الانبعاثات الكربونية واحدة من أكثر الإشكاليات التي تسعى حكومات العالم – والصناعية منها على وجه الخصوص – للحد من تداعياتها السلبية المُتسارعة، التي تُلقي بظلالها القاتمة على كافة أشكال الحياة على وجه الأرض، ما دعا لاتخاذ خطوات جدية تجاه البحث عن بدائل جديدة لتخليق الطاقة، بعيدًا عن الوقود الأحفوري الذي بات أخطر ما يُهدد العالم حاليًا.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور خالد عياد، مُقدم برنامج “العيادة النباتية”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور نبيل فرج – أستاذ مُتفرغ بمعهد بحوث أمراض النبات، التابع لمركز البحوث الزراعية – ملف الانبعاثات الكربونية بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على فوائد وجود غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وأضرار تجاوزه للحدود المسموحة على البيئة والنبات والإنسان.
الاحترار والانبعاثات الكربونية.. بيئة “مريضة” صنعها الإنسان
في البداية قدم الدكتور نبيل فرج تعريفًا مُبسطًا وشاملًا لأسباب زيادة الشعور بظاهرة الاحترار، موضحًا أنها تُمثل أحد النتائج المُباشرة والملموسة لمشكلة التغيرات المناخية، التي يعاني من تبعاتها أغلب سكان الأرض.
وأوضح أن ظاهرة الاحترار الناجمة كأحد النتائج الملموسة لمشكلة التغيرات المناخية ليست وليدة اللحظة، وإنما هي بمثابة تراكمات لأخطاء مُتتالية ارتكبها الإنسان على مدار القرنين الفائتين على أقل تقدير، والتي أدت لزيادة مستويات وتركيز الانبعاثات الكربونية داخل الغلاف الجوي.
مخاطر زيادة الانبعاثات الحرارية
لفت أستاذ معهد بحوث أمراض النبات المُتفرغ إلى أن الانبعاثات الكربونية لا تخرج إلى العدم الفضائي، وإنما تتجمع في الطبقات العليا للغلاف الجوي المُحيط بكوكب الأرض، لتشكل قطبًا جاذبًا للحرارة ومانعًا لنفاذها، ما يؤدي لزيادة مُعدلات “سخونة” الأرض، وتجاوزها للحدود الآمنة المسموحة لأغلب الكائنات الحية، بما يؤدي لظهور العديد من المشاكل، وبخاصة في القطاع الزراعي، علاوة على أضراره الكبيرة على الثروة السمكية والحيوانية.
موضوعات قد تهمك
الأراضي الملحية.. جدول النسب المسموحة وأفضل طرق الزراعة وحدود الخسائر المتوقعة
الأراضي الصحراوية.. مُعاملات تجهيز التربة وفوائدها الاقتصادية الـ4
نظام كوني صارم
دلل “فرج” على عظمة النظام الكوني، الذي قيد طريقتين أساسيتين للتخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون، والحد من مُستويات الانبعاثات الكربونية داخل الغلاف الجوي، بما يحفظ التوازن والتركيبة الغازية المُلائمة لاستمرار حياة الكائنات الحية، والتي تتم عن طريق واحدة من اثنتين:
1. المُسطحات الخضراء
2. المُسطحات المائية
المُسطحات المائية والكربون.. “دور مزدوج”
حلل الدكتور نبيل فرج التركيبة الفريدة لكوكب الأرض، والتي تُمثل المُسطحات المائية 71% من مساحته الإجمالية، موضحًا أن هذه المساحة الشاسعة خُلقت خصيصًا، لمُعادلة وامتصاص الانبعاثات الكربونية الزائدة عن الحد، حال فشل المُسطحات الخضراء في القيام بوظيفتها بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.
وأوضح أن مياه المُحيطات والأنهار والمسطحات المائية بوجهة عام تقوم بتذويب وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، بما يحفظ توازن التركيبة الغازية للأرض، ويُعزز بقاء الكائنات الحية على تنوعها واختلافها.
ثاني أكسيد الكربون.. “المُتهم البرىء”
كشف أستاذ معهد بحوث أمراض النبات المُتفرغ عن الوجه الآخر لعنصر “الكربون”، مؤكدًا أنه يُمثل أحد أهم ركائز حماية وتأمين احتياجات البشر من المياه في صورتها المعروفة، ، شريطة عدم تجاوزها للحدود الطبيعية، مُشيرًا إلى أن امتصاص المُسطحات المائية للكربون يعمل على حفظها في صورتها السائلة، ويحول دون تجمدها وتحولها إلى كتل ثلجية، ما يحفظ الثروة السمكية من الهلاك.
وأكد أن خطورة الكربون تتمثل في تجاوزه للحدود الطبيعية المسموحة داخل التركيبة الغازية لكوكب الأرض، والمُقدرة بـ0.4%، ما يؤدي لظهور العديد من الإشكاليات وأبرزها الاحتباس الحراري، وهو الأمر الذي التفت إليه العلماء مؤخرًا، ودعا حكومات العالم لعقد العديد من المؤتمرات، الرامية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، والبحث عن بدائل طبيعية نظيفة، للحد من زيادة الانبعاثات الكربونية.
إقرأ أيضًا
الفول البلدي.. السياسة الصنفية وأفضل التقاوي المُقاومة لـ”الهالوك” و”الأمراض الورقية”
الأسمدة الزراعية.. “الذبابة البيضاء” و”عفن الطرف الزهري” وعلاقتهما بأخطاء التسميد
لا يفوتك