما يكون ضعيفًا في المحيط الخارجي، بيد أنه يتحول إلى النقيض حال انتقاله إلى الحيوان المُصاب، ليشكل خطورة داهمة على حياة الإناث والأجنة التي تحملها، علاوة على الخسائر الاقتصادية التي يُمنى بها المُربين حال إصابة مواشيهم بها.
الميكروب “المراوغ”.. أبرز أعراض الإصابة به
وكشف الدكتور كميل متياس أن ميكروب البروسيلا يداهم خلايا الغدد اللمفاوية للعجول والماشية الصغيرة، مؤكدًا أنه يصاحبها طوال الفترة التالية للولادة، مُتخفيًا داخل هذه الغدد حتى لا يمكن الكشف عنه بسهولة، لافتًا إلى أن الصعوبة الكبرى التي تواجه المُربين هي عدم تسببه في أي أعراض مرضية “ظاهرة” يمكن رصدها.
ولفت إلى أن ميكروب البروسيلا يستمر في التخفي داخل الغدد اللمفاوية حتى اكتمال بلوغ الأنثى وحدوث عملية التخصيب “العشار”، وهنا تبدأ ملامح ظهوره الأولى، مع بداية الشهر الرابع من الحمل.
متى ينشط ميكروب البروسيلا؟
وشرح الدكتور كميل متياس مراحل ظهور ميكروب البروسيلا، والتي يستهدف رحم الأم بداية من الشهر الرابع للحمل، مُشيرًا إلى أن العامل المؤثر هنا هو الإيريسريتور ” “Erythritolوهو مادة سكرية يفرزها الحيوان لعمليات تغذية الجنين.
وأوضح أن ميكروب البروسيلا يبدأ بالتغذي على هذه المادة السكرية، ما يؤدي لتسارع وتيرة نشاطه داخل الرحم، علاوة على انتشاره داخل دم الحيوان المُصاب بكثافة، لافتًا إلى أن الأجسام المناعية الموجودة لا تستطيع القضاء عليه أو مُقاومة أثاره الضارة، مُشيرًا إلى أن الفائدة الوحيدة التي يجنيها الباحث، هي ظهوره عند إجراء فحص عينة دم.
وشدد متياس على خطورة ميكروب البروسيلا موضحًا أنه يصيب خلايا المشيمة، ويُضعف من معدلات تغذية الجنين داخل رحم الأم، ما يؤدي لسقوطه ووفاته أو ما يُعرف علميًا بعملية “الإجهاض”.
سوائل الرحم.. أرقام مُفزعة وحقائق صادمة
وتابع شرحه لخطورة البروسيلا موضحًا أن 1 سم من السوائل الموجودة داخل رحم الحيوان المُصاب يحوي 10 ملايين ميكروب، قابلة للإنتقال إلى الإنسان مُباشرة، عن طريق عدة طرق أوضحها بالشرح والتحليل.
موضوعات ذات صلة:
تحصين الجاموسة العُشر.. خطأ فادح يقع فيه صغار المُربين
قدم الدكتور كميل متياس حزمة من المعلومات الهامة، التي توضح طرق انتقال الميكروب من الحيوان المُصاب إلى الإنسان، والتي تحدث عند محاولة إخراج الجنين الميت من رحم الأم، وأوجزها في النقاط التالية:
الخدوش أو الجروح
عادة ما ينتقل الميكروب عبر السوائل الخاصة برحم الأم المُصابة إلى الإنسان أثناء استخلاص الجنين الميت، عن طريق أي جرح أو خدش في كف أو يد الشخص.
لا يفوتك.. دور المعمل المرجعي للرقابة البيطرية في النهوض بالقطاع الداجني
الاستنشاق
قد ينتقل ميكروب البروسيلا عن طريق الأنف والاستنشاق أثناء إجراء عملية استخلاص الجنين الميت من رحم الحيوان الذي مر بعملية “الإجهاض”، عبر تطاير رذاذ سوائل الرحم في الجو.
التقرحات الموجودة حول الفم
تُعد التقرحات الموجودة على جانبي فم الإنسان منفذًا مثاليا يستغله الميكروب الموجود في سوائل رحم الحيوان المُصاب، للنفاذ لجسم الإنسان أثناء عمليات إنقاذ الأم واستخلاص الجنين الميت، لينتقل منها إليه على الفور.
الجلد الناعم
ينتقل ميكروب البروسيلا عبر امتصاص جلد الإنسان لسوائل الرحم، عند تنفيذ عمليات إنقاذ الحيوان المُصاب، واستخلاص الجنين الميت من رحمها، إذا كان الجلد ناعمًا وهي الميزة التي يستغلها الميكروب للنفاذ بشكل كبير.
أبرز التوصيات الواجب اتباعها عند التعامل مع الحيوان المُصاب
أوصى الدكتور كميل متياس باتباع حزمة من التوصيات حال التعامل مع الحيوان المُصاب، والتي تقي إلى حد كبير من انتقال العدوى للإنسان.
قفازات اليد
أكد الدكتور كميل متياس بضرورة ارتداء قفازات اليد ” “glovesالخاصة بعمليات توليد الحيوانات، والتي تصل إلى أخر اليد، للحيلولة دون وصول سوائل الرحم إلى أي جزء منها، ما يقلل من احتمالات الإصابة بالعدوى.
إقرأ أيضًا:
تزاوج الجاموس.. كيف تختار الوقت المناسب لتلقيح ماشيتك؟
مخرجات عملية الولادة
تابع الدكتور كميل متياس تقديم التوصيات والنصائح الخاصة بالتعامل مع الحيوان المُصاب، حال تنفيذ عملية الإجهاض واستخلاص الجنين الميت، مُشددًا على ضرورة التخلص من الرحم والمشيمة وكافة مُخرجات هذه العملية حرقًا، لتقليل نسب واحتمالات انتقال العدوى إلى حد كبير.
إجراء الاختبارات
أوصى الدكتور كميل متياس بحتمية إجراء اختبارات عينات الدم والفحوصات الطبية بعد مرور 21 يومًا على عملية الولادة أو الإجهاض، مُثمنًا جهود الدولة في هذا الشأن، والخاصة بالاختبارات الدورية التي تُجريها لكافة الحيوانات، بجميع إنحاء الجمهورية كل 6 أشهر.
لبن الحيوان المُصاب بميكروب البروسيلا.. وهل يجب التخلص منه؟
ألقى الدكتور كميل متياس الضوء على نقطة بالغة الخطورة، ألا وهي كيفية التعامل مع ألبان الحيوانات الحلابة المُصابة بالبروسيلا، مُشددًا على خطورة تناولها قبل وصولها لدرجة الغليان، أو فوق 60 درجة مئوية على أقل تقدير، لضمان القضاء على الميكروب بشكل كامل.
وأوصى بضرورة مرور اللبن بمرحلة البسترة قبل الشروع في عمليات تصنيع الجبن والقشدة والسمن، للحيلولة دون انتقال الميكروب إلى الإنسان، ضمن إجراءات السلامة الواجب اتباعها للحفاظ على الصحة العامة.
هل ينتقل ميكروب البروسيلا عبر تناول لحم الحيوان المُصاب؟
أكد الدكتور كميل متياس عدم وجود أي خطورة من تناول لحم الحيوان المُصاب، موضحًا أن الاختبارات الدورية التي تُجريها الدولة عبر المؤسسات المعنية، تقوم بسحب الحيوانات المُصابة التي يثبت إيجابية عينتها لذبحها، مع تعويض صاحب الرأس بمبلغ مناسب، مع رد اللحم له مرة أخرى للاستفادة به.